تحت رعاية وزير الداخلية.. اللواء القرني يشهد حفل تكريم المتقاعدين من منسوبي"مكافحة المخدرات"    مدينة التمور العالمية في بريدة    لافروف يبحث مع نظيريه التركي والمجري نتائج قمة ألاسكا    المملكة تدعم الجهود السلمية لإنهاء الحرب «الروسية - الأوكرانية»    التحول في التعليم    محمد بن عبدالرحمن يدشن 314 مشروعاً تعليمياً في الرياض    وزارتا الإعلام والتعليم تطلقان برنامج الابتعاث إلى 15 دولةً    مزرعة سعودية تستحوذ على نظيرتها الكندية بالمزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    الاتفاق يتعادل إيجابياً مع الرفاع البحريني ودّياً    الإنسانية في فلسفة الإنسانيين آل لوتاه أنموذجا    ضد أوهام الاحتلال    كيف سقطت ورقة " معاداة السامية "    45% من النمو الاقتصادي للقطاع الخاص    "الفتح"يتغلّب على أوردينو الأندوري برباعية ودية    خلال معسكره الخارجي في إسبانيا .. "نيوم"يتعادل مع روما الإيطالي    الفريق الفتحاوي يختتم معسكر إسبانيا بالفوز في مباراتين وديتين    بايرن ميونيخ يهزم شتوتجارت بثنائية ويتوج بكأس السوبر الألماني    غوارديولا: فوز واحد لا يعني أن سيتي عاد لمستواه    كومان يشارك في تدريبات النصر    الاستدامة تهدد وظائف الاستثمار الاجتماعي    صندوق الاستثمارات العامة.. من إدارة الثروة إلى صناعة القوة الاقتصادية    الذهب يسجل خسائر أسبوعية مع تقلص توقعات خفض أسعار الفائدة    تداول يشهد تراجعا أسبوعيا    مشاهد إيمانية يعيشها المشاركون في رحاب المسجد الحرام    "هجرس".. أصغر صقار خطف الأنظار وعزّز الموروث    الشؤون الدينية تنفذ خطتها التشغيلية لموسم العمرة    خطيب المسجد الحرام: شِدَّةَ الحَر آية يرسلها الله مَوعِظَةً وعِبْرَة    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم مؤتمر: "مسؤوليَّة الجامعات في تعزيز القيم والوعي الفكري" برعاية كريمة من خادم الحرمين الشَّريفين    التعليم تشدد على ضوابط الزي المدرسي    اللاونجات تحت عين الرقيب    «متحف طارق عبدالحكيم» يختتم المخيم الصيفي    دراسة: احتساء القهوة صباحا يزيد الشعور بالسعادة    خفض الكوليسترول خلال 10 أيام    السجائر الإلكترونية مستعمرة بالفطريات    "الشؤون الإسلامية" بجازان تنفذ أكثر من 460 جولة ميدانية لصيانة عدد من الجوامع والمساجد بالمنطقة    بوتين أبلغ ترامب بإمكانية تخفيف بعض المطالب المتعلقة بالأراضي    مشاركو مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يغادرون إلى المدينة المنورة    أميركا: وقف إصدار جميع تأشيرات الزيارة للقادمين من غزة    العدل تطلق خدمات مركز الترجمة الموحد عبر منصة تقاضي    تحدي الذكاء الاصطناعي ″أنا وابني ابنتي نبتكر″ يختتم فعالياته    فريق قوة عطاء التطوعي ينفذ مبادرة "احتواء 1″ بجازان    «التعليم» تنشر ضوابط الزي المدرسي والرياضي للطلاب والطالبات    الرمان المحلّي يغمر أسواق المملكة بإنتاج يتجاوز (37) ألف طن    المعلمون يعودون غدًا استعدادًا للعام الدراسي الجديد 1447ه    تجمع تبوك الصحي يطلق مشروعات تطويرية لطب الأسنان    الفرنسي دوكوري لاعبًا في نيوم    أمير عسير يستقبل سفير بلجيكا    المملكة تعزي وتواسي باكستان في ضحايا الفيضانات والسيول    المملكة تتوّج بالذهب في الأولمبياد الدولي للمواصفات 2025 بكوريا    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم حلقة نقاش بعنوان: (تمكين الابتكار الرقمي في العمل التوعوي للرئاسة العامة)    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    رئيس الوزراء النيوزيلندي: نتنياهو فقد صوابه وضم غزة أمر مروع.. «الاحتلال» يصادق على الهجوم .. وتحرك دبلوماسي للتهدئة    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    موسكو تقلل من أهمية التحركات الأوروبية.. زيلينسكي في برلين لبحث القمة الأمريكية – الروسية    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يجب أن تعتذر الإدارة الأميركية
نشر في الحياة يوم 27 - 09 - 2012

يتوجب على الإدارة الأميركية الحالية توجيه اعتذار إلى جميع الشعوب والدول الإسلامية على ردود أفعالها تجاه أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، إذا أرادت الولايات المتحدة ومعها الغرب أن يقتنع أتباع الرسالة المحمدية الذين استشاطوا غضباً وقاموا، أو سيقومون، بردود أفعال في بعضها شيء من العنف... الاعتذار واجب حضاري وأخلاقي ومطلوب من الإدارة الأميركية لكي تصنع بذلك قدوة ورسالة. علماً بأن رد الفعل الأميركي تجاه أحداث 11 أيلول (سبتمبر) صدرت من الإدارة الرسمية التي من المفترض أن تكون أكثر عقلانية وتعقلاً من الشعوب ذوي العواطف والاتجاهات المختلفة المتسمة بعدم الانضباطية أحياناً.
