ساهمت التطورات الاقتصادية والمالية في دول الخليج، والتي تُظهر وفورات مالية وإنفاق رأس مالي كبير على القطاعات الاقتصادية، في ترسيخ الواقع الاقتصادي والتنموي المفضل في المنطقة وفي تعزيز ثقة الأفراد في الإنفاق خصوصاً على العقارات من خلال ارتفاع القروض والتمويل السكني. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة»، نقلاً عن صحف ووسائل إعلامية، إلى أن إجمالي القروض الشخصية للخليجيين وصل إلى 857 بليون ريال (228 بليون دولار) نهاية النصف الأول من السنة، ما يُظهر ارتفاع الثقة بالاقتصاد وتحسن مستويات التمويل المصرفي مع تحسن موازنات البنوك ومؤسسات الإقراض. ودعا إلى «طرح مشاريع عقارية وسكنية لمواطني دول الخليج بسبب سهولة حصولهم على التمويل وقروض، وبالتالي توجيه الإقراض نحو السلع المعمرة بدلاً من القروض الاستهلاكية». وأكدت شركة «جونز لانغ لاسال» أن العقارات ما زالت ضمن فئة الأصول الشائعة للمستثمرين في الشرق الأوسط، إذ أكد استطلاع آراء المستثمرين في السوق العقارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذه السنة أن نظراً إلى أن العقارات توفر نسبة أخطار إلى عوائد أكثر جاذبية مقارنة بخيارات الاستثمارات البديلة، فهناك اتجاه ناشئ يتمثل في تخلص المستثمرين الإقليميين من أصولهم غير الرئيسة مع تطلعهم إلى أصول مدرة للدخل توفر عوائد مستقرة على المدى البعيد. وتستمر السوق العقارية في الخضوع إلى سيطرة الأفراد أصحاب الاستثمارات الخاصة والمجموعات العائلية بدلاً من المستثمرين من فئة «المؤسسات» الذين يتحكمون في الأسواق الغربية الأكثر نضجاً. وأظهر تقرير اقتصادي بريطاني أن دول الخليج تتجه نحو تسجيل معدل نمو قوي يقدر ب5.6 في المئة هذه السنة، وعلى رغم أن هذا المعدل يقل عن العام الماضي البالغ 7.4 في المئة، إلا أنه ما زال أعلى من بعض الاقتصادات الآسيوية الصاعدة. وعزا التقرير هذا التفوق إلى استمرار تصاعد أسعار النفط والاستثمار الحكومي الكبير في مشروعات البنية التحتية وفي الإنفاق على الخدمات العامة، بما في ذلك زيادات رواتب العاملين في القطاع العام والتي عززت الإنفاق الاستهلاكي. ولفت تقرير «المزايا» إلى أن «دول الخليج استفادت من ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الماضية مع توقعات باستمرار معدلات الأسعار ضمن المستويات ذاتها»، بينما رجّحت تقارير اقتصادية أن يصل فائض الموازنة السعودية إلى 493 بليون ريال هذه السنة، مع إيرادات إجمالية يتوقع أن تصل إلى 1.239 تريليون ريال، وحجم إنفاق يبلغ 746 بليون ريال، كما يُتوقع أن يصل فائض الموازنة وفائض الميزان التجاري الخارجي إلى مستوى قياسي جديد بفضل المستوى المرتفع القياسي لمتوسط إنتاج النفط الخام اليومي، وفقاً لتقرير «شركة الراجحي» المالية. وتوقع التقرير تراجع فائض الموازنة إلى 220 بليون ريال العام المقبل نتيجة انخفاض الإيرادات، بيد أن هذا الفائض يتوقع أن يرتفع قليلاً إلى 232 بليون ريال عام 2014، بينما سيصل الميزان التجاري إلى 944 بليون ريال هذه السنة، أي 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي قبل أن ينخفض إلى 669 بليوناً العام المقبل، أي 28 في المئة، على أن يستقر عام 2014 عند 678 بليون ريال أو 27 في المئة من الناتج المحلي. وأظهر تقرير «الراجحي» أن «موازنة المملكة ما زالت في وضع قوي إذ بقيت الإيرادات أعلى من المصروفات منذ عام 2003، باستثناء عام 2009، في الوقت الذي تعتمد الموازنة في معظمها على الإيرادات النفطية التي تشكل 90 في المئة تقريباً من الإجمالي. ويُتوقع أن تصل الإيرادات الحكومية ذروتها هذه السنة، قبل أن تتراجع العام المقبل إلى 1.030 تريليون ريال، بينما يتوقع أن يعاود الإنفاق الحكومي الارتفاع عام 2013 بعد انخفاضه هذه السنة، إذ سيبلغ 810 بلايين ريال مقارنة ب746 بليوناً هذه السنة». وكشف تقرير أصدره «البنك الأهلي» أن «الحكومة السعودية وقعت خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة عقوداً إنشائية بأكثر من 166 بليون ريال، مقارنة ب179 بليوناً خلال الفترة ذاتها العام الماضي، كما تراجعت قيمة العقود التي تمت ترسيتها خلال الربع الثالث من السنة إلى 39.2 بليون ريال في مقابل 95.1 بليوناً العام الماضي». وعلى مستوى دول الخليج، بيّن تقرير «المركز العالمي للدراسات التنموية» في لندن أن «أسعار النفط المرتفعة خلال عامي 2011 و2012 أدت إلى تحقيق فوائض مالية في الموازنات العامة لعام 2011 - 2012 بلغت نحو 186 بليون دولار، كما يُتوقع أن ترتفع إلى نحو 322 بليون دولار في السنة المالية 2012 – 2013».
