مسلمو جمهورية سيراليون .. عادات رمضانية بطابع يعكس روح التآخي وعمق أصالة شعبها    هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية تشارك ب "MWC25"    ترامب يوقع أمرا تنفيذيا لإنشاء احتياطي استراتيجي من عملة بتكوين المشفرة    48 قتيلا في سوريا باشتباكات غير مسبوقة بين قوات الأمن ومسلحين موالين للأسد    سبايس إكس: فقدنا الاتصال بالطبقة الثانية من صاروخ ستارشيب العملاق بعيد إطلاقه    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري المشترك بين مجلس التعاون ومصر    مساء ماطر على الرياض.. و"الأرصاد" تتوقع استمرارها حتى الغد    فيصل بن مشعل يتابع الحالة المطرية التي شهدتها القصيم    "بينالي الدرعية" تستعد للنسخة الثالثة بتعيين مديرَين فنيَّين    الوحدة يتغلّب على الرائد بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    الخلود يتغلّب على الفتح بثنائية في دوري روشن للمحترفين    الأمة الوسط    تصرف كريم بنزيمة مع جماهير الاتحاد بعد لقاء القادسية    "الأرصاد" ينبه من هطول أمطار غزيرة على الرياض    بلان يعترف بتراجع الاتحاد    انقسام أميركي حاد حول سياسات ترمب وأثرها على الحكومة    انطلاق منافسات بطولة الاتحاد السعودي للرياضة الجامعية للكرة الطائرة    رئيس محكمة استئناف جازان وقائد حرس الحدود بالمنطقة يزوران أسرة الخرد    تقارير.. عرض كبير من دوري روشن لضم ابراهيم دياز    مسؤول فلبيني يشيد بجهود المملكة في إرساء التعايش السلمي بين شعوب العالم    «الغذاء والدواء» : فوائد الكمّون لا تُغني عن الاستشارة الطبية    وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس جمهورية زامبيا    زيلينسكي: سأزور السعودية الاثنين المقبل للقاء ولي العهد    مسجد الرحمة بجدة.. أول مسجد في العالم يُبنى على سطح البحر    النعاس أثناء القيادة.. مشكلة شائعة ومضاعفاتها خطيرة    الإبل.. سيدة الصحراء ونموذج للصبر    محافظ أبو عريش يدشن مبادرة "صم بصحة" لتعزيز الوعي الصحي في رمضان    تعليم جازان يطلق جائزة الأداء التعليمي والإداري المتميز "متوهجون" في دورتها الثانية    هطول أمطار في 8 مناطق والقصيم الأعلى كمية    هجوم إسرائيلي على فيلم وثائقي فاز بجائزة الأوسكار صنعه فلسطينيون و اسرائيليين    انطلاق مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في نسخته الثانية تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين    وزارة التعليم و"موهبة".. تعلنان عن اكتشاف 29 ألف موهوب في المملكة    سمو أمير منطقة تبوك يستقبل عضو مجلس الشورى احمد الحجيلي    السياحة ترصد 6 آلاف مخالفة في مراكز الضيافة بمكة والمدينة    تحذيرات أممية من شح الغذاء في القطاع.. وجنوب إفريقيا: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحاً للإبادة الجماعية    ابنها الحقيقي ظهر بمسلسل رمضاني.. فنانة تفاجئ جمهورها    تفاصيل مهرجان أفلام السعودية ب"غبقة الإعلاميين"    9500 معتقل فلسطيني في سجون الاحتلال بينهم 350 طفلًا    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    محافظ الطائف يشارك فرع وزارة الصحة حفل الإفطار الرمضاني    نائب أمير منطقة مكة يشارك الجهات و رجال الامن طعام الإفطار ‏في المسجد الحرام    أفراح البراهيم والعايش بزفاف محمد    حرم فؤاد الطويل في ذمة الله    17.6 مليار ريال إنفاق أسبوع.. والأطعمة تتصدر    موجز    طبيبة تستخرج هاتفًا من معدة سجين    مشروع "ورث مصحفًا" يستهدف ضيوف الرحمن بمكة بثمان وعشرين لغة    14 تقنية مبتكرة في البيئات الصناعية بالسعودية    أمير حائل يشهد حفل تكريم الفائزين بمسابقة جزاع بن محمد الرضيمان    الصين تصعّد سباق التسلح لمواجهة التفوق الأمريكي في آسيا    لغة الفن السعودي تجسد روحانية رمضان    ترمب وكارتلات المخدرات المكسيكية في معركة طويلة الأمد    40 جولة لتعطير وتطييب المسجد النبوي    محافظ الخرج يشارك رجال الأمن الإفطار في الميدان    وزير الدفاع ونظيره السلوفاكي يناقشان المستجدات الدولية    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    التسامح.. سمة سعودية !    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يطيح اليورو الاتحاد الأوروبي؟
