يخطئ من يعتقد أن الفن السعودي يتطور. الفن السعودي يتراجع وتتساقط أوراقه بفضل"شللية"بعض المنتسبين إليه. لغة"الدراما"السعودية في هذا العام أقرب إلى العرجاء والعمياء التي تمشي لكنها غير قادرة على السير بسبب"ضبابية"المشهد. في هذا العام انتظر الجمهور الممثلين ناصر القصبي وعبدالله السدحان، على أمل أن يطلا على الشاشة الفضية بروح جديدة تضيف قوة للفن السعودي وتظهر قدراتهما التمثيلية التي لم يكتشفها الجمهور بعد. جاء مسلسل"عيال قرية"مخيباً للآمال و"هزيلاًً"، ولو أنه حاول معالجة درامية عبر حلقاته لبعض الظواهر الاجتماعية، إلا أن أداء الممثلين لا يرقى إلى مستواهما وتاريخهما الفني الذي عرفه الجمهور على مدى 15 عاماً عبر المسلسل الكوميدي الرمضاني"طاش ما طاش". في البلدان الأخرى، يحاول الممثلون خلق روح جماعية تكاملية تعبّر عن المجتمع وما يمارس عليه من ضغوطات وما في داخله من مشكلات ومعوقات بعيداً عن الشلليات والتكتلات الأنانية، وأقربها إلى الذاكرة الفن الكويتي وما ينتجه من أعمال إبداعية يقدمها كبار الفنانين وصغارهم. يتابع الجمهور هذا العام رسالة الفن السعودي، فلا يجد لغة مؤثرة أو رسالة سامية تحرك القرار عند السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الرياضي، وربما أن هناك قصوراً من وزارة الثقافة والإعلام. غاب عن الشاشة الناجح"طاش ما طاش"، وحل الهزيل"عيال قرية"، الذي لا يعبّر عن قدرات القصبي على وجه الخصوص، كما أنه لا يعالج هموم المجتمع ومشكلاته والظواهر الطارئة عليه. في المقابل، تمكن"بيني وبينك"من إضحاك الجمهور وإسقاط بعض المشكلات الاجتماعية في قالب"كوميدي"، إلا أن مبالغة المالكي والعسيري في استلاب الضحكة عبر استخدام بعض المفردات"السوقية"قللت من قيمته كعمل فني. يبدو أن حالة التنافس التي لا أعرف نوعها، بين الفنانين والمخرجين السعوديين تحتاج إلى إعادة نظر وقراءة واقعية لمستوى الفن السعودي بدلاً من أن يظل كل منهم يغني على ليلاه. فالمطلوب صهر رسالة الفن في بوتقة فنية تعبّر عن إرث المجتمع وثقافته وحضارته وتطوراته في قوالب مختلفة وتشكيلات جماعية. لا شك في أن الفن السعودي يواجه عوائق منها ما هو اجتماعي ومنها ما يتعلق بنقص الكوادر التمثيلية، مثل عدم وجود فنانين محترفين أو فنانات سعوديات، ما يستدعي المخرجين إلى استعارة فنانات من دول الخليج أو سورية ومصر. أيضاً المسلسلات في معظمها لا تعكس الصورة الحقيقية لمعيشة المواطن السعودي ولا تتلمس حاجاته وضرورياته الحقيقية، بل إنها حين المعالجة الدرامية تسيء أحياناً إلى صورته مثل إظهار الشخص السعودي بالساذج والبسيط وقليل المفهومية والمعرفة. ليست هناك مشكلة في السخرية الفنية عندما تكون في محلها، خصوصاً إن كانت تناقش مشكلة أو ظاهرة تحتاج إلى وصفة علاجية توقظ ذاكرة المواطن والمسؤول. في بعض الأعمال السعودية الحالية سخرية"مملة"تغرق صورة الإنسان السعودي في أدوار السذاجة بعيداً عن جدية الطرح المؤثر عند المتلقي. إن المراقب للكوميديا المحلية الرمضانية سواء في"كلنا عيال قريّة"أم"بيني وبينك"أم"غشمشم"يلحظ شدة التشابه في المضمون، ولو اختلفت طريقة أداء الشخصيات وتعبير اللهجات وأسلوب الإضحاك. السعوديون يحتاجون إلى العمل بشكل تكاملي - ولو كان انفرادياً أو ثنائياً - نحو نضوج الشخصية الفنية السعودية وتفوقها بدلاً من إغراقها في شخصيات متشابهة بصورة"مهزوزة"رجعية. الفن السعودي يحتاج إلى رسم خريطة طريق تساعد على نهوضه وتفوقه، كما يحتاج إلى منح الفرص للجيل الجديد لكي يتعلم الصناعة من روادها المحليين. كما يحتاج إلى روح عمل جماعية تكاملية تنبذ الأنانية وتشجّع المواهب وتصبر عليها.