أنمار الحائلي يعلن ترشحه لرئاسة الاتحاد مرة أخرى    الأهلي يتعاقد مع المدافع "الخيبري" لمدة 3 مواسم    الأخضر الأولمبي يخسر أمام أوزبكستان بثلاثية في افتتاح الدورة الدولية    القبض على مصري في جدة لترويجه مادة الحشيش المخدر    شراكة بين الطرق والبلديات لتنفيذ المشاريع التنموية    الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي لكسر حصار غزة    ليلة بنكهة الإحساس في موسم جدة    المنتخبات السعودية الجامعية تواصل مشاركتها في الألعاب العالمية بألمانيا    وزير الخارجية الإيراني: لن نتخلى عن تخصيب اليورانيوم    أمريكا تستهدف الحوثيين بعقوبات جديدة    وزارة الاستثمار: عقد منتدى استثمار سعودي - سوري في دمشق    ضبط صيني لممارسته الصيد البحري دون تصريح واستخدامه أدوات محظورة    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10843.20) نقطة    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة العيدابي ويطّلعان على مشروعاتها التنموية    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل رئيس ووكلاء جامعة جازان    عملية نادرة في مستشفى الملك سلمان تعيد النور لمريضة تجاوزت 111 عامًا    أمير حائل يستقبل استشاري تبرع بجزء من كبده لطفلة مريضة    جامعة الأمير محمد بن فهد تُنجز المرحلة الأولى من مشروع الطاقة الشمسية    فيصل بن مشعل يرعى توقيع اتفاقية دعم "أهالي البكيرية الوقفية" لبرنامج المدينة الصحية    أمير القصيم يدشّن مشاريع بلدية بمحافظة البكيرية ب 140 مليون ريالا    الخارجية الفلسطينية تُطالب المجتمع الدولي بإجراءات فورية لوقف حرب الإبادة في غزة    البيئة تعلن تمديد مهلة الحصول على رخص استخدام مياه الآبار لمدة عام    تقارير.. الأهلي يرفض التواجد في السوبر    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    أكثر من 7 آلاف طفلٍ استفادوا من مركز ضيافة الأطفال في المسجد النبوي    الشؤون الإسلامية في جازان تشارك في اليوم العالمي للعلاقات العامة 2025 م    'الحياة الفطرية' توضح حقيقة ظهور قرود البابون في الرياض    جامعة جازان تُطلق برامج جامعية قصيرة ضمن مبادرات برنامج تنمية القدرات البشرية        المسرح ورهانات المستقبل".. أمسية ثقافية بجمعية الثقافة والفنون بجدة    حرارة مرتفعة في الرياض والشرقية و رياح على معظم المناطق    أمير نجران يثمّن جهود الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    الجمعية للثقافة والفنون بالشمالية تنظم مسرحية 'الراعي' بعرعر يوم الأربعاء    أمير القصيم يزور مقصورة السويلم التراثية في البكيرية    أمير القصيم يدشن مشروعين خيريين في البكيرية بتكلفة 10.5 ملايين ريال    تقنية تحسن عمى الألوان    الوحدة ليست وباء بل تجربة إنسانية    أكدت أن أمانات المناطق ترصد المخالفات.. "البلديات والإسكان": 200 ألف ريال غرامة تقسيم الوحدات السكنية ل»الاستثمار»    بدء التقديم على مقاعد دراسة التمريض في البحرين    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي وزير الدولة لشؤون الأمن بوزارة الداخلية البريطانية ويزور ثكنات ويلينجتون العسكرية    النصر يقلد الهلال    في كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. فريق Gen.G Esports الكوري يحصد بطولة League of Legends    دعوا لوقف فوري للحرب.. 