أهمية الطيران في الاقتصاد السعودي    أمير حائل يدشّن عدداً من المشاريع التنموية لأمانة المنطقة    إعلانات المشاهير ومصالح المستهلكين !    محاولات فك الشراكة السعودية - الأمريكية !    لا تستفزوا الهلال !    أمير القصيم يرعى حفل جائزة إبراهيم العبودي للتفوق العلمي بتعليم المذنب    تمكين الكوادر السعودية في القطاعات الواعدة    أكاديمية مطوري Apple بالشراكة مع أكاديمية طويق تحتفي بتخريج 192 طالبة    ريادتنا التقنية    20 مليار دولار طلبات الاكتتاب.. إتمام تغطية الصك الدولي بقيمة 5 مليارات دولار    ملتقى عربي يناقش مكافحة الجرائم المالية    نقل تحيات القيادة وأشاد بجهود رجال الأمن.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يطلع على المبادرات التنموية لإمارة جازان    موقف ثابت    تكثيف الحشد الدولي للاعتراف بدولة فلسطين    تعزيز التعاون القانوني مع كوريا    أمير الشرقية يتفقد خدمات المستفيدين بالإمارة    بداية من الموسم الرياضي الجديد 2024-2025 .."حراس المرمى" في دوري "يلو" سعوديون    «الانضباط» ترفض رسمياً شكوى الاتحاد على لاعبي الهلال سعود ومالكوم    المدافع الإيطالي المخضرم ليوناردو بونوتشي يعلن اعتزاله    رونالدو يتسلم جائزة هداف دوري روشن    رونالدو يتسلم جائزة هداف دوري روشن    آل الشيخ يعلن عن نزال جديد بين أوزيك وفيوري    ربط رقمي بين الصندوق الصناعي و«تنفيذ»    إطلاق جائزة الفريق التطوعي بالقصيم    "الشؤون الإسلامية" تطلق 247 فرصة تطوعية لخدمة حجاج بيت الله    « كلية القيادة والأركان».. 67 عاماً من التميز في التعليم العسكري العالي    تكريم الفائزين بجائزة الباحة للإبداع والتميز    الأمير سلمان بن سلطان يرعى حفل تكريم الكفاءات المتميزة بتعليم المدينة    ضمن رؤية المملكة 2030 .. الهلال الأحمر يستعد لخدمة ضيوف الرحمن    مايو زعيم التوعية الصحية عالميا    6 أنشطة ابتكارية عالمية لسعوديين    وزير الداخلية يلتقي القيادات الأمنية في منطقة جازان    مالكوم يعود للتدريبات.. وجيسوس وبونو الأفضل    ضبط مواطن بتبوك لترويجه مادتي الحشيش والامفيتامين المخدرتين    جامعة الفيصل.. نموذج في التعليم الجامعي    اللجنة الوزارية تثمن اعتراف إسبانيا بدولة فلسطين    الشورى يقر إنشاء مطارات منخفضة التكلفة حول مدينة الرياض    أمير الشرقية يتفقد إدارات بالإمارة.. ويدشن مبادرة «ليالي حاتم»    «بينالي الدرعية» للفن المعاصر.. تختم النسخة الثانية    أمير حائل يرعى حفل خريجي التدريب التقني والمهني    «الأمر بالمعروف» تسخِّر الذكاء الاصطناعي لخدمة الحجاج    فهد بن سلطان يؤكد على دور برامج الإصلاح والتأهيل للسجون    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة ينهي معاناة سبعيني من تضيُّق الصمام الأورطي بدون جراحة    استئصال ناجح لورم بالكلية اليسرى في مستشفى المواساة بالرياض    نجاح زراعة أول سماعة عظمية إلكترونية لطفلة    60 مبادرة رئيسية ومصاحبة بالمسجد النبوي    الإسعاف الجوي في خدمة ضيوف الرحمن في ⁧منفذ جديدة عرعر‬⁩    وفد اللجنة الوزارية العربية الإسلامية يعقد جلسة مباحثات مع وزير الخارجية الإسباني    الدوسري يناقش عددا من البنود خلال اجتماع الدورة 19 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب    البديوي يشارك في الدورة ال 16 لمهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون    رابطة العالم الإسلامي تُدين مجازر الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني    الصحة الفلسطينية تعلن انهيار المنظومة الصحية في غزة    أمير المدينة يكرم الطلاب الحاصلين على جوائز محلية وعالمية    طائرات "درون" في ضبط مخالفات المباني    وزير الحرس الوطني يرأس اجتماع مجلس أمراء الأفواج    «الشورى» يطالب «حقوق الإنسان» بالإسراع في تنفيذ خطتها الإستراتيجية    أمير المدينة يستقبل السديس ويتفقد الميقات    شاشات عرض تعزز التوعية الصحية للحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقاش قانوني - عوامل نجاح المحامي
نشر في الحياة يوم 22 - 03 - 2007

كلما التزم المحامي في دفاعه معطيات الحقيقة من دون أن يحاول الحيد عنها أو تجاهلها أو الاقتناع بعكسها، كان نجاحه في مهمة الدفاع أكبر, غير أن هذه ليست بالقاعدة المطلقة. فقد يتطلب الدفاع إنكار واقعة حقيقية خشية أن يؤدي التسليم بها إلى إدانة غير مستحقة, فلو أن خادمة اتهمت مخدومها بأنه أجهضها ولم تكن الحقيقة كذلك، وكانت قد حملت من غيره، فان تسليم المخدوم يسبق وجود صلة بينه وبين تلك الخادمة يؤدي إلى إدانته على رغم كونه في واقع الأمر بريئاً من تهمة الإجهاض. وكثيراً ما يضع الجاني محاميه في حيرة حول ما إذا كان من المناسب إنكار الجريمة أم الاعتراف بها. ويرى المحامي حرجاً كبيراً في إبداء نصيحة الاعتراف.
وفي الوقت ذاته فانه ليس مشروعاً تأثير المحامي على أدلة ثبوت الجريمة في حق موكله.
فإذا أسهم المحامي خلال مرحلة التحقيق في التأثير على أدلة الإثبات ضد موكله، ارتكب بذلك إخلالاً مهنياً خطيراً ينحرف بمهنته في غرضها السامي وهو إظهار براءة البريء حقيقة وعلى أساس مستمد من الحقيقة. فمهمة المحامي تفسر المعطيات على نحو يتجه بها إلى إثبات براءة المتهم لا يحق له بحال ما أن يفسد الأدلة ولا أن يصطنعها في صالح موكله. وسلوك المحامي على هذا الوجه الأخير، يكون في قانون العقوبات الايطالي جريمة تسمى بتضليل العدالة. والواقع أن دور المحامي في مرحلة التحقيق محدود لا يتعدى مجرد المتابعة، في حين أن المهمة الكبرى الواقعة على عاتقه إنما يحين وقت أدائها في مرحلة المحاكمة. ولا شك في أن المحامي البارع هو من يجيد مناقشة الشهود ويحدد وجه المناسبة في توجيه سؤال إلى الشاهد أو في السكوت عن سؤاله، ويفهم نفسيات الشهود ومدى جدارتهم بالتصديق، ولا تعوذه وسيلة استنطاق شاهد ملتزم الكتمان والصمت، وذلك بتضييق الخناق عليه عن طريق الأسئلة، كما أن المحامي يستطيع إن كان بارعاً كشف وجه الزيف في شهادة شاهد كثير الكلام.
ويلزم أن يطلع المحامي على ملف القضية قبل الجلسة، ويحسن عدم اكتفائه باطلاع يجريه غيره، لاسيما ومعاينة الملف الأصلي تكشف في كثير من الحالات عن أمور لا يتاح ظهورها باطلاع يجريه الغير، وذلك في مجال تزوير المستندات على وجه الخصوص.
على المحامي أن يستفسر من موكله على عقيدة هذا الموكل في كل شاهد من الشهود، وهل تحرك الشاهد روح عداء أم روح صداقة, وذلك تمهيداً لتحديد مدى المصلحة في سؤال الشاهد ومدى البعد الذي يمكن الوصول اليه في مناقشته. وجرت العادة على عدم الإكثار من سؤال محرري المحاضر، لأن الواحد منهم حريص دائماً على عدم التشكيك قيد أنملة في ما دوّنه بمحضره، كما أنه يردد عادة ما جاء بالمحضر وكثيراً ما يكتفي المحامي لهذا السبب بتلاوة المحضر من دون استماع إلى محرره. غير أن هذه ليست قاعدة مطلقة, فحيث تنهض الشواهد على أن محرر المحضر متحيز أو كاذب، ضيق المحامي الخناق عليه بالمناقشات للكشف عن بهتانه.
والواقع أن المحامي يجد كل من حوله ضده، من متهم مسلكه يستعصي أحياناً تبريره، ومن شاهد يصعب كشف كذبه، ومن حجج مضادة تصدر عن النيابة، ومن حيرة أو روح مضادة ينتابان القاضي، فعليه أن يخرج من كل ذلك بانتصار لرسالته. وهو عادة يُركز جل انتباهه في القاضي لاستكشاف روحه وتنميتها في ذات اتجاهها إن كانت في صفه، أو لتغيير اتجاهها رويداً إن لم تكن مواتية، وفي حال تعدد القضاة ووجود إلمام بالقضية لدى أحدهم من دون الآخرين، يبذل المحامي ذات الانتباه إلى هذا الذي أبدى إلماماً بالقضية، لتعزيز إحساس هذا الأخير أو لتعديل إحساسه بحسب الأحوال، والعمل كذلك على اكتساب تجاوب زميليه أو زملائه من القضاة معه، والاستعانة بهم على ذلك عند اللزوم بأسلوب رفق وهوادة في الإيضاح.
إذن فأهم واجب يقع على عاتق المحامي تجاه موكله، هو استكشاف الاتجاه الذي ينزع إليه القاضي والرؤية التي يرى القاضي بها القضية، وذلك إما لتثبيت القاضي على ذات الاتجاه، وإما لتحويله عنه إن كان اتجاهها غير متجاوب، بحيث يتوصل المحامي بذلك إلى التوحيد إن أمكن بين نظرته إلى القضية وبين نظرة القاضي إليها.
ولا تجدي في ذلك المناقشة الرتيبة بقدر ما يجدي سؤال ذكي أو اعتراض في محله أو حملة تشن في أوانها المناسب.
والمحامي عن المتهم يبني دفاعه على الحقيقة الظاهرة من الإجراءات، وإذا تكشفت حقيقة واقعية تنافي الحقيقة الإجرائية البادية، بذل المحامي كل ما في وسعه لإنقاذ موكله المتهم قدر المستطاع، إذ تكون الحقيقة المكتشفة من دون حسبان لها مضادة لمصلحة هذا الموكل.
وليس الأمر كذلك بصدد المحامي عن المدعي بالحق المدني.
ذلك لأنه إذا تبين حقيقة واقعية تنافي الحقيقة الإجرائية وتعارض مصلحة موكله وهو المجني عليه في طلب التعويض، لا يكون له أن يخون موكله، فهذا لا يجوز، وإنما عليه ان يقتصر على الانسحاب حتى لا يسهم باستمراره مترافعاً في العمل في إدانة إنسان بريء. والمحامي عن المدعي بالحق المدني يواجه عادة تطرفاً ومبالغة من جانب هذا المدعي يجران إلى نزعته إلى التشفي من المتهم. وعليه ان يلطف حدة الموقف الذي يقفه موكله المدعي المدني, ذلك أنه ان كان يغتفر للمحامي عن المتهم تطرف ما في الدفاع إنقاذاً للمتهم من العقاب أو من شدة العقاب، لا يقابل بذات الروح المحامي عن المدعي بالحق المدني في مجال مطالبة بحق مالي، ولذا يحسن بالمحامي عن المدعي المدني أن يلتزم في مسلكه مسايرة النيابة في موقفها والاقتصار على الانضمام إليه فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.