استقبل أمين عام مجلس جازان.. أمير تبوك: المرأة السعودية شاركت في دفع عجلة التنمية    عقوبات مالية على منشآت بقطاع المياه    «ستاندرد آند بورز»: الاقتصاد السعودي سينمو 5 % في 2025    المملكة وتوحيد الصف العربي    «مالكوم» يا أهلي !    «الدون» في صدارة الهدافين    لصان يسرقان مجوهرات امرأة بالتنويم المغناطيسي    فهد بن سلطان يقلّد مدير الجوازات بالمنطقة رتبته الجديدة    مؤتمر لمجمع الملك سلمان في كوريا حول «العربية وآدابها»    «أحلام العصر».. في مهرجان أفلام السعودية    هل تتلاشى فعالية لقاح الحصبة ؟    اختبار يجعل اكتشاف السرطان عملية سريعة وسهلة    وزير الحرس الوطني يستقبل قائد القطاع الأوسط بالوزارة    ريادة إنسانية    قصف إسرائيلي مكثف على رفح    أبو الغيط يحذّر من «نوايا إسرائيل السيئة» تجاه قطاع غزة    وزير الدفاع ونظيره البوركيني يبحثان التعاون والتطورات    القيادة تعزي البرهان في وفاة ابنه    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة من الهلال    مالكوم: فوز ثمين.. وجمهور الهلال «مُلهم»    الهلال يتغلب على الأهلي والاتحاد يتجاوز الابتسام    أبو طالب تقتحم قائمة أفضل عشر لاعبات    فريق القادسية يصعد "دوري روشن"    ثتائي آرسنال على رادار أندية روشن    أخضر تحت 19 يقيم معسكراً إعدادياً    استمرار الإنفاق الحكومي    افتتح المؤتمر الدولي للتدريب القضائي.. الصمعاني: ولي العهد يقود التطور التشريعي لترسيخ العدالة والشفافية    وزير العدل يفتتح المؤتمر الدولي للتدريب القضائي في الرياض    فيصل بن بندر يدشّن سبعة مشاريع لتصريف مياه السيول والأمطار في الرياض    أنسنة المدن    اختتام "ميدياثون الحج والعمرة" وتكريم المشروعات الفائزة والجهات الشريكة    فنون العمارة تحتفي بيوم التصميم العالمي    تعليم مكة يدعو المرشحين للمشاركة في «أيتكس»    الميزان    أكدت أن الجرائم لا تسقط بالتقادم.. «نزاهة» تباشر قضايا فساد مالي وإداري    ولي العهد يعزي رئيس الإمارات    اكتشاف الرابط بين النظام الغذائي والسرطان    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم السيامي الفلبيني «أكيزا وعائشة» إلى الرياض    بكتيريا التهابات الفم تنتقل عبر الدم .. إستشاري: أمراض اللثة بوابة للإصابة بالروماتويد    الحرب على غزة.. محدودية الاحتواء واحتمالات الاتساع    جواز السفر.. المدة وعدد الصفحات !    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال21 من طلبة كلية الملك عبدالله للدفاع الجوي    الهواية.. «جودة» حياة    يتوارى البدر.. ولكنه لا يغيب !    المسافر راح.. وانطفى ضي الحروف    مناورات نووية روسية رداً على «تهديدات» غربية    الشورى: سلامة البيانات الشخصية تتطلب إجراءات صارمة    "آل هادي" إلى رتبة "لواء" ب"الشؤون القانونية للجوازات"    اجتماع سعودي-بريطاني يبحث "دور الدبلوماسية الإنسانية في تقديم المساعدات"    إخلاء شرق رفح.. السكان إلى أين؟    «مهرجان الحريد».. فرحة أهالي فرسان    أمير منطقة تبوك يستقبل أمين مجلس منطقة جازان ويشيد بدور المرأة في دفع عجلة التنمية    خطط وبرامج لتطوير المساجد في الشرقية    وحدة الأمن الفكري بالرئاسة العامة لهيئة "الأمر بالمعروف" تنفذ لقاءً علمياً    هيئة الأمر بالمعروف بنجران تفعّل حملة "الدين يسر" التوعوية    في نقد التدين والمتدين: التدين الحقيقي    القبض على مروج إمفيتامين مخدر    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقريران خاصان بپ"الوسط" من مقديشو وواشنطن . الصومال تحت "الاشراف" الاميركي

القيادة الاميركية، بشقيها العسكري والسياسي - الديبلوماسي، هي التي تحكم الصومال فعلياً اليوم. هذا الامر يبدو واضحاً للمراقبين المطلعين في مقديشو. السفير روبرت اوكلي المبعوث الاميركي الى الصومال ينفي ذلك، بالطبع، وهو قال لپ"الوسط": "ان مهمتنا في الصومال ليست تشكيل حكومة جديدة أو تغيير التركيبة السياسية في البلاد، بل مهمتنا محض انسانية وهدفها تأمين امدادات الاغاثة الى مئات الآلاف من الصوماليين الجائعين". لكن الواقع، وما ظهر من خلال اتصالاتنا بأطراف صومالية عدة وجهات ديبلوماسية في مقديشو، هو ان السلطة الفعلية في البلاد هي في أيدي القيادة الاميركية، وبشكل خاص في ايدي رجلين: السفير روبرت أوكلي والجنرال روبرت جونستون قائد القوات الاميركية في الصومال.