نشر في الحياة يوم 29 - 11 - 2011

عصفت الأزمة التي تجتاح منطقة اليورو بحكومات خمس دول (إرلندا والبرتغال واليونان وإيطاليا وإسبانيا)، ولا تزال شرارتها متّقدة تنذر بمزيد من التصدّعات. بيد أن حزم الإنقاذ المتعدّدة التي أقرّها قادة الدول ال 17 التي تشكّل منطقة اليورو لم تفلح في التصدّي للأخطار التي تحدق بدول هذه المنطقة، بل وبالاتحاد الأوروبي في شكل عام. وارتفع منسوب الارتياب داخل الأسواق إلى حدوده القصوى، بسبب الشكوك في قدرة قادة منطقة اليورو على صياغة سياسة متكاملة لحلّ معضلة الديون السيادية ما قد يعصف بالعملة الأوروبية.
لا شك في أن منطقة اليورو، بل ومستقبل الاتحاد الأوروبي برمّته، في مأزق حقيقي. ويصعب التكهّن بحجم التأثير الذي سينتج من مماطلة الساسة الأوروبيين في اتخاذ القرارات الناجعة، الكفيلة بإنهاء الأزمة التي ما فتئت تتفاقم إلى أن أوصلت الاتحاد النقدي الأوروبي إلى شفا الهاوية. ومن غير الصائب حصر أزمة اليورو في قضية تضخّم الديون السيادية، وقلة السيولة المصرفية، وارتفاع تكاليف الاقتراض على الأسواق، فهذه ليست إلا الآثار الجانبية للأزمة. لذا فإن أي معالجة جدّية لأزمة الاتحاد النقدي الأوروبي تقتضي العودة إلى الجذور الحقيقية لهذه الأزمة.
دخل الاتحاد النقدي الأوروبي حيّز التنفيذ نهاية العقد الماضي بعد إعداد استغرق سنوات. وساهم قيام الاتحاد النقدي في دعم التجارة البينية للدول الأعضاء من طريق خفض تكاليف المعاملات، كما ساعد على ضمان شفافية الأسعار وزيادة حدّة المنافسة داخل الأسواق. من جهة ثانية، مكَّن الاتحاد النقدي من تطوير الأسواق المالية الأوروبية ورفع مستوى كفاءتها، ما أدّى إلى خفض تكلفة الاقتراض، خصوصاً بالنسبة إلى دول أوروبا الجنوبية التي استعانت باليورو لدعم ثقة المستثمرين في سنداتها السيادية.
إلا أن هذه النواحي الإيجابية للعملة الأوروبية الموحَّدة لم تكن كافية للحؤول دون وقوع الأزمة الحالية، التي كانت في مجملها متوقّعة، على رغم أن الأزمة المالية العالمية ساهمت في شكل كبير في تحديد تسريعها. وتعود أزمة اليورو إلى أسباب مرتبطة بعدم احترام مبادئ النظرية الاقتصادية عن شروط إنشاء الاتحادات النقدية، وأسباب أخرى متّصلة بعدم انضباط الدول الأعضاء في تطبيق مقتضيات بنود المعاهدات الأوروبية المتعلقة بتدبير سياساتها المالية.
أولاً، يقتضي اعتماد عملة واحدة بين مجموعة من الدول سنَّ سياسة نقدية موحّدة، فتفقد الدول الأعضاء القدرة على التحكم بأسعار الفائدة التي تصبح في قبضة البنك المركزي للاتحاد النقدي، كما تفقد إمكانية تعديل سعر الصرف من أجل دعم تنافسيتها عند الضرورة. وحتى لا تتضرّر اقتصادات الدول الأعضاء من القيود التي تفرضها السياسة النقدية الموحّدة، فإن النظرية الاقتصادية لقيام المناطق النقدية الناجحة، والتي طوّرها الاقتصادي روبير مونديل الحائز جائزة نوبل للاقتصاد عام 1999، تنصّ على مجموعة من الشروط أهمها:
- أن تكون الهياكل الاقتصادية للدول الأعضاء على مقدار كبير من التجانس، وأن تكون الصدمات الاقتصادية والمالية التي تتعرّض إليها الدول كلها مترابطة ومتزامنة. هذا الشرط يجعل قرارات السياسة النقدية، إما برفع أسعار الفائدة المرجعية وإما بخفضها، تستجيب للظرفية الاقتصادية للدول كلها في شكل مماثل. فمن البديهي استحالة إدارة الاقتصادين الألماني واليوناني، مثلاً، من طريق سياسة نقدية موحّدة.
