ضغوط تجبر نتنياهو على تجنب غزو رفح برياً    الهيئة العامة لمجلس الشورى تعقد اجتماعها الرابع من أعمال السنة الرابعة للدورة الثامنة    التخصصي يعالج حالة مستعصية من الورم الأصفر بعد معاناة 26 عاما    لأول مرة على أرض المملكة.. جدة تشهد غداً انطلاق بطولة العالم للبلياردو    هييرو يبدأ مشواره مع النصر    الاتحاد بطلا لشاطئية الطائرة    التجارة تدعو لتصحيح أوضاع السجلات التجارية المنتهية تجنبا لشطبها    الحزن يخيم على ثانوية السيوطي برحيل «نواف»    المملكة تسجل أقل معدل للعواصف الغبارية والرملية لشهر مايو منذ 20 عاماً    اجتماع حضوري في الرياض على هامش أوبك يضم السعودية وروسيا والإمارات و5 دول أخرى    "الجمارك" تبدأ قبول دفتر الإدخال المؤقت للبضائع    عقود ب3 مليارات لتصنيع وتوريد أنابيب الصلب ل"أرامكو"    مواطن يزوّر شيكات لجمعية خيرية ب34 مليوناً    وحدات تأجيرية للأسر المنتجة بمنى وجبل الرحمة    «رونالدو» للنصراويين: سنعود أقوى    الجامعة العربية تطالب المجتمع الدولي بالعمل على إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة    أمير الرياض يستقبل زبن المطيري المتنازل عن قاتل ابنه    "فعيل"يفتي الحجاج ب 30 لغة في ميقات المدينة    أمير الشرقية يهنئ رئيس المؤسسة العامة للري بمنصبه الجديد    3109 قرضا تنمويا قدمته البر بالشرقية وحصلت على أفضل وسيط تمويل بالمملكة    الصناعة والثروة المعدنية تعلن تخصيص مجمعين لخام الرمل والحصى في بيشة    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    "مسبار" صيني يهبط على سطح "القمر"    تواصل تسهيل دخول الحجاج إلى المملكة من مطار أبيدجان الدولي    الأهلي يلاقي الأهلي المصري في اعتزال خالد مسعد    "الصحة العالمية " تمدد مفاوضات التوصل إلى اتفاقية بشأن الأوبئة    «الصهيونية المسيحية» و«الصهيونية اليهودية».. !    كارفخال يشدد على صعوبة تتويج الريال بدوري الأبطال    البرلمان العربي يستنكر محاولة كيان الاحتلال تصنيف الأونروا "منظمة إرهابية"    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    ارتفاع ملموس في درجات الحرارة ب3 مناطق مع استمرار فرصة تكون السحب الممطرة على الجنوب ومرتفعات مكة    جنون غاغا لا يتوقف.. بعد أزياء من اللحم والمعادن.. فستان ب «صدّام» !    جامعة بيشة تحتفل بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها    توجيه الدمام ينفذ ورشة تدريبية في الإسعافات الأولية    غرامات وسجن وترحيل.. بدء تطبيق عقوبة «الحج بلا تصريح»    فيصل بن فرحان يؤكد لبلينكن دعم المملكة وقف إطلاق النار في غزة    بونو: قدمنا موسماً استثنائياً    مقاطع ريلز التجريبية أحدث ميزات «إنستغرام»    «تراث معماري»    روبوتات تلعب كرة القدم!    بعضها أغلق أبوابه.. وأخرى تقاوم.. تكاليف التشغيل تشل حركة الصوالين الفنية    اطلاق النسخة الثالثة من برنامج "أيام الفيلم الوثائقي"    البرامج    قصة القرن 21 بلغات العالم    قيصرية الكتاب: قلب الرياض ينبض بالثقافة    فرنسا تستعد لاحتفالات إنزال النورماندي    التصميم وتجربة المستخدم    "أسبلة المؤسس" شهود عصر على إطفاء ظمأ قوافل الحجيج منذ 83 عاماً    توزيع 31 ألف كتيب لإرشاد الحجاج بمنفذ البطحاء    الدفاع المدني يواصل الإشراف الوقائي في المسجد النبوي    «المدينة المنورة» صديقة للتوحد    تركيا: تكاثر ضحايا هجمات الكلاب الشاردة    إصدار 99 مليون وصفة طبية إلكترونية    توصيات شوريَّة للإعلان عن مجالات بحوث تعزيز الصحة النفسية    مشروع الطاقة الشمسية في المركز الميداني التوعوي بالأبواء    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدور العربي المطلوب في تقرير مصير العراق