ويتفق المراقبون المطلعون في مقديشو على القول ان "أي حل" للمشكلة الصومالية او أي تغيير للأوضاع وللتركيبة السياسية في هذا البلد "سيجري في ظل الوجود العسكري والسياسي الاميركي وباشراف المعلن او الضمني وتحت تأثير هذا الوجود".
وظهرت ملامح النفوذ الاميركي بسرعة في الصومال. فبعد مرور 48 ساعة على وصول الدفعة الأولى من القوات الاميركية الى مقديشو - وقد تم ذلك يوم 9 كانون الأول ديسمبر الجاري - تمكن روبرت اوكلي من تأمين عقد لقاء في مقر السفارة الاميركية في مقديشو، يوم 11 كانون الأول ديسمبر الجاري بين "الخصمين الرئيسيين" في البلاد الرئيس الموقت علي مهدي محمد ورئيس التحالف الوطني الصومالي الجنرال محمد فارح عيديد. واتفق الاثنان على خطة من ست نقاط لوقف القتال وتسهيل توزيع امدادات الاغاثة. والنقاط الست هي الآتية:
1 - وقف النار فوراً في مقديشو.
2 - انسحاب الميليشيات التابعة لطرفي النزاع في المدينة.
3 - مناشدة كل الاطراف الصومالية وقف النار في كل انحاء البلاد.
4 - انهاء الاعمال العدائية بين الجانبين فوراً ووقف الحملات الدعائية.
5 - ازالة "الخط الأخضر" الذي يفصل بين شطري مقديشو الشمالي والجنوبي، وفتح المعابر بينهما فوراً.
6 - العمل والتمهيد في شكل عاجل لتشكيل لجنة من الجانبين تكلف تنفيذ الخطة.
ووضع هذا الاتفاق - موقتاً على الأقل - حداً لمعارك بين الجانبين بدأت منذ سقوط الرئيس السابق محمد سياد بري مطلع 1991 وأدت الى مقتل اكثر من 300 الف صومالي وتدمير اجزاء كبيرة من مقديشو.
وعلمت "الوسط" من مصادر وثيقة الاطلاع في مقديشو ان أوكلي "فرض" هذا الاتفاق فرضاً على الجنرال عيديد والرئيس الموقت علي مهدي محمد، اذ هددهما - بطريقة ديبلوماسية لبقة لكن واضحة - بأن قال لهما ما معناه: "اما ان تتفقا على وقف القتال وتتعاونا معاً لتسهيل توزيع امدادات الاغاثة ومهمة القوات الاميركية، او ان القوات الاميركية ستفرض وقف اطلاق النار بالقوة، مع ما سيترتب على ذلك من نتائج". وقد حاولت فرنسا لعب دور في تأمين لقاء بين عيديد ومهدي على متن سفينة حربية فرنسية، لكن التحرك الاميركي قطع الطريق أمام هذه المبادرة الفرنسية. وقد أوفدت الحكومة الفرنسية سفيرها في نيروبي ميشال دي بونيكورسي الى مقديشو لهذا الغرض لكن لم يسمح له بالمشاركة في المبادرة الاميركية. وأكدت مصادر اميركية لپ"الوسط" ان احد مساعدي أوكلي نصح بونيكورسي "بعدم التورط بما لا يعنيه" وانه "يحق له زيارة القوات الفرنسية في مقديشو والتحدث الى عيديد وعلي مهدي من دون التلميح الى دور فرنسي في الحل السياسي".
