لا حديث يعلو هذه الأيام على حديث غلاء الأسعار، الذي طال كل السلع والخدمات، من دون أن تكون هناك بادرة أمل قريبة في عودة الهدوء إلى الأسواق من جديد، إلى سابق عهدها. وإذا كان الغلاء في الشهور الماضية تسبب في تخصيص أوقات"متباينة"بين الأسر، لمناقشة أوضاعها المادية، وكيفية مواجهة موجة الغلاء، إلا أنه في هذا الشهر بات وجبة يومية، لا غنى عنها لدى عدد من الأسر، ليس لسبب سوى أن هناك تزامناً لمناسبتي قرب شهر رمضان المبارك من ناحية، وبدء العام الدراسي الجديد من ناحية أخرى. وتضطر الأسر منخفضة الدخل إلى إعادة حساباتها في شكل أو آخر، للتوفيق بين مصاريف هاتين المناسبتين، من أجل توفير الحد الأدنى لهما، وتُعقد من أجل ذلك جلسات عائلية، يقودها الأزواج، وقد يشارك فيها بعض الأبناء، لتحديد قائمة بالأولويات، وأخرى بالمؤجلات. ويضرب إبراهيم المشاري معلم كفاً بكف، وهو يمسك بيسراه ورقة صغيرة، وفي يُمناه قلم، يسجل في الأولى مفردات الراتب، وما يحتاجه المنزل في الأيام المقبلة"راتبي لا يتجاوز 4500 ريال، يذهب نصفه لديون سابقة وإيجار المنزل، وما يتبقى يكفيني بالكاد والحمد لله، غير أن تزامن مناسبتي شهر رمضان وبدء العام الدراسي في وقت واحد هذا العام، لا يفرق بينهما سوى أربعة أيام فقط، يزيد من الأعباء الأسرية، ما يتطلب معه موازنة مضاعفة، بيد أن الراتب لا يسمح بذلك"، مؤكداً"لا مفر من ترتيب الأولويات من مستلزمات دراسية ومواد غذائية، وتأجيل ما يمكن تأجيله إلى أوقات لاحقة"، مشيراً إلى أن"الزوجة تترتب عليها مسؤوليات كبيرة في تنظيم هذه المسألة، فهي التي تحدد الأهم فالمهم، كما أنها تستطيع أن تتصرف في موازنة الأسرة بشكل جيد ومتوازن، من دون أن تُشعر الزوج بأي أزمات من أي نوع"، ملمحاً إلى أن"زوجتي فشلت في عمل توافق بين المصروف الشهري والمتطلبات المنزلية، ما يجعلني أتدخل لإيجاد حل وسط، ولكن حتى الآن لم أُوفق". وبخلاف المشاري، أدرك فؤاد محمد موظف في القطاع الخاص في وقت مبكر، تزامن المناسبتين"راتبي متوسط، ما يستدعي تدبير شؤوني وشؤون أسرتي، والاستعداد الجيد لكل مناسبة تحل على الأسرة"، مشيراً إلى أنه"قررت قبل ستة أشهر توفير مبلغ ما استعداداً لشهر رمضان وموسم بدء المدارس، وبخاصة إذا عرفنا أن لكل مناسبة تقاليدها ومستلزماتها، وأي محاولة لتقليص هذه المستلزمات، قد تُفسد علينا فرحة المناسبة، وبخاصة على الأطفال، ممن هم في مرحلة الدراسة أو قبلها". ولا ينكر محمد تعرضه لأزمات مالية من وقت لآخر"غالبية الموظفين في القطاعين العام والخاص يتعرضون لأزمات مالية على الدوام، وأنا منهم، ولكن أستطيع القول إن الاستعداد المالي للمناسبات المختلفة يجنب المفاجآت غير السارة"، مضيفاً أن"الكثيرين من السعوديين يتركون الأمور تمشي في مسارها، من دون أن تكون لهم نظرة مستقبلية للأحداث المقبلة".