موضوع زيادة رأسمال "طيران الشرق الوسط"، وتالياً تحديث اسطول شركة الطيران اللبنانية، ربما عادا الى نقطة الصفر. فاستناداً الى معلومات متطابقة فشلت "انترا" للاستثمار التي تملك 5،62 في المئة من اسهم "الميدل ايست" في توفير التمويل اللازم لتغطية الزيادة المطلوبة في الرأسمال، فيما تراجعت شركة "ايرفرانس" عن الوعد الذي سبق ان التزمته وهو تغطية حصتها من الزيادة، في الوقت الذي تتفاقم فيه مصاعب السيولة التي تواجهها الشركة اللبنانية الى الحد الذي قد لا تستطيع معه سداد الالتزامات المالية المترتبة عليها بعد حزيران يونيو المقبل، ما لم تحصل مفاجأة ما، وهي مسألة مستبعدة، أقله على ضوء المعطيات المتوافرة حتى الآن. وحسب معلومات ترددت في بيروتوالكويت، فإن شركة "انترا" التي تصر على إبقاء ملكيتها لغالبية الاسهم في شركة "الميدل ايست"، كانت اتخذت قراراً بأن تتم الزيادة في الرأسمال عن طريقها، ومن خلال زيادة رأسمالها. وبدأ الدكتور محفوظ سكينه رئيس "انترا" التي تملك الحكومة اللبنانية غالبية اسهمها، الى جانب حصص أقلية لحكومتي الكويتوقطر، في كانون الثاني يناير الماضي اتصالات لاقناع كبار المساهمين بتغطية الزيادة المطلوبة في الرأسمال من 180 مليون ليرة 114 الف دولار الى 200 مليون دولار. الاّ أن الحكومتين الكويتيةوالقطرية اللتين اتصل بهما سكينه، اصرّتا على تحقيق مطلبين: الاول تسوية النزاع القانوني القائم بين "انترا" ومصرف لبنان، وهو نزاع يعود الى أوائل التسعينات، عندما لجأ الحاكم السابق للبنك الدكتور ادمون نعيم الى مقاضاة "انترا" لاجبارها على دفع الديون المتوجبة عليها لمصلحة مصرف لبنان عن الاموال التي دفعها لاصحاب الحقوق في بنك "المشرق" الذي تملكه "انترا" واضطر الى التوقف عن الدفع واعلان افلاسه في العام 1989، اثناء ولاية رئيسه السابق روجيه تمرز. ويقدر مصرف لبنان قيمة الاموال التي اضطر الى سدادها بالنيابة عن "انترا" بحوالى 55 مليون دولار. اما المطلب الثاني الذي اصرت الحكومتان الكويتيةوالقطرية على تلبيته، فتمثل بضرورة عدم تحميلهما الخسائر التي تعرضت لها "انترا" اثناء ولاية رئيسها السابق روجيه تمرز، بحجة انه سبق لهما ان اعترضتا على تعيين تمرز رئيساً للشركة ثم عمدتا في مرحلة لاحقة الى تحذير كبار المسؤولين في بيروت من خطورة الممارسات التي يقوم بها تمرز والتي ادت، وفق احكام قضائية لبنانية، الى خسائر لا تقل عن 240 مليون دولار، من بينها 60 مليون دولار قيمة خسائر فرعي "المشرق" في عمان - الاردن، وفي الدوحة - قطر، اضافة الى الخسائر التي تعرض لها بنك المساهمات والتوظيفات" في باريس، وفي "المشرق" - باهامس، وفي مؤسسات مالية أخرى... وفي هذا السياق تساءلت الحكومتان القطريةوالكويتية في رسائل خطية في شباط فبراير الماضي عن الاسباب التي تمنع الحكومة اللبنانية من ملاحقة تمرز بواسطة الانتربول الدولي، خصوصاً أنه معروف الاقامة ويشارك في حفلات عامة، ويدلي بأحاديث صحافية في لندنوباريس، كما قالت الرسالة الكويتية. وفي آذار مارس الماضي، ردّ رئيس "انترا" على المطالب الكويتيةوالقطرية بالنقاط الآتية: أسقط مصرف لبنان دعاويه القضائية ضد "انترا"، لكنه، كما يقول مصدر كويتي، لم يوضح الصيغة التي تم على اساسها التوصل الى تسوية بين الشركة ومصرف لبنان. اما بالنسبة الى مصير الخسائر التي تعرضت لها "انترا"، فأشار سكينه الى تسوية الجزء الاهم فيها، لكن من دون ان يوضح، وفق ما يقوله المصدر الكويتي، الطريقة التي اعتمدت في عملية التسوية. الاّ أن الاهم، هو ان رئيس "انترا" لم يقدم ضماناً للحكومتين الكويتيةوالقطرية، باعفائهما من تحمل الخسائر التي تعرضت لها الشركة، كما انه - والكلام للمصدر الكويتي - لم يقدم اجوبة كافية عن الاسباب التي تمنع الحكومة اللبنانية