مهدي وعيديد يتحدثان الى "الوسط"
وكان الجنرال عيديد الذي يسيطر على الشطر الجنوبي من العاصمة من اشد المعارضين لدخول أية قوات اجنبية الى بلاده، لكنه عندما شعر بجدية العرض الاميركي بارسال قوات الى الصومال كان أول المرحبين بذلك، وقال لپ"الوسط": "لم اغير موقفي، لكن الأمم المتحدة اعلنت ان الهدف من ارسال قوات دولية الى الصومال انساني لانقاذ شعبنا من خطر المجاعة ... وأنا أوافق على ذلك ما دام الهدف ليس سياسياً". وتبدو تصريحات الرئيس علي مهدي والجنرال عيديد لپ"الوسط" في مقديشو عن تصورهما لحل الازمة الصومالية غير متناقضة، كما انها لا تتناقض مع السياسة الخارجية الاميركية ازاء النزاعات المحلية في القرن الافريقي. فالزعيمان الصوماليان اكدا لپ"الوسط" ان الخطوة الاولى هي نزع سلاح الميليشيات والجماعات المسلحة على الأرض، واتاحة حرية التحرك امام الجميع، ثم عقد لقاء وطني موسع يضم كل الفصائل الصومالية وزعماء القبائل لتشكيل ادارة او حكومة انتقالية تمهد لانتخابات حرة في البلاد. ويتفق كلام الزعيمين مع ما تردده مصادر الامم المتحدة من ان عصمت كتاني مبعوث بطرس غالي الامين العام للأمم المتحدة الى الصومال أبلغ عيديد ومهدي ان غالي سيدعوهما الى المشاركة مع ممثلين لفئات صومالية اخرى في مؤتمر تمهيدي يعقد في أديس ابابا يوم 4 كانون الثاني يناير المقبل برعاية الأمم المتحدة لتهيئة المجال امام عقد مؤتمر وفاق وطني موسع باشراف الأمم المتحدة وحضور غالي.
والخطوات نفسها التي ذكرها عيديد وعلي مهدي رددها مسؤولون اميركيون في مناسبات عدة، وقالوا ان على الأمم المتحدة ان تسعى الى تنفيذ هذه الخطوات. لكن الأمم المتحدة تبدو في الصومال كأنها مراقب فيما الاميركيون ينفذون.
وعودة سريعة الى التجربة الاميركية مع النموذج الاثيوبي العام الماضي ومقارنتها بالنموذج الصومالي الحالي تشير الى ان النموذجين متشابهان الى حد كبير. فبعد فرار منغيستو هايلي مريام في ايار مايو من العام الماضي من اثيوبيا الى زيمبابوي، تسلم الحكم نائبه الذي اجتمع مع ممثلين عن الاريتريين والثوار الاثيوبيين في لندن في الشهر نفسه برعاية مساعد وزير الخارجية الاميركي للشؤون الافريقية هيرمان كوهين الذي أوصى في الاجتماع بأن تتسلم "الجبهة الثورية الديموقراطية لشعوب اثيوبيا" أكبر الفصائل الاثيوبية الحكم في أديس أبابا. واليوم تحكم هذه "الجبهة" اثيوبيا برئاسة زعيمها ملس زيناوي الذي شكل حكومة انتقالية وبرلماناً موقتاً ضم ممثلين عن جميع القوميات الاثيوبية. كما أعطى الاريتريين حكماً ذاتياً وحق تقرير المصير من خلال استفتاء عليه في 24 نيسان ابريل المقبل.
وأكدت مصادر اميركية مطلعة لپ"الوسط" في مقديشو ان التجربة الاميركية في اثيوبيا ستنقل لاجراء الحل للازمة الصومالية. والممارسة العملية للقيادة الاميركية في الصومال الآن تؤكد صحة ذلك. ولم تستبعد المصادر ذاتها ان توافق واشنطن على انفصال شمال الصومال الذي اعلنته "الحركة الوطنية الصومالية" دولة مستقلة في 17 أيار مايو 1991 برئاسة زعيم الحركة عبدالرحمن احمد علي.
لكن الفارق الوحيد بين السياسة الاميركية في اثيوبيا وفي الصومال الآن هو الوجود العسكري الاميركي الى جانب قوات اجنبية اخرى في الصومال والذي يواجه معارضة بعض الصوماليين. وسيبلغ عدد القوات الاميركية اكثر من 28 ألف جندي يضاف اليهم نحو 10 آلاف من دول اخرى.
