أكدت وزارة الحرس الوطني السعودي، أن الأرض المقامة عليها منازل المواطنين الذين طالبوا بإيقاف أعمال الإزالة المنتظرة من الوزارة مخصصة لمشروع حيوي ومهم يخدم الوطن والمواطنين، ويتمثل في مستشفى الحرس الوطني في منطقة القصيم، فيما ناشد سكان حي الحرس، وهو الحي القضية، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التدخل لإبقائهم في منازلهم التي قطنوها منذ أربعة عقود، متسائلين: «أين نذهب؟». وأشارت «الحرس الوطني»، في بيان صحافي لها أمس، إلى أنه رداً على ما نشرته بعض الصحف الإلكترونية، وما تم بثه في بعض المواقع من مطالبات لعدد من المواطنين في منطقة القصيم بإيقاف الإزالة عن منازلهم من الحرس الوطني، «فإن وزارة الحرس الوطني رغبت في توضيح أن الأرض التي أقيمت عليها المباني والإحداثات العشوائية مخصصة لمشروع حيوي ومهم يخدم الوطن والمواطنين، وهو مستشفى الحرس الوطني في منطقة القصيم الذي صدر الأمر السامي بتنفيذه في عام 1415ه، بإنشائه ضمن المستشفيات التي تقام في المناطق التي توجد بها وحدات الحرس الوطني». وأوضحت أنه تم تخصيص هذه الأرض لإقامة المستشفى لموقعها المناسب، واعتمدت المبالغ اللازمة، وتم الانتهاء من عمل التصاميم والمخططات لهذا المشروع والإعلان عنه برقم (م ش ص/38/ لعام 1433ه)، مشيرة إلى أنه تمت الترسية بموجب الأمر السامي (44980 بتاريخ 10/12/1434ه)، لكن وجود هذه التعديات عطل إقامة هذا المشروع الحيوي منذ فترة طويلة، وحال دون الاستفادة من خدماته للجميع. وأفادت بأن الأرض ملُك للدولة لمصلحة وزارة الحرس الوطني بموجب صك شرعي (برقم 304/4 بتاريخ 9/5/1390ه)، وليس من حق أي جهة أو أي أحد أن يقيم عليها أي إحداثيات تماشياً مع توجيهات المقام السامي بالمحافظة على الأراضي الحكومية من التعديات وإزالتها إن وجدت. وكشفت أن الاعتداءات والمباني التي أقيمت عليها «كانت مع الأسف من بعض منسوبي الجهة المكلفة بحراستها، وعدد من المواطنين، وتم توجيه أمير الفوج العاشر في حينها بالمحافظة على الأرض من التعديات وإزالتها بحسب الطرق النظامية وأعطوا فرصاً كثيرة لإخلائها». وبينت أنها خاطبت إمارة منطقة القصيم لاتخاذ كل الإجراءات النظامية لإزالة التعديات وتكليف أمير الفوج الحالي بالتنسيق التام مع إمارة منطقة القصيم، موضحة أنه تم اتخاذ الإجراءات اللازمة، وامتثل معظمهم لإخلاء الموقع «وتبين أن بعض من قام بهذه التعديات يملك مساكن ولا يقيم في هذه العشوائيات ويقوم بتأجيرها وبعضهم يعمل خارج منطقة القصيم». وشددت على عدم وجود أمر سامي بمنح هذه الأراضي لهم، وقالت: «طالبناهم بإحضار ما يثبت صحة هذا الأمر لكن من دون جدوى»، مفيدة بأن اللجنة المكلفة بالإزالة مشكلة من إمارة منطقة القصيم بموجب الأنظمة والضوابط التي تحكم التعديات على الأراضي الحكومية. ودعت جميع وسائل الإعلام إلى تحري الدقة واستقاء المعلومات من مصادرها والابتعاد عن الاجتهاد الذي يثير الرأي العام ولا يقدم الصورة الحقيقية. ويأتي بيان وزارة الحرس الوطني في الوقت الذي وقفت فيه «الحياة» ميدانياً أمس على موقع الحي الذي يعرف باسم «حي الحرس»، والواقع بمرك المليداء غرب مدينة بريدة بنحو 25 كيلومتراً، والذي يحتضن أكثر من 60 أسرة غالبيتهم من العاملين في الحرس