خلافاً للعطل السنوية السابقة حيث كان العديد من الجامعيين والجامعيات العرب في كندا يقومون بأعمال صيفية يكتسبون خلالها الكثير من الخبرات والتجارب التي تعزز مؤهلاتهم العلمية والمهنية والتكنولوجية في مرافق الدولة العامة والخاصة ويحلون فيها محل الموظفين في اجازاتهم السنوية وبرواتب عالية حيث تشكل هذه الوظائف الموقتة حوالى 32 في المئة من فرص العمل الصيفي في كندا، يلجأ هؤلاء اليوم الى اعمال متواضعة لم تدر في خلدهم يوماً نتيجة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي ادت الى ارتفاع معدلات البطالة الى حدود قياسية ( بين 10 و14 في المئة ) وإلى تسريح عشرات آلاف الموظفين والعمال من وظائفهم وأعمالهم. وفي شكل عام لا يجد الطلاب الكنديون حرجاً في مزاولة أي مهنة مهما كانت بسيطة طالما توفر لهم دخلاً مقبولاً ينفقونه وفقاً لرغباتهم او يدخرون قسماً منه لتسديد نفقاتهم او قروضهم الجامعية، وأكثر من ذلك فهم لا يترددون في تسويق خدماتهم والإعلان عنها في الصحف ومكاتب العمل. اما زملاؤهم العرب فيترددون كثيراً في اتخاذ مثل هذه القرارات التي تتحكم فيها الموروثات والاعتبارات الاجتماعية، فهم على ما يبدو لم يتخلصوا من ثقافة الخجل والعيب اذا ما صادفهم احد الأصدقاء، فتحمر وجناتهم ويتصبب العرق من جباههم وتتلعثم ألسنتهم في تبرير ما يقومون به. وفي هذا السياق تقول الطالبة التونسية سنى نعيماتي (21 سنة) التي تتابع تعليمها الجامعي على نفقتها الخاصة بموجب فيزا طالبية: «مللت زيارة مكاتب العمل الصيفي التي لم اجد فيها اية فرصة تناسبني، الى ان قرأت في احدى الصحف اعلاناً عن حاضنة للأطفال. ترددت في بادئ الأمر ولكن لم يكن امامي من خيار بديل. وها انا اليوم اقوم بخدمة طفلين خمسة ايام في الأسبوع من التاسعة صباحاً حتى الرابعة بعد الظهر وبأجر لا يتجاوز 25 دولاراً يومياً». ولم تكن الجزائرية عائشة بن تيمان ( 22 سنة) افضل حالاً، فهي كما تقول تقوم برعاية احد المسنين وتوفير ما يلزمه من متطالبات الغذاء والنظافة والعناية الصحية. وتشير عائشة الى ان «هذه التجربة وإن كانت الأولى توفر لي بعض المال وتساهم بسد الفراغ فضلاً عن بعدها الإنساني». ولئن كان مردود هذه الأعمال ضئيلاً نسبياً فإن بعض الشباب يشكلون في ما بينهم فريق عمل يؤدون فيه بعض الخدمات كغسل السيارات في بعض الأماكن العامة او على مقربة من محطات الوقود. فهم يتقاسمون الأدوار ويوزعون العمل في ما بينهم بغية تنظيمه وتسريعه لتحقيق مبالغ تصل في اليوم الواحد احياناً وبخاصة في نهاية الأسبوع الى اكثر من 300 دولار. وعن هذه التجربة يقول رئيس احدى الفرق الطالب اللبناني نجيم فارس (23 سنة رابع سنة حقوق): «انها نوع من التسلية المنتجة وهي بالتالي عمل حر وكلنا سيد نفسه! فلا احد يوجه اليك الأوامر او يراقب ما تقوم به، والناس يتهافتون علينا يومياً ونلقى منهم كل تشجيع وترحيب لا سيما اننا طلاب ونتقاضى اسعاراً تنافسية اقل من الشركات الكبيرة». ويبدو ان فكرة العمل الجماعي تستهوي مجموعات اخرى من الشباب الذين كما يقول الطالب السوري ريان بريك ( 20 سنة) وجدوا ضالتهم في اعمال صيفية متنوعة بعضها في موسم قطاف الفاكهة والخضر من بعض المزارع الكندية وبعضها الآخر في صيانة المنازل كطلاء الجدران وتنظيف الزجاح بخاصة خلال شهري تموز وآب حيث تنشط حركة النقل في اوساط المستأجرين. ويؤكد ريان ان العديد من زملائه العرب يعملون في محطات الوقود والمطاعم وتنظيف الحدائق العامة والمسابح وغرس الزهور وقص الأعشاب، لافتاً الى ان بعضهم وصل به الأمر للعمل على شاحنات البلدية في جمع النفايات المنزلية رغبة بما يتقاضونه من اجور مرتفعة تفوق اضعاف ما يناله زملاؤهم من اعمال أخرى.