أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام البريطاني بجدة    وزير الخارجية: مؤتمر تنفيذ حل الدولتين يأتي استنادًا لموقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية    معالي نائب وزير الرياضة يتوّج الفلبيني "كارلو بيادو" بلقب بطولة العالم للبلياردو 2025    المرور يوضح الحالات التي تستوجب تخفيف السرعة أو إيقاف المركبة حفاظًا على السلامة    (إثراء) يختتم مهرجان الصغار بحضور 100 ألف زائر    خلو السعودية رسميا من مرض أنيميا الخيل المعدي    "التجارة" تٌشهر بمواطن ومقيم ارتكبا جريمة التستر في مستلزمات المطاعم    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تحتفي بولادة أول وعلين نوبيين    مختص: استشارة الزوج لزوجته وعي عاطفي لا ضعف في القيادة    هيئة كبار العلماء تعقد اجتماعها الدوري ال(97)    بدء تطبيق قرار رفع نسب التوطين لمهن الصيدلة وطب الاسنان والمهن الفنية الهندسية    مشروع جديد لشبكات المياه يخدم 10 أحياء في الخرج بتكلفة تتجاوز 13 مليون ريال    زين السعودية تحقق نموا في أرباحها بنسبة 28%    إنفاذًا لتوجيهات القيادة.. بدء فصل التوأم السوري "سيلين وإيلين"    أمطار رعدية ورياح نشطة تضرب مناطق جنوب وغرب المملكة اليوم    أمانة جدة تشعر المباني الآيل للسقوط في حي الرويس    سميرة آل علي أول امرأة برتبة عميد في تاريخ شرطة دبي    استشهاد 12 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي شقة وخيمة في قطاع غزة    فريق AG.AL بطلا لمنافسات Honor of Kings في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    قصر كوير    التوسع في صناعة السجاد اليدوي بين الأسر    المكونات الأساسية للحياة على الأرض    ثعبان بربادوس الخيطي يظهر بعد عقدين    أنغام تطمئن جمهورها بعد الشائعة    صواريخ جزيئية تهاجم الخلايا السرطانية    18 ألف حياة تنقذ سنويا.. إنجاز طبي سعودي يجسد التقدم والإنسانية    اقتران هلال صفر 1447 بنجم "قلب الأسد" يزيّن سماء الحدود الشمالية    "سدايا" تدعم الدور المحوري للمملكة    الرئيسان السوري والفرنسي يبحثان مستجدات الأوضاع في سوريا    صفقة من العيار الثقيل تدعم هجوم أرسنال    عبد المطلوب البدراني يكتب..عودة الأنصار مع شركة عودة البلادي وأبناءه (أبا سكو)    القيادة تعزي رئيس روسيا الاتحادية في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب بمقاطعة آمور    47 اتفاقية بقيمة 24 مليار ريال.. السعودية.. دعم راسخ للتنمية المستدامة والازدهار في سوريا    نور تضيء منزل الإعلامي نبيل الخالد    الفيفي إلى عش الزوجية    تدشين مبادرة "السبت البنفسجي" لذوي الإعاقة    العنوان الوطني شرط لتسليم الشحنات البريدية    ولادة "مها عربي" في محمية عروق بني معارض    الأهلي يخسر ودية سيلتيك بركلات الترجيح    الاحتراف العالمي الجديد    أليسا وجسار يضيئان موسم جدة بالطرب    وفاة الفنان زياد الرحباني.. نجل فيروز    أحمد الفيشاوي.. "سفاح التجمع"    بلازا يعلن قائمة "أخضر الصالات" المشاركة في بطولة القارات    "أنتوني" يرحب بالاحتراف في الدوري السعودي    أغلقته أمام عمليات تفتيش المنشآت.. إيران تفتح باب الحوار التقني مع «الطاقة الذرية»    واشنطن تحذر من المماطلة.. وجوزيف عون: لا رجوع عن حصر سلاح حزب الله    وسط تحذيرات من المخاطر.. 1.3 مليون سوداني عادوا من النزوح    خطيب المسجد الحرام: التشاؤم والطيرة يوقعان البلاء وسوء الظن    6300 ساعة تختم أعمال الموهوبين بجامعة الإمام عبدالرحمن    عسكرة الكافيين في أميركا    بتقنية الروبوت الجراحي HugoTM️ RAS .. مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يجري عمليتين ناجحتين    أمير الشرقية يعزي أسرة الثنيان    رئيس أركان القوات البحرية يلتقي عددًا من المسؤولين الباكستانيين    نائب وزير الرياضة يشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمته لمدة أربع سنوات    المدينة المنورة تحيي معالم السيرة النبوية بمشروعات تطويرية شاملة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهرجان أرامكو «أعجوبة» ثقافية تشعل فتيل العبقرية
نشر في الحياة يوم 25 - 06 - 2012

حينما تفكر في زيارة مهرجان أرامكو السعودية الثقافي، اِذهبْ إليه مصطحباً تفكيرك، وأصابعك العشر، وجميع أحلامك التي لم تتوقع يوماً أن تحقيقها ممكن، ذلك أن المهرجانات الصيفية تُقام في الكثير من بقاع العالم، لكن مهرجانات أرامكو السعودية، تمتاز بنكهة خاصة، وبطابع لا يشبه إلا نفسه، إذ إنها لا تتطلع إلى ترفيه أفراد المجتمع المحلي والمقيمين في المملكة وحسب، بل تريد أن توجه رسالة للجميع، تقول فيها: «يمكننا أن نصبح شيئاً آخر»، عبر إعداد هوياتنا وشخصياتنا مبكراً. لذا هي تعمل بشكل مضنٍ وتبذل جهوداً جبارة، لا يمكن أحداً أن يصدق ما تقوم به هذه الشركة النفطية العملاقة، محاولةً إثراء أبناء هذا الوطن وبناته، من خلال قنوات تعليمية وثقافية مختلفة ومميزة.
