مكتبة موسيقية ضخمة"احتاجت فقط إلى عود ثقاب واحد"لتُمحى من على وجه الأرض، كان خبراً صادماً لفنانين ومثقفين أن يدفع الإحباط إنساناً كبيراً مثل الموسيقار سراج عمر إلى اقتطاع جزء من ذاته وإلقائه بعيداً.أن يتبرأ منه ويعتبره شيئاً لم يكن. خصوصاً إذا كان هذا الملقى من كيانه ووجوده بات ملكاً لتاريخ الأغنية السعودية ونفخة في روحها. سئم سراج من التهميش فألقى بالتاريخ في عيون متجاهليه ولسان حاله يقول:"إذا لم يوقظكم الفن والجمال ويسترع اهتمامكم. إليكم العبث والجنون من وراء ظهري". رسمت قضية الموسيقار سراج عمر وتخليه عن موروثه الفني والتاريخي بالطريقة التي اختارها استفهامات لدى الأوساط الفنية داخل المجتمع السعودي، وتباينت ردود الفعل حول ما أقدم عليه قامة فنية مثل سراج عمر من إتلاف لمكتبته الفنية ورميها في صندوق النفايات من دون مبررات أو أسباب يرى البعض أنها جوهرية. وأكد الموسيقار غازي علي أحد المقربين للفنان سراج أنه لم يصدق أبداً ما حدث، ولم يعتقد أن رجلاً بحجم الفنان سراج عمر يقدم على هذا الفعل لما يعرفه شخصياً عنه من دماثة الخلق والتعامل الحسن، إضافة إلى أنه يعد من أهم أصدقائه المقربين. وعلّق غازي على ما ذكر على لسان الفنان سراج عمر وفقاً لما نقله أحد المقربين أن أتلافه مكتبته الفنية بسبب الإحباط بالقول:"هو محق في ذلك، ولا ألومه على ذلك أبداً، فلك أن تتخيل أننا وحتى هذه اللحظة لا نملك فرقة موسيقية متكاملة، ولا نملك إذاعة فنية متخصصة تحتضننا وتحتضن سيل المواهب الفنية السعودية المتخصصة. وكلما أراد فنان أو ملحن أن يبحث عن تقديم موهبته، سافر الى القاهرة أو الى أي بلد آخر لعرض عمله، متحملاً التكاليف كافة من إقامة وتنقلات ونحوه، وهذا ما يُشْعِر الفنان بالإحباط، خصوصاً أولئك الذين امضوا مرحلة كبيرة من حياتهم في دهاليز الموسيقى ومن يعتبرون أنفسهم رواداً للأغنية السعودية". وشدد الموسيقار السعودي على أنه لو لم يكن يملك مدرسة فنية تثقيفية داخل منزله يؤمها جمع من طلبته والدارسين عنده لربما أقدم على الفعلة نفسها التي فعلها سراج منذ زمن بعيد"نظراً إلى الإهمال الذي يجده الفن والفنانون من خلال ما يلقونه من صعوبات ومشاق في سبيل إيصال فنهم، ولم يكتفِ فقط بذلك الإهمال بل ظل بعضهم يُلاحق بسيل من الاتهامات المنسوبة إليهم". مشيراً إلى أنه لم يحاول الاتصال بالموسيقار سراج عمر أبداً حتى لا يشعره بأي حالة ألم أو تذمّر. وخلص غازي إلى أن من أهم الأسباب التي تدفع بالملحنين أوالفنانين، خصوصاً الرعيل الأول، الى الانزواء بعيداً، والإقدام على مثل هذه التصرفات، عدم وجود المنتجين الجيدين الذين يبحثون عن العمل الجيد واللحن المميز، ويؤمّنون الفرص المالية الجيدة لهذه الأعمال الفنية الجيدة، بل إنهم انجرفوا خلف تيار الأغنية الحديثة ذات الإيقاع السريع، التي تنتهي قبل أن تبدأ ويستحيل أن يقدمها الرعيل المميز، سواء من الفنانين أم الموسيقيين والملحنين. فيما أكد رئيس قسم الموسيقى في جمعية الثقافة والفنون في جدة وزميل العمل الذي يقبع في الغرفة المجاورة لغرفة الفنان سراج عمر داخل الجمعية الفنان حسين الاهدل ل"الحياة"تفاجأه بالنبأ والتصرفات التي أقدم عليها سراج عمر، وقال:"أنا غير مصدق حتى الآن، وحاولت مراراً الاتصال به من دون جدوى". وأضاف الاهدل:"منذ فترة طويلة وأنا أزامل الموسيقار سراج عمر في الجمعية، ولم الحظ عليه أي تصرفات خارجة عن إطار المألوف بل بالعكس كان مشهوراً بالطيبة ودماثة الأخلاق والتعامل الحسن، إضافة إلى أنه وبعد الحفلة التي كرمته فيها جمعية الموسيقيين العرب في القاهرة وتسليمه شهادة الاوركسترا لم يحضر لمقر الجمعية لمزاولة عمله سوى يوم واحد وبعدها اختفى عن الأنظار". وتابع:"اعلم أن الموسيقار سراج عمر كان يعاني من بعض الآلام في منطقة الظهر أو مايعرف"بالديسك"وهذا معلوم لمعظم الوسط الفني المحيط أو القريب منه، كما انه ظل يعاني من حالة نفسية سيئة جداً لكنني لم أتصور أن تصل به الحال إلى درجة إتلافه مواده الفنية.