على رغم الخطوات في طريق التكامل الأمني والعسكري التي سلكتها دول الخليج الست فإنها تبقى دون الطموحات. ويقول ابن صقر: «التكامل قضية مرحلية على طريق التطور، ولكن لا يمكن الوقوف عندها طويلاً، أو الاكتفاء بالتكامل للتعامل مع التطورات التي تحيط بنا»، مردفاً: «إن صيغة التكامل تحتاج تطويراً وإيجاد صيغة أسمى منها وأكثر عملية وإنتاجاً وهي «الوحدة». فصيغة التكامل لها حدودها التي تقف عندها»، مؤكداً أن دول المجلس «قطعت طريقاً طويلاً في تحقيق التكامل الأمني والعسكري، ولا يجب التقليل من قيمة هذا الإنجاز، ولكن هذه المسيرة والإنجازات التي أفرزتها لا تقارن بالتحديات والأخطار المحيطة بهذه الدول، وهي أخطار ذات طبيعة تصاعدية ومتغيّرة من وقت إلى آخر. لذا فإن تبني الاختيار الوحدوي يُعد الخطوة والاختيار الطبيعي بعد نجاح مسيرة التكامل، وهذا ما يصبو إليه مشروع الوحدة الخليجية الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز». ولا يبتعد عبدالخالق كثيراً عن هذا المنطق، فهو يرى أن «لدول الخليج قدرات وإمكانات بشرية لكنها نقطة ضعفها الكبرى، فلا تستطيع هذه الدول مواجهة المخاطر القادمة من الدول المحيطة، بقدراتها السكانية وقواها العسكرية وجيوشها، وخصوصاً تلك القادمة من الشرق والشمال (إيران والعراق). ومهما حاولت هذه الدول منفردة أو مجتمعة، أن تزيد من قدراتها وإمكاناتها فلن تتمكن من مواجهة 35 مليون عراقي أو 80 مليون إيراني، وحتى اليمن اليوم بأكثر من 35 مليوناً. فكل الدول المحيطة بنا ذات كثافة سكانية عالية، وقادرة على بناء قدرات عسكرية قوية، وبالتالي سنبقى دائماً دون الطموح بشكل فردي أو جماعي خليجي». ويعتقد أستاذ العلوم السياسية أن «دول الخليج لم تكن قادرة خلال 33 عاماً على تجاوز حساسية السيادة في الشأن العسكري. وبقي «درع الجزيرة» والتعاون العسكري والتنسيق على الصعيد اللوجستي متدنياً، ولم يتقدم سوى ببطء شديد، وبما لا يتوافق مع الحاجات»، لافتاً إلى أن من أسباب ذلك وجود «الحماية الأميركية التي تتيح لك الضمانة، وتريحك من الدخول في هذه المتاهات»، مضيفاً أن «الإمارات أو البحرين اليوم، أو أية دولة خليجية أخرى، عندها ضمانة كاملة بأن أميركا موجودة بقوة هنا. كما أنها حين تدافع عني لا تطلب مني التنازل عن السيادة، لكن الإمارات إذا أرادت التعاون مع السعودية فربما سيكون هناك قدر من التنازل عن السيادة، ليكون هناك جيش مشترك أو (درع جزيرة) يتولى القيادة». إلا أن عبدالخالق يقول: «اليوم هناك شك في مدى قدرة أميركا على الالتزام بأمن الخليج، كما كانت ملتزمة به خلال ال40 عاماً الماضية، وأميركا لا تشعرك اليوم بالاطمئنان الكامل». لكنه يستدرك بأن «البديل عن أميركا غير موجود اليوم، والدول الأخرى لا تستطيع أن تقوم بما تقوم به واشنطن، ودخلنا إلى مرحلة أصبحت فيها أميركا غير قادرة على إدارة العالم لوحدها، فيما دول العالم مجتمعة غير قادرة على إدارة الشأن العالمي من دون أميركا»، مقراً بأن هذا «ينطبق علينا نحن في دول الخليج، إذ لا نستطيع من دون أميركا حماية أمننا. فيما أوضاعها لا توحي بالاطمئنان الكامل»، ملمحاً إلى أن هذه الأوضاع «ربما كانت من دوافع الدعوة السعودية إلى الانتقال إلى مرحلة الاتحاد الخليجي، التي ربما جاءت من وعي بعيد، يدرك التحولات الأميركية، وتعزيز التعاون العسكري، تمهيداً لانسحاب أميركي ربما لا يكون بعيداً، وربما يكون في غضون خمسة أعوام».