25 دولة تستنكر قتل المدنيين الفلسطينيين    اتفاقيات مع مؤسسات سنغافورية.. "روشن" تسرع التحول الرقمي العقاري    10 ملايين زائر للمواقع والفعاليات الثقافية في 2024    فيلم «الشاطر» يتجاوز ال 15 مليون جنيه خلال 4 أيام    رئيس باكستان يمنح رئيس أركان القوات البحرية وسام "نيشان الامتياز" العسكري    أكاديمية الإعلام السعودية تقيم اللقاء الافتتاحي لمسار "قادة الإعلام"    المفتي يطلع على أعمال جمعية البر    "واتساب" يدخل الإعلانات لحسابات المستخدمين    حذر من مفترق طرق خطير.. المبعوث الأمريكي ينتقد تدخل إسرائيل في سوريا    محامية تعتدي على زملائها ب" الأسنان"    مليون ريال غرامات بحق 8 صيدليات مخالفة    أكد رفع التنفس الاصطناعي خلال 4 أيام.. الربيعة: استقرار حالة التوأم "يارا ولارا" بعد عملية الفصل    «تطوير المدينة» تُنفّذ 16 مبادرة لخدمة ضيوف الرحمن    "السينما.. فن المكان" شعار مؤتمر النقد السينمائي الثالث..    1.9 مليون مصلٍ في روضة المسجد النبوي    أمير جازان يستقبل مدير فرع إدارة المجاهدين بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى يتجه المالكي لإعادة إخضاع كردستان العراق؟
نشر في الحياة يوم 11 - 07 - 2013

يسود الأوساط الكردية وقيادات الكرد، إحساس بالتميز، تولَّدَ عن تجربة العقدين المنصرمين، فشعور الأكراد العراقيين الحالي مزيج من عدم التصديق وتعاظم ذات مكبوتة ومهشمة. ومثل أغلب الحالات في المنطقة والمشرق، فأوهام التعظيم تطغى عادة في النظر إلى الذوات، وإذا كانت المسارات قاسية، تغفل المعطيات الواقعية وتضخم مظاهر أو أسباباً متخيَّلة. وفي حالتنا هنا، يتداخل لدى الكرد شعور زائف بالنصر، تتحسسه بقية العراقيين وتقابله بالرفض وعدم الارتياح، بينما هو ينتهي إلى تصور بأن كردستان حققت مشروعاً نهضوياً. وهذان الاعتقادان يراودان جزءاً لا يستهان به من القوى الفاعلة هنا، فتتصور أن النصر أكيد، والدولة الكردية قريبة.
في السياسة، في ظل «عملية سياسية طائفية محاصصاتية»، وحكم هويات كلها مهشمة، يولد الخطر حينما يرفض الطرف الأصغر رؤية ما يجعله الطرف الأضعف، فيعتمد نمطاً من السلوك يزيد من شعور الهويات الأخرى بعدم الرضى، وبالرفض المتزايد، ما يراكم عوامل تصادم قادم، في ظل واقع سياسي يحتم في نهاية المطاف وجود قوة متسيّدة وطنياً، عدا عن بروز طموحات زعامة، الأمر الذي يحث على ظهور مبررات مقابلة، لم تبخل القيادة الكردية بها على المركز، فمنحته إياها بسخاء، مصدقة أنها قوية، لأنها حققت تجربة بناء في ظل حماية الاحتلال، ورؤوس الأموال الاجنبية، لا أسهل من تخريبها من قبل أي عدو يطلق باتجاهها بضعة صواريخ من بعيد. ومَن صار يحمل بيده بلورة زجاجية لا يبارِز، فالأكراد الذين ظلوا يحاربون لسنين، لم يكونوا يملكون شيئاً يخسرونه، بينما هم اليوم أحرى بالتفرغ لحماية منجزهم الهش.
فالأحرى بالجزء الكردي من العراق ألاّ يعتبر نفسه متحرراً من الديناميات والآليات الوطنية الأشمل، أو أن يتعزز ميله للتميّز والاستقلال، أو التركيز على الذاتيه الجزئية الخاصة في ظل فراغ مفهومي، فالمرحلة الحزبية من الوطنية العراقية ظاهرة طاغية في التجربة العراقية الحديثة منذ الثلاثينات، لم تكرس سوى مفهوم مهلهل من «حق تقرير المصير للشعوب» المنسوب للماركسية، وهذا يفرض الميل الانفصالي افتراضاً، وبسطحية لا تدقق في الأصول والحقائق التاريخية. ذلك لأنه استعير من قبل متبنّي الماركسية، العديمي الوعي بالمحركات الوطنية، وناكريها نكرانا كلياً.
يترتب على هذا إشكال متعدد الوجوه، منهجي وتدقيقي، وكذلك إجرائي يختص بجانب المعالجة. والأمور تلتبس هنا لدرجة قد تؤدي إلى تخبطات، بخاصة والبلاد من دون منظور جامع، ما يجعل مواقف مختلف الأطراف محكومة بالتوازن الآني المباشر، فاستعمال مفهوم «القومية» يستدعي مترتبات من نمط لا يناسب الحقيقة، بينما يؤدي إلى بناء منظومة مفهومية متخيَّلة، تشمل التاريخ والثقافة واللغة، فتتحول إلى خرافة تتكئ عليها ذاتية محبَطة ومتعالية. ومن ذلك كمثال مضحك، أن بعض المتعلمين الكرد يعتقدون بوجود الأكراد منذ 100 ألف عام، وأنهم هم من أقاموا الحضارة السومرية بعد نزوحهم من الشمال.
