تضم منظمة المؤتمر الإسلامي - وهي ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأممالمتحدة - في كنفها 57 دولة إسلامية من مختلف قارات العالم، بعد أن كان عدد الأعضاء فيها عند تأسيسها 25 دولة، ارتفع خلال 40 عاماً إلى 57 دولة في العالم. وعقدت المنظمة حتى الآن نحو 16 مؤتمراً إسلامياً على مدى ال42 عاماً، كان منها 3 مؤتمرات طارئة، وكان نصيب مكة منها مؤتمران، أحدهما اعتيادي مناصفة بينها وبين الطائف في عام 1981، والآخر استثنائي في عام 2005. وفكرة تجمع المسلمين جاءت في مبادرة تاريخية من الملك عبدالعزيز في عام 1926، الذي قدم أول فكرة لاجتماع المسلمين بهدف توحيد صفوفهم، لتكون هذه المبادرة هي نقطة الانطلاق لفكرة التعاون الإسلامي، واستشهد في كلمته الافتتاحية لجمع المسلمين آنذاك بآلاية الكريمة (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، لتكن بمثابة إشارة الانطلاق للعمل الإسلامي الموحد. ولم تقف جهود الدول الإسلامية بعد مبادرة المؤسس مكتوفة اليدين، بل تجلت للعيان في انعقاد المؤتمر الأول للقمة الإسلامية في الرباط عام 1969، بدعوة من الملك الحسن الثاني ملك المغرب، وبالتنسيق مع الملك فيصل إثر حريق المسجد الأقصى على يد بعض العناصر الصهيونية، إذ أعلنت الدول المشاركة ال25 آنذاك تمسك المسلمين القوي بمدينة القدس وعزمهم الأكيد على تحريرها، كما حملوا الأممالمتحدة والدول الكبرى في الأسرة الدولية المسؤولية الخاصة في الحفاظ على السلام الدولي، ومطالبتهم ببذل المزيد من الجهود لتحقيق الانسحاب السريع للقوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة، ومساندتهم للشعب الفلسطيني لاسترجاع حقوقه المغتصبة. وفي عام 1974 وبمدينة لاهور الباكستانية، انعقد مؤتمر القمة الإسلامي الثاني بحضور 38 دولة من دول العالم الإسلامي، تمخض عن سبعة قرارات اهتمت بالشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، ويؤكد بيان هذا المؤتمر في قراره الثاني على تمسك المسلمين القوي بالقدس، كونها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ويعد استمرار احتلال القدس من الإسرائيليين ومحاولات تهويدها تحدياً لقرارات مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة، وقرارات أخرى بشأن تنمية العلاقات التنموية والاقتصادية الدولية، وقرار يقضي بإنشاء صندوق التضامن الإسلامي للوفاء بمتطلبات الوحدة الإسلامية وقضاياها، وللنهوض بالثقافة والقيم والجامعات الإسلامية. وفي عام 1981 احتضنت مكةالمكرمةوالطائف لأول مرة مؤتمر القمة الإسلامي بعنوان (دورة فلسطينوالقدس)، التي عقدت في رحاب المسجد الحرام في يومه الأول، وانتقل بعد ذلك إلى قصر المؤتمرات في مدينة الطائف، الذي جاء فيه بلاغ مكةالمكرمة، إضافة إلى 13 قراراً سياسياً اهتم بالقضية الفلسطينية، وإعلان الجهاد المقدس لإنقاذ القدس الشريف ونصرة الشعب الفلسطيني، واهتم أيضاً بإنشاء التضامن الإسلامي الذي يدعو إلى اتباع سياسة التعاون بين الدول الأعضاء، والالتزام الكامل بعدم التدخل المباشر وغير المباشر في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، وممارسة الجهد لإزالة الخلافات الفكرية والمذهبية، وتدعيم مجالات التعاون في الاقتصاد والتجارة والتقنية لمصلحة التضامن الإسلامي، ويدعو الأعضاء إلى الامتناع عن الاشتراك في الأحلاف العسكرية الموجودة، ورفض إقامة قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها، كما أصدرت القمة أيضاً قرارات عن الأوضاع في أفغانستان، والنزاع العراقي الإيراني، ومشكلات الساحل، ومشكلة جزيرة مايوت القمرية، وإريتريا، والوضع في لبنان، وإنشاء محكمة عدل إسلامية، ودعم الشعب المضطهد في القرن الأفريقي، وإنشاء لجان برئاسة رؤساء الدول للتعاون العلمي والتكنولوجي، وللتعاون الاقتصادي والتجاري وللإعلام والشؤون الثقافية، وثمانية قرارات ثقافية أبرزها: إنشاء مجمع الفقه الإسلامي، ودعم موازنة صندوق التضامن الإسلامي، وإنشاء الوكالة الإسلامية للغوث، إضافة إلى ستة قرارات اقتصادية تقضي بإنشاء خطة عمل للتعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء.