لا تكاد العين تقع على ديوان «سلموا عليّا وكأني بعيد» للشاعر المصري المقيم في السعودية صالح الغازي، والصادر عن دار العين للنشر وللتوزيع، ولا تدرك من النظرة الأولى أنه خرج من وحي ميدان التحرير المصري، الذي خرجت فيه الجموع مطالبة بالتغيير، وأنجز ذلك التغيير الذي هزّ «عرش مصر»، وأجج الثورة في المنطقة بأجمعها. ينطلق صالح الغازي في قصائده من ميدان التحرير تحديداً، سواءً من داخله، أو من العيون التي تتابعه ب«قلوب تخفق» من وراء الشاشات الفضيّة من شتى الأقطار العربية والعالمية. في قصيدته «الأسد والحمامة» يقوم الشاعر بالمناوبة بين الصور الاستعاريّة، فطوراً يظهر الشعب في صورة الحمامة التي يقتلها الأسد، ويتململ الشعب كالحمامة من تحته، ثم فجأة تتحول الحمامة إلى أسد يعصف بذلك الجبار المتغطرس، وتمتزج الصورتان، وتتشظى دلالات التفريق بينهما، فيصبح الشعب هو الأسد، ويفقد الأسد المستعار «زئيره» لصالح زئير الشعب الثائر. يقول الغازي: «في الساحة الواسعة متجمعين. المشنقة جاهزة. حمامة بيضا قشطة، ناعمة زي ملمس الدم. ظهر الأسد مكشر. زئر الأسد وقال: أفعالك غلط، ما تلويش دراعي. كانت وديعة، لونها مخطوف زي الميتين، حامت حولين نفسها. قالت: فكّني.. أكرم لي أروح مكان تاني، ضاق رزقي في مملكتك وأنت دايس على دماغي. كلهم شافوا الصورتين واضحين...! الحمامة بتلوي دراع الأسد، الحمامة تحت رجل الأسد».