التقرير الذي تعده مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي حول اوضاع شركة "طيران الشرق الاوسط" الميدل ايست سيكون جاهزاً في خلال فترة قريبة. وتتمثل أهمية التقرير في انه سيوفر للحكومة اللبنانية، مختلف الخيارات التي سيكون ممكناً اللجوء اليها لانقاذ الشركة من المصاعب التي تعاني منها، وهي مصاعب مالية وتشغيلية، فشلت جميع المحاولات التي جرت حتى الان، في معالجتها بصورة جذرية. ومع ان المؤسسة الدولية "لم تفرج" حتى الان عن مضمون التقرير، والخيارات التي ستقترحها على الحكومة اللبنانية، الا أنه بات من الواضح، ان الاقتراحات ستتطرق الى 3 مسائل اساسية على الاقل في مصير الشركة: 1 - استمرار ملكية الدولة للشركة، وما اذا كان من الممكن في الوقت الحاضر، طرحها للبيع، كلياً أو جزئياً، عن طريق ادخال شريك استراتيجي يملك ما يكفي من الامكانات المالية والفنية، لتحويل الشركة من مؤسسة خاسرة الى جهة رابحة. 2 - اعادة هيكلة الشركة، وما اذا كان يتوجب تنفيذها، قبل أو بعد مشروع التخصيص، على ضوء امكان ايجاد جهة تتولى تغطية الديون والحقوق المتوجبة عليها. 3 - مصير العمالة الفائضة في الشركة، ويقدر حجمها بحوالي 1200 مستخدم، وما اذا كان متاحاً امام الشركات التي سيصار الى انشائها، استيعاب هذه العمالة، لتجنب حصول أزمة اجتماعية. وفي هذه الاثناء، وعلى رغم تحفظ جميع المعنيين بملف "الميدل ايست" عن اطلاق اية مواقف، بانتظار معرفة الموقف الذي ستعمد الحكومة الى اتخاذه، استناداً الى توصيات المؤسسة الدولية، فإن ثمة إجماعاً على ضرورة التعجيل ببت ملف الشركة، لاعتبارات مالية وادارية لا تحتمل التأجيل. وتشير التوقعات الى ان خسائر "الميدل ايست" في العام 2000 ، ستفوق خسائر السنوات الثلاث الاخيرة، وربما تجاوزت 40 مليون دولار، وهو الرقم الذي سجلته في العامين 1998 و1999 42 مليون دولار عن كل سنة على رغم الاجراءات المختلفة التي نفذتها ادارة "الميدل ايست" مثل وقف تشغيل الخطوط غير المربحة، واقفال بعض المكاتب الخارجية، وإعادة النظر بعقود المحروقات والتموين وغيرها. ومع ان مصرف لبنان المركزي الذي يملك الشركة بنسبة 99 في المئة، تولى حتى الان تغطية الخسائر التي لحقت بالشركة، الا انه بات من الواضح ان المصرف المركزي الذي اشترى "الميدل ايست" في إطار تسوية ذات طابع سياسي واجتماعي، لم يعد راغباً، ان لم يكن قد اصبح غير قادر، على الاستمرار في تحمل اعباء هذه الملكية، وهو ما ابلغه حاكم البنك رياض سلامة الى كبار المسؤولين في الدولة، للتخلي عن أسهم الشركة لمصلحة وزارة النقل، أو أية جهة أخرى. وعلى خط مواز، فإن جميع المؤشرات تدل الى تراجع القدرة التنافسية ل"طيران الشرق الاوسط"، في مواجهة شركات الطيران الاخرى التي تتعامل مع مطار بيروت، ويصل عددها في الوقت الحاضر الى 36 شركة طيران عالمية واقليمية، على رغم استمرار تحسن حركة النقل الجوي، من والى لبنان. وحسب الاحصاءات الرسمية، فقد هبطت حصة الشركة اللبنانية من اجمالي حركة الركاب في مطار بيروت، الى حوالي 35 في المئة، من العام 2000، من 65 في المئة تقريباً في العام 1992، فيما زادت حصة الشركات الاجنبية الى 64,9 في المئة في العام الماضي، في مقابل 35,1 في المئة قبل 8 سنوات. واذا كان جزء من هذا التراجع يعود الى تقليص عدد الخطوط النظامية التي تسيرها الشركة، كما يقول كبار المسؤولين فيها، الا ان الجزء الاخر، يرتبط بصورة أكيدة بتدني قدرة "الميدل ايست" على منافسة الشركات الاخرى، سواء في اطار حرب الاسعار التي تخوضها الشركات، أم في اطار خفض أكلاف التشغيل الى مستوى يسمح بخفض الاسعار، مع المحافظة، ولو على الحد الادنى من الربحية. واللافت ان تراجع حصة الشركة الوطنية من اجمالي الحركة في مطار بيروت، لم يقتصر على خطوط دون أخرى، فقد أظهرت الاحصاءات، ان حصة "الميدل ايست" من حركة الخطوط مع دول الخليج العربي، هبطت في العام 1999، الى أقل من 38 في المئة، فيما هبطت حصتها على خطوط اوروبا الى أقل من 38,5 في المئة، في الفترة نفسها. ودخل عنصر جديد على هذا الوضع من خلال سياسة الاجواء المفتوحة التي قررتها الحكومة الامر الذي سيزيد من حدة المنافسة التي تتعرض لها شركة "طيران الشرق الاوسط" خصوصاً مع تحرك بعض رجال الاعمال اللبنانيين لاطلاق شركات جديدة للعمل في مجال الطيران العارض، وتوقع قيام شركات اجنبية مماثلة بتنظيم رحلات الى بيروت، خصوصاً في فترات الذروة، وهي الفترات التي تبلغ افادة "الميدل ايست" منها حدها الاقصى. امام هذه التحديات، يجمع الخبراء على ضرورة ان تبادر الحكومة الى بت ملف "الميدل ايست" في اقصى سرعة، تجنباً لمزيد من الاعباء، ولقطع الطريق على احتمال ان تصبح المشكلة خارج اطار أي حل، ولو ان هؤلاء الخبراء، ومعهم المسؤولون في الدولة، يجمعون على ان استمرار الشركة واقفة "على رجليها" لن يكون ممكناً، الا بزيادة الانتاجية، والاستخدام الامثل للموارد المتوافرة، وهو ما سيسمح لها لاحقاً بتحسين تنافسيتها