وحينما انطلق مهرجان أرامكو السعودية الثقافي يوم الخميس الماضي، في مدينة الظهران شرق السعودية، إذ دشّن حفلة الافتتاح رئيس الشركة وكبير إدارييها التنفيذيين، خالد بن عبدالعزيز الفالح، توافد ما يقرب من 10 آلاف زائر في يومه الأول، إذ احتوى المهرجان على فعاليات متنوعة كأولمبياد الروبوت، وساحة الخيال، والقرية التراثية، وحديقة السلامة المرورية، والعروض الإبداعية، وهي مساحة تمتزج فيها العلوم والفنون والتكنولوجيا، إضافة إلى ستوديو البارعين، كما تمت استضافة أكاديمية فالنسيا لكرة القدم من ضاحية باتيرنا في إسبانيا، لأول مرة في السعودية، ومعرض السعودية 2050، ومعرض ألف اختراع واختراع، وiSpark (أتألق).
الفرصة الحقيقية للتأهيل
وفي زيارتي إلى خيمة «أتألق» الرحبة، وجدتها قُسمت قسمين منفصلين، واحداً للأولاد، والآخر للبنات، وكانت قد بدأت الورش العملية للiSpark (أتألق) قبل انطلاقة المهرجان. وقد لفتني ما يدور داخل الخيمتين من عمل دؤوب لا ينقطع، إذ تكدست الأجساد الشابة الصغيرة، وهي تقوم على أداء مهمات عملها من دون أيّ خطأ، ربما هذا مستغرب وغير قابل للتصديق، لكن هذا ما يحدث فعلاً. فقد دُرّب الجميع على الأعمال التي يقومون بها، فأتت غاية في الاتقان، وفي منتهى الدراية، الأمر الذي جعلها موضع إعجاب وتقدير. يقول المشرف العام على برنامج «أتألق» في أرامكو السعودية، المهندس عبدالله آل عياف، إن الجميع هنا في خيمة «أتألق»، يعرف جيداً دوره والمسؤولية الملقاة على عاتقه. ويضيف: «إننا نعمد إلى إعطاء الشباب من مدربين ومتعاونين معنا ومتطوعين، فرصتهم في التدرّب تدريباً يؤهلهم للقيادة بصورة صحيحة، وثقتنا كبيرة بما يقومون به، وهذا ما يقلل نسبة الأخطاء على نحو يجعلنا فخورين بهم». ويختتم: «باختصار، إننا نعمل لكي ينجح البرنامج ويُسعد الجميع».
خريطة الطريق و11 فصلاً
هذا ما لاحظته في خيمة «أتألق»، فكل هذه الأجيال الجديدة جاءت لتتعلم جيداً كيف يمكنها أن تعمل من أجل أن ترفع شأن هذا الوطن العريق، وتضعه في مقدم العالم التقني. فهنا قسم الاستعلامات الذي يطالعك منذ أن تطأ قدمك الخيمة البيضاء، فتيان في عمر الزهور، يرتدون القمصان الأنيقة، ويستقبلونك بابتسامة مرحبّة ودودة. إذاً، لن تفقد عقلك، ولكن إذا ضاعت خريطة الطريق منك، فستجد حتماً من يرشدك وسيكون سعيداً وهو يقدم لك هذه الخدمة.
الفصول ال11 وزعت بتناسق كبير، تحت إشراف أحد أمهر المدربين في العالم، وهي يوريكا، وتتضمن صف الضوء: رسالة النجوم، وكشف شفرة الحياة. أما الحكايات فهي عن الإعلام الجديد وحكايا الفيديو وصف الأفلام الوثائقية، في حين أن الأستوديو يحوي تصميم ألعاب الفيديو، والتصوير الإبداعي، وصف الرسوم المتحركة. وأخيراً العبقرية، وفيها صفُ طاقة للعالم وصفُ الجسور وصفُ المدينة المثالية.
