رياح مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من الشرقية والرياض    الديوان الملكي: تقرر أن يجري خادم الحرمين فحوصات طبية في العيادات الملكية في قصر السلام بجدة    بيريرا: التعاون فريق منظم ويملك لاعبين لديهم جودة    وادي "الفطيحة" أجواء الطبيعة الخلابة بجازان    موسيماني: ما زالت لدينا فرصة للبقاء في "روشن"    الأوكراني أوزيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع في الرياض    ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    شهداء ومصابون في قصف لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    رفضت بيع كليتها لشراء زوجها دراجة.. فطلقها !    خبير سيبراني: تفعيل الدفاع الإلكتروني المتقدم يقي من مخاطر الهجوم    «هيئة العقار»: 18 تشريعاً لمستقبل العقار وتحقيق مستهدفات الرؤية    صقور السلة الزرقاء يتوجون بالذهب    السفارة السعودية في تشيلي تنظم حلقات نقاش بعنوان "تمكين المرأة السعودية في ظل رؤية المملكة 2030"    مقتل 3 فلسطينيين على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على رفح    لقب الدوري الإنجليزي بين أفضلية السيتي وحلم أرسنال    خادم الحرمين يأمر بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    تنظيم جديد لتخصيص الطاقة للمستهلكين    زيارات الخير    محتالة تحصل على إعانات بآلاف الدولارات    طبخ ومسرح    مواقف مشرّفة    سمو ولي العهد يستقبل الأمراء والمواطنين    «تيك توك» تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    330 شاحنة إغاثية إلى اليمن وبيوت متنقلة للاجئين السوريين    اشتباك بالأيدي يُفشل انتخاب رئيس البرلمان العراقي    البرق يضيء سماء الباحة ويرسم لوحات بديعة    الماء (2)    جدول الضرب    «التعليم»: حسم 15 درجة من «المتحرشين» و«المبتزين» وإحالتهم للجهات الأمنية    قرى «حجن» تعيش العزلة وتعاني ضعف الخدمات    المقبل رفع الشكر للقيادة.. المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو"    27 جائزة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة في آيسف    انطلاق المؤتمر الأول للتميز في التمريض الثلاثاء    «باب القصر»    اطلع على مشاريع التطوير لراحة الحجاج.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يتفقد المشاعر المقدسة    عبر التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي.. نقل إجراءات مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    للسنة الثانية.. "مبادرة طريق مكة" في مطار إسطنبول الدولي تواصل تقديم الخدمات بتقنيات حديثة    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    مختصون ينصحون الحجاج.. الكمامة حماية من الأمراض وحفاظ على الصحة    وزير التعليم: تفوّق طلابنا في «آيسف 2024» يؤسس لمرحلة مستقبلية عنوانها التميّز    كيان عدواني غاصب .. فرضه الاستعمار !    الهلال يحبط النصر..    الخبز على طاولة باخ وجياني    أهمية إنشاء الهيئة السعودية للمياه !    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    كيلا يبقى تركي السديري مجرد ذكرى    الرئاسة العامة تستكمل جاهزيتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام ١٤٤٥ه    المملكة رئيسا للمجلس التنفيذي للألكسو حتى 2026    التخصصي: الدراسات السريرية وفرت نحو 62 مليون ريال    "إرشاد الحافلات" يعلن جاهزية الخطط التشغيلية لموسم الحج    توطين تقنية الجينوم السعودي ب 140 باحثا    البحث العلمي والإبتكار بالملتقى العلمي السنوي بجامعة عبدالرحمن بن فيصل    قائد فذٌ و وطن عظيم    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    بتوجيه الملك.. ولي العهد يزور «الشرقية».. قوة وتلاحم وحرص على التطوير والتنمية    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شباب ألمانيا بين اليمين العنصري والإسلام المتطرف
نشر في الحياة يوم 30 - 04 - 2012

قضيّتان أساسيّتان تشغلان ألمانيا منذ أسبوعين، إحداهما قصيدةٌ للشاعر المعروف غونتر غراس تضمّنت نقداً صريحاً لإسرائيل والأخرى تتعلق بعزم مجموعات سلفيّة توزيع 25 مليون نسخة مجانية من القرآن في ألمانيا. ولعل ما ميّز الحدَثين وجمع بينهما هو الاستنفار الهائل في مواجهتهما وإدانتهما من قِبل كثيرين ما يدفع المرء في المستقبل إلى التفكير ملياً قبل أن يكتب قصيدة أو يقوم بحملة تبشيرية في بلد يتغنى بديموقراطيّته كألمانيا.
وليس في الحدَثين بحد ذاتهما ما يستلزم إثارة كل هذه الضجة لو أنهما وقعا في بلدٍ غير ألمانيا، إلا أنّ بروز عنوانين شائكين من خلفهما سلّط عليهما الأضواء أكثر: معاداة السّامية والإسلاموفوبيا. ذلك أن ليس من السهلِ على ألمانيا التي يقطنها أكثر من 8 ملايين مسلم والملطخ تاريخها غير البعيد بمعاداة السّامية، أن تتعامل مع هذين الحدثين كما قد يتاح لأي دولة أخرى أن تتعامل.
ووجد جيل الشباب نفسه مَعنياً بصورة خاصّة بهاتين المسألتين، تحديداً بعدما أعرب منتقدو غراس ومعارضو مشروع السلفيين عن خشيتهم من جرّ الشباب إلى التطرّف اليميني أو الديني. فبحسب هؤلاء تجد العنصرية قبولاً لها في سنّ المراهقة كما أنّ الدعوات الدينيّة والتبشيرية تستهدف بالدرجة الأولى كما هو معلوم، شباباً في مقتبل العمر ممن تشغلُ عقولهم أسئلة الوجود الكبرى.