وليس الكرد وحدهم من يتداولون تاريخاً خرافياً جزئياً، فالخلط بين ظاهرة «القوم» و «القومية» منح مكونات متعددة تواريخ خاصة، تتشكل وفقاً للموقع والمآل ضمن الكيان، وقد تضخمت الآن. وهذا يشمل العرب السنة، أو الشيعة، أو الأشوريين، الناشطين في هذا المجال في الآونة الأخيرة، بينما لا يوجد أي مفهوم موحد ل «العراق»، أي للوطنية أو القومية، التي هي أكثر المفاهيم شيوعاً على المستوى اللفظي والسجالي. ومع تراجع المستوى التمثيلي السياسي، وعلى مستوى الحكم، والقوى السائدة، إلى المكونات الدنيا، إثر سحق الدولة الحديثة القسرية منذ 2003، تعاظم شان الهويات الفرعية، وقد بدت مهشمة بعد 83 عاماً من هيمنة دولة حديثة قسرية مشوهة عملت على رضّها، فانكشف غياب الهوية الجامعة، ما جعل السياسة تتخذ مسارات يُلمس فيها الميل المستميت لإعادة أو تحقيق الغلبة بين تلك الهويات، بينما يغدو التاريخ الأكثر إيحاء مصدراً غنياً لتبرير الغلبة، أو الاستقلال، كمثل إيحاء «المختار الثقفي»، اللقب تلصقه أوساط شيعية بنوري المالكي، رئيس الوزراء الحالي، أو يقوم هو بتغذيته. والمختار ثائر مطالب بدم الحسين، لا توحي سيرته الأولى بالثورة، او الاستقامة، إلا أنه تحول، ولاسباب ظرفية، إلى رمز للثأر الحسيني.
اتجه المالكي سابقاً لتصفية المليشيات الشيعية في بغداد والبصرة بالقوة، إلا أنه عاد في الآونة الأخيرة وأطلقها عن طريق «عصائب أهل الحق» بطريقة مضبوطة وموجهة، تحت ضغط الصراع مع العرب السنة والقاعدة. وهو يتحسس بقوة مأزقاً مركّباً حل على «العملية السياسية الطائفية « التي يقودها، فلم تعد هذه تملك بذاتها أي محركات من داخلها، ما أدخلها في أزمة مفتوحة، وجعلها تلجأ للمحرك الطائفي البحت، فصار اختلاق الأزمة وإشعار الطائفة بالخطر الداهم من الهويات الأخرى جالبَيْن للالتحام وضمان التأييد الانتخابي.
ولأسباب ومصالح آنية متبادلة، أُطفئت المعركة مع كردستان مؤخراً، كي يركز على اعتصامات المناطق الغربية، بينما المالكي يتهيأ لما هو خلفها، فهدفه الآن هو العودة لرئاسة الوزراء لدورة ثالثة. وهذه الرغبة تقابَل منذ مدة بدعاوى ترفعها الأطراف الاخرى ضد تكريس الديكتاتورية، بينما تنهض بوجه رغبته تلك أيضاً عوائق قانونية ليست صعبة التجاوز، فاذا هو تحمس اليوم لإنهاء معركته مع المناطق الغربية، فلأن هجومه الكبير القادم سينصب على كردستان.
ولدى المالكي أسباب كثيرة لإذكاء هجوم كهذا، الأهم بينها أنه يتكئ إلى دعم وتأييد شعبي في مناطقه والمناطق العربية، قابل للتضخيم والتأجيج، بينما القيادة الكردية لم تبادر إلى عمل أي شيء يعيد التواصل بينها وبين بقية مناطق العراق. ليس هذا وحسب، فهو لا يعدم أيضاً الحجة القانونية والدستورية: فثمة تناقض يستوجب الحل بين نظام كونفيدرالي واقعياً، وفيدرالي نصياً في الدستور. وكل هذا ليس بالمهم، المهم أن رئيس الوزراء الأبدي، في زمن ديموقراطية الطوائف، يحتاج بقوة إلى جوله كبرى، تمنحة حق الزعامة، ووسام الوطنية، وهذا سيحققه على الأغلب اذا شحذ عزيمته وتوجه شمالاً.
* كاتب عراقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.