وأكد ممثل "الاتحاد الاسلامي" الصومالي في نيروبي السيد محمد قاسم لپ"الوسط" ان "الاتحاد" يعتبر القوات الدولية في الصومال "قوات غازية اجتاحت بلادنا وانتهكت سيادتنا ... وسنقاومها بكل الوسائل". ولم يؤكد او ينفي السيد قاسم ما اذا كان "الاتحاد" يشارك في الهجمات التي يشنها مسلحون على قوات "المارينز" في مقديشو منذ دخولها العاصمة. لكن مصدراً في قيادة القوات الاميركية في مقديشو أكد لپ"الوسط" ان قواته ستضرب بشدة أية مقاومة تتعرض لها من أية جهة كانت. ووفقاً لمصادر مطلعة في مقديشو فان الاتحاد الاسلامي الصومالي يلقى دعماً من ايران والسودان.
عملية نزع السلاح
احد الاسئلة الكبرى المطروحة في مقديشو هو: هل ستقوم القوات الاميركية بنزع سلاح الفئات والمجموعات الصومالية بالقوة؟ السؤال طرح جدياً، خصوصاً بعدما كشف بطرس غالي الامين العام للأمم المتحدة ان هناك اتفاقاً بينه وبين ادارة الرئيس بوش يتضمن تعهداً اميركياً بالعمل على نزع اسلحة المجموعات والقوى الصومالية التي ستعارض مهمة القوات الاميركية وعملية توزيع امدادات الاغاثة، كما ان هناك تعهداً اميركياً بالسعي الى "تحقيق السلام" في الصومال.
لكن السفير اوكلي اوضح ان "الولايات المتحدة لا تنوي نزع سلاح الفئات الصومالية بالقوة، بل تعمل مع القيادات الصومالية من اجل السيطرة على مشكلة انتشار الاسلحة ونرغب في تحقيق ذلك سلمياً". والواقع، وفقاً لما أكدته لپ"الوسط" مصادر اميركية مطلعة، ان اوكلي يسعى الى تكرار تجربة لقاء عيديد ومهدي، اي حل مشكلة "نزع السلاح" سلمياً. لكن اذا ما فشلت هذه التجربة "فان القوات الاميركية ستتدخل بقوة لتجريد الفئات الصومالية من الاسلحة في المناطق التي ستتحرك او تتمركز فيها القوات الاميركية". ومن هذا المنطلق اكد الجنرال جونستون "ان نزع السلاح مسألة ديبلوماسية".
وتسير العملية العسكرية الاميركية في الصومال، المدعومة دولياً، بشكل جيد عموماً، وبدأت القوات الاميركية منذ مطلع الاسبوع الماضي توسيع نطاق انتشارها خارج مقديشو وفي مناطق مختلفة من الصومال لتأمين وصول امدادات الاغاثة الدولية الى جميع الصوماليين. ووقع حادثان لافتان للانتباه منذ وصول القوات الاميركية الى مقديشو، الاول يوم 10 كانون الأول ديسمبر الجاري حين اطلقت قوات فرنسية النار على مسلحين مجهولين في احد شوارع العاصمة فقتلت اثنين منهم، والثاني يوم 12 كانون الأول ديسمبر الجاري حين دمر جنود اميركيون على متن طائرتي هليكوبتر 3 آليات بعدما اطلقت عناصر صومالية مسلحة منها النار على الطائرتين. وأدى الحادث الى مقتل وجرح عدد من الصوماليين. لكن الواضح، بشكل عام، ان العناصر المسلحة الصومالية ادركت ان القوات الاميركية جادة وانها لن تتردد في اطلاق النار على من يعرقل مهمتها.
