«الموارد» تطلق خدمة «حماية أجور» العمالة المنزليَّة في يوليو    أمير تبوك: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    تداولات ب 7 مليارات للأسهم.. المؤشر يقفز 43 نقطة    المملكة رائدة الرقمنة والذكاء الاصطناعي    «الممر الشرفي» يُشعل ديربي العاصمة    برشلونة يرتقي لوصافة الدوري الإسباني بهدفين في شباك سوسيداد    تعادل مثير لأستون فيلا مع ليفربول يقربه من دوري أبطال أوروبا    التجديد إلكترونياً لجوازات المواطنين الصالحة حتى (6) أشهر قبل العملية    سمو أمير منطقة الباحة يناقش في جلسته الأسبوعية المشروعات التنموية والخدمات المقدمة    أمير الباحة يستقبل مدير وأعضاء مكتب رواد كشافة بعد إعادة تشكيله    تغطية أرضيات مشعر منى بالسيراميك.    نائب أمير الرياض يرعى احتفال معهد الإدارة العامة بالخريج والوظيفة ال 28    قلق أممي إزاء عمليات التهجير القسري والإخلاء من غزة    أبل تطور النسخ الصوتي بالذكاء الاصطناعي    يدخل"غينيس" للمرة الثانية بالقفز من طائرة    الكويت في الصدارة مجدداً    سرابُ النصرِ وشبحُ الهزيمة    وزير الخارجية يصل إلى المنامة للمشاركة في الاجتماع التحضيري ل «قمّة البحرين»    أمير المنطقة الشرقية في ديوانية الكتاب    نائب أمير مكة: "لاحج بلا تصريح" وستطبق الأنظمة بكل حزم    الرياض ولندن.. شراكة وابتكارات    في لقاء مؤجل من الجولة 34 من الدوري الإنجليزي.. مانشستر سيتي يواجه توتنهام لاستعادة الصدارة    ضمن الجولة 32 من دوري" يلو".. العروبة في اختبار البكيرية.. والعربي يواجه الترجي    فابريزيو رومانو يؤكد: 3صفقات عالمية على أعتاب دوري روشن السعودي    بطلتنا «هتان السيف».. نحتاج أكثر من kick off    في الإعادة إفادة..    المملكة تتصدر اكتتابات الشرق الأوسط المنفذة والمتوقعة في 2024    تزايد الهجمات السيبرانية في ألمانيا والخسائر 1ر16 مليار يورو    وزير التعليم يزور مدرسة معلمة متوفاة    يستيقظ ويخرج من التابوت" قبل دفنه"    استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى السبت المقبل    اللجنة الوزارية للسلامة المرورية تنظم ورشة "تحسين نظم بيانات حركة المرور على الطرق"    الداوود يتفقد نطاق بلدية العتيبية الفرعية ويطّلع على أعمال التحسين ومعالجة التشوه البصري    الرزنامة الدراسية !    ماهية الظن    فخامة الزي السعودي    استعراض الفرص الواعدة لصُناع الأفلام    الكويت.. العملاق النائم ونمور الخليج    آنية لا تُكسر    تركي السديري .. ذكرى إنسانية    «Mbc Talent» تحصد جوائز أفلام السعودية وتقدّم المنح    الصحة النباتية    الصحة.. نعمة نغفل عن شكرها    دور الوقف في التنمية المستدامة    الماء البارد    إزالة انسدادات شريانية بتقنية "القلب النابض"    «سعود الطبية» تنهي معاناة ثلاثينية من ورم نادر    حكاية التطّعيم ضد الحصبة    18 مرفقاً صحياً لخدمة الحجاج في المدينة    ما رسالة أمير حائل لوزير الصحة؟    أمير المدينة يرعى تخريج طلاب جامعة طيبة.. ويتفقد مركز استقبال الحجاج بالهجرة    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة سطام    فهد بن سلطان: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    الدكتوراه الفخرية العيسى    النزوح الفلسطيني يرتفع مع توغل إسرائيل في رفح    القنصل العام في لوس أنجلوس والملحق الثقافي في أمريكا يزوران الطلبة المشاركين في آيسف    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرار اتخذ ... والخطة جاهزة للتنفيذ . العراق واميركا : الضربة العسكرية تنتظر الذرائع
نشر في الحياة يوم 01 - 12 - 1997

تأكد خلال الأيام القليلة الماضية أن الموقف الأميركي من الأزمة العراقية لم يتبدل، وأن واشنطن لا تزال تعتبر أن هذه "الأزمة لم تنته بعد".
وعلى خلاف مشاعر الارتياح التي أثارها في عواصم عربية ودولية عدة، توصل نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز ووزير الخارجية الروسي يفغيني بريماكوف إلى التفاهم الذي أدى إلى موافقة بغداد على السماح لمفتشي لجنة الأمم المتحدة المكلفة الاشراف على نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية اونسكوم باستئناف مهماتهم، والانفراج النسبي الذي أثاره ذلك بعد فترة بدا فيها أن الأمور تتجه إلى المواجهة العسكرية، فإن ردود الفعل الأميركية اتسمت بالتحفظ الشديد. وفي الوقت نفسه، استمر المسؤولون الأميركيون، وفي مقدمهم الرئيس بيل كلينتون ووزيرة الخارجية مادلين أولبرايت والمندوب الدائم لدى الأمم المتحدة بيل ريتشاردسون، باعتماد لهجة تصعيدية متميزة ضد العراق وحيال ما تعتبره واشنطن "الخطر الكبير" المتمثل في "احتفاظ بغداد بترسانة كبيرة من أسلحة الدمار الشامل وذخائرها الكيماوية والبيولوجية الفتاكة".
ولا يبدو ان الإدارة الأميركية باتت أكثر استعداداً لتقبل فكرة تسوية الأزمة الحالية بالوسائل الديبلوماسية. وعلى العكس من ذلك، فإن اوساط الإدارة في واشنطن ومصادر ديبلوماسية وعسكرية في الخليج لا تزال مقتنعة بأن الولايات المتحدة توصلت خلال الأسابيع الماضية إلى الاستنتاج بأن الطريقة المثلى للتعامل مع هذه الأزمة هي اللجوء إلى "الخيار العسكري".
ويعود وصول الإدارة الأميركية إلى هذا الاستنتاج، وما قد يترتب عليه من احتمالات ترجح كفة "الخيار العسكري"، إلى اعتبارات عدة أهمها الشعور المتزايد لدى الإدارة بأن أي صيغة ديبلوماسية لنزع فتيل الأزمة ستؤدي إلى "إظهار الرئيس صدام حسين بمظهر المنتصر"، وإلى خروجه منها "في وضع أقوى مما كان عليه نظامه قبل اندلاعها". وهذا ما سيؤدي إلى "تشجيع الرئيس العراقي على إثارة أزمات مماثلة في المستقبل لاعتقاده بأنه سيكون قادراً على تحسين مواقعه وتلميع صورته داخلياً واقليمياً من دون أن يتعرض لأي خسارة أو عقاب"، على حد تعبير خبير استراتيجي بريطاني بارز في شؤون الشرق الأوسط والخليج.
وإضافة إلى ذلك، تشعر إدارة الرئيس كلينتون بانزعاج بالغ من تنامي نفوذ الديبلوماسية الروسية والدور البارز الذي قام به وزير الخارجية بريماكوف في التوسط مع بغداد، إلى حد تشكيك واشنطن ضمناً بعلاقة بريماكوف بالقيادة العراقية وارتيابها من حياده ونزاهته في التعامل مع بغداد.
والأرجح ان لواشنطن نظرة أخرى تختلف إلى حد بعيد عن نظرة كل من روسيا وفرنسا والصين إلى الوسائل التي يجدر اتباعها لتسوية مشكلة الأسلحة العراقية أولاً، ومن ثم "مشكلة النظام العراقي" في إطارها الأوسع. ويبدو ان المسؤولين الأميركيين باتوا ينظرون بريبة وقلق إلى "تقليص متعمد أو غير متعمد في صدقية السياسة الأميركية وجديتها في المنطقة". وتنطلق الإدارة الآن في جزء كبير من سياستها حيال الوضع الحالي من فرضية أنه "أصبح من الضروري اتخاذ اجراءات لإعادة تثبيت موقع الولايات المتحدة ومكانتها على المستويين الاقليمي والدولي، وتكريس صدقية مواقفها في الوصول إلى أهدافها، حتى لو اقتضى ذلك اللجوء إلى القوة العسكرية، خصوصاً إذا كان استخدام هذه القوة موجهاً ضد خصم مثل الرئيس العراقي يصعب على الكثيرين في المنطقة والعالم الوقوف إلى جانبه أو الدفاع عنه".
وبكلام آخر، ترى الإدارة الأميركية في معاقبة الرئيس العراقي وإفشال سياساته "وسيلة متاحة" يمكن ان تحقق هدفاً أساسياً مزدوجاً، فهي ستؤدي، من جهة، إلى تأكيد "عزم الولايات المتحدة ومقدرتها على مواجهة الخصوم والاعداء بشكل حازم وفعال"، ومن جهة أخرى، تساهم في "الاظهار للحلفاء والأصدقاء، سواء على مستوى الأمم المتحدة ككل أو المنطقة تحديداً، بأن لا مناص لها سوى الالتفاف حول السياسة الأميركية والتنسيق معها والقبول بأهدافها".
وتتركز الجهود الأميركية على محاولة تجاوز المأزق المتمثل في المعارضة التي تبديها الدول الأخرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن، باستثناء بريطانيا، لفكرة استخدام القوة العسكرية ضد العراق. كما ينطبق الأمر نفسه على المعارضة التي أعربت عنها الدول العربية، بما في ذلك الكويت، لهذه الفكرة. فالثابت حتى الآن ان أي عمل هجومي تخطط واشنطن لتنفيذه لن يحظى بتأييد الدول العربية المجاورة للعراق، كما أنه لن يتمتع بتأييد روسيا وفرنسا والصين داخل مجلس الأمن، الأمر الذي سيجعل من حصول الولايات المتحدة على غطاء اقليمي ودولي لمثل هذا الأمر احتمالاً ضئيلاً للغاية.
لكن هذا الوضع قد يتبدل بسرعة في حال تمكنت واشنطن من "ايجاد الذرائع" الكفيلة بجعل مثل هذا العمل العسكري "اجراء محبذاً ومستحباً"، بل وحتى تحويله إلى "الخيار الوحيد" الممكن في التعامل مع بغداد. ويعمل الأميركيون على الوصول إلى وضع كهذا من خلال حملة منسقة ومنهجية تهدف إلى ابراز حجم التهديد العسكري العراقي باعتباره "مصدر خطر هائل وشامل يطال العالم بأسره"، حسب وزير الدفاع الاميركي ويليام كوهين اخيراً.
وجاءت تصريحات كوهين لتتوّج سلسلة من التصريحات والتحذيرات التي صدرت عن مسؤولين اميركيين خلال الاسابيع الماضية وتناولت مسألة اسلحة الدمار الشامل العراقية والمخاطر الجسيمة المترتبة على نجاح بغداد في الاحتفاظ بها. وتعكس هذه التصريحات قناعة واشنطن بأن "العراق لا يزال يمتلك ما يكفي من هذه الاسلحة للفتك بالجنس البشري بأكمله". ويجري التركيز فيها خصوصاً على الكميات التي يفترض ان تكون بغداد نجحت في انتاجها وتخزينها من غاز "في. أكس" الشديد الفتك، والذي يقدّر الاميركيون ان العراقيين يمتلكون نحو 200 طن منه، والمواد الجرثومية مثل "انثراكس"، والتي يقدر ان بغداد تعمل على انتاجها وتخزينها منذ سنوات ما قبل حرب الخليج وغزو الكويت.
والواضح ان الادارة الاميركية تهدف من خلال ذلك الى التمهيد اعلامياً وسياسياً لأي تحرّك عسكري تقرّر القيام به ضد بغداد، وتبريره من منطلق انه "إجراء لا بدّ منه في مواجهة التهديد" الذي يشكّله استمرار الرئيس العراقي في سياسته الرامية الى اخفاء ما يحتفظ به من اسلحة وذخائر فتّاكة.
حملة جوية شاملة
وبغضّ النظر عن مدى نجاح واشنطن في اقناع الاطراف الاخرى، الاقليمية والدولية، بضرورة اللجوء الى "الخيار العسكري"، فان الاستعدادات الاميركية تشير بجلاء الى ان الحشد الذي عملت واشنطن على نشره في المنطقة ليس هدفه مجرّد "عرض العضلات وإظهار العزم" كما كان يعتقد في السابق، بل أصبح دليلاً حاسماً على "اتجاه الادارة الاميركية نحو اتخاذ قرار بشن عمل هجومي رئيسي ضد بغداد"، حسب خبراء عسكريين يتابعون سير عملية تعزيز القوات الاميركية وانتشارها في المنطقة.
ويعتقد هؤلاء الخبراء بأن الولايات المتحدة "اتخذت فعلاً قرار العمل العسكري"، مؤكدين ان طبيعة الحشد الجوي والبحري الاميركي والعناصر التي يتألف منها تدلّ بوضوح الى ان قرار واشنطن "يتجاوز شن ضربة او مجموعة من الضربات المحدودة، ليصل الى مستوى حملة هجومية جوية وصاروخية شاملة ومنهجية ضد اهداف عراقية سياسية وعسكرية واقتصادية ذات طابع استراتيجي".
وانطلاقاً من تقويم القوات الاميركية التي تمّ تخصيصها لهذه المهمة، وتشتمل حالياً على حاملتي طائرات هجوميتين هما "نيميتز" و"جورج واشنطن" يوجد على متنهما نحو 160 طائرة مقاتلة وقاذفة، والتفكير بارسال حاملة ثالثة تحمل بدورها نحو 80 طائرة اخرى، الى جانب نحو 100 مقاتلة وقاذفة موجودة في قواعد جوية في كلّ من الكويت والبحرين، من بينها مقاتلات لا يكتشفها الرادار من طراز "ف - 117 ستلث" وقاذفات استراتيجية ثقيلة من طراز "ب - 1"، وربما قاذفات استراتيجية ثقيلة لا يكتشفها الرادار من طراز "ب - 2 سبيريت"، ومعها قاذفات استراتيجية ثقيلة من طراز "ب - 52" تستطيع مهاجمة العراق من قواعدها في الولايات المتحدة، فان واشنطن باتت قادرة على شنّ حملة جوية هجومية تمتد اسابيع عدة ضد العراق من دون الحاجة حتى الى استخدام الوحدات الجوية الاميركية الموجودة في دول اخرى في المنطقة، أعربت عن عدم استعدادها للموافقة على استخدام اراضيها لمهاجمة العراق. كما تضاف الى هذه الوحدات الجوية، المجهّزة جميعها بصواريخ وذخائر بعيدة المدى ودقيقة التصويب، السفن والغواصات الاميركية المنتشرة في مياه المنطقة والمزوّدة صواريخ هجومية جوّالة كروز من طراز "توماهوك" يصل مداها الى نحو 1500 كلم. وستنضم اليها حاملة الطائرات البريطانية "إنفينسيبل" وعلى متنها 15 مقاتلة هجومية من طراز "هاريير".
ويقدّر الخبراء العسكريون الدوليون ان الحملة الاميركية الهجومية ضد العراق ستتركز على نحو 100 هدف استراتيجي بينها نحو 40 مصنفة "اهدافاً رئيسية" و60 مصنفة "أهدافاً ثانوية"، وهي تشتمل على مقرات قيادة ومواقع رئاسية ومنشآت عسكرية وسياسية واقتصادية وعلمية ومحطات توليد طاقة وتكرير مياه وجسور ومجمّعات قوات وقواعد جوية وبطاريات دفاع جوّي ومحطات رادار. ويضيفون ان هذه الاهداف "تمتد على طول العراق وعرضه، لكنها تتركّز في الدرجة الاولى حول العاصمة بغداد والمنطقة المحيطة بها". ويتم تجميع المعلومات حول هذه الاهداف حالياً بواسطة طائرات الاستطلاع من طراز "يو - 2" والاقمار الصناعية والاحداثيات التي تمّ الحصول عليها بفضل عمل فرق المفتشين الدوليين داخل العراق على امتداد السنوات الست الماضية.
واستناداً الى تقويمات الخبراء، فإن "القوات الاميركية اصبحت جاهزة للبدء في شنّ الحملة الجوية التي تم الاعداد لها بدقة، والتي ستشارك فيها نحو 300 طائرة وتمتد اسابيع عدة". لكن هذه القوات "تنتظر حالياً صدور الأوامر السياسية" للبدء بهذه الحملة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.