شخصيات الألعاب الإلكترونية.. تجربة تفاعلية لزوار كأس العالم للرياضات الإلكترونية    "الداخلية" تشارك في ملتقى إمارات المناطق والمبادرات التنموية بالمدينة    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين مخطّط نقل سلطة إدارة الحرم الإبراهيمي الشريف    "موسم الرياض" يرعى شراكة بين "لا ليغا" و"ثمانية"    نجاح عملية فصل التوأم الملتصق السعودي "يارا ولارا" بعد عملية جراحية دقيقة استغرقت (12) ساعة    مهند شبير يحول شغفه بالعسل إلى علامة سعودية    نادي الدرعية .. قصة نصف قرن    قدم الدانة تتعاقد مع المهاجم النرويجي جوشوا كينغ والحارس اللوكسمبورغي أنتوني موريس.    نادي القادسية يوقع اتفاقية رعاية تقنية مع زوهو لتعزيز الكفاءة وتحسين العمليات    بقيادة"جيسوس"..النصر يدشّن أول تدريباته استعداداً للموسم الجديد    "المزيني"نسعى لتعزيز الحضور الرياضي للطالب الجامعي السعودي عالمياً    الأسبوع الثاني من كأس العالم للرياضات الإلكترونية: لحظات تاريخية وخروج مبكر لحاملي الألقاب    اختتام أعمال الإجتماع الأول للجان الفرعية ببرنامج الجبيل مدينة صحية    خارطة لزيادة الاهتمام بالكاريكاتير    معادلة عكسية في زيارة الفعاليات بين الإناث والذكور    هاتفياً... فيصل بن فرحان ووزير الخارجية الأميركي يبحثان التطورات بسوريا    السعودية: نرفض كافة التدخلات الخارجية في سوريا    جامعة الإمام عبد الرحمن تختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي    (إثراء) يعلن عن فوز 4 فرق في المنافسة الوطنية لسباق STEM السعودية    إيلانجا لاعب نيوكاسل: إيزاك من أفضل اللاعبين في العالم    برنامج تطوير الثروة الحيوانية والسمكية يعلن توطين تقنية «فيچ قارد»    الدور الحيوي    فِي المَنَاهِجِ النَّقدِيَّةِ: المَنهَجُ التَّدَاوُلِيُّ    المملكة تعزي العراق قيادة وحكومة وشعبًا في ضحايا «حريق الكوت»    الكشف عن هاتف Nothin Phone 3 وسماعات الرأس Headphone 1 في خطوة جريئة للارتقاء بالتصميم والأداء والصوت    إنقاذ تسعينية بتقنية متقدمة في سعود الطبية    نجاح عملية فصل التوأم السعودي الملتصق "يارا ولارا"    تعليم الطائف يختتم فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي لأكثر من 200 طالب وطالبة    إنقاذ مواطن من الغرق أثناء ممارسة السباحة في ينبع    فرع وزارة البيئة بحائل يستعرض فرص التعاون في التوعية وحماية الموارد    أمير جازان يستقبل رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد    تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في المنطقة الشرقية    أمير منطقة جازان يستقبل وكيل الإمارة والوكلاء المساعدين الجدد    أمير القصيم يدشن مبادرة "أيسره مؤنة" للتوعية بتيسير الزواج    المدينة المنورة تبرز ريادتها في المنتدى السياسي 2025    الأولى عالميا.. التخصصي يزرع جهاز دعم بطيني مزدوج بمساعدة الروبوت    "طمية" تنظم إلى الأسطول الإسعافي بفرع الهلال الأحمر بعسير    457 مليونا مستحقات مزارعي القمح    الأمير سعود بن نهار يلتقي المدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الغربي    اطلاق النسخة الثانية من مشروع "رِفْد" للفتيات في مدينة أبها بدعم من المجلس التخصصي وأوقاف تركي بن عبد الله الضحيان    " الأمن العام" يعرف بخطوات إصدار شهادة خلو سوابق    «شلة ثانوي».. مسلسل جديد في الطريق    بهدف الارتقاء بالمنتج الثقافي والمعرفي.. توقيع مبادرة "سعوديبيديا" لتعزيز المحتوى السعودي    "الأحوال": جدد هويتك قبل انتهائها لتفادي الغرامة    "الداخلية" و "الموارد البشرية" يوقّعان مذكرة تفاهم    وزارة الحج والعمرة تكرم عمر بالبيد    المفتي يستعرض أعمال "الإفتاء" ومشاريع "ترابط"    إطلاق مبادرة لتعزيز التجربة الدينية لزائرات المسجد النبوي    40 % مكاسب الذهب    20 قتيلاً.. وتصعيد إنساني خطير في غزة.. مجزرة إسرائيلية في خان يونس    بوتين لا ينوي وقف الحرب.. روسيا تواصل استهداف مدن أوكرانيا    أصابع الاتهام تشير للفصائل المسلحة.. تحقيق عراقي في ضرب حقول النفط    د. باجبير يتلقى التعازي في وفاة ابنة شقيقه    مقتل شخص وإصابة 18 جراء غارات إسرائيلية على دمشق    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أضغاث أحلام عالمية
نشر في الحياة يوم 11 - 06 - 2013

راج في العالم ما يمكن تسميته بأضغاث الأحلام عن مستقبل مأمول. وقد عرفت مصر هذا الحلم بجعل مصر قطعة من أوروبا منذ عهد الخديوي اسماعيل. ولم يكن هذا الحلم وفقاً على الخديوي وبطانته، فقد دافع عنه وواصل الدفاع عنه في أزمنة لاحقة مثقفون مرموقون. وبدا لبعض هؤلاء أن نقل مظاهر المدنية الفرنسية من نظم بيروقراطية إدارية وتعليم جامعي وتمثيل مسرحي وأجناس أدبية وفنية وعادات في الحياة اليومية والعلاقة بين الرجال والنساء أمر فوري ميسور يعتمد على حسن النية في التنفيذ.
كما بدا لبعض آخر أن نقل مظاهر المدنية البريطانية والفكر الأنغلوسكسوني هو الأجدر بالاتباع. ولم ينته الحلم بسقوط مصر أو بلاد عربية أخرى تحت نير الاحتلالين البريطاني والفرنسي. وظل الأمل في المستقبل رهناً بمحاكاة النظم المتمدينة في أوروبا اقتصادية وسياسية وثقافية حتى قبل أن توجد القوى الاجتماعية (الطبقية) والإيديولوجية القادرة على التنفيذ والاستمرار.
وأضغاث الأحلام جميلة بقدر ما تكون وهمية، وتقترب أن تكون قصوراً في الهواء. والآن يروج الحلم باسترجاع الخلافة. ويعتمد الحلم عادة على التمسك بمقدسات وذكريات ماض مجيد وبحضارة كان لها دور تاريخي عظيم يرتفع فوق دور الحضارات الأخرى قاطبة.
ولكن أشهر أضغاث الأحلام وأكثرها رواجاً كان الحلم الأميركي. وهو ادعاء أن النظام «الحر» المتمشي مع المسيحية التي مثل معظم الأديان لم تُحرم الرق، يتيح لأي فرد بصرف النظر عن أصله الطبقي أن يصير ميلونيراً ومشاركاً في الحلم اعتماداً فقط على عمله وجهده واتقانه لهذا العمل ونجاحه فيه. وكان هذا الحلم ظاهر النجاح، فالولايات المتحدة تقف على رأس بلاد العالم في الإنتاج والقوة العسكرية، وهي المثل في الديموقراطية العريقة عند بعض الليبراليين في العالم العربي، والموزع المعتمد للديموقراطية في العالم كما تدعي ويدعي أنصارها.
أرقام مضللة
ووراء هذا الظاهر المتألق حقيقة تهمس بها إحصاءات مدققة لدى المعاهد المتخصصة. وهذه الحقيقة تقول إن ما تنشره السلطات الأميركية عن معدلات البطالة ليس سوى تضليل. وتنشر منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة إن خُمس العاملين الأميركيين يحصلون على أجور أدنى من المستوى الرسمي للفقر. وتصرخ الحركة الاحتجاجية «احتلال وول ستريت» في نيويورك أن ما لا يزيد على 1 في المئة من السكان هم الذين يتحكمون بالاقتصاد والسياسة وأن 99 في المئة من السكان محرومون تماماً من المشاركة في صناعة القرار.
وأيام الحرب الباردة انتشر حلم سمى نفسه اشتراكياً في العالم العربي يرتكز على اقتصاد مركزي أوامري مخطط لمصلحة امتيازات أقلية بيروقراطية وسيطرة سياسية لحزب واحد وغياب للحريات الديموقراطية لفظ بعض أنفاسه مع هزيمة 1967 ثم مع سقوط الاتحاد السوفياتي ومنظومته، ويظل يعاني من الضعف.
وفي أيام الخلاف الصيني السوفياتي مالت قلة من اليساريين العرب إلى الجانب الصيني، وعلى الأخص في بعض المنظمات الفلسطينية وفي جنوب اليمن وروجوا للحلم الصيني. أما الآن في عصر الأزمة الرأسمالية فتبزغ بلاغيات ما يسمى الحلم الصيني وتنتشر منذ استعمالها من جانب الرئيس الجديد الحالي للصين. وتدعي الصين أن هذا الحلم مفيد لبلاد كثيرة وخصوصاً في آسيا. وعبارة الحلم الصيني استعملت للمرة الأولى في مجلة «نيويورك تايمز» الأميركية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عند تغطيتها وصول الرئيس الصيني الجديد إلى السلطة. فقد نشرت المجلة زاوية بقلم توماس فريدمان عنوانها «الصين تحتاج إلى حلمها الخاص».
ونشرت الجرائد الرسمية الصينية ترجمات لها وراجت مناقشة هذا الحلم الصيني داخل الصين وخارجها. حقاً إن هذا الحلم ليس هو الحلم الأميركي، فماذا يكون؟ إنه غامض، فالرئيس الحالي متمسك بالتوجهات التي أرساها الرؤساء السابقون، ومضطر إلى الالتزام بالخطة الاقتصادية الخمسية التي تبناها سلفه، ومضطر إلى الالتزام بخطط الحزب الوحيد الحاكم الأبعد مدى.
وهدف الحلم المعلن عموميات فضفاضة من قبيل خلق بلد غني قوي ديموقراطي متحضر منسجم اشتراكي حديث في العام 2049 عيد ميلاد تأسيس ما أطلق عليه اسم الأمة الشيوعية. و «ديموقراطي» في هذا السياق ليست معناها الرسمي التعددية السياسية أو الفكرية، فالحلم الصيني يسمح للرئيس بالالتزام بالأهداف الموروثة من حكم الحزب الشيوعي، وفي الوقت نفسه يوحي بإمكان التغيير أثناء حكمه.
ودار نقاش جماهيري اتسع لكل أطراف الطيف السياسي لتحديد هذا الحلم الذي يعاني من الإبهام. وفهمه القوميون والجنرالات على أنه الإحياء والبعث، فالبلد ينبغي أن يكون مكانه الدائم أعلى قمة التسلسل الهرمي الكوكبي رغم قرن الإذلال واستعمار الصين. ويعلن المتحدثون باسمهم أنه في العام 1820 كان الناتج المحلي الإجمالي للصين وحدها ثلث الناتج الكلي العالمي، ثم حدث الانخفاض نتيجة للاستعمار. ويعلنون الآن أن هذا الناتج ارتفع إلى سُدس الناتج الكلي العالمي، وعلى الأقل 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة. ويتلهف القوميون على مجيء اليوم الذي يصير فيه اقتصاد الصين أكبر اقتصاد في العالم، وأن يشرق فجر ذلك اليوم والرئيس الحالي لا يزال رئيساً.
والحلم الصيني حلم قومي يتعلق بعيون الصينيين وحدهم في الحقيقة رغم كل إدعاء. ويتضمن تأسيس جيش قوي من دون إقصاء للجيش عن القيادة المباشرة للحزب الشيوعي. وحاول وزير الخارجية الأميركية مصالحة الحلم الأميركي والصيني باقتراح أنه ينبغي على أميركا والصين وبلاد أخرى أن تعمل معاً لتحقيق حلم أوسع هو حلم أقطار المحيط الهادي، فما أكثر الأحلام. ولكن هذا الاقتراح لم يفعل إلا أقل القليل للحد من الحذر المتبادل بين البلدين. وصرح معلق رسمي صيني بأن فكرة حلم مشترك لبلاد المحيط الهادي هي محاولة لنشر الحلم الأميركي ولسيطرة الولايات المتحدة داخل كل ركن في آسيا وهي كابوس عند القوميين الصينيين. ويرى معلقون أن التقارب اللفظي بين كلمتي حلمين قد يستهدف طمأنة الطبقة الوسطى الجديدة الصاعدة في الصين، وهي التي لا تتحمس لديكتاتورية حزب شيوعي في سدة الحكم. وليست ما تسمى اشتراكية السوق الصينية نموذجاً يحتذى عند اليساريين في العالم أو الليبراليين لتحقيق العدالة الاجتماعية. وفي الحقيقة لا يوجد طريق نموذجي قائم الآن للسير فيه، وعلى كل بلد ابتكار طريقه الخاص وفقاً لتراثه التاريخي وقيمه المفضلة ومساءلته للعولمة.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.