- أن تتمتّع أسواق العمل داخل الاتحاد بمستوى عالٍ من الحركية، فينتقل العمال من البلدان التي تسجّل معدلات بطالة مرتفعة في اتجاه تلك التي تؤمّن فرص عمل من دون حواجز قانونية أو لغوية أو ثقافية. هذه الحركية الفائقة لليد العاملة تساهم، في حال توافرها، في إيجاد نوع من التضامن بين البلدان في امتصاص آثار الأزمات الاقتصادية التي قد تتعرّض إليها بعض الدول من دون أخرى.
- أن تتمَّيز الأجور بمرونة كافية فتنخفض في الدول التي قد تسجِّل تراجعاً في مستويات نموها الاقتصادي، داعمةً بذلك تنافسيتها وقدرتها على الحدّ من عجزها التجاري مقابل الدول الأخرى.
- أن تكون للمصرف المركزي للاتحاد النقدي صلاحيات تُمكِّنه من تقديم السيولة الضرورية للدول في حال تعسُّر أوضاعها المالية، لتفادي إرغامها من جانب الأسواق المالية على الاقتراض بنسب فائدة مرتفعة، ما قد يزيد من تعثّرها وربما يؤدي بها إلى الإفلاس.
هذه الشروط في مجملها تعتبر غير متوافرة في الاتحاد النقدي الأوروبي. وعلى رغم أن بعض الاقتصاديين حذّروا من تبعات إنشاء العملة الأوروبية الموحّدة منذ انطلاقتها، إلا أن الساسة الأوروبيين تمسّكوا بالمشروع، واعتبروا أن شروط الاتحاد النقدي ستتحقّق تدريجياً عند العمل بالعملة الأوروبية الموحّدة. وقد ثبث اليوم وفي شكل ملموس أن التوقّع المتفائل للساسة الأوروبيين كان في غير محله.
ثانياً، المعاهدات الأوروبية، خصوصاً ميثاق النمو والاستقرار، تنصّ على أن الدول التي تنتسب إلى الاتحاد النقدي يجب أن تلتزم باحترام معايير محدّدة في تدبير ماليتها العامة، فلا يتعدّى عجز موازنتها ثلاثة في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، ولا تتجاوز قيمة ديونها العامة ستين في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي. إلا أن هذه القواعد لم تُحتَرَم من طرف دول اليورو، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا، ما يعكس ضعف آليات الحوكمة داخل الاتحاد النقدي الأوروبي.
واليوم، السؤال الرئيس المطروح على الساسة الأوروبيين هو: مَن يدفع تكلفة هذه الأخطاء: الدول المتعثّرة وحدها، من طريق السياسات التقشفية التي قد تزيد من تفاقم أوضاعها، أم التضامن الأوروبي من خلال تدخّل واسع للمصرف المركزي الأوروبي؟ ثمة ضبابية كبيرة حول معالم مخطّط جدي للخروج من هذه الأزمة، ما يؤدّي إلى تنامي شكوك الأسواق في قدرة الساسة الأوروبيين على التوصّل إلى التوافق اللازم، ويزيد من حدة الاختلالات التي أصبحت دول الاتحاد النقدي الأوروبي مسرحاً لها.
بتعبير أوضح، على الساسة الأوروبيين أن يدركوا أن مسألة التوقيت في معالجة الأزمة أمر بالغ الأهمية، وأن بعض الحلول الممكنة قد تنفد صلاحيتها بمرور الوقت. ولم يَعُد مستبعداً الآن أن تعصف أزمات منطقة اليورو، ليس بالعملة الموحّدة وحسب، بل أيضاً بأكثر من ستة عقود من البناء المؤسساتي الاتحادي الأوروبي.
* باحث اقتصادي في «مركز كارنيغي للشرق الأوسط» - بيروت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.