دعونا نتحدث قليلًا عن تمكين المرأة    انطلاق موسم صيد الروبيان بالشرقية ب710 تصاريح    166.023 بلاغا يوميا على المتاجر الإلكترونية    الأسواق السعودية تتماسك والعالم يعيد الحسابات    تطوير بيئة متقدمة توفر تجربة موثوقة وآمنة.. "سدايا" تعزز دور"توكلنا" لتقديم خدمات وطنية شاملة    (118%) نمو الشركات الناشئة الأجنبية المرخصة في المملكة خلال 2025    البديوي: دول مجلس التعاون تدعو المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لفك الحصار عن قطاع غزة    بدء أعمال الدورة 56 للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان بمشاركة المملكة    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو 2025 في جدة    الأخضر الأولمبي يفتتح مشواره في الدورة الدولية بمواجهة أوزبكستان    القيادة تهنئ رئيس كولومبيا بذكرى استقلال بلاده    كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025| لقب Free Fire يذهب للفريق الإندونيسي EVOS Divine    مركز الملك سلمان يوزّع 100 سلة غذائية بأفغانستان    سفير المملكة في تونس يسلم 129 وحدة سكنية بتمويل سعودي    انخفاض إيرادات روسيا من مبيعات النفط والوقود 14 % في يونيو    عبدالعزيز بن سعود يلتقي وزير الدولة لشؤون الأمن بوزارة الداخلية البريطانية    الهلال يضع النقاط على الحروف في اعتذاره: نظام الاحتراف لا يجيز تقليص إجازة اللاعبين    ناشئو أخضر اليد يبدأون معسكرهم في سلوفينيا استعداداً لمونديال مصر 2025    أكاديمية الإعلام السعودية تقيم اللقاء الافتتاحي لمسار "قادة الإعلام"    "عسير الصحي" يقدم خدماته التطوعية لمليون ونصف المليون مستفيد    "السينما.. فن المكان" شعار مؤتمر النقد السينمائي الثالث..    كايروكي و«Ghostly» حفلة الضوء في موسم جدة    هند البحرينية.. سنقل «عشقك زود» على الأبواب    1.9 مليون مصلٍ في روضة المسجد النبوي    «تطوير المدينة» تُنفّذ 16 مبادرة لخدمة ضيوف الرحمن    استقرار حالة التوءم الملتصق السعودي يارا ولارا    أمير نجران يسلّم شاباً وسام الملك عبدالعزيز لتبرعه بإحدى كليتيه لشقيقه    عون يسلم باراك مشروع «المذكرة الشاملة» لتعهدات لبنان    تقرير المجاهدين على طاولة أمير جازان    نائب أمير الرياض يستقبل سفير الإمارات    عبدالعزيز بن سعود بن نايف يبحث في لندن مع وزيرة الداخلية البريطانية سُبل تعزيز التعاون    سورية: المساعدات تدخل السويداء بعد وقف إطلاق النار    المفتي يستقبل رئيس جمعية البر بحقال    ضربات روسية على أوكرانيا بعد عرض «المفاوضات»    بتوجيه آل الشيخ: خطبة الجمعة تحذر من إساءة استغلال الذكاء الاصطناعي    السيارات الكلاسيكية تستعرض "زينتها" في محافظة سراة عبيدة    6 جوائز للسعودية في أولمبياد الرياضيات الدولي    "البلديات" ترصد مخالفات تقسيم السكن للاستثمار وتفرض غرامات مشددة    مقتل 27 فلسطينيا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على غزة    القبض على (12) مخالفًا لنظام الحدود لتهريبهم (216) كيلوجرامًا من "القات"    نائب أمير جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة        جمعية نجوم السياحة وفريق "صواب التطوعي" يوقعان اتفاقية تعاون    جمعية عين لطب العيون تطلق مشروع "اعتلال الشبكية    أنهار قديمة تحت الجليد    طريقتان سريعتان لتخفيف التوتر    الثقافة العلاجية: بين التمكين والمبالغة    تأثير القهوة على نشاط الدماغ    اتفاق إيراني – أوروبي على استئناف المحادثات النووية    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الوليد بن خالد    فهد بن سلطان يشيد بأعمال "الأمر بالمعروف"    جمعية "واعي جازان " ومركز مسارات يسلطان الضوء على ظاهرة الطلاق العاطفي    المرور: 300 ريال غرامة قيادة الدراجة الآلية بدون رخصة    "قبول" تكشف مزايا الفرص الإضافية ل"تسكين الطلاب"    " الثقافة" تطلق منحة الأبحاث المرتبطة بالحرف اليدوية    «الدارة» تدرج «صوت الحجاز» ضمن «بوابتها».. ذاكرة «البلاد».. تاريخ يُروى رقمياً    بعد غيبوبة طويلة مؤثرة في المشاعر.. الأمير الوليد بن خالد بن طلال إلى رحمة الله    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس مجلس إدارة كلية "منار الجنوب" للعلوم والتقنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ضرورة كسر المحرمات
نشر في الحياة يوم 26 - 01 - 2013

أطاحَ الحراك الشعبي فصيلاً من الأنظمة الجمهورية في الفضاء العربي، فيما تكابد سورية للخلاص من صيغتها الأسدية الموقوفة منذ نيِّف وأربعين سنة على أسرة وحواشيها المذهبية والنفعية. وقد بانَ أن عملية الانتقال من الاستبداد إلى الديموقراطية ليست بتلك الصورة الوردية التي حلم بها جيل التواصل الاجتماعي في سعيه نحو انتزاع الكرامة والحريّة، التواق إلى محصلة فورية بالمعنى التاريخي تقطع مع الموروث الحجري المعوِّق، وتؤَهِّل لمحاكاة القرن الحادي والعشرين بلغته وجدليّته وما تيسَّر من مفاهيمه وعناوين مشاغله.
إنّ ثمَّة قتامة يتعين الإقرار بها صراحة وعلى الملأ، بموجب النزاهة الفكرية. العيوب مشهودة، تنفي الطابع المدني، إلى التغليف المذهبي وإقحام الأحكام الشرعية في الشأن السياسي وكل مسألة تخصّ الدائرة الاجتماعية. وحيث يجتمع الأصولي السلفي والإحيائي الإقصائي لكل حداثي، تُخصّب التربة، لزراعة استبداد من نمط جديد، ذي قماشة دينية وخياطة خلاصية زائفة، تقوم بحراستها الهراوات.
مهما احتفلنا بالسجالات الدائرة في تونس ومصر، وحتى ليبيا، بين التيارين المدني والديني، على مختلف تلاوين"الأخونة"كما"الأسلفة"فهي خارجة في معظمها من رحم جماعة"الإخوان المسلمين"عينها.
ذاك أن الذي أفرزته الانتفاضة فاقَ المُتوقع من حيث الحجم وحصاد المناصب، على غير ما أراده مطلقو الشرارة الذين بادروا إلى تحدِّي الجمود ومقارعة السلطة في الميدان الشعبي، بينما تخلّفت المعارضة التقليدية عن مسيرتهم لتقتنص لاحقاً حصة الأسد. ولا يعوز المرء كبير عناء كي يتبين بُعد النتيجة المحققة لغايته. بل إن الكثير من التابوهات المحرّمات آخذٌ معظم محاصرة الحياة المجتمعية، من الإطار الدستوري إلى السلوكيات، مهدِّداً التجديد والابتكار، وعاملاً على خنق الحريات الخاصة والإبداع. وإذا استمرّ غلوّه مندفعاً بوتائره ومحدّداته، يحرم بلداناً بأكملها نعمة التمتع بحواصل ومكتسبات حضارية صنعها دعاة التحديث عبر عقود وعلى مدى أجيال، ويطبق على التآخي وعلى الأمل بمغادرة التخلف والعوز والإهمال.
مأزق تلو الآخر يلوح في المدى المرئي لما بدأ بعهد الثورات وعلاماتها، ويكاد، عقب عامين أو أقل، يُشوِّه ملامح وليدها، ويطعن جوهرها، مُبدِّداً الإيجابيات. هذا مآل يطرح السؤال عن أمر عقدي لا مفرّ من تناوله، عائدٍ إلى جنوح يتوسل الدافع الديني عباءةً ورافعة لا تمس، في حقل السياسة وإدارة المجتمع. الأدهى، تلك السطوة المعنوية لفريق الإسلام الحركي، كأنما قعوده في حضن الأمة يمنع عنه النقد الجذري، ويمنحه امتياز وشهادة الدفاع عن الدين، بأسلوبه وطرائقه، على أساس صدق النوايا والمشروعية. ويذهب معمّمون وفقهاء إلى تأييد سعيه ومؤازرته من على المنابر، لأنه لا يخرج عن صحيح الدعوي، ويعبّر عن موقف ملتزم بالأصول، وبإخلاص. في المقابل، يُعْزَى إلى كل نقد من طرف عقلاني، أو موقع مدني، غربته وضآلة معرفته بالحاضنة الاجتماعية، بلوغاً لوصمة بالتشريك والردّة.
هي المحرّمات/ التابوهات على خلفية أسلمة السياسة وردود الفعل الغاضبة، تلهب حماسة جماعة"الإخوان"، وتشحذ سيوف الجهادية السلفية المقاتلة في آن. دفعاً للالتباس والدمج العشوائي، لا يفوتنا بداهةً وبدايةً، بيان المسافة الفاصلة بين الكتلتين، من حيث المرجعية الفضلى وقراءة النصوص وتفاسيرها، والشيوخ القدوة، والفتاوى الناهية، كما منسوب العنف والتكفير بينهما، واختلاف الرؤى حيال المصادر وإشكالية منافع الأداء وموجبات تجميل الصحوة غير أن العامل الأساس يتمثل في اجتماع الحركيين جميعاً على معادلة"نحن وهم"التي تجلس الأمة فوق الدول والأوطان، وتعرِّفها منزل الرفعة، يستوجب العزلة عن سائر الملل والأقوام مخافة التلوّث، أبدية في ذات مكتفية لا تتغير، وفي خصام مجتمعي حضاري حتمي مع سواها، عصيّة على التفاعل والتثاقف والقبول بالمتحوِّلات والمتغيرات. ولكم يبدو نازع الإسلام الحركي، في حدّية، على هامش التنوير ومواكبة تقدم العلوم والمعارف، مسقطاً وطارداً الطرق الصوفية في الوقت ذاته، كأنما ارتضى الفكاك عن المعرفة والعرفان، متدلياً بين الأرض والسماء. ولربما أصاب مقداراً من النجاح في صعوده واستوائه قاطرة شريحة واسعة من الجمهور بديل الرأي العام المُسائل، تنحني أمامها دول ومنظمات إسلامية رسمية، عند كل امتحان دولي لمجال حقوق الإنسان، وكل مطاردة للإرهاب وصنائعه.
الإسلام الحركي يتنكّر لمشاغل الناس الحقيقية، وينتصر للغيبيات، وسبيله إقامة السدود في مواجهة عالم مُتغيِّر، والإكثار من التابوهات/ المحرّمات. وما كسر منحى الأسلمة الأصولية الزاحفة إلّا العلاج المفيد، والقاعدة الضرورية الصلبة لمنهج يُنقذ الربيع العربي من الضياع والمتاهات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.