من ناحية ثانية، قد يصبح الفيلم المسيء لأتباع الرسالة المحمدية بداية «الربيع الإسلامي»، ما يخلق أرضية خصبة لصدام بين الإسلام والغرب، في ظل سيولة سياسية في كثير من دول العالم وتراخٍ كثير من الحكومات الإسلامية في التصدي لذلك التعدي على نبي الله ورسوله، وما يمثله من قداسة لأتباعه الذين يزيد عددهم على 1600 مليون، في وقت فشلت فيه حكومات كثير من الدول الإسلامية في صنع تنمية حقيقية ورفاهية لشعوبها، حتى أصبحت ردود الأفعال العنيفة ذريعة للعامة والدهماء لإحراج حكوماتهم ودولهم.
أحداث 11 سبتمبر، التي تمثلت في الهجوم على مركز التجارة العالمي بنيويورك، أفعال إجرامية وتم استنكارها من جميع الدول والمجتمعات الإسلامية، ومع ذلك قامت أميركا بالانتقام ممن تم اتهامهم وتبنوا العمل الإجرامي، ألقت القوات الأميركية آلاف الأطنان من القنابل على أفغانستان واحتلتها، ومثل ذلك فعلت في العراق، وانطلقت الحرب الدولية على ما سمي «الإرهاب»، بقيادة الولايات المتحدة، وتمت ملاحقة كل من لهم علاقة مع «القاعدة» في جميع أنحاء العالم، واستضافتهم الإدارة الأميركية في قاعدة «غوانتانامو»، لسنوات من دون محاكمات، مخترقة بذلك المواثيق الدولية والقواعد الأخلاقية كافة، كما تم التضييق على الحريات والأموال والتحويلات المالية في جميع أنحاء العالم تحت ما يُسمى تجفيف منابع الإرهاب. كل ذلك والعالم الإسلامي ينظر ويراقب ويتحسر من رد الفعل الغاضب ويرى، من ناحية، إن للإدارة الأميركية بعض العذر في ردود أفعالها الانتقامية، لكن كثيراً رأوا أن رد الفعل أكبر وأكثر من الفعل نفسه، وأن كثيراً من الإجراءات بحجة الإرهاب غير مبررة أو مقنعة، حتى أن كثيراً من المراقبين رأوا في ذلك أجندة سياسية تخفيها الإدارة الأميركية بحجة القضاء على الإرهاب... ولا يزال رد الفعل الأميركي قائماً حتى اليوم بعد مرور أكثر من عقد من الزمان.
الفيلم المسيء للرسول المصطفى محمد «عليه أفضل الصلاة والسلام»، خاتم الأنبياء والرسل، تم إعداده من أفراد ومجموعات متطرفة أرادت أن تستفز به مشاعر المسلمين بالنيل من معتقداتهم ومقدساتهم ورموزها الدينية، ونجزم بأن ما تم استهدافه، والاستهزاء والتشكيك به في الفيلم أكبر وأكثر قداسة وقيمة لدى المسلمين من جميع ما تم استهدافه في 11 سبتمبر وما قبله وما بعده، أيضاً. ولذا فإن اعتذار الإدارة الأميركية الصريح والواضح سيبعث صوت العقل والحكمة والتسامح وقبول الآخر، كما سيجيب عن تساؤلات لطالما سوقها الإعلام الأميركي حول أسباب الكراهية لأميركا.
الاعتذار الأميركي ليس كافياً لوحده بل يجب أن يتبعه ثلاثة أمور: الأول: العمل بقوة على إصدار قانون دولي يحرم ويجرم التعرض للأديان أو الرموز والمقدسات لما في ذلك من انحدار أخلاقي وتعريض للأمن والسلم الدوليين، وكراهية وحروب بين الثقافات في مجتمع القرية الدولي، الثاني: العمل مع الدول الغربية والعالمية والإسلامية الفاعلة لمنع نشر الفيلم في جميع الوسائط التقليدية والحديثة، الثالث: المساعدة في ملاحقة من هم وراء الفيلم والتحقيق معهم، واتخاذ الإجراءات المناسبة والكفيلة بمنع تكرار مثل ذلك العمل.
