سباقٌ حامٍ وتنافسٌ حاد، ينطلق مع الأيام الأولى من شهر ذي الحجة، وأحياناً قبل ذلك بشهر وأكثر، سعياً لكسب «استراحةٍ» مناسبة، يمكن الاجتماع فيها خلال أيام عيد الأضحى المبارك. واقعٌ محليّ تعايشه الكثير من الأسر، فالاستراحات وما شابهها من مواقع تتخذّ من أطراف المدن مكاناً لها، باتت المتنفس الأوحد ومهبطاً مفضلاً يجمع الأقارب والمعارف، للهروب من روتين المنزل، والشعور بشيء من التغيير في فترة العيد التي يُنتظر أن يصاحبها سعادة من نوع خاص، وهو ما يجعل منها في حال انتعاش لا تجده في بقية أيام العام، فالطلب عليها لا يتوقف، والرغبة فيها تزداد قوّة مهما كلّفت من ثمن. ويبدو أن محدودية المواقع الترفيهية في الرياض تدفع الكثيرين إلى صنع ترفيه مستقلّ، تمتزج فيه الخصوصية مع تحقيق رغبات مختلفة، وهذا ما يعزّز اختيار الاستراحات كأماكن للالتقاء العائلي، في حين تصبح الأماكن العامة من حدائق وساحات ومدن ترفيهية هي المحصّلة المتبقية لأسر لم تسنح لها فرصة الحصول على استراحات أو مزارع قابلة للإيجار اليومي. ولا يقتصر الأمر على ما يعتبره البعض «شُحّاً» في الأماكن الترفيهية المتنوعة في الرياض ونقص الفعاليات والأنشطة التي تتلاءم مع مناسبة كالعيد، وإنما يمتدّ ليطاول رغبة البعض في الابتعاد عن طرقات رئيسة لا تحفّز للسير المتكرر فيها خلال هذه الفترة، لكونها تزخر بالازدحام أو بحالات من الإصلاحات. وتنتعش سوق الاستراحات قبيل العيدين تحديداً، إذ تبدأ مرحلة البحث عن الأفضل والأنسب منها من حيث ما يتوافر فيها من مقومات مسلّية كالمسابح والملاعب، أو من حيث أسعارها تمهيداً لحجزها، ولاسيما في ظل ارتفاع إيجارها خلال هذه المواسم، لتزايد الطلب عليها. ويصف عبدالرحمن المطيري الاجتماع في الاستراحات بالسياحة العائلية، إذ إنها تتيح أجواء ممتعة ومريحة لأفراد عائلته. ويقول: «استئجار الاستراحات أصبح عادة تتجدد مع كل عيد، فاستثمار هذه المناسبات في الاجتماع بالأقارب والأصدقاء وقضاء أوقات ممتعة معهم يعدّ من الأمور الضرورية، وغالباً ما يكون المكان الأنسب لذلك هو الاستراحات، لاستيعابها أعداداً كبيرة من الأشخاص، وتميّزها بوجود بعض المسلّيات التي قد لا تكون مهيأة في بعض المنازل». في حين يجد إبراهيم المقرن أن الأماكن العامة غير مناسبة في فترة الأعياد، لكونها متاحة في كل وقت ولا تقدّم الكثير من الفعاليات، ولاسيما في فترة عيد الأضحى. ويضيف: «أحرص منذ وقت باكر على حجز استراحة لأسرتي ثلاثة أيام خلال فترة العيد، أو المسارعة بحجز تذاكر للسفر إلى إحدى الدول المجاورة، إذ إن الأماكن العامة لا تناسب أسرتي كثيراً، لكون معظم ما تقدّمه يستهدف الأطفال، وأنا ليس لديّ أطفال».