فتح القبول للطلبة في الجامعات دون الحصر على المنطقة الإدارية    «مسام» يشارك في ندوة جهود نزع الألغام في جنيف    زوار المسجد النبوي يغرسون أشجار الإيتكس وكف مريم    22.7 % نمو قطاع التأمين في المملكة خلال 2023    أمير جازان يرعى فعاليات مهرجان الحريد في النسخة 20    نائب أمير مكة يقف على غرفة المتابعة الأمنية لمحافظات المنطقة والمشاعر    إيقاف نشاط تطبيق لنقل الركاب لعدم التزامه بالأنظمة والاشتراطات    إطلاق اختبارات "نافس" في المدارس الابتدائية والمتوسطة    «الجوازات»: 41 مليون عملية إلكترونية لخدمة المستفيدين داخل السعودية وخارجها.. في 2023    مناقشة أثر بدائل العقوبات السالبة للحرية على ظاهرتي الاكتظاظ السجني    جراحة ناجحة تٌعيد الحركة لطفل مُصاب بالشلل الرباعي ببريدة    سعود بن طلال يرعى الاحتفال بانضمام الأحساء للشبكة العالمية لمدن التعلم باليونسكو    هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية بحائل تنظم حملة للإصحاح البيئي    أمير تبوك يستقبل أبناء علي بن رفاده البلوي    نائب أمير حائل يزور "مركز انتماء"للرعاية النهارية ويطلع على تقارير أعمال الأمانة    إيقاف 166 متهماً بقضايا فساد في 7 وزارات    حظر تكبيل المتهم عند القبض عليه    أمطار الرياض تروي أراضيها لليوم الثاني    ارتفاع أرباح مصرف الإنماء إلى 1.3 مليار    الذهبان الأصفر والأسود يواصلان التراجع    سمو محافظ الخرج يكرم المعلمة الدليمي بمناسبة فوزها بجائزة الأمير فيصل بن بندر للتميز والإبداع في دورتها الثانية 1445ه    «العالم الإسلامي»: بيان «كبار العلماء» يؤصل شرعاً لمعالجة سلوكيات مؤسفة    النصر والخليج.. صراع على بطاقة نهائي كأس الملك    سعود عبدالحميد: الطرد زاد من دوافعنا.. وهذا سر احتفالي    تغريم ترامب لازدرائه المحكمة والقاضي يهدّد بسجنه إن لم يرتدع    مصر: استدعاء داعية بعد اتهامه الفنانة ميار الببلاوي ب«الزنا»    نائب أمير مكة: مضامين بيان «كبار العلماء» تعظيم لاحترام الأنظمة    انهيار صفقة الاستحواذ على «التلغراف» و«سبيكتاتور»    5 فواكه تمنع انسداد الشرايين    خسرت 400 كلغ .. فأصبحت «عروسة بحر»    النشاط البدني يقلل خطر الاكتئاب بنسبة 23 %    أمير الرياض يستقبل ممثل الجامعات السعودية في سيجما    الأمم المتحدة تشيد بالدعم السعودي لمكافحة الإرهاب    فيصل بن نواف: دعم القيادة وراء كل نجاح    حق التعويض عن التسمّم الغذائي    نتانياهو: سندخل رفح «مع أو بدون» هدنة    طلاب تعليم جازان يستكشفون الأطباق الوطنية السعودية في معرض الطهي المتنقل    مجلس الوزراء: التحول الاقتصادي التاريخي رسخ مكانة المملكة كوجهة عالمية للاستثمار    في موسم واحد.. الهلال يُقصي الاتحاد من 4 بطولات    جيسوس يعلن سر غياب سلمان الفرج    بحث مع عباس وبلينكن تطورات غزة.. ولي العهد يؤكد وقوف المملكة الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني    في ختام الجولة من دوري" يلو".. ديربي ساخن في الشمال.. والباطن يستضيف النجمة    مرسم حر في «أسبوع البيئة»    الأساطير الحديثة.. نظريات المؤامرة    الانتماء والتعايش.. والوطن الذي يجمعنا    محمد عبده الأول.. فمن العاشر؟    في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.. حلم باريس سان جيرمان يصطدم بقوة دورتموند    السعودية تنضم للتحالف العالمي للذكاء الاصطناعي    ازدواجية الغرب مرة أخرى    «جوجل» تطلق شبكة تعقب الهواتف    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يرأس اجتماع اللجنة التنفيذية للجنة الحج    ينجو من فكي دب بفضل احترافه الكاراتيه    تعزيز الأمن المائي والغذائي    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة "37 بحرية"    الهلال والأهلي في قمة مبكرة والاتحاد يلتقي الابتسام    إنقاذ حياة معتمر عراقي من جلطة قلبية حادة    أمير منطقة الباحة يشهد اتفاقية تعاون بين تجمع الباحة الصحي والجمعية السعودية الخيرية لمرضى ( كبدك )    وزير الدفاع يحتفي بخريجي كلية الملك فهد البحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراجع الوزير عن تهديده فعاد مهرجان السينما المصرية . الهام شاهين تنافس نفسها ويوسف وهبي يظهر من جديد
نشر في الحياة يوم 19 - 10 - 1998

بعد مساجلات طويلة بين السينمائيين المصريين ووزير الثقافة فاروق حسني عاد المهرجان القومي للسينما المصرية في دورته الرابعة، متأخراً عن موعده التقليدي نحو ستة أشهر، ومتضمنا كعادته مسابقة الأفلام الروائية ومسابقة الأعمال التسجيلية والقصيرة وافلام التحريك.
