دفعت أزمة انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع الاسعار أحد كبار مربي المواشي في شمال مينيابولس في ولاية مينيسوتا الاميركية الى التفكير باستغلال روث البقر لتوليد الطاقة الكهربائية والتخلص من نفايات الحيوانات من دون الاضرار بمصادر المياه الجوفية أو الإسهام في تسخين حرارة الأرض. وفي التفاصيل وجد هوبسرتتشايلد ان كل رأس بقر وبعد ابتلاعه أربعين كيلوغراماً من العلف يفرز ما يقارب مئة كيلوغرام من الروث وورق الجرائد والقش المفروش في الاسطبل، وبدل ان يكتفي صاحب هذه المزرعة بانتاج الحليب والألبان والأجبان أراد ان يستغل ما يملكه من الأبقار التي يتجاوز عددها 750 رأساً في انتاج الكهرباء، وباتت كل بقرة تزن نصف طن قادرة على انتاج 4 كيلواط من الكهرباء يومياً مما أتاح له تأمين الإنارة والتدفئة لأكثر من 75 بيتاً يقع في الجوار اضافة الى سد احتياجات مزرعته من الطاقة. وتنطوي هذه الشركة على رغبة حقيقية وجديدة في عدم هدر الكميات الكبيرة من الروث التي تخلفها مزارع تربية المواشي. صحيح ان هذه الفكرة معروفة منذ الثمانينات، إلا انها بدأت تستقطب اهتمام المختصين في انتاج الطاقة النظيفة بشكل ملحوظ، وتعتمد هذه التقنية على تخزين روث الأبقار في حفرة مصنوعة من الاسمنت للحيلولة دون تسرب سائل الزبل المتفسخ الى منابع المياه الجوفية وتلويثها. كما ان هذه الحفرة مغطاة لمنع انتشار الروائح الكريهة في الجوار، حيث يستخدم المزيج المتفسخ في صنع الطاقة الكهربائية بدل تبخره في الجو والإسهام في تسخين الكرة الأرضية. وقد استفاد هذا المزارع من مبلغ 81 ألف دولار حققها العام الماضي من بيع الكهرباء في سد العجز الناتج عن انخفاض اسعار الحليب في بعض المواسم. اما آلية الانتاج فتمر بخلط الزبل بأوراق الجرائد قبل رميه في الحفرة، وتحتاج هذه المزرعة الى 450 كيلوغراماً من ورق الجرائد يومياً التي يوفرها بعض الشركات المحلية المختصة بالطباعة. ويبلغ حجم الحفرة الاسمنتية 1235 متراً مكعباً ومغطاة بقطعة بلاستيكية قابلة للنفخ ومضادة لتسرب الروائح ومانعة لدخول الأوكسجين. فيتم تخزين الزبل في الحفرة لمدة تتراوح بين اسبوعين وثلاثة اسابيع حيث ينتج عن تفاعل المواد المتفسخة مع البكتريات التي تعيش من دون اكسجين انطلاق غاز الميثان. أما فعالية هذا النظام الذي طورته شركة Berccley في كاليفورنيا فتكمن الى حد ما في السيللوز الذي يحتويه ورق الجرائد، لأن البكتريات تفصل الورق عن التبن أو القش، أما غاز الميثان فيتم تحويله عن طريق انابيب خاصة الى مولد يقوم بحرق الميثان لانتاج الطاقة الكهربائية، كما ان هذا المولد يقوم بتسخين خزانات الماء في هذه المزرعة مما يوفر ما لا يقل عن 4000 دولار في فاتورة الغاز. وتقوم شركات التوزيع المحلية بتوزيع الطاقة الكهربائية التي تنتجها هذه المزرعة بأسعار منافسة للطاقة المنتجة بطريقة تقليدية. ان توليد الطاقة بواسطة الأبقار الى جانب احترامها للبيئة وجيوب الزبائن تعتبر اكثر تعويلاً لأن المفاعل أو المولد يقدم ما نسبته اكثر من 95 في المئة من قدرته أي ما يفوق أداء اكثر المفاعلات الحرارية العاملة بالفحم فعالية. لكن هذا النظام لا يمكن استغلاله الا في مزارع لا تقل رؤوس الأبقار فيها عن 400 أي ما يساوي ستة أضعاف حجم القطعان الموجودة في المزارع