السر إلى عوالم الحياة المستقبلية
عدد كبير من الطلاب الذين التحقوا بهذه الورش التعليمية، سيكون من السهل عليك أن تتنبأ بمستقبلهم، فهذا طيار وذاك طبيب، ذلك مهندس وذاك ذو النظارة فسيكون له شأن مرموق في دنيا الاختراع، عقول ناضجة تبحث عن اكتشاف ذاتها، بحسب قول المشرف على وحدة المعرفة والأبحاث بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي الدكتور خالد اليحيا، الذي شدد على أهمية هذا البرنامج التعليمي: « نريد من الشباب أن يكتشفوا ذواتهم من الآن، نعطيهم شفرة السر إلى الحياة المستقبلية، وعبر الفصول ال11 سيتمكنون سريعاً من فهم أنفسهم، نساعدهم كي ينتقلوا إلى عوالمهم من دون خوف، ومن دون أن ينتظروا من يقرر عنهم».
في الصفوف المختلفة، الطلاب والطالبات يبحثون عن أنفسهم، المدربين الذين يشرفون على التعليم يترقبون منهم المزيد من التفاعل، والمزيد من التألق. يؤكد فيصل عبدالرحمن المنتقل إلى الصف الثاني متوسط، أنه زاد تألقاً بعد أسبوع واحد من التحاقه بالبرنامج، وكنتُ قد صادفته في صف المدينة المثالية برفقة صديقه سلمان، يتكلم بثقة كبيرة عن نفسه، فأخبرني أنه التحق بصف طاقة للعالم، بعدما لم يجد كرسياً شاغراً في المدينة المثالية، لكنه لم يتوقع أن يسعد في صفه. قال: «كانت لي تجارب مختلفة عبر الطاقة الشمسية والمغناطيسية، أنني سعيد بما قمت به، بل سعيد جداً».
وبما أن الطلاب بعدما ينتهون من الأسبوع الأول يحق لهم أن يختاروا أسبوعاً آخر في صف آخر. سيلتحق فيصل بصف المدينة المثالية، في الأسبوع الثاني، ليتعلم طرائق صنع روبوت.
بدلة لكي يطير بها الإنسان
أما سلمان ماهر السند، فبدا متحمّساً وفرحاً، وعزا التحاقه بصف المدينة المثالية إلى شغفه بالاختراعات منذ طفولته. سألته: «كيف ذلك يا سلمان؟». فأجاب: «كانت عائلتي تجلب لي الألعاب فأفككها كي أكتشفها، وحينما أعجز عن إعادتها إلى ما كانت عليه، أتركها وأطلب لعبة أكثر صعوبة وتعقيداً». والدته هي التي لاحظت مدى تعلق ابنها بعالم الاختراعات، فسعت إلى تسجيله في برنامج يدعم المواهب الصغيرة.
ومن باب توسيع أفاقه، يحرص سلمان على مشاهدة قناة «ناشينوال غرافيك» التي تبث من أبوظبي. والسبب؟ يجيب: «شاهدت عبرها برامج أثارت مخيلتي، وأنا أفكر اليوم في اختراع بدلة تتيح لمن يرتديها الطيران عبر محركات صاروخية تمتلك قوة دفع معاكسة لقوة الجاذبية». وأفاض في الكلام، وعندما وجدني غير مدركة ما يجول في رأسه، تركته قائلة له: «كل ما سأفكر فيه يا سلمان هو أن أراك عالماً كبيراً يوماً ما».
كولومبيا فخورة بطلاب صف الرسوم المتحركة
الصفوف المتنوعة تجعلك في ورطة مع نفسك، فالمصور الموهوب محمد الحواس وهو عيني الثالثة، أخبرني أن عليّ أن أنعش ذائقتي الفنية بزيارة صف «الأنميشن»، أي الرسوم المتحركة. ذهبنا سريعاً إلى الصف، ووجدنا الفنان «ونكميلوآنسوليس» الذي حصل على شهادة البكالوريوس من أهم جامعات لوس آنجليس، وحقق نجاحات كبيرة في مجالي الإعلان والأفلام القصيرة التي أنتجها. يعترف آنسوليس أنه أحب الشعب السعودي جداً، وهذه هي المرة الثانية التي يزور فيها المملكة، ويقول: «سعيد هنا، في هذا البلد الجميل، وسعادتي أكبر حينما أكون برفقة الطلاب الذي لمست لديهم رغبة كبيرة في التعلم. إنهم شغوفون بمعرفة كل صغيرة وكبيرة ويرغبون في اكتشاف أنفسهم». والتقيت في هذا الصف الطالب مصطفى الزاير الذي يبلغ من العمر 12 عاماً. وهو موهوب في الرسم، وساعدته والدته على تحدي نفسه، أما والده فقد كان يدفعه لأن ينخرط في أي ورشة عمل يمكنها أن تصقل موهبته. طموح الزاير الذي يدرس في مدارس الظهران الأهلية كما يقول: «التخصص في الرسوم المتحركة، وإنتاج شخصية مميزة تصبح شهيرة لاحقاً، وتكون من بنات خيالي».
هذه بعض حكايات الفتيان، الذين ينهلون المعرفة ويغوصون في أعماق أنفسهم بغية رفع مستوى مواهبهم إلى مرتبة متقدمة، على أمل أن يغدوا في الآتي من الأيام، أسماء لامعة في شتى مجالات العطاء المبدع.
سارة مطر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.