وقصيدة غراس أثارت عاصفةً من ردود الفعل العنيفة ليس انتقاداً لمستواها الأدبي بل اعتراضاً على مضمونها «المعادي للساميّة» وفق منتقديها، الأمر الذي تنبأ به غراس في قصيدته نفسها تحت عنوان «ما يجب أن يقال».
والواقع أنّ «معاداة السّامية» في ألمانيا أضحت مصطلحاً فضفاضاً يمكن إلباسه لكل من ينتقد سياسات إسرائيل اليومية من دون التّعرض لهويّتها الدينيّة أو العنصرية، في ما يشبه المحاكمة المسبقة لنيات المنتقِد، إذ لم تشفع جائزة نوبل لدى مدّعي محاربة العنصرية ولم يسلم حاملها من ديماغوجية مستترة بمحاربة التطرّف واللاسامية لتنهال عليه انتقاداتٌ لاذعة من كلّ حدب وصوب تناولت شخصه و فكره... و «ماضيه النازي»!
ولم تقتصر تداعيات القصيدة على المستوى الثقافي فحسب، بل أخذت بعداً سياسيّاً بإعلان الحزب الاشتراكي الديموقراطي في ألمانيا تبرؤه من الشاعر – المنتمي للحزب - وما يصدر منه، بعدما كانت وزارة الداخلية الإسرائيلية اتخذت قراراً يمنع غراس من دخول إسرائيل. واللافت أن غراس الذي شبّه الحملة عليه بتلك التي كانت تشنّها استخبارات ألمانيا الشرقية على الأقلام الحرة قبيل سقوط جدار برلين، لاقى تعاطفاً كبيراً لدى الشباب الألمان الذين سئموا إشهار فزّاعة النازية في وجوههم عند توجيههم نقداً مجرّداً وبسيطاً لا يحتمل أيّة تأويلات عنصريّة.
وعلى عكس مسألة انتقاد السيّاسات الإسرائيليّة التي تتجنّبها وسائل الإعلام على قدر استطاعتها، يحتلّ الحديث عن التطرّف الإسلامي بصفته «خطراً داهماً على المجتمعات الأوروبية»، مساحةً واسعة جداً في السجالات اليومية في ألمانيا. ويجري أحياناً تضخيم الظاهرة السلفيّة وتعميمها على بقية المسلمين القاطنين في الغرب لدرجة أصبح كل مواطن مسلم مشكوكاً بأمره إلى أن يثبت العكس. وبلغت الإسلاموفوبيا في ألمانيا ذروتها خلال الأسبوع الماضي باحتجاج كثيرين من السياسيّين والشخصيات المعروفة على السماح لسلفيين بتوزيع نسخ من القرآن مجاناً في مدن عدّة ألمانية. وبرر وزير الداخلية الألماني بيتر فريدريش تخوّفه من هذا المشروع بقوله: «الموضوع يثير قلقنا لأن السلفيّين يحاولون في شكل خاص جذب الشباب عبر البرباغندا التي يستعملونها لتحقيق مآربهم الخاصّة»، إذ يبحث السلفيون وفق رأيه، عن أبناء المهاجرين لتجنيدهم في عمليّات إرهابية. أما رئيس أكبر الكتل البرلمانية في البوندستاغ (البرلمان) فولكر كاودر فذهب أبعد من ذلك وقال: «الإسلام ليس جزءاً من عاداتنا وهويتنا الألمانية وهو بذلك لا ينتمي إلى ألمانيا».
وعلى رغم بدائيّة الفكرة التبشيريّة وسذاجتها في القرن الحادي والعشرين، لا يمكن إنكار حق أصحاب هذا المشروع بالدعوة إلى معتقداتهم ما داموا يحترمون القوانين الألمانية ولا يتعدّونها. ففي نهاية المطاف، هم يوزعون مصاحف كما قد يوزع أي شباب متطرف منشوراته. لا بل يتخوف كثيرون من أن يؤدي التضييق عليهم إلى تضخيم دورهم وحجم تمثيلهم الحقيقي ويظهرهم كأبطال مدافعين عن حرية للرأي لم تندرج يوماً في أولويّاتهم. وغالباً ما يتمّ توظيف تهمتي معاداة السامية والتطرّف الإسلامي لمصادرة حرية التعبير في قضايا لا تندرح بالضرورة تحت هذين العنوانين. ويتذرّع أصحاب هذه التوظيفات بخوفهم من «خطف الشباب إلى صفوف اليمين العنصري أو الإسلام المتطرّف».
وبينما اتخذ بعض الشباب الألمان موقفاً محايداً يتّسم بشيء من اللامبالاة ، قرر بعضهم الآخر تسجيل موقفه بمعارضة هذا المشروع وذلك بالتظاهر في مواجهته. إحدى المتظاهرين ريناته (25 عاماً) تقول: «الإسلام السياسي أيديولوجية لا تعترف بالآخر وحقوقه، أملك خوفاً حقيقياً من أن يستطيع هؤلاء السلفيون من الانتشار في الأوساط الشبابية، لذلك أتظاهر هنا». في المقابل، امتنع شباب سلفيون من المشرفين على توزيع النسخ القرآنية عن الإدلاء بأية تصريحات.
ويلاحظ تسابق الكثير من السياسيين – من اليمين واليسار على حد سواء - إلى ركوب موجة الإسلاموفوبيا في الغرب خصوصاً في السباقات الانتخابية كما يحصل حالياً في فرنسا. ويمكن تشبيه المهاجرين الأجانب في المواسم الانتخابية بكبش فداء على مذبح الاقتراع أو «مكسر عصا» في أحسن الأحوال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.