59% من منشآت القطاع الخاص دربت موظفيها على الحاسب    قوى و مساند تحققان نتائج متقدمة في مؤشر نضج التجربة الرقمية لعام 2025    ديوان المظالم يفتح باب التقديم على التدريب التعاوني لطلبة الجامعات والمعاهد السعودية    مؤسسة جائزة المدينة المنورة تعلن عن انطلاق جائزة فنون المدينة في دورتها الأولى    المجلس الاستشاري لمركز صحي المرابي يناقش احتياجات الأهالي مع تجمع جازان الصحي لتعزيز الخدمات الطبية    جوجل تتعهد بمليار دولار للتدريب على الذكاء الاصطناعي في التعليم    ارتفاع العجز التجاري في باكستان خلال يوليو الماضي    كوريا الجنوبية وأمريكا تطلقان مناورات عسكرية كبرى    رياح نشطة على معظم مناطق المملكة وامطار على الجنوب    تايوان تقول إنّ رقائق شركة "تي إس إم سي" معفاة من الرسوم الجمركية الأميركية الإضافية    المرور يوضح خطوات تفويض قيادة مركبة عبر منصة أبشر    مصر تواصل إسقاط المساعدات الغذائية جوًا على قطاع غزة    ترمب يعتزم فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على أشباه الموصلات    تتصدرها الفلل والشقق.. 5.4 مليار ريال تمويلات سكنية    بدء جلسات محاكمة قاتل القاسم.. ووزير الحج ينعيه    طهران تعدم متهماً بالتجسس لصالح إسرائيل    الصومال يشدد قبضته الأمنية على الإرهاب    أخضر- 19 يتعادل مع نظيره البرازيلي في بطولة العالم لكرة اليد    تفاهم بين الرياض وبغداد لمكافحة الإتجار بالمخدرات    الباحة.. أهلي ومطر    القيادة تهنئ حاكم جامايكا بذكرى بلاده    تطبيق إلزامي لكود البنية التحتية بمنطقة الرياض    حساب المواطن يستعد لصرف دفعة أغسطس    فهد بن سلطان يطّلع على نتائج القبول بجامعة تبوك    احتفال الفرا وعمران    الأرصاد: أمطار متفرقة حتى منتصف أغسطس    أم ومعلمة تقتحمان مدرسة لسرقة «امتحانات»    التعليم.. استثمارنا الأعمق    أمير الشرقية يستقبل أمير الفوج التاسع    فتح باب التقديم لدعم المشاريع السينمائية    2 مليون دولار لتأمين «ابتسامة» نجمة هوليود    أمير نجران يطلق جمعية الإبل    الرياض وجهة عالمية لعرض وبيع الصقور    فيصل بن مشعل يدشن مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات بجامعة القصيم    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    محمد بن عبدالرحمن: مطار الملك سلمان يحول الرياض لمركز عالمي للنقل والخدمات اللوجستية    إنجاز طبي في الأحساء.. زراعة منظم ضربات قلب لاسلكي لمريض    فريق سفراء الإعلام والتطوع" يزور مركز هيئة التراث بجازان    مفردات من قلب الجنوب 9    النائب العام يستقبل سفير جمهورية مصر لدى المملكة    66 مليون شجرة مساهمة القطاع الخاص بمكافحة التصحر    أخضر اليد يتعادل مع البرازيل    أرتيتا يؤكد أن آرسنال «مؤمن» بقدرته على إنهاء صيامه عن الألقاب    البلاسيبو.. عندما يتحول الوهم إلى شفاء    هل نقد النقد ترف أم ضرورة؟    وزير الدفاع يبحث مع نظيره الأمريكي تطوير الشراكة الإستراتيجية    السعودية والعراق توقعان اتفاقية في مجال مكافحة المخدرات    إقامة بطولة "Six Kings Slam" العالمية للتنس في الرياض أكتوبر المقبل    مركزي جازان ينجح في إزالة ثلاث عقد في الغدة الدرقية الحميدة بالتردد الحراري دون تدخل جراحي    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    البريد السعودي ‏يُصدر طابعًا تذكاريًا بمناسبة تكريم أمير منطقة ⁧‫مكة‬⁩ المكرمة ‬⁩تقديرًا لإسهاماته    نتنياهو يقترب من تنفيذ خطة اجتياح غزة    تمكين المواطن ورفاهيته بؤرة اهتمام القيادة    صحن المطاف مخصص للطواف    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دوراً كبيراً في تعزيز قيم التسامح    الراحل تركي السرحاني    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة هروب    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التكفير منهج عقلي أم مصطلح ديني؟
نشر في الحياة يوم 14 - 09 - 2013

لا شك أن التكفير موجود كمصطلح ديني، ولكن ليس هدف البحث الوقوف عند المصطلح كمصطلح ديني لمعرفة جذوره أو موقف الدين والفقه منه، وإنما الوقوف عنده كمنهج تفكير عقلي، بارتباطه بالأيديولوجية والسياسة وفكر الجماعات البشرية بغض النظر عن الدين أو الانتماء السياسي أو الحقبة التاريخية.