الوطني. ويفتقر «حي الحرس» لجميع الخدمات الأساسية من تصريف صحي، وشبكة مياه، وإنارة، وسفلتة، وجميع سكانه من محدودي الدخل، ويضم جميع شرائح المجتمع ما بين البادية والحاضرة. وكان المنطقة نقطة تجمع على مدار ال46 عاماً الماضية لأبناء المناطق ممن انضموا للسلك العسكري لخدمة الوطن من بوابة الحرس الوطني، غير أن خبر إزالة المباني جاء كالصاعقة على رؤوس سكانه الذين قاوموا لجنة التعديات في بداية الأمر قبل أن تدعم برجال الأمن، وتحديد نهاية الشهر الجاري موعداً أخيراً للإخلاء قبل أن تضطر اللجنة لقطع التيار الكهربائي عن جميع المنازل. «لو طلب منا خادم الحرمين الشريفين أو ولي عهده الأمين، أو ولي ولي عهده، أن نرمي أنفسنا في نار مستعرة لما ترددنا». بهذه العبارة تحدث المواطن عمر ناصر العتيبي، وهو أحد سكان حي الحرس معلقاً على قرار تشكيل لجنة لهدم منازلهم التي أظلتهم طوال ال46 سنة الماضية منذ قدوم الفوج العاشر التابع لوزارة الحرس الوطني في أواخر عام 1389. ويقول العتيبي في حديثه ل«الحياة»: «حين سكنا المنطقة كان جميع العاملين هنا يسكنون الصنادق قبل أن يأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والذي كان حينها رئيس الحرس الوطني في عام 1394، بعد زيارته للقصيم بإبعاد الصنادق عن الطريق العام وتحسين البناء في هذا الحي بخطاب موثق لدينا برقمه وتاريخه». وأضاف: «منذ ذلك الحين تكاثر العاملون، وبدأ الحي يستقبل الكثير منهم، وبنيت هذه المنازل ومنهم من تقاعد وعاد لمسقط رأسه، وآخرون بقوا هنا بعد التقاعد، كما يسكن بيننا بعض الأرامل والمطلقات والعجزة». من جهته، أوضح المواطن مبارك ناجي القحطاني، وهو من سكان حي الحرس، أن الإنذار المبكر وصلهم قبل عامين بعد قدوم رئيس اللجنة الهندسية بالحرس الوطني، الذي قرر إقامة مستشفى للحرس الوطني مماثل لمستشفى الملك فهد في الرياض بعد إصراره على إقامته في الحي نفسه الذي يسكنون فيه الآن. وأفاد بأنه قبل ستة أشهر من الآن وصل خطاب من وزارة الحرس الوطني لإمارة المنطقة لتشكيل لجنة من أربعة أشخاص لإزالة التعديات، بناء على تقرير أعده رئيس اللجنة الهندسية بالحرس الوطني يؤكد عدم وجود سكان بالحي، وأن كل ما فيه هو أراض مسورة وبركسات مهجورة، بيد أن اللجنة بعد قدومها فوجئت بعدد السكان الذي يتجاوز ال400 شخص مقسمين على أكثر من 60 عائلة، بعكس ما كتب في التقرير، على حد قوله. وأضاف: «اللجنة خاطبت إمارة المنطقة بوجود منازل مأهولة بالسكان، وقام صاحب الأيادي البيضاء أمير منطقة القصيم برفع تقرير لوزارة الحرس الوطني، طالب فيه بتعويضنا قبل إزالة منازلنا، لكنه سرعان ما عاد خطاب من الأخير بالإزالة وتشكيل لجنة. وبدت علامات الأسى والحزن وهم السنين ومرارة الأيام على ظافر بن كلثم القحطاني، (120 عاماً)، وكان أحد جنود الموحد في معركة الرغامة، موضحاً أنهم على أمل أن يأتي الرد سريعاً على البرقية المرسلة للديوان الملكي للنظر في وضعهم وتعويضهم. وأضاف: «لا بد أن يصل صوتنا لملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين، وكلي يقين بأنه لن يرضى بهدم منازلنا»، متمنياً أن تتم مساواتهم بلواء الخليفة عمر بن عبدالعزيز الذي قدم قبل عامين للقصيم، واستحدثت لهم 2000 وحدة سكنية بواقع وحدة لكل عسكري.