نشر في الحياة يوم 10 - 07 - 2009

العراق دولة عربية مركزية في عالميها العربي والإسلامي ولها تاريخ معروف في الحضارات القديمة وكانت عاصمة الخلافة الإسلامية لقرون عدة، ولكن المشكلة هي سياسات النظام في بغداد واحتكاكه بمحيط معقد بمفهوم الجغرافيا السياسية عبر العقود الخمسة الأخيرة، ولم يكن تركيبه الطائفي والعرقي يثير مشكلة تذكر. ولذلك فإن أمن الدول المجاورة تأثر بحجم المغامرات التي دخل فيها نظام بغداد حتى انتهى الأمر باحتلال العراق وهو عمل استثنائي بمقاييس العلاقات الدولية المعاصرة، فلقي الاحتلال ردود أفعال متضاربة من البيئة الإقليمية. ثم تحول العراق إلى ساحة للقتال والإرهاب والمقاومة. خليط غير متجانس، لكن المواطن العراقي هو الذي دفع ثمن هذا كله، فضلاً عما أفرزته الساحة العراقية من فرز طائفي مقيت مزق لحمة العلاقات بين العراقيين، وارتبط ذلك بقانون بايدن في الكونغرس الأميركي الذي رأى أن أفضل طريقة لتلافي حرب أهلية في العراق أن يتم تقسيمه بعد أن تم تحويله إلى نظام فيدرالي حسب دستور وضعته سلطات الاحتلال. ثم حدثت تطورات سياسية وقانونية تمت كلها في إطار سعي واشنطن إلى صياغة عراق جديد «ديموقراطي»، ثم تم إبرام اتفاق الترتيبات الأمنية وبموجبه انسحبت القوات الأميركية إلى معسكرات خارج المدن في الساعات الأولى من صباح الأول من تموز (يوليو) الماضي. ولا يزال الخلاف قائماً بين المراقبين حول مدى قدرة العراقيين في هذه الظروف على ضبط الأوضاع في العراق من دون حاجة إلى القوات الأميركية.
هذه هي باختصار مسيرة العراق وتطور المشهد العراقي، فمن يحدد مصير العراق الجديد؟
الواضح أن هناك أطرافاً كثيرة لها مصلحة في تحديد مصير العراق. في مقدم هذه الأطراف الولايات المتحدة التي تريد عراقاً ينسجم مع مصالحها. ولكن هذا العراق الجديد الذي تتنازعه تيارات داخلية وإقليمية يحتاج في نظر الولايات المتحدة إلى تعاون عربي. من ناحية أخرى تريد دول المنطقة عراقاً خالياً من الأسباب التي اوصلت شعبه إلى ما يعانيه الآن. فإيران رأت أن العراق القوي الطامح الى دور إقليمي بالتوافق مع قوى النظام الدولي كان خطراً عليها، ولذلك واتتها الفرصة للمساهمة في تقليم أظافره، وهي تسعى قطعاً إلى قيام عراق ينسجم مع المصالح الإيرانية. ولديها مبرراتها وأدواتها. أما الطرف العربي فلا يزال يأمل - من دون أن يعمل - من اجل عراق عربي موحد فاعل مسالم في أسرته العربية. هذه الوصفة العربية تواجه عدداً من التحديات أولها أن العالم العربي نفسه لم يتفق بعد على نموذج للعراق الجديد الذي يريده في ضوء معطيات هذا البلد، ولذلك لم يكن الاتفاق شاملاً حتى بين العراقيين على ضرورة انسحاب القوات الأميركية، ولولا أن قرار الانسحاب حددته واشنطن وحدها في ضوء قراءتها لأوضاع العراق والمنطقة، لكان للعرب قول آخر.
فانسحاب القوات الأميركية في هذه المرحلة هو تنفيذ لخطة أميركية خالصة لأن الرئيس باراك أوباما وعد الشعب الأميركي بذلك رغم أنه لم يأسف على قرار الغزو ولم يعتذر عما حل بالعراقيين من ضياع ودمار وامتهان، ولذلك فإن الساحة العراقية الواسعة والغامضة استقبلت هذا الانسحاب بردود أفعال ومواقف متباينة، إذ رأت الحكومة أن الانسحاب انتصار لخطها ورأت المقاومة أنه انتصار لخطها، بينما رأى آخرون أنه انتصار لخطهم أيضاً، ورغم كل شيء فإن هذا الانسحاب ارتبط بعدد من الحوادث الإرهابية المؤسفة التي تحتاج هي الأخرى إلى تفسير.
يبقى أن العراق الجديد يجب أن يرسمه العرب مع العراقيين وأن تتعاون معهم واشنطن إذا أرادت حقاً عراقاً مستقراً لا يصدر المآسي إلى بقية دول المنطقة بعد أن فاض كيل العراق والعراقيين. ولعل الساحة العراقية معرضة لكل الاحتمالات، فهي مرشحة بشكل أكبر للمزيد من التدهور الأمني، وقد تعود القوات الأميركية إلى مواقعها في هذه الحالة وبذريعة مقبولة تطبيقاً لتحذير الذين طالبوا واشنطن بعدم الانسحاب حفظاً لأمن العراقيين. من ناحية أخرى، فإن الفرص سانحة أمام إيران للحلول محل الولايات المتحدة، كما أن واشنطن قد تدفع بالعالم العربي إلى الحلول محلها وفي إطار مشروعها لمواجهة إيران، فيصبح العراق ساحة للمواجهة العربية الإيرانية، بعد أن كان يعمل نيابة عن بعض العرب وواشنطن في حربه الطويلة ضد إيران في بداية الثمانينات من القرن الماضي. وأرجو ألا يُزج بالعرب في هذه المعمعة وأن يكون لهم دور رشيد مدروس يحفظ للعراق وحدته وعروبته واستقلاله بعد أن تخلوا عن أدوارهم في هذه المجالات الثلاثة.
ولكن أي دور عربي جاد يتطلب المصارحة بعدد من الحقائق نخشى أن يغفل عنها البعض، ونخص بالذكر منها حقيقتين هما :
الحقيقة الأولى: أن الأهداف الأميركية في العراق لن تتغير بتغير الإدارات الأميركية، لأن مهمة أوباما ليست قطع كل صلة أميركية مع العراق، وإنما تحقيق المصالح الأميركية التي دفعت إلى غزو العراق، وذلك بأقل قدر من التكاليف السياسية والأخلاقية والإنسانية والاقتصادية. فلا يزال هدف واشنطن هو قيام عراق جديد لا تكون لديه حساسية من التعامل مع إسرائيل، ويلعب الأكراد فيه دوراً بارزاً كحلفاء لواشنطن، وألا يكون إضافة إلى أي جهد عربي موحد في الصراع مع إسرائيل، وأن تظل ثروات العراق نهباً لواشنطن.
الحقيقة الثانية: هي أن واشنطن حاولت أن تقيم نظاماً جديداً متوافقاً مع مصالحها فأنشأت حكومة وجيشاً وشرطة وميليشيات كلها تتصدى للبعثيين والمقاومة ولكن كل هذه القوى عاشت في ظل الحماية الأميركية في مقر قيادة القوات الأميركية في المنطقة الخضراء، ولذلك فإن انسحاب القوات الأميركية يترك الساحة لصراع مفتوح بين حلفاء واشنطن الذين ينظر إليهم على أنهم تعاونوا مع الاحتلال ويجب أن يرحلوا معه، وبين مقاومة الاحتلال التي ترى أن العراق الجديد يجب أن يتصدر الساحة، فالتفاضل يتم بين العملاء والشرفاء. هذا المشهد يتطلب دوراً عربياً لتحقيق التوافق على شكل العراق الجديد.
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.