قال الباحث الاقتصادي المصري محمود العسقلاني إن الدعم السعودي لمصر خلال أزمتها الأخيرة في الأحداث السياسية التي شهدتها «يوازي بالأهمية دعمها في حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973»، موضحاً في اتصال مع «الحياة» «أن العالم في 1973 كان ثنائي القطب، إذ يقابل القوة الأميركية القوة الروسية، وبالتالي كان القرار العالمي منقسماً بين هاتين القوتين، والضغط على مصر كان من الممكن تخفيف حدته بالانتقال من معسكر إلى آخر»، مضيفاً: «أن القرار العالمي في 2013 أحادي الجانب وتمسك بخيوطه كافة الولاياتالمتحدة بعد خروج الروس من المعادلة، وبالتالي فإن تحدي السعودية لأكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم، ووقوفها إلى جانب مصر متجاوزة كل ما يمكن أن يسفر عنه هذا القرار يعد مخاطرة كبرى من الجانب السعودي، وتحقيق الأمن». وأكد الباحث العسقلاني أن «مصر بفئاتها كافة تدرك خطورة الانحياز السعودي إلى القاهرة، «مشيراً إلى أن هذا الموقف أسهم في شكل مباشر في قلب الموازين على الأرض المصرية، إذ ساعد الدولة المصرية في مواجهة جماعات إرهابية سعت بكل ما تملك إلى التوطن فوق الأراضي المصرية». وتابع: «مصر - التي كانت تظن وهماً أنها في مأمن من كل ما يدور حولها من اضطرابات - استيقظت قياداتها في 25 كانون الثاني (يناير) 2011 لتجد أن الوضع ليس «مجرد تسلية» كما وصفه رئيسها آنذاك حسني مبارك، بل إن هذه «التسلية» دفعته بعد أن ركن إلى كرسيه أكثر من 30 عاماً إلى «التنحي» وشطب تاريخه في لحظة، لتبدأ بعدها محاولات مستميتة للانقضاض على تاريخ بلاده ووجودها من دول كانت مصر تظن إثماً أنها شقيقة وصديقة، فتعرضت لمحاولات اختطاف أغرقتها في أتون من الظلام لم يكن لينقشع لولا أن قيّض الله لها رجالاً يحملون في قلوبهم وصية لوالدهم تحضهم على أن يستوصوا بها خيراً». حماية الاحتياط النقدي من التراجع المصريون الذين فوجئوا بعد 25 كانون الثاني (يناير) 2011 بأن قيمة احتياطهم النقدي تتناقص في شكل مريع من 36 بليون دولار إلى نحو 14 بليون دولار فقط، وهو ما بث الخوف في أركان الدولة التي باتت مهددة بالإفلاس، فبادرت السعودية في 22 أيار (مايو) من العام ذاته إلى الإعلان عن دعمها بحزمة من المساعدات المالية بلغت أربعة بلايين دولار، تضم بليون دولار وديعة إلى البنك المركزي المصري لتوفير السيولة في التي افتقدتها البلاد، إضافة إلى شراء الرياض سندات مصرية بقيمة 500 مليون دولار. وأكد سفير المملكة لدى مصر أحمد قطان في حينه أن «حزمة المساعدات السعودية إلى مصر تشمل إضافة إلى ما سبق 500 مليون دولار لدعم الموازنة العامة، و500 مليون دولار قرضاً ميسراً، و500 مليون دولار قروضاً ميسرة لبرامج التنمية من الصندوق السعودي للتنمية، و200 مليون دولار منحة تودع في صندوق أو حساب جارٍ لتمويل المشاريع المنتجة مثل المشاريع الصغيرة والمتوسطة».\ الدعم الاقتصادي السعودي قابله توفير مظلة من الرياض لمصر لتتحرك بثقة في مواجهة ما يهدد مستقبلها ومستقبل شعبها، وهو ما أكده رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط الدكتور محمد الزيات، بقوله: إن «رسالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في شأن مصر جاءت في توقيت مهم للغاية بالنسبة إلى الحكومة والشعب المصري»، موضحاً أن «موقف خادم الحرمين الشريفين إنما جاء ليعبّر عن توافر مظلة إقليمية لمساندة مصر في مواجهة الضغوط على مصر، كما أنها رسالة داعمة لكل إجراءات الحكومة في مواجهة الإرهاب». وأشار الزيات إلى أن «كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تؤكد بوضوح أن المملكة حكومة وشعباً تقف مع مصر ضد الإرهاب، وأن مصر تواجه تحركات من الحاقدين والكارهين لضرب وحدتها وتماسكها». الرياض تقدم «قبلة الحياة» لإنعاش مصر اعتبر أستاذ الاقتصاد المصري الدكتور أحمد عبدالفتاح أن المساعدات المادية السعودية لمصر في 2013، التي تقدر بنحو خمسة بلايين دولار «قبلة الحياة» للاقتصاد المصري، موضحاً في تصريح إلى «الحياة» أن هذا الدعم قدّم رسالة طمأنة للمستثمرين أن مصر ليست وحدها، مشيراً إلى أن الدعم يتجاوز في رسالته الأبعاد الاقتصادية كافة إلى نواحٍ سياسية واجتماعية سيتلمس تأثيرها الإيجابي الشعب المصري خلال الفترة المقبلة. وكان وزير المالية السعودي إبراهيم العساف أعلن في وقت سابق أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجّه بتقديم «حزمة من المساعدات لدعم الاقتصاد المصري لمواجهة التحديات التي يواجهها حالياً، ويبلغ حجمها الكلي خمسة بلايين دولار»، وأوضح العساف أن المساعدات تتضمن بليون دولار منحة نقدية، وبليوني دولار منحة عينية تتمثل في منتجات نفطية وغاز، إضافة إلى بليوني دولار وديعة لدى البنك المركزي من دون فوائد، ليصل إجمالي الدعم السعودي لمصر منذ 25 كانون الثاني (يناير)2011 وحتى 2013، ما يزيد على 10 بلايين دولار، إضافة إلى أن قيمة الاستثمارات السعودية في مصر تبلغ بحسب مجلس الأعمال السعودي - المصري 27 بليون دولار.