ركزت كل العهود اللبنانية اهتمامها على ثلاث مؤسسات اساسية: شركة انترا، شركة طيران الشرق الاوسط، وهما شركتان بين القطاعين العام والخاص، ومصرف لبنان وهو "بنك البنوك" الذي يتولى المهمة النقدية والاشراف المصرفي، ونظراً الى أهميته في توجيه المسيرة الاقتصادية العامة والمصرفية بخاصة، كان التركيز عليه سياسياً كأحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني، وربما أهمها على الاطلاق. وبرزت اهميته السياسية منذ تأسيسه، في العام 1964 عندما تولى قيادته في "الحاكمية" وزير الخارجية السابق فيليب تقلا. ثم تلاه الياس سركيس الذي رقي بعد ذلك من حاكم للبنك المركزي الى حاكم للبلاد حيث انتخب رئيساً للجمهورية في العام 1976. وكذلك انطلق الرئيس سليم الحص في عمله السياسي من مصرف لبنان، وكان يشغل منصب رئيس لجنة الرقابة على المصارف، وكانت ولايته كرئيس للحكومة اطول مدة زمنية قضاها سياسي منذ عهد الاستقلال، وهي اربع سنوات متتالية 76 - 80. وقد زاد اهتمام السياسيين مؤخراً أكثر فأكثر بشركتي انترا وطيران الشرق الاوسط نتيجة تطورات طرأت خلال سنوات الحرب، وادت الى زيادة حصة الدولة ودورها الفاعل بعدما حلت مكان المساهمين المنسحبين. وتتوزع ملكية شركة انترا على الشكل التالي: 10 في المئة للدولة، 34 في المئة للبنك المركزي، 7 في المئة لمساهمين لبنانيين، و3.75 في المئة لشركات لبنانية، 19 في المئة لحكومة الكويت، 3.75 في المئة لبنك الكويت الوطني، 3.25 في المئة لحكومة قطر، 13 في المئة لمساهمين عرب، 6.25 في المئة لمساهمين اجانب. وحيال انهيار قيمة الليرة اللبنانية في مقابل ارتفاع سعر دولار بيروت ونتيجة سلسلة التطورات السلبية التي شهدتها شركة انترا في عهد رئيسها السابق روجيه تمرز، وأدت الى خسائر كبيرة، اتجهت النية الى زيادة رأسمال الشركة البالغ حالياً 150 مليون ليرة فقط، او ما يعادل 91 ألف دولار، وبما ان تقديرات موجودات الشركة من قبل الخبراء وبعد موافقة محكمة التجار في بيروت بلغت في نهاية العام 1990 حوالي 300 مليون دولار في مقابل قيمة المطلوبات حوالي خمسين مليون دولار، تكون حقوق المساهمين 250 مليون دولار، لذلك يرى المراقبون ان لا يقل رأسمالها الجديد عن 200 مليون دولار، بحيث تتم زيادته عن طريق الاكتتاب النقدي بأسهم جديدة، واعادة تقويم قيمة الاسهم القديمة. ولا يستبعد المراقبون ان يتم ذلك قريباً بعد ان يتمكن مجلس ادارة انترا من اعادة تقويم الموجودات الحقيقية للشركة وتحديد سعر السهم الواحد تمهيداً لطرحه في البورصة. اما شركة طيران الشرق الاوسط فإن ملكيتها موزعة على الشكل التالي: 62.5 في المئة لشركة انترا، 28 في المئة لشركة "اير فرانس"، 5 في المئة لفادي خوري، 4.5 في المئة لباقي المساهمين. وقد تكبدت الشركة خلال سنوات 1981 - 1992 خسائر بلغ مجموعها 200 مليون دولار استطاعت تسديد معظمها، ولم يبق عليها سوى 30 في المئة من هذا المبلغ اي حوالي 60 مليون دولار. وفي العام 1993 تمكنت وللمرة الأولى منذ اكثر من 12 سنة من تحقيق توازن مالي واقفال نشاطها من دون خسائر، اذ جاءت الواردات موازنة للنفقات تماماً بمبلغ 270 مليون دولار. وكان امل الشركة كبيراً في تحقيق الارباح خلال عام 1994، مع البدء بتطبيق الخطة الخمسية التي تفترض تحديث اسطول طائراتها، وزيادة رأسمالها، ولكن يبدو انها لم تتمكن من ذلك وهي تقدر خسائرها عام 1994 بما لا يقل عن عشرة ملايين دولار. ويتألف اسطول الشركة حالياً من ثلاث طائرات "جامبو" وثماني طائرات "بوينغ 707" وثلاث طائرات "بوينغ 720" وطائرتي "ايرباص 310" استأجرتهما من شركة الطيران الهولندية "ك. أل. أم". وقد وضعت الشركة خطة لتحديث الاسطول خلال 1994 - 1998، تقضي باستبدال طائرات "البوينغ" بطرازين من الطائرات التي تتسع لحوالي 200 راكب، مثل طائرات "ايرباص 310" وطائرات "بوينغ 767" ونوع اخر من الطائرات الاصغر مثل "بوينغ 737" و"ايرباص 320". ومن الطبيعي ان يرتبط تنفيذ خطة التطوير بزيادة رأسمال الشركة بمقدار 100 مليون دولار بحيث يصبح 300 مليون دولار على أساس ان موجوداتها مقدرة ب 200 مليون دولار في حين ان رأسمالها الاسمي حالياً فقط 150 مليون ليرة لبنانية. ما هو الحل؟. تتجه النية الى توجيه الدعوة الى عقد جمعية عمومية استثنائية لشركة طيران الشرق الاوسط لاتخاذ الخطوات الهادفة الى انقاذها وتأمين الدعم المالي المطلوب لها، بعد حل مجلس الادارة الحالي وتعيين مجلس ادارة جديد يتولى الاشراف على خطة تحديث الشركة. ولا يستبعد المراقبون ان يتجه المسؤولون في الدولة الى اعتماد بعض المقترحات الواردة في تقرير لجنة خاصة كلفها مجلس الوزراء درس أوضاع النقل الجوي في لبنان وأهمها اقتراح يقضي بإنشاء شركة "هولدنغ" تتملك اسهم شركتي الطيران الوطنيتين معاً وهما طيران الشرق الاوسط الميدل ايست والخطوط الجوية عبر المتوسط تي. أم. أي والمتخصصة في الشحن الجوي، وتشرف على ادارتهما واستثمارهما، وذلك كوسيلة لتنسيق التكامل بينهما في مجالات نقل الركاب والشحن الجويين بدلاً من دمجهما في شركة واحدة، مع تأكيد تحديث اسطول "الميدل ايست".