وطوال الأشهر الفائتة كان هذا المهرجان الفريد من نوعه في مصر مهدداً بالتوقف، بعد أن أعلن وزير الثقافة مع نهاية مهرجان العام الماضي عن نيته إلغاء المهرجان، تعبيراً عن غضبه لغياب عدد من النجوم عن فعاليات المهرجان، خصوصاً حفل الختام، إذ ان معظم الفائزين في العام الماضي لم يأتوا لتسلم جوائزهم في تلك الليلة. وقد زاد من تعقد الموقف وغموضه تلك الاستقالة التي تقدم بها آنذاك سمير غريب، وكيل الوزارة مدير صندوق التنمية الثقافية، من رئاسة المهرجان التي ظل يتولاها على مدى الدورات السابقة كلها.
وتحت إلحاح السينمائيين بضرورة عودة المهرجان، واقتناع الوزير بأنهم استوعبوا الدرس و"فهموا الرسالة القاسية"، قرر فاروق حسني أخيراً إقامة الدورة الرابعة للمهرجان، ولكن بإدارة جديدة يتولاها الناقد السينمائي علي ابو شادي - المتخم بالمناصب - على ان يبقى جانب التمويل في يد صندوق التنمية الثقافية ومديره سمير غريب.
وفي تصريحاته لپ"الوسط" أكد علي ابو شادي، الرئيس الجديد للمهرجان، انه والمجموعة التي تعمل معه كانوا امام تحدٍ حقيقي يتمثل في ضيق الوقت، إذ لم يصدر تكليف وزير الثقافة إلا قبل بدء فعاليات المهرجان بمدة وجيزة. وكان عليهم ان يعملوا في تجهيز الافلام المشاركة وأماكن العرض وحفلي الافتتاح والختام وكتب المكرمين.
ولم يكن جديد هذه الدورة تولّي علي ابو شادي رئاسة المهرجان فقط، بل جاء ومعه رؤيته الفنية والتنظيمية الخاصة، أسفرت هذه الرؤية عن اقامة فعاليات المهرجان كلها داخل دار الاوبرا بعكس الاعوام الماضية إذ كانت تستضيف احدى صالات وسط القاهرة عروض المهرجان وندواته. كذلك تحتفل هذه الدورة - في تقليد جديد - بمئوية الفنان الراحل يوسف وهبي من خلال ندوة كبرى ودراسة يضمها دليل المهرجان. ويعقد المهرجان للمرة الاولى على هامش فعالياته حلقة بحث حول اشكاليات التأريخ للسينما المصرية يشارك فيها نخبة من النقاد والباحثين المهتمين بهذا المجال.
اما المكرمون هذه السنة فهم: محمود مرسي وهدى سلطان وسناء جميل وعطيات الابنودي. وباستثناء المخرجة التسجيلية عطيات الابنودي فإن المهرجان اقتصر في تكريمه هذه الدورة على عنصر التمثيل فقط، على عكس ما كان يحدث في الدورات السابقة إذ كان التكريم يشمل العناصر السينمائية الاخرى كالإخراج والتصوير والمونتاج. وقال رئيس المهرجان لپ"الوسط" إنه رأى ان يكون هناك خط عام بين المكرمين، وان يكرم في الوقت ذاته "عنصر التمثيل في شخص هؤلاء القمم". ووفق منطق ابو شادي فإن المهرجان ربما يتجه في الدورات المقبلة الى تكريم بقية عناصر العملية السينمائية عنصراً بعد آخر، وإن كان يعيق هذه الفكرة افتقار بقية العناصر الى البريق الذي يتمتع به نجوم التمثيل المكرمون والذي ينعكس على فعاليات المهرجان بوجه عام.
وبخصوص فيلم الافتتاح تقرر هذه السنة عرض فيلم سينمائي جديد لم يشاهده جمهور القاهرة، فوقع الاختيار على فيلم "عرق البلح" بطولة شريهان وعبلة كامل، واخراج رضوان الكاشف وذلك بعد المردود الطيب الذي حققه الفيلم في مهرجان "لوكارنو" قبل اسابيع. وعلى رغم أهمية فيلم رضوان الكاشف الجديد وقيمته الفنية، فأنه كان يجدر بالمهرجان الذي يحتفل بمئوية يوسف وهبي ان يفتتح فعالياته بفيلم قديم من الافلام النادرة التي قدمها الفنان الراحل ممثلاً ومنتجاً ومؤلفاً ومخرجاً، وما أكثر افلام يوسف وهبي التي تحتاج الى ترميم واعادة اكتشاف من جديد!
ويضم المهرجان القومي الرابع للسينما المصرية المسابقة العشرين للافلام التسجيلية والقصيرة وافلام التحريك، ويشارك فيها واحد وأربعون فيلماً بزيادة أحد عشر فيلماً على مسابقة العام الماضي، بسبب نشاط المركز القومي للسينما واتحاد الاذاعة والتلفزيون وكذلك بفضل أفلام التخرج لطلبة المعهد العالي للسينما. كما يضم المهرجان المسابقة الثامنة للافلام الروائية ويتنافس فيها سبعة عشر فيلماً فقط من انتاج 1997 اشتركت جميعها، من دون لجنة تصفية، نظراً لضآلة عدد الافلام المنتجة في ظل استمرار أزمة الانتاج التي تعيشها صناعة السينما في مصر. صحيح ان عدد افلام هذه المسابقة يزيد بفيلمين على عدد افلام السنة الماضية، لكن علينا الا نغفل ان قطاع الانتاج بالتلفزيون يشارك بفيلمين هذه السنة هما: "القتل اللذيذ"، و"خيال العاشق"، وهما الفيلمان اللذان ظل اشتراكهما معلّقاً حتى ساعات قبل بدء المهرجان. وعلى رغم وجود مؤشرات على تزايد عدد الافلام المنتجة في العام الحالي 1998، فان هذا لا يعني ان الأزمة في طريقها إلى الانفراج، او ان الصناعة التي كانت تحتل في يوم من الايام المرتبة الثانية في الدخل القومي المصري، في سبيلها إلى تجاوز القيود التي اعاقت مسيرتها حتى بعد دخول رجال الاعمال هذا المجال.
كان من المفترض ان يكون عدد الافلام المشاركة في المسابقة ثمانية عشر فيلماً وليس سبعة عشر، غير ان هشام حلمي عزب، منتج فيلم "بخيت وعديلة 2" لعادل إمام، عاد وتراجع معلناً في اللحظة الاخيرة انسحابه من المسابقة من دون ابداء اسباب مقنعة، مفوتاً على طاقم الفيلم فرصة المنافسة على جوائز المهرجان الادبية والمادية.
أما الافلام السبعة عشر المشاركة فعليا فهي: "ست الستات"، "هارمونيكا"، "دانتيلا"، "هيستيريا"، "اسماعيلية رايح جاي"، "امرأة فوق القمة"، "امرأة وخمسة رجال"، "سمكة وأربع قروش"، "حلم ابو خطوة"، "ساعة الانتقام"، "المصير"، "عفريت النهار"، "ح نحب ونقب"، "القتل اللذيذ"، "خيال العاشق"، "أرض أرض"، "كلام في الممنوع"، والأفلام الأربعة الأخيرة على وجه التحديد لم يتم عرضها عرضاً جماهيرياً.
وباستثناء المخرج يوسف شاهين الذي اشترك بفيلم "المصير" كمنتج وطلب عدم التنافس على جائزة الاخراج، ومع أن المخرج اشرف فهمي هو الوحيد الذي يشارك بفيلمين هما "القتل اللذيذ" و"امرأة فوق القمة"، فإن هناك اربعة عشر مخرجا آخر يتنافسون معه على جائزة الاخراج أبرزهم رأفت الميهي ست الستات وايناس الدغيدي دانتيلا وعمر عبدالعزيز كلام في الممنوع وعادل الاعصر عفريت النهار، ومن بين هؤلاء الاربعة عشر يتنافس اربعة مخرجين على جائزة العمل الاول: عادل اديب "هيستيريا" وفخر الدين نجيده "هارمونيكا" واسماعيل مراد "أرض أرض" وناجي رياض "خيال العاشق" الذي يعد حالة خاصة بين كل المخرجين المشاركين، إذ اخرج سنة 1969 جزءاً من فيلم "3 وجوه للحب" مع ممدوح شكري ومدحت بكير، ثم اخرج بعد ذلك افلاماً عدة من انتاج التلفزيون لتغذية الشاشة الصغيرة فقط، ومن هنا يعتبر فيلم "خيال العاشق" هو تجربته الروائية المكتملة الاولى التي يراها جمهور الصالات.
ومن منظور كمي فقط تبدو حظوظ فوز الهام شاهين بجائزة أفضل ممثلة كبيرة نسبياً، فهي تشارك في خمسة افلام هي: "هارمونيكا"، "أرض أرض"، "عفريت النهار"، "دانتيلا"، و"القتل اللذيد"، تليها ليلى علوي بفيلمي "المصير"، و"ست الستات"، وأبرز منافسات الهام وليلى هن ميرفت امين "القتل اللذيذ" وعبلة كامل "هيستيريا" وماجدة زكي "كلام في الممنوع" التي حصلت عن هذا الفيلم على جائزة مهرجان الاسكندرية قبل اسابيع.
وبين الممثلين يبدو نور الشريف الأوفر حظاً بأفلامه الثلاثة: "المصير"، "كلام في الممنوع" و"عفريت النهار"، ثم ماجد المصري بأفلامه الثلاثة أيضاً: "ست الستات"، "كلام في الممنوع"، و"امرأة وخمسة رجال" غير اننا يجب الا نغفل حظوظ احمد زكي "هيستيريا" ومحمود عبدالعزيز "هارمونيكا" في التنافس على جائزة التمثيل الاولى.
وحسناً فعل المهرجان هذه السنة حين قرر الاحتفال بمئوية الفنان يوسف وهبي لينضم الى كوكبة النجوم الاربعة الآخرين الذين يكرمهم المهرجان، فيوسف وهبي المولود في الرابع عشر من تموز يوليو 1898 ليس مجرد اسم في عالم السينما، إنه اول من انتج فيلماً محولاً عن عمل أدبي "فيلم زينب" الصامت سنة 1930 واول من انتج فيلماً عربياً ناطقاً، وقام ببطولته "أولاد الذوات" سنة 1932، وهو صاحب ستوديو رمسيس العجوزة، ثم ستوديو وهبي بالجيزة، وهو أيضاً أحد المساهمين في استوديو نحاس بالهرم الذي لا يزال يعمل حتى الآن، فضلاً عن مكانته المسرحية المتميزة والجوائز العديدة التي حصل عليها، وأهمها جائزة الدولة التقديرية والدكتوراه الفخرية من اكاديمية الفنون، وقلادة الجمهورية ولقب فنان الشعب وأوسمة عدة من الفاتيكان وفرنسا والمغرب والأردن ولبنان.
"عتريس" زعيم الدهاشنة
وحينما توفي يوسف وهبي في السابع عشر من تشرين الأول اكتوبر 1982 ترك لشاشة السينما نحو سبعين فيلماً، ثلاثون منها تولى إخراجها بنفسه، وأولها فيلم "الدفاع" سنة 1953، وآخرها "أيام زمان" سنة 1963. ولم يكتف الفنان الراحل بالتمثيل والإخراج، وإنما كان أيضاً منتجاً مميزاً، وواضعاً للقصة والسيناريو والحوار في العديد من أفلامه، ولئن برع في أدائه التراجيدي، الذي انتقل به من المسرح الى السينما في مرحلته الفنية الأولى، فإنه نجح كذلك في الأداء الكوميدي منذ أن اكتشف المخرج فطين عبدالوهاب قدراته الكوميدية الحقيقية في فيلم "اعترافات زوج" 1964 أمام فؤاد المهندس وشويكار وهند رستم.
ومن واقع كل هذا العطاء لم يكن من اللائق أن تمر المئوية الأولى ليوسف وهبي من دون أن تتذكره الجهات الرسمية، ولا سيّما أن ناقداً وباحثاً سينمائياً في حجم علي أبو شادي، يتولّى رئاسة المهرجان. ويأتي الفنان القدير محمود مرسي على رأس المكرمين الأربعة، وإذا كان هذا التكريم قد جاء متأخراً، فإن الذنب في ذلك يقع على الفنان نفسه الذي ظل يرفض لسنوات عدّة كل أشكال التكريم وآخرها مبادرة مهرجان الاسكندرية قبل اسابيع، لكنه عاد ووافق بعد طول تمنع. وتقول المعلومات الشحيحة المتوافرة عنه والتي سببتها تلك العزلة التي فرضها على نفسه، منذ سنوات طويلة، إن اسمه هو محمود مرسي محمود، من مواليد السابع من حزيران يونيو 1923، تخرج في قسم الفلسفة بكلية آداب الاسكندرية، ومارس لسنوات التدريس في المرحلتين الابتدائية والثانوية قبل أن يسافر الى فرنسا لدراسة السينما لمدة أربع سنوات، ثم ايطاليا لدراسة فنون التلفزيون، ثم عاد ليواكب البدايات الأولى لافتتاح التلفزيون المصري سنة 1960، كما عمل حتى بلوغه السن القانونية للمعاش استاذاً في معهد السينما، وتخرج على يديه عدد من الاسماء اللامعة في عالم الإخراج.
وفي الخامس من تشرين الثاني نوفمبر 1962 طالع جمهور السينما للمرة الأولى وجه محمود مرسي حين شارك فريد شوقي بطولة فيلم "أنا الهارب" من إخراج نيازي مصطفى لتفتح له السينما ذراعيها بالقدر الذي أراده الممثل نفسه، فرصيده السينمائي ليس كبيراً نحو 25 فيلماً لكنه مليء بالعلامات البارزة، يكفي أنه صاحب افلام: "الليلة الأخيرة"، "الباب المفتوح"، "السمان والخريف"، "زوجتي والكلب"، "ليل وقضبان" و"حد السيف"، الذي كان اطلالته السينمائية الأخيرة حتى الآن قبل أن يفرغ من تصوير فيلمه الأخير "الجسر" أمام مادلين طبر ومن إنتاج التلفزيون المصري، ولا يُعرف حتى الآن إن كان سيتم عرضه بالصالات أم لا. غير أن درة محمود مرسي الخالدة والتي اقترنت باسمه كانت رائعة حسين كمال "شيء من الخوف" سنة 1969، وبات دور "عتريس" زعيم الدهاشنة بفضل أداء هذا الفنان نموذجاً كلاسيكياً لفنون التمثيل على شاشة السينما.
إنه بالفعل ممثل ذو أدوات خاصة، عيناه الزرقاوان تجمعان بين الحدة والوداعة، الشراسة والطيبة، الخير والشر، والتنقل بين كل هذه الحالات لا يحتاج منه إلى أكثر من جزء من الثانية، ووجهه المشوب بالحسرة لا يخفي مصريته الصميمة، وحركته المتأنية أمام الكاميرا لا تقلل من إحساسنا بحيوية الأداء وتدفقه فيما نبرات صوته العالية لا تمنعه على الاطلاق من التعبير عن أدق المشاعر الإنسانية. إنه فنان مليء بالمتناقضات، وبالفكر الواعي والإحساس المتدفق الذي مكنه من الاستحواذ على قلوب المشاهدين، ومن ثم تلك المكانة التي جعلته يعتلي اليوم منصة التتويج.
وتتشابه كثيراً حالة الفنانة سناء جميل في السينما مع ما قيل عن محمود مرسي. فهذا هو التكريم السينمائي الأول الذي تحظى به فقد ظل النقاد يصنفونها على أنها ممثلة مسرح، كذلك قدمت عدداً من الأفلام نحو أربعين فيلماً لا يتناسب مع طول المشوار الذي قطعته على الشاشة منذ ظهورها الأول على يد المخرج أحمد كامل مرسي في فيلم "طيش الشباب" سنة 1951. لكنها شأن محمود مرسي تركت بهذا القليل علامة مهمة في مسيرة الفن السابع، وتكفيها أدوارها في "بداية ونهاية"، "فجر يوم جديد"، "المستحيل"، "الزوجة الثانية"، "فداك يا فلسطين"، "توحيدة"، "المجهول"، "البدرون"، "السيد كاف"، ثم "اضحك.. الصورة تطلع حلوة"، آخر ما مثلته للسينما حتى الآن.
ولأنها أدركت من البداية أنها لا تملك سينمائياً مقومات الفتاة الأولى فقد اتكأت فقط على موهبتها وثقافتها فجمعت بين رصانة الأداء وسحر الحضور وحسن الاختيار من "نفيسة" في فيلم نجيب محفوظ وصلاح أبو سيف "بداية ونهاية" 1960 إلى والدة أحمد زكي في تجربة وحيد حامد وشريف عرفة الأخيرة "اضحك.. الصورة تطلع حلوة"، مروراً بزوجة العمدة في "الزوجة الثانية" 1967 لصلاح أبو سيف، والسيدة صاحبة الفندق في "المجهول" لأشرف فهمي سنة 1980 على سبيل المثال.
ولئن كانت هذه هي الحال بالنسبة الى محمود مرسي وثريا يوسف عطا الله الشهيرة بسناء جميل، فإن "بهيحة الحو" أو الفنانة هدى سلطان مدينة للسينما باسمها ومكانتها حتى على مستوى الغناء، إذ أن ما يزيد على 80 في المئة من رصيدها الغنائي قدمته من خلال أفلامها، ولم تكن البداية سهلة إذ عارض الأهل اشتغالها بالفن بمن فيهم شقيقها الموسيقار محمد فوزي الذي ظل مقاطعاً لها فترة من الزمان. وكانت اطلالتها السينمائية الأولى عام 1950 في فيلم من إخراج نيازي مصطفى اسمه "ست الحسن" لكن شهرتها تحققت بعد أن كونت ثنائياً فنياً مع زوجها فريد شوقي، قدما معاً تسعة عشر فيلماً، أبرزها: "الأسطى حسن"، "جعلوني مجرما"، "حميدو"، "رصيف نمرة خمسة"، "سوق السلاح"، "العائلة الكريمة" عام 1964 وكان آخر لقاء جمع بينهما.
وتنوع أداء هدى سلطان بين الميلودراما كما في "غلطة العمر"، "حياتي هي الثمن"، "شيء في صدري" الى أدوار الإغراء، كما في "امرأة على الطريق"، "نساء محرمات"، "صائدة الرجال" الى الكوميديا الخفيفة كما في "المحتال"، "العائلة الكريمة"، الى الأدوار المركبة كما في مجموعة الأفلام التي قدمتها مع يوسف شاهين، مثل "الاختيار"، "عودة الابن الضال"، "الوداع يا بونابرت"، وهي في كل هذه النوعيات كانت تستعين بموهبة الغناء، فأضافت لنفسها عنصراً فنياً ميزها وسط قريناتها من نجمات الخمسينات والستينات.
أما المكرمة الرابعة في مهرجان هذه السنة فهي المخرجة التسجيلية عطيات الابنودي التي كرمتها مهرجانات دولية عدة، ثم جاء دور السينما المصرية. وعطيات الابنودي من مواليد 1939، حصلت على ليسانس الحقوق 1963، ودبلوم معهد السينما 1972، قدمت أول افلامها "حصان الطين" العام 1971 قبل تخرجها، فنالت عنه جوائز عدة، ثم اعقبته بنحو خمسة عشر فيلما آخر اهمها: "رواية"، "إيقاع الحياة"، "اللي باع واللي اشترى"، "بحار العطش"، "نساء متسولات".
بقيت الاشارة الى أن المهرجان يقيم ندوات للمكرمين الأربعة والمحتفى بمئويته يوسف وهبي يستضيفها المسرح الصغير في دار الأوبرا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.