تقرير من واشنطن
وفي واشنطن سألت "الوسط" مجموعة من الاخصائيين والخبراء في الشؤون الصومالية كما تحاورت مع مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية حول تطورات الوضع في الصومال وكانت الحصيلة التقرير الآتي:
يرى وزير الخارجية الاميركي لورانس ايغلبيرغر ان الممثل الخاص الحالي للأمم المتحدة وهو السفير عصمت كتاني يقوم بدور ديبلوماسي ممتاز للجمع بين الزعماء الصوماليين المتناحرين وعقد مؤتمر المصالحة الوطنية الاخير في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا. وسينظم بالتعاون مع رئيس وزراء اثيوبيا مؤتمراً آخر للمتابعة سيعقد على الأرجح في الرابع من شهر كانون الثاني يناير المقبل. إلا أن هناك حاجة الى شخصية عالمية مرموقة خلال فترة العامين المقبلين، وهي الفترة الدنيا التي تلزم لاعادة بناء الدولة الصومالية. ومن الشخصيات المقترحة راجيشوار دايال رئيس جهاز الخدمة الحكومية السابق في الهند الذي كان أدار الكونغو عام 1960 - 1961 بصفته ممثلاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة آنذاك داغ همرشولد. وهناك أيضاً خلفه روبرت غاردنر رئيس جهاز الخدمة الحكومية في غانا. وهناك تكهنات كثيرة عن الشخصية التي يمكن ان تتولى المهمة. فمن الاسماء المطروحة الأغا خان الذي كان يعمل مع المنظمة الدولية، من دون راتب، مفوضاً عاماً لشؤون اللاجئين، ووزير الخارجية السابق في بنغلاديش أمين النور رحمن شمس الضحى وهو سني كالصوماليين.
ويؤكد بروس توماس المسؤول عن شؤون الصومال في الخارجية الاميركية ان الولايات المتحدة لم يسبق لها اطلاقاً ان نادت بمبدأ اعادة وصاية الأمم المتحدة على الصومال، ولكنها مع ذلك ستؤيد مثل هذه الخطوة وستساعد في تمويلها "اذا كان هذا هو ما يريده الصوماليون".
ويقول توماس ان وزارة الخارجية الاميركية تلقت سيلاً من الرسائل والمكالمات الهاتفية من الصوماليين الذين يقيمون في الولايات المتحدة وعددهم حوالي ثلاثين ألفاً، وكلهم يعرضون خدماتهم للمساعدة في عملية اعادة بناء الادارة في الصومال. وتتحدث الرسائل الواردة من السفراء الاميركيين في لندن وباريس وروما وجنيف وأوتاوا وعواصم عربية حيث يزيد عدد الصوماليين في كندا على سبعين ألفاً عن اتجاه مماثل.
ويرغب الكثيرون من أعضاء القيادة في المنفى العودة في الوقت المناسب لحضور مؤتمر المصالحة في شهر كانون الثاني يناير المقبل، كما أنهم يأملون في اداء دور في مستقبل بلادهم السياسي. وهؤلاء، كما يقول توماس، هم اكثر الناس تأييداً لوصاية الأمم المتحدة، بينما يريد السياسيون القدامى في مقديشو الاحتفاظ بالسلطة أو العودة اليها بأي ثمن. ولهذا فهم يتحفظون على فكرة "الحاكم الدولي" للبلاد.
ويرى الكثيرون ان عملية اعادة البناء والاعمار ستكون مهمة أشق من المصالحة السياسية.
يقول توماس: "مهما كان الاتفاق الذي تتوصل اليه الامم المتحدة والصوماليين في مؤتمر أديس أبابا فاننا سنؤيدهم. فاذا أرادوا من الأمم المتحدة ان تشرف على الادارة وهو امر يتفق مع ميثاق المنظمة الدولية فاننا سنؤيدهم. اذ انه يجب على الصوماليين أن يقرروا مصيرهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي. والأمم المتحدة ستنال منا التأييد إضافة الى التأييد الدولي لاعادة بناء الادارة. وأظن انه سيكون هناك الدعم الدولي نفسه للجهد العسكري الراهن".
ويكمن وراء هذه التصريحات الحذرة خوف اميركا من التعرض للاتهام بأنها تمارس "استعماراً جديداً" والقلق من احتمال استجابة ادارة كلينتون للاعتراضات الشعبية على إفراط الادارات السابقة في الانفاق الحكومي في الخارج.
كذلك هناك ضغط في أوساط الديبلوماسية الاميركية لكي لا تقوم الولايات المتحدة بدور أساسي في اعادة بناء الادارة الصومالية. اذ ان ممثل الرئيس بوش الخاص في مقديشو السفير روبرت أوكلي حذر في رسائله من أن فرص استرداد الصومال ادارتها بشكل ناجح ليست جيدة، وقال "ان المفروض ان تقوم منظمة الوحدة الافريقية ومنظمة المؤتمر الاسلامي، بما لديها من مال وخبرات، بتلك العملية، وان تشرعا في تطبيق ما يشبه مشروع مارشال في الصومال".
