"سدايا" تستعرض تجربة المملكة في التحول الرقمي    برنامج "مداد" يثري مهارات كوادر السياحة والضيافة في جازان    تعزيز سلامة الغذاء في موسم الحج    البديوي يجدد موقف دول الخليج الداعم والمساند والثابت ل"الأونروا"    تجدد توترات ليبيا بعد اقتحام مقر الحكومة    ترمب يفشل في ترحيل الفنزويليين    أول مواجهة مباشرة بين الأمن السوري وداعش منذ سقوط الأسد    نقاط الأسود تريح الفهود    110 آلاف حكم في القضايا العامة    المملكة تحصد (6) ميداليات فضية في أولمبياد الأحياء الدولي المفتوح 2025    أجياد تستعرض مشروع قاصد    71 عملية جراحية وقسطرة قلبية لضيوف الرحمن بالمدينة    1.28 مليار نسمة مصابون بارتفاع ضغط الدم    تايكوندو النصر والرياض يتقاسمان ذهب السيدات    السعودية: رفع العقوبات عن سوريا فرصة عظيمة لبناء التعافي    التراث السعودي في المراسم الملكية: هوية ثقافية راسخة وقوة ناعمة عالمية    فلمبان يوثق مسيرة الفن السعودي    إغلاق وضم مدارس بالمجاردة    اختبارات نافس في 8 دول    كيف ترسم الصحة السكانية مستقبل المملكة    الجبير يرأس وفد المملكة المشارك في القمة العربية ال(34)    "أنعش قلبي".. نادي الشرق بالدلم يطلق مبادرة رياضية بمشاركة مشاة من مختلف المناطق    غدًا.. الهلال يتوج باللقب في ختام الدوري الممتاز للكرة الطائرة    نائب وزير "البيئة": ارتفاع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج الإجمالي إلى (114) مليار ريال وحائل تساهم ب (10%)    اختتام منافسات الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا كسر الزمن 2025    سمو أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج 100 صحفي وإعلامي    انطلاق المعسكر الإعدادي للكشافة والجوالة المشاركين في معسكرات الخدمة العامة لحج 1446ه في تقنية الرياض    وزارة الشؤون الإسلامية تبدأ باستقبال أول وفود الحجاج عبر منفذ البطحاء    أرتيتا يعتقد أن عصر "الستة الكبار" في الدوري الإنجليزي انتهى    وزير الصحة يكرم تجمع الرياض الصحي الأول نظير إنجازاته في الابتكار والجاهزية    هلال جدة يتوج بلقب الغربية في دوري الحواري    توطين الصناعة خارطة طريق اقتصادي واعد    رقم سلبي لياسين بونو مع الهلال    استمرار ارتفاع درجات الحرارة ونشاط الرياح المثيرة للأتربة على عدة مناطق في المملكة    استشهاد 13 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة    أكثر من 6000 حاجاً يتلقون الخدمات الصحية بمدينة الحجاج بمركز الشقيق خلال يومين    جمعية نماء تنفذ برنامجًا شبابيًا توعويًا في بيت الثقافة بجازان    القاسم يقدم ورشة بعنوان "بين فصول الثقافة والصحافة"    إطلاق النسخة التجريبية لأكبر مشروع للذكاء الاصطناعي في المسجد النبوي    اتفاقية تعاون بين قدرة للصناعات الدفاعية وفيلر الدفاعية لتعزيز الصناعات العسكرية بالمملكة    الفريدي يحصل على الماجستير في الإعلام الرقمي    تشلسي يفوز على مانشستر يونايتد في الجولة ال (37) من الدوري الإنجليزي    النفط يتجه لثاني أسبوع من المكاسب    الRH هل يعيق الإنجاب؟    