... أخيراً هطلت الأمطار في عُمان لتخفّف من حدّة القيظ ودرجات الحرارة المرتفعة التي نزلت من الثلاثينات الى العشرينات. هذا الخبر السارّ لم يصدقه العمانيون، وسرعان ما تحوّل مادة دسمة للسخرية، كما تحوّلت قبله البرامج الانتخابية. وفي عصر برنامج المحادثات الخلوية «what's app»، أصبحت الروح الساخرة عنصراً مهماً في حياة العمانيين المعروف عنهم الهدوء وربما «ممارسة فن التطنيش» عما يدور حولهم. إلا أن الروح الخفيفة تسللت إلى العُمانيين وراحوا يحوّلون كل حدث طُرَفاً لا تتوقف عبر «what's app» الذي أضحى متوافراً على هواتف معظمهم في الفترة الأخيرة، خصوصاً النساء، اللواتي استفدن منه في تبادل الحوارات ووصفات الطبخ كبديل للقاءات المباشرة، فالجنس اللطيف يقبل بكثرة على هذا البرنامج لكون التراسل من خلاله مجانياً. فكل ما يحتاجه المرء هو اشتراك شهري بخدمة الجيل الثالث من الإنترنت مقابل بدل لا يتجاوز عشرين دولاراً. وفيما كانت النكات تطاول أحد مرشحي المجلس البلدي الذي وعد بأن يبني مطاراً وخطوط سكك حديد في ولايته القابعة وراء الجبال، جاء تحسن الطقس لمصلحته، إذ تحوّلت عشرات الآلاف من الرسائل عبر «what's app» من السخرية من برامج الانتخابات الى التعبير عن فرحة عارمة بانخفاض درجة الحرارة وتشبيه طقس البلاد بطقس أوروبا، إلى درجة أن إحدى الأمهات أخطأت في اسم ابنها ونادته ديفيد وأخرى حسبته جون! ما جعل من «أزمة» الوعود الانتخابية حدثاً ثانوياً، لا ينافسه إلا ترقب الموظفين والطلبة خبراً مفرحاً بالإعلان عن إجازة، بسبب الأمطار. ومن النكات الأخرى، الطلب من أي عابر للطريق في حال رؤيته العلم العماني على سارية مدرسة أو مؤسسة حكومية، أن لا يظن أنها مبنى للسفارة العُمانية في عاصمة أوروبية، بل عليه أن «يكون واقعياً ويعرف أن أوروبا هي التي انتقلت إلينا»... ويُعدّ سقوط الأمطار حدثاً في عُمان حيث تشحّ المياه، ولجأت معظم الولايات إلى مياه البحر المحلاة لتوفير متطلباتها من شريان الحياة الذي أصبح عملة صعبة في المنطقة. وتنشر معظم الصحف العمانية خبر هطول الأمطار وجريان الأنهار في الأودية صدر صفحاتها الأولى، مع بشرى استمرار «حالة الأجواء غير المستقرة» ونشر مجموعة كبيرة من الصور الملونة في الصفحات الداخلية. ومع كل حالة «مطرية» تتكاثر الرسائل عن عطلة يفرح بها المواطنون، ويلجأ كثيرون إلى اتخاذ الأمطار حجة للتغيب عن العمل، فيما يترقب الطلبة خبراً مفرحاً عن إغلاق المدارس.