لعل منظر الشاب الذي شنق نفسه من على الجسر المعلق في مدينة الرياض قبل فترة من الزمن، وقبله بأيام خبر انتحار وشاب بمدينة عرعر، وما تناقلته الصحف بالأمس القريب عن معلم أنهى حياته بالمجاردة، وأحد الشباب الذي أرسل تغريدة للشيخ سلمان العودة يخبره بعزمه على الانتحار وأنه ليس مجنوناً، وانتحار شخص بمحافظة أحد رفيدة قبل أيام؟! أثارت عندي تساؤلاً مفاده: وجود الانتحار في بلد كالسعودية يتعلم فيه الفرد منذ كان طالباً بالمدرسة، بأن من قتل نفسه وأنهى حياته، فهو يعذب في الآخرة بما قتل به نفسه يشير إلى وجود مشكلة ما شكلته مجموعة عوامل فأدت إلى إقدام شباب في كل عام على"الانتحار"؟! الموضوع مؤلم، في بلد يسود فيه الدين الإسلامي على حياة الناس في عباداتهم ومعاملاتهم، ويتعلمون في مدارسهم وعبر منابر مساجدهم، ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال" من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يُلجم بها بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسُم فسمّه في يده يتحسّاه في نار جهنم "، وأنا أطرح المشكلة في مقال، فمن الصعب أن أتحدث عن الأسباب وأضع الحلول. هناك مجموعة من العوامل تؤدي إلى"الانتحار"يأتي على رأسها"ضعف الوازع الديني"، لأن المسلم مهما ضاقت به السبل في حياته فهو لا يفقد الأمل ولا الصبر، فهو بين شاكر إن أعطي، وصابر إن ابتلي، وهذا لا يكون إلا للعبد المؤمن كما ورد في معنى الحديث الشريف، ثم ألا أحد ينكر بأن وسائل الإعلام لها دور في الترويج لفكرة الانتحار، وتصويره على أنه حل نهائي لمشكلات الإنسان، وعادة هذا ما تصوره الأفلام الأجنبية التي تُعرض، إضافة إلى ذلك التفكك الأسري، والمشكلات العائلية بين الزوجين كقنابل موقتة مؤثرة على التنشئة، قد تنفجر بفواجع في أي لحظة عمرية قادمة، والعنف الأسري الذي أفضى إلى القتل في حالات، إضافة إلى تأثر الشباب بحالات انتحار العمال الوافدين كثقافة وافدة سيئة، ومن أكبر أسباب الإقدام على الانتحار الإصابة بمشكلات نفسية نتيجة لتعاطي المخدرات، والبطالة وغيرها. ولهذا لا بد من مواجهة تلك الأسباب ببرامج تعليمية وتثقيفية، تتضافر فيها جهود المدرسة والمسجد مع الأسرة وجهات حكومية كالأندية الرياضية والأدبية، من أجل إحياء القيم الدينية، والتمسك بالمبادئ الإسلامية، وتصحيح معنى الحياة، لجيل استسهل العيش، ولا يتحمل المسؤولية، ويضعف عند أول مواجهة مع ضغوطات الحياة، فنحن - مع الأسف - أمام جيل استهلاكي للقيم المادية والثقافية، يسهل انسلاخه من هويته، وارتداؤه قيماً لا تمت لدينه ومجتمعه بصلة، كما أن الإعلام - خاصة المرئي لتأثيره القوي - مطالب بأن يحيي ببرامجه الهادفة، الوعي الديني والقيمي لمراقبة الله، وفهم قيمة الإسلام في حياة الإنسان، وإبراز القيم الدينية والمجتمعية، ونشر وسطية الدين. محمد بن إبراهيم فايع [email protected]