اختتم مهرجان الفيلم العالمي للفنون Fifa في مونتريال فعالياته التي استمرت عشرة أيام وتمثلت بمشاركة 248 فيلماً من 28 بلداً بينها أسماء لامعة من محترفي الأدب والفن والسينما. وفي إطار المنافسة العالمية للآداب شهد المهرجان عرضاً أول لفيلم «طول الأبجدية» Longueur de l,Alphabet للمخرج الكندي العراقي جو بالاس الذي يرسم فيه مسيرة الكاتب اليهودي الفرنكوفوني نعيم قطان (مواليد 1928 كندي من أصل عراقي) من خلال معاصرته لفسيفساء الثقافات والأعراق في العراق وكندا وفرنسا. الفيلم وثائقي أدبي ثقافي بامتياز. وهو ناطق بالفرنسية ومدته 52 دقيقة. ويتضمن أبرز المحطات التاريخية من حياة قطان الموثقة بالصور والكتابات والأحاديث والمقابلات الشخصية والتي تستعرض أمجاد بغداد بتراثها الإنساني والحضاري وعصر السوريالية في باريس ومونتريال حاضنة التعايش الفكري والتنوع الإتني. كما يتحدث الفيلم عن هجرة قطان إلى كيبك عام 1954 واندماجه السريع في حياتها الاجتماعية والثقافية، ومساهمته بنقلها من مجتمع مغلق إلى مقاطعة منفتحة على التعايش مع الآخر وبناء الجسور مع المجموعات الإتنو - ثقافية التي تعيش فيها. ويكشف الفيلم أيضاً عن جانب واسع من نشاط قطان المهني ككاتب وروائي وناقد أدبي ومسرحي وصحافي وأستاذ جامعي تمكن أثناء توليه إدارة مركز كندا للفنون والثقافة من بناء شبكة واسعة مع نخبة من مشاهير عصره، مثقفين وفنانين وسياسيين، من أمثال أندريه جيد ورينه ليفيك وأندريه لورندو وجاك غوجبو وفرناند أوليت وجاك آلار وآن غولدمان وغيرهم. كما ينوه بعض الوثائق حماسته الشديدة وولعه الكبير بلغة موليير التي خلف فيها ما يربو على 40 كتاباً، فضلاً عن عشرات المقالات والأبحاث والدراسات شكلت جزءاً من الذاكرة الجمعية للحياة الفكرية والثقافية والأدبية في كيبك. ووفاء لعطاءاته وإنجازاته الفرانكوفونية كرمته «المقاطعة الجميلة» بجائزة أدبية قدمت له في احتفال رسمي في الجمعية الوطنية (البرلمان) وبحضور رئيس الوزراء، ودوّن على الصورة التذكارية عبارة وفاء وتقدير جاء فيها «أنا مولود في بغداد يهودياً وحين حضرت إلى مونتريال لم أكن أعرف أي شخص وصارت هذه المدينة موطني لأنها فتحت أمامي بوابات العالم الأخرى». وبعد انتهاء العرض جرى لقاء وحوار بين قطان ونخبة من المثقفين العرب واليهود والكنديين حضره المخرج بالاس واعتبره جزءاً لا يتجزأ من الفيلم. وتمحور حول تطور بعض الحركات الفكرية الأكثر تأثيراً في العقود الأخيرة وحول علاقته كيهودي باللغة العربية التي كان يحلم بأن يكون كاتباً بها عوضاً عن الفرنسية وانفتاحه على الإسلام والمسيحية «بعيداً من الطائفية المقيتة» واعتززاه بكل ما كتب وفكر كمواطن عراقي يهودي شرقي غربي كندي في آن. واختتم اللقاء بعرض من الصور التراثية للأحياء والشوارع القديمة من بغداد ومونتريال.