لا يمكن للولايات المتحدة أو الدول الغربية أن تتحجج أو تتبجح بحرية الرأي، وهم في الوقت ذاته يخنقون الرأي الذي لا يتفق ومصالحهم، وأكبر دليل على ذلك المنع بشكل قاطع لمناقشة «الهلوكوست»، أو التشكيك في تلك القصة التي يراها كثير من البحاثة مختلقة، المحامي الأميركي فرانسز باركر يوكي، على سبيل المثال، تم طرده من منصبه لانتقاداته المستمرة التي ضمنها أول كتاب نشر حول إنكار حدوث «الهولوكوست» تحت اسم «الحكم المطلق» Imperium في عام 1962. بعد كتاب «يوكي» قام «هاري أيلمر بارنيس»، وهو أحد المؤرخين المشهورين، كان أكاديمياً مشهوراً في جامعة كولومبيا في نيويورك، باتباع نهج يوكي في التشكيك ب«الهولوكوست»، وتلاه المؤرخان جيمس مارتن James J. Martin وويلس كارتو Willis Carto وكلاهما من الولايات المتحدة، وفي 26 أذار (مارس) 2003 صدرت مذكرة اعتقال بحق «كارتو» من السلطات القضائية في سويسرا. في الستينات، أيضاً، وفي فرنسا قام المؤرخ الفرنسي بول راسنير Paul Rassinier بنشر كتابه «دراما اليهود الأوروبيين» The Drama of the European Jews، وما زاد الأمر إثارة وصدقية أن راسنير نفسه كان مسجوناً في المعتقلات الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية، ولكنه أنكر عمليات «الهولوكوست». في السبعينات نشر «آرثر بوتز»، أحد أساتذة الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة نورث ويسترن الأميركية في ولاية إلينوي، كتاباً باسم «أكذوبة القرن العشرين» The Hoax of the Twentieth Century وفيه أنكر «الهولوكوست» وقال إن مزاعم «الهولوكوست» كان الغرض منها إنشاء دولة إسرائيل، وفي عام 1976 نشر المؤرخ البريطاني «ديفيد إيرفينغ»، الذي حكمت عليه محكمة نمساوية في 20 شباط (فبراير) 2006 بالسجن مدة ثلاث سنوات بسبب إنكاره ل«الهولوكوست» في كتابه «Hitler's War» حرب هتلر. وفي 1974 قام الصحافي الكندي من أصل بريطاني ريتشارد فيرال Richard Verrall بنشر كتابه «أحقاً مات ستة ملايين؟» Did Six Million Really Die وتم استبعاده من كندا بقرار من المحكمة الكندية العليا عام 1992. في التسعينات ظهر كتاب آخر أشد دقة من ناحية المصادر والتحليل المنطقي والتسلسل الزمني في إنكار «الهولوكست»، «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية» للفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي، الذي يتحدث فيه عن مجموعة من الأساطير بُنيت عليها السياسة الإسرائيلية من بينها أسطورة «الهولوكست»، فيعرض الكاتب مجموعة من الحقائق العلمية والتاريخية، ويتحدت الكتاب عن الدور الفعال للوبي اليهودي في الولايات المتحدة للترويج لما يسمى «الهلوكوست»، والجميع يعرف ما تعرض له «غارودي»... فأين حرية الرأي والتعبير التي تتحدث عنها أميركا والغرب؟
من جانب آخر، نشرت «الحياة»، بتاريخ 12 نيسان (أبريل) 2003 قصيدة «الشهداء» للدكتور غازي القصيبي، يرحمه الله، عندما كان سفيراً في بريطانيا، فقامت الدنيا بتحريك من اللوبي اليهودي وتفاعلت الخارجية البريطانية بشكل مخل وسخيف، لا لشيء إلا لأن القصيبي وهو شاعر عبّر عن رأيه! فهل حرية الرأي مقبولة إذا كانت من غربي، أو مسيحي أو يهودي متطرف، ومنا فلا؟ على الإدارة الأميركية أن تعي أن الشعوب تطورت وتغيرت ونضجت، وأن العلاقة في المجتمع الدولي لم تعد كسابق عهدها، ولذا وجب على الإدارة الأميركية أن تعتذر للعالم الإسلامي، إما عن الفعل في الفيلم، أو رد الفعل في 11 سبتمبر، لكي تمنع، أولاً: ولادة التطرف والتطرف المضاد؛ ولا تكون، ثانياً: ملاذاً آمناً للمتطرفين باسم الحريات؛ وثالثاً: لكي تتجنب كراهية العالم لها لازدواجية معاييرها، وأشياء أخرى... يقول القصيبي:
أيها القومُ! نحنُ مُتنا... فهيّا/ نستمعْ ما يقول فينا الرِثاءُ. قد عجزنا... حتى شكا العجزُ منّا/ وبكينا... حتى ازدرانا البكاءُ. وركعنا... حتى اشمأزَ ركوعٌ/ ورجونا... حتى استغاثَ الرجاءُ. وشكونا إلى طواغيتِ بيتٍ/ أبيضٍ... ملءُ قلبهِ الظَّلْماءُ.
فهل يستجيب البيت الأبيض؟!
* باحث سعودي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.