والتكفير بالمعنى الفكري هو إقصاء فرد أو جماعة عن فكر ومنهج الجماعة الواحدة أو المجموعة البشرية، سواء كانت حزباً أو طائفة دينية أو شعباً ما، ويعادلها بالمعنى الوطني التخوين، وهذا الإقصاء يتم أحياناً لمجرد الاختلاف أو الخلاف جوهرياً كان أو غير جوهري، وبهذا المعنى يبدو التكفير كسلاح فعال يؤدي إلى هزيمة الآخر بالضربة القاضية عبر تضليل الرأي العام وتوظيفه في الحرب على الآخر، سواء كانت تلك الحرب مبدئية أو غير مبدئية، وغالباً لا مبدئية في الفكر الإقصائي، وهو نوع من أنواع الديكتاتورية الفكرية، التي لا يستحسنها الدين ولا يقبلها الفكر المادي ولا حتى الفلسفة المثالية، وعليه يكون التكفير أداة أكثر منه عقيدة أو منهجاً، وعليه يمكن أن يكون المتدين تكفيرياً والعلماني واليساري أو الليبرالي أو غير ذلك من التصنيفات التي تصنف بها الجماعات البشرية نفسها، إذا ما اعتمدنا اصطلاحاً تسمية الإقصاء كمقاربة للإشكالية التي يولدها المنهج التكفيري.
والفكر الإقصائي فكر هدام ومعيق ولا يعترف بالتنوع الطبيعي للمجتمعات، ولا حتى بالتنوع الفطري للخلق، كما خلقهم الله شعوباً وقبائل بهدف التعارف، والإقصاء علاوة عن كونه ديكتاتورية هو ضرب من ضروب العنصرية لعدم اعترافه بالتنوع، والفكر النازي بهذا المعنى فكر تكفيري إقصائي عنصري، وفكرة الأغيار في البعد الديني التلمودي عند اليهود هي فكرة تكفيرية وإقصائية، وهي أي التسمية التكفيرية لا تختص على جماعة معينة من الحركات الأصولية الدينية الإسلامية المعرفة اليوم بالتكفيرية، وأصبحت اليوم فكرة التكفير والتكفيرية واسعة الاستخدام، وهي تطلق جزافاً على العديد من الجماعات بهدف تسهيل محاربتها، لما تؤمنه الفكرة من تجييش للرأي العام الميال للتعددية، فأصبحت محاربة التكفيرية بهذا المعنى أيضا نوعاً من أنواعها، وهذا يحملنا أكثر نحو الحديث عن (الإرهاب ومحاربة الإرهاب) كمصطلحات ارتبطت بطريقة أو بأخرى بفكرة التكفير، فأصبحت فكرة محاربة الإرهاب أيضا فكرة تكفيرية، لأنها غير محددة بحكم عجزها عن تحديد الخصم، وماهية الإرهاب الذي يتوجب على محارب الإرهاب محاربته، فيمكن محاربة كل من تريد عبر وصفه بالإرهابي أو التكفيري، وهذا بحد ذاته منهج تفكير تكفيري إقصائي، وخطورة مثل هذا المنهج تكمن في استدامة الحروب واستحالة التوصل إلى أي نوع من أنواع التسوية، وبالإمكان الوصول لأي سبب من الأسباب نحو الحرب، ويمكن أيضا إضفاء جانب قداسي على تلك الحروب عبر استجرار تأييد الرأي العام لفكرة الحرب بحد ذاتها.
كفكرة ارتبطت بمصطلح صراع الحضارات، إذ لا وجود لهذا المصلح على مر التاريخ إلا ارتباطاً بالحروب والغزوات، في غابر العصور عندما كانت تغزو إمبراطورية شعباً ما وتنتصر عليه كانت تحاول فرض ثقافتها وحتى دينها عليه بالقوة، وهذه هي باختصار فكرة صراع الحضارات أي الإقصاء إقصاء حضارة وفكر وتاريخ هذا الشعب، وحتى مصطلح حوار الحضارات هو بدعة صاحبت إعادة إحياء مصطلح صراع الحضارات، فالحضارات لا تتحاور بالمعنى التفاوضي كما في السياسية، ما قد يخلق الانطباع بأن على الحضارات أن تتوصل إلى تسويات فيما تختلف عليه، هذه فكرة بمنتهى السذاجة، فالحضارات تنصهر بإنجازاتها بالمعنى الإنساني وحتى المادي في إطار الإنجازات العلمية، فتطور العلوم مثلاً مر بعدة مراحل وطورته أكثر من حضارة في أكثر من مكان في العالم من اليونانية الإغريقية إلى العربية والفارسية والرومانية ووصولاً إلى عصر التكنولوجيا، فمثلاً علم التعمية (التشفير) الذي هو أساس علوم الحاسوب الرقمي اليوم هو علم عربي النشأة أسسه الكندي، توقف تطوره عند العرب عند حدود معينة، وخضع إلى تطوير كبير في العصر الحديث نجم عنه هذا التطور الهائل وثورة الاتصالات، كيف يمكن الحديث في هذا المضمار عن صراع أو حوار الحضارات، الحضارة نهر جار يكون ماهية البشرية، لا يمكن تجزئته أو تقسيمه أو الوصول إلى تسوية بشأنه.
أما إذا ذهبنا إلى المستوى الثقافي والديني، ففكرة صراع وحوار الحضارات هنا تصبح قكرة هزلية وقسرية، ففي الصراع يفرض دين الحضارة المنتصرة على الحضارة المهزومة كما حدث مع اليهود والمسلمين في اسبانيا زمن محاكم التفتيش، وبكل الأحوال وضع الإسلام قاعدة ذهبية لهذه المسألة بقول ( لا إكراه في الدين) بينما ذهب الغرب نحو فكرة (الدين لله والوطن للجميع)، أما الحوار فعلى ماذا يتم على التشريع أو الفقه هذه قضية لا يقبلها أحد، أما إذا كان الأمر يتعلق بالقيم الإنسانية فهذه مسألة لا تحتاج الى حوار وإنما إلى تبيان ومعرفة وعدم الجهل بالأديان السماوية التي حضت جميعها على القيم الإنسانية، وكثيرة هي الآيات في القرأن التي يخاطب فيها الله الخلق بكلمة الناس أي أوسع من مصطلح المسلمين أو المؤمنين، وحتى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بحجة الوداع بدأ خطبته بقول (يا أيها الناس) وشدد فيها على حرمة الدم والمال والعرض، كشرعة للسلم والأمن العالمي، فما هي شرعة حقوق الإنسان غير أن تأمن على دمك ومالك وعرضك، وهذا وضعه الإسلام لكل الناس وليس فقط للمسلمين، القضية هي عدم معرفة أتباع الديانات المختلفة لتعاليم الأديان الأخرى، والمشكلة تكمن في قوة المثال التي تعطى سواء سلباً أو إيجاباً، وأحياناً في خلق الانطباع، فالإرهاب والحرب على الإرهاب خلقا الانطباع السيئ عن الإسلام عموما في الغرب، وعندما أراد الغرب الانسحاب من تلك الحرب التي بدأ يكتشف أنها بلا طائل وأنها أيضا منهج تكفيري بمعنى أو بآخر، خرج علينا بمصطلح حوار الحضارات، أي حوار حضارات ... البشرية واحدة ومن نفس واحدة، وما دون ذلك هو سياسة وأيديولوجيا مفسدة للقيم الإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.