ويقول سفير اميركي سابق في الصومال هو جون لوغران انه يعتقد ان مشكلات الصومال لا يمكن حلّها وأنه ينبغي على الدول الثرية ألاّ تساعد الصومال لأنه كلما زادت تلك المساعدة كلما شعر الصوماليون بأنه لا داعي لأن يساعدوا انفسهم.
وقد ذهب كبير السفراء الاميركيين في المنطقة، سميث هامبستون السفير في نيروبي، الى حد التوصية ضد العملية العسكرية الاميركية الحالية. اذ انه وصف، في رسالة بعث بها الى وزير الخارجية لورانس ايغلبيرغر، زيارته الى الصومال مطلع هذا الشهر، بأنها "رحلة الى جهنم"، وقال "ان الاطفال الذين ستنقذ الولايات المتحدة أرواحهم هذا العام بفضل العملية العسكرية الحالية سيموتون في العام المقبل".
لكن راندل روبنسن من مؤسسة "القارة الافريقية" وهي التي أدت الى تطبيق الحظر التجاري على جنوب افريقيا، يؤيد بقوة الجهد الاميركي والدولي حتى ولو أدى الى وضع الصومال تحت الوصاية الموقتة للأمم المتحدة.
ويقول الدكتور غراي كوان مؤسس رابطة الدراسات الافريقية وأول رئيس لها: "مهما كان الاسم الذي سيطلق على العملية فانها ستكون وصاية من الامم المتحدة تشتمل على وجود قوة عسكرية قوية تابعة للمنظمة الدولية وإنشاء شرطة محلية تدربها الأمم المتحدة. ومهما كان لقب المسؤول العام فانه سيكون مندوباً سامياً، مثلما كان الحال في عهود الانتداب السابقة".
ويقول كوان، استاذ الدراسات الافريقية في أميركا المعروف بتحرره: "ليس هناك أي ضير اذا ما وضع الصوماليون بلادهم تحت الادارة الدولية لفترة من الزمن، لأن من الواضح انهم لا يستطيعون تنظيم انفسهم. فهل الأفضل ان تكلف جراحاً باجراء عملية ناجحة لك أم أن تجري العملية بنفسك وتفشل؟ وبادئ ذي بدء ليس لدى الصوماليين المال اللازم، وهذه مشكلة أساسية بالنسبة الى الأمم المتحدة. لذا عليها أن تقنع الدول الاخرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، بتقديم المال اللازم".
ويقول كوان، وهو أيضاً عضو في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "في رأيي يجب ان يكون الشرط الوحيد هو عدم اختيار المندوب السامي أو الحاكم العام من الغرب لأنه سيتعرض عندئذ لكل انتقاد ممكن. ولذا فمن الافضل ان يكون من بلد ليس له تاريخ سابق في المنطقة أو مصلحة معينة في مستقبل الصومال، أو أي صلة مع الرئيس السابق محمد سياد بري. فالأغا خان سيكون اختياراً ممتازاً مثلاً، وشمس الضحى سيكون ملائماً أيضاً. وإذا لم يكن لدى الصوماليين اعتراض على المصريين فان الدكتور اسامة الباز سيكون اختياراً جيداً. ولكن يجب الاسراع في الامور لأن الاميركيين يفرغ صبرهم بسرعة. ولما كان الدكتور بطرس غالي يريد بذل جهود مماثلة في ليبيريا وموزامبيق وربما زائير، فان العالم لن يقبل القيام بتلك المهمات اذا كانت العملية الصومالية ستظل مفتوحة من دون نهاية محددة".
ويعتقد كوان ان الكثير سيعتمد على نتيجة مؤتمر المصالحة في أديس أبابا. اذ يجب ان يتوصل المؤتمر الى طرق لتحييد زعماء المجموعات المسلحة وابعادهم عن الحكومة المركزية في مقديشو، ونزع اسلحتهم.
ويقول كوان ان الهدف الأول لمسؤول الأمم المتحدة يجب ان يكون تنظيم اجراء انتخابات حرة نزيهة تخضع لاشراف فريق من المراقبين الدوليين لكي يتمكن من العمل مع حكومة فعلية وليس مع مجرد حكومة انتقالية.
ولكن علينا ان نتذكر ان الصوماليين لن يعيروا أي حكومة اهتماماً فعلياً إلا اذا بدأت تفعل ما تتوقعه الجماهير التي تراقب الاميركيين الآن: "اعتقال زعماء الميليشيات ومحاكمتهم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.