جمعية تعظيم لعمارة المساجد بمكة تشارك في معرض "نسك هدايا الحاج"    نائب رئيس جمعية الكشافة يشارك في احتفالية اليوبيل الذهبي للشراكة مع الكشافة الأمريكية في أورلاندو    زمزم الصحية تشارك في فرضية الطوارئ والكوارث    أمين الطائف" يطلق مبادرةً الطائف ترحب بضيوف الرحمن    مبادرة طريق مكة والتقدير الدولي    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    أكد أن كثيرين يتابعون الفرص بالمنطقة… ترامب لقادة الخليج: دول التعاون مزدهرة.. ومحل إعجاب العالم    تحذيرات فلسطينية من كارثة مائية وصحية.. «أونروا» تتهم الاحتلال باستخدام الغذاء كسلاح في غزة    رؤيةٌ واثقةُ الخطوةِ    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    عظيم الشرق الذي لا ينام    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعم الغربي ل«الربيع العربي» لا يدعم التحول الاقتصادي
نشر في الحياة يوم 23 - 07 - 2013

تحتاج البلدان العربية إلى ما يزيد على مئة بليون دولار لتغطية عجزها الخارجي وعجز موازناتها الحكومية التي بلغت مستويات قياسية منذ انطلاق الانتفاضات العربية نهاية 2010. ولجأ الكثير من البلدان، مثل مصر والأردن والمغرب وتونس واليمن، إلى صندوق النقد الدولي طلباً للمساعدة، ولم تحقّق حتى الآن إلا نجاحاً محدوداً في الوصول إلى التمويلات الضرورية.
وكانت مجموعة دول الثماني أطلقت، في اجتماع قادتها في دوفيل بفرنسا عام 2011، «شراكة دوفيل» لمصلحة الدول العربية التي تمرّ في مرحلة تحوّل، من أجل مساندتها بهدف إقامة «مجتمعات حرة وديموقراطية ومتسامحة» طبقاً لبيان الشراكة. وتشمل المبادرة ثلاثة مجالات أساسية هي خلق الوظائف عبر تطوير القطاع الخاص، ودعم الإصلاح المؤسسي والحوكمة، ورفع وتيرة اندماج الاقتصادات العربية في الاقتصاد العالمي. وخلافاً للدعم الهائل الذي استفادت منه أوروبا الشرقية بعد انهيار جدار برلين، لم تَفِ شراكة دوفيل بوعودها، ولم تَرقَ إلى مستوى الحاجات التمويلية في البلدان العربية. ويبدو أن المجتمع الدولي مرتبك في التعامل مع التحوّلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة العربية، وغير قادر على مواكبتها بآليات الدعم المادي والسياسي المناسبة. ويتّضح هذا الارتباك في شكل بارز من خلال المواقف المترددة والمتناقضة إزاء التطورات الأخيرة في مصر.
وفي ظل غياب أية أدوات مناسبة لتمويل الفترات الانتقالية، توجّهت الدول العربية التي تعاني ضائقة مالية إلى صندوق النقد كملاذ أخير. فالاقتراض من الصندوق يتميّز بكلفته المالية المنخفضة مقارنةً بمصادر التمويل البديلة، وقدرته على تحسين صورة الاقتصاد في الأسواق الدولية، ورفع منسوب الثقة لدى المستثمرين، وتحسين التصنيف السيادي للبلد. إلا أن مقاربة هذه المؤسسة، التي تقوم بالدرجة الأولى على الحفاظ على التوازنات الاقتصادية بالاعتماد على السياسات التقشفية، لا تتماشى مع خصوصيات مراحل الانتقال السياسي التي تتّسم عادة بتراجع النشاط الاقتصادي وانعدام الاستقرار الأمني كما هي الحال في مصر وتونس واليمن.
في المقابل، غالباً ما تكون القروض التي يقدّمها صندوق النقد مشروطةً بالتزام الدول التي تلجأ إليها بتطبيق سياسات معيّنة تُركِّز على خفض عجز الموازنة العامة للدولة، من خلال زيادة الموارد الضريبية وخفض الإنفاق الحكومي، من طريق تقليص دعم الاستهلاك وخفض التوظيف الحكومي.
وبدأت مصر قبل أكثر من سنتين مفاوضات على قرض تبلغ قيمته 4.8 بليون دولار لإعادة بعض التوازن لمالية الحكومة، وتعزيز احتياط العملة الصعبة، وامتصاص الخلل الحاصل في ميزان المدفوعات. وأُجلت الموافقة على منح القرض مرات بفعل التوترات السياسية، فيما تُشكِّك المؤسسة المالية الدولية في قدرة الحكومة على اتخاذ الإجراءات التقشفية المطلوبة.
والواقع أن مصر طبّقت سياسات صندوق النقد في التسعينات في إطار التكييف الهيكلي. لكن كثيرين من المصريين يعتقدون أن تلك السياسات كانت سبباً رئيساً في ارتفاع معدلات البطالة، وزيادة نسب الفقر والإقصاء الاجتماعي، إضافة إلى ما نتج عن سياسات التخصيص من استحواذ قلةٍ من كبار رجال الأعمال المقرّبين من نظام مبارك على منشآت اقتصادية استراتيجية في صفقات اتّسمت بالفساد وإهدارٍ واسعٍ للمال العام.
وأضحت تلك التجربة المؤلمة معضلةً أمام حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي، فيما ارتفعت طموحات المصريين ومطالبهم الاجتماعية وعدم رغبتهم في الرضوخ إلى شروط صندوق النقد، التي تؤثر في القرار الاقتصادي المصري وتوجّهه بعيداً من أهداف ثورة 25 يناير في تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر. وأدّى تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لفئات عريضة من المصريين، وغياب أي آليات ناجعة لدعم عملية الانتقال السياسي، إضافةً إلى عوامل أخرى، إلى عزل مرسي، والانتقال بالبلاد إلى مرحلة تتّسم بالمواجهة والصدام بين المؤيّدين والمعارضين لهذه الخطوة.
أما في تونس، فطالب صندوق النقد الحكومة بتقليص الإنفاق الحكومي، وإصلاح منظومة الأجور العامة، والقيام بإصلاحات عميقة في القطاع المصرفي والنظام التعليمي وقطاع التشغيل. وأوصى الحكومة برفع القيود عن تشغيل العمال الأجانب، والسماح للشركات الأجنبية المستثمرة في تونس بتوظيف 30 في المئة من حاجاتها من الموارد البشرية من اليد العاملة الأجنبية. ويُذكَر أن الاتفاقات الحالية تحدّد توظيف الأجانب في أربعة أشخاص شرط أن لا تتوافر اختصاصاتهم لدى التونسيين. ويمكن أن تعمّق هذه الإجراءات أزمة البطالة في تونس التي عجزت عن تأمين الوظائف لأكثر من 800 ألف عاطل من العمل. ومع أن الصندوق منح تونس خلال حزيران (يونيو) خطاً ائتمانياً بقيمة 1.75 بليون دولار، لا تزال البلاد تواجه أخطاراً ترتبط بالفترة الانتقالية التي طال أمدها، وتدهور الأوضاع الاجتماعية، وتداعيات الأوضاع الإقليمية، سواء تعلّق الأمر بتطورات الأحداث في ليبيا أم في مصر.
إن الكلفة الاجتماعية للاقتراض من صندوق النقد قد تكون مرتفعة، وقد تسفر عن عدم استقرار اجتماعي وسياسي يحول دون تحقيق الأهداف التي على أساسها تمّت الموافقة على الاقتراض. ويجب أن تستهدف الإصلاحات المرتبطة بالقرض مردوداً اجتماعياً معقولاً في المدى المتوسط، كما يحب أن تشعر الفئات المتوسطة والمعوزة بآثار الإصلاحات وتتيقن من عدالة توزيعها، كي تكون على استعدادٍ لتحمّل عبء الإصلاحات في المدى القصير.
وعلى المجتمع الدولي، بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية، أن يعمل على دعم الانتقال الديموقراطي في بلدان «الربيع العربي»، وتأمين التمويل الضروري للاستجابة للحاجات الاجتماعية العاجلة. وقد لا تنفع بلايين الدولارات كثيراً في امتصاص الاحتقان، وتفادي الانزلاق في العنف والتطرّف حين تأتي على حساب الاستقرار السياسي والأمني.

باحث في مركز «كارنيغي» للشرق الأوسط - بيروت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.