يعتبر نظام القضاء السعودي الجديد إشراقة جديدة على وجه القضاء السعودي زادته شموخاً ورسوخاً، إذ أكد النظام الجديد - ومن جديد في صدوره - أن أحكام الشريعة الإسلامية هي الدستور وهي فقