بين التأييد والتحفظ على قرار وزارة التربية والتعليم، بالسماح بإنشاء سكن طلابي داخل المدارس الأهلية، تبرز فئات مستفيدة من قرار كهذا، فطلاب الظروف الخاصة والأيتام، ومن يعانون من صعوبات في تأمين المواصلات وسواهم، والمغتربون سيجدون فيه حلاً ناجعاً. وتلفت زهرة شايع المتخصصة في الإشراف على المدارس الخاصة إلى أن السكن الداخلي للمدارس سيخدم شريحة الأيتام، الذين يجدون صعوبة في تأمين مواصلات للذهاب إلى المدرسة، وكذلك طلاب وطالبات الظروف الخاصة». وفضلت أن يشترط أن يكون السكن منعزلاً وله إدارة خاصة ومشرفات على قدر عالٍ من التدريب والتعليم، لتنشئة الطلاب والطالبات وفق منهج سليم، وبضوابط تتناسب مع المجتمع الداخلي المحافظ. في حين ترى اختصاصية طب الأسرة الدكتورة ابتسام الخضيري، ضرورة «النظر في الأمر قبل إقراره». وقالت: «من ناحية المبدأ ربما يستفيد من هذا المشروع الطلبة المغتربون، أو ذوو الدخل المحدود. ولكن يجب ألا نغفل أن وجود بيئة منغلقة ستكون لها عواقب وخيمة في جانب التحرش». واعتبر تربويون ما قامت به الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة الرياض من دراسة مسحية، أعلنت نتائجها قبل أيام في الصحف، «سابقة لم تجرؤ أية إدارة على القيام بها»، في ظل تعامل إدارات التربية والتعليم على مستوى المملكة مع هكذا حوادث بنوع من «التكتم والسرية الشديدة»، رغبة في عدم إثارة الميدان التربوي والمجتمع، وتجسيد صورة قاتمة عن الوضع. وأعلنت الدراسة أن 2558 طالباً في المرحلة الابتدائية يتعرضون لحالات تحرش جنسي داخل المدارس. في حين بلغت الحالات خارج المدارس 1740 حالة، وذلك بعد إخضاع 514 مدرسة ابتدائية للدراسة المسحية، وشارك فيها 412 مرشداً طلابياً. وكشفت الدراسة أن 22 مرشداً طلابياً تحدث لديهم 5 حالات تحرش فأقل. في حين أن 15 مرشداً تحدث لديهم أكثر من 15 حالة. وخلصت الدراسة إلى وجود 12 حالة تحرش كل أسبوع في العام الدراسي. وقال مُعد الدراسة مساعد الطيار: «إن المؤسسات التعليمية لا تعطي النسب الحقيقية، وتخفي واقع هذا السلوك في تقاريرها»، مشيراً إلى أن «معظم الحالات المدونة في تقارير وإحصاءات إدارة التربية والتعليم في الرياض كانت لحالات متكررة، إذ تم تجاهل الحالات الجديدة التي تحدث للمرة الأولى، ما يجعلها تتكرر من دون علم المدرسة». وكانت جهات خاصة أطلقت في نيسان (أبريل) من العام الماضي، برنامجاً توعوياً شمل مدارس محافظة جدة، بهدف توعية الأطفال بماهية التحرش الجنسي. وكشفت الاختصاصية النفسية مديرة مركز الذكاءات المتعددة سناء الهويلي عن «ارتفاع حالات التحرش الجنسي لدى الأطفال، خصوصاً في المرحلة الابتدائية»، مضيفة: «أن ذلك دفعني إلى تجهيز حقيبة تدريبية، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، للبدء في توعية الأطفال في جميع المدارس والمراحل كافة بماهية التحرش، وكيف يحمون أنفسهم من أي أذى ربما يتعرضون له». فيما أرجعت الهويلي ارتفاع نسبة التحرش لدى الأطفال إلى «الأسرة التي تهمل الطفل عندما يشكو من تعرضه إلى الأذى. وهذا دليل على قلة الوعي لدى بعض الأمهات اللاتي لا ينتبهن لما يقوله أبناؤهن، مكتفيات بالقول إنه طفل، من دون أن يستوعبن أن هذه الكلمات أو التصرفات ناتجة من تعرضه إلى التحرش». وتفاعلاً مع هذا المبادرة، رأت مديرية الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة أن تتفاعل معها بشكل إيجابي. وقال مديرها العام عبدالله آل طاوي: «إنه سيتم حفظ حقوق المبلغ عن أية حالة عنف، وقبول إفادته بسرية تامة، من دون التصريح، أو الحديث حوله لأي شخص أو جهة»، موضحاً أن «الشخص المتصل للتبليغ عن أية حالة عنف يتم الحفاظ على هويته والتعامل معه بسرية»، معتبراً أن السرية التامة «للتعامل مع حالات العنف أو الشخص المبلغ من أولى طرق العلاج التي تتبعها وزارة الشؤون الاجتماعية ولجان الحماية».