بعد ثلاثة أعوام من الغياب يعود المقدِّم إبراهيم أبو جودة إلى الشاشة عبر محطة «أم بي سي 1» من خلال برنامج «المحك» وهو النسخة العربية من البرنامج المعروف في الغرب «Jeopardy». عودته تمّت بالصدفة، كما يقول، من دون تحضير ومن دون أن يسعى إلى الأمر أو يفكّر به. «لقد اتصلوا بي من المحطة للقيام بتجربة أداء لتقديم برنامج «المحك» الذي أتابعه في نسخته الأجنبية وأعرفه جيّداً، ووجدوا أنني الشخص المناسب لتقديمه وهكذا بدأنا العمل لتصوير الحلقة الأولى التي لم يكن أمامنا أكثر من يومين لتحضيرها»! غياب إبراهيم عن الشاشة لم يكن نتيجة قرار منه بالابتعاد أو بأخذ استراحة من العمل في التلفزيون، بل لأنّ نوعية البرامج الثقافية والترفيهية في آن التي يقدّمها كانت شبه غائبة، «وبما أنّ المعنيين يجدون أنني متخصص في هذا النوع لم يعرضوا عليّ تقديم برامج أخرى»، يقول. هل نستنتج إذاً أنّه بات محصوراً في نوع محدد؟ وألا يفكّر في تقديم برنامج حواري مثلاً؟ يقول إنّه لا يجد نفسه في برنامجٍ حواري فنّي بحت أو سياسي بحت، أمّا إذا كان برنامجاً حوارياً شاملاً يضم المواضيع الثقافية والفنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية... فعندها يمكن أن نراه مقدّماً فيه. ويفصح أبو جودة أنّه لم يكن يركض خلف العمل في التلفزيون خلال فترة غيابه، بما أنّه يملك عمله الخاص في مجال الإعلان والتسويق، ولأنّ التقديم بالنسبة إليه هو بمثابة هوايةٍ يشعر بالفرح عند القيام بها وليس بمثابة عمل. ألا يتأثرّ إذاً أو يشعر بنقصٍ عند ابتعاده عن التقديم؟ يجيب: «أشعر بنقصٍ حين أرى على الشاشة برامج يمكنني تقديمها وأنا بعيد، أمّا إذا لم يكن هناك ما يستفزّني للتقديم فأركّز على عملي الخاص». ويتابع: «التلفزيون شغفي وأجد متعة كبيرة في التقديم، ولكن لا أطل على الشاشة لمجرّد أنني اشتقت لذلك، بل أنتظر بصبر إلى أن يأتي العمل المناسب والوقت المناسب». إبراهيم أبو جودة الذي لم يخطط ليعود في برنامجٍ معين نراه حالياً على شاشة «أم بي سي» التي يحلم بها كثيرون وربّما يسعون جاهدين ليطلّوا عبرها، فهل يجد نفسه محظوظاً؟ يجيب أنّه يعتبر أنّ مجموعة «أم بي سي» بكاملها هي الأهم بين المحطات العربية، لذلك لا يمكن إلاّ أن يفرح بالصدفة الجميلة التي أوصلته بسهولة إلى تقديم «المحك» في حين أنّ آخرين ربّما سعَوا كثيراً للحصول على هذه الفرصة. يفتخر أبو جودة بأنّه انضمّ من جديد إلى «أم بي سي» بعدما عمل معها عام 2005 في برنامج Fear Factor، ويعلن أنّه يقدّر كثيراً تلك الفرصة التي أتيحَت له، «فمن الصعب أن يفكّر المرء أين يمكن أن يعمل بعد «أم بي سي». برنامج «المحك» عُرِضت منه حتّى الآن حلقة واحدة، فهل كانت كافية ليعرف إبراهيم انطباع الناس؟ «في الواقع نعم» يسارع إلى القول، «لقد تفاجأت أنّ الناس تحمّسوا للبرنامج بسرعة وكان رد الفعل الذي سمعته إيجابياً ومشجّعاً». ويلفت إلى أنّ أحد أفضل إيجابيات العمل في التلفزيون هو أنّ المرء يحصل على النتيجة في شكلٍ فوري، بخلاف العمل في مهام أخرى حيث يتوجّب على الموظّف أن ينتظر فترةً طويلة قبل أن يلاحظ مديره الجهد الذي يقوم به فيعطيه ترقية أو مكافأة، «في التلفزيون تحصل على المكافأة فوراً، أو قد تحصل على خيبة الأمل فوراً، والحمد لله أنني حصدت أصداء إيجابية حتّى الآن». حين يبتعد المرء عن أمر ما يستطيع أن يرى الصورة المجملة في شكلٍ أفضل وبنظرة أشمل، فكيف يصف إبراهيم أبو جودة البرامج على التلفزيون في الأعوام الأخيرة؟ يجيب إنّه لاحظ، كما لاحظ كثُر، أنّ المحطات بدأت تقتنع أكثر فأكثر بضرورة تخصيص إنتاج كبير للبرامج كي تنجح، «لقد ارتفع مستوى البرامج ومستوى إنتاجها مذ بدأ المعنيون يلمسون أنّ الشكل يلعب دوراً أساسياً في نجاح برنامجٍ ما، بالإضافة إلى أنّ الناس صاروا يتنبّهون إلى تلك التفاصيل ويجدون فرقاً كبيراً بين محطّة تصرف على برامجها وبين أخرى تبخَل ولا تخصص إنتاجاً كافياً». اليوم لم يعد الخطأ مسموحاً، على حد قول أبو جودة، ولم يعد الجمهور يرضى بكل ما يُقدَّم إليه، فكل محطةٍ لا تدرك أهمية السخاء على البرامج من المؤكّد أنّها سرعان ما ستُدرِك أنّها تفقد جمهورها، «بخاصّة أنّ الناس العاديين باتوا قادرين على ملاحظة عدد الكاميرات التي تصوّر ونوعية الإضاءة التي تُستَعمل، وباتوا يتنبّهون لضخامة الديكور أو صغره، فلم يعودوا كما في الماضي، يركّزون فقط على طريقة أداء المقدّم وعلى كلام ضيوفه».