من ملاحقة تمرز بصورة جدية، واجباره على سداد الخسائر التي تعرضت لها الشركة. ولم يؤد تبادل الرسائل مع الحكومتين الكويتيةوالقطرية الى نتيجة، ما دفع انترا الى تسييل بعض اصولها العقارية لسداد رواتب الموظفين لديها، وحرمانها من فرصة مهمة للابقاء على حصة الغالبية في "انترا" التي تشكل حالياً اهم الاصول التي تملكها. وقد لا تكون الاعتبارات المالية والتجارية هي الاكثر الحاحاً بالنسبة الى "انترا" للمحافظة على حصتها في "طيران الشرق الاوسط"، اذ ان ثمة اعتبارات سياسية وطائفية، وحتى مالية لا تقل اهمية. ومن المعروف، ان الرئيس الحالي ل "انترا" محفوظ سكينه، وهو قاض سابق، من الطائفة الشيعية، ومن المقربين جداً من نبيه بري رئيس مجلس النواب ورئيس حركة "أمل". ويعني الابقاء على حصة الغالبية ل "انترا" في "الميدل ايست" استمرار السيطرة على القرار المالي والتجاري، بما في ذلك استمرار السيطرة على القرار الخاص بتحديث الاسطول الجوي. ومن المعروف ان "الميدل ايست" تخطط لشراء 12 طائرة جديدة متوسطة الحجم. وكانت الحكومة الاميركية مارست ضغوطاً على لبنان لدفعه الى اختيار طائرات اميركية من طراز "بوينغ". وربطت رسالة وجهتها الخارجية الاميركية الى الخارجية اللبنانية بين ما سمته اختيار طائرات "بوينغ" واعادة النظر بموضوع السماح لشركة الطيران اللبنانية باستئناف رحلاتها الى نيويورك، وبالتالي رفع الحظر التجاري عنها. في المقابل يحظى العرض الذي قدمته "ايرباص" بدعم سياسي، من ابرز اركانه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي يملك من خلال شركة "انترا" تأثيراً واسعاً على قرار "الميدل ايست". وتقول معلومات ان شركة الطيران اللبنانية كانت استقرت على خيار تقسيم الصفقة مناصفة بين "بوينغ" و"ايرباص"، لتجاوز الاعتبارات والمداخلات السياسية، الى جانب تأمين مصالح هذا الطرف او ذاك. اما بالنسبة الى تراجع "الخطوط الفرنسية" عن التزامها تغطية حصتها من الزيادة، فقد قال مسؤول في "ميدل ايست" ان الشركة الفرنسية بررت تراجعها بالمصاعب المالية التي تعاني منها. وفي هذا السياق قالت مصادر لبنانية ان رئيس الحكومة رفيق الحريري تدخل شخصياً في الموضوع لايجاد صيغة توافق تضمن بقاء "ايرفرانس" مساهماً في "الميدل ايست" بحجة ضرورة المحافظة على العلاقات المميزة مع باريس، وعدم اتخاذ موقف قد يسيء الى الحكومة الفرنسية. في هذه الاثناء وفي حين كان الاتفاق الذي توصلت اليه "انترا" مع "الميدل ايست" يقضي بزيادة رأسمال الثانية من 80 مليون ليرة 6،50 الف دولار الى 225 مليون دولار كحد أقصى، حصلت تطورات متسارعة دفعت مجلس ادارة "الميدل ايست" الى التراجع عن رقم 225 مليون دولار، والمطالبة بزيادة الرأسمال الى 350 مليون دولار، منها 215 مليون دولار تذهب لسداد الديون المتوجبة على الشركة لصالح المصارف الدائنة، وسداد الرواتب والالتزامات حتى نهاية حزيران يونيو المقبل، و135 مليون دولار لاستخدامها في تحديث تجهيزات تحديث الاسطول. ووفق المعلومات المتطابقة فإن "انترا" التي عجزت عن تغطية حصتها في زيادة الرأسمال الى 225 مليون دولار، ستكون اكثر عجزاً عن تغطية الزيادة الى 350 مليون دولار، وتالياً فإن "الميدل ايست" التي تراجعت حصتها من سوق السفر اللبنانية الى أقل من 48 في المئة للمرة الاولى منذ سنوات، تجد نفسها اقل تنافسية في مواجهة شركات الطيران الاخرى، وبالتالي امام ازمة مالية اكثر حدة، الامر الذي يمكن ان يمنعها من سداد الرواتب بصورة منتظمة في النصف الثاني من العام الجاري. ويقول مصدر واسع الاطلاع، ان المجلس الجديد ل "الميدل ايست" برئاسة خالد سلام يجد نفسه بعد اكثر من سنة في النقطة التي انتهى اليها سلفه عبدالحميد فاخوري، وساهمت في احراجه، لا بل في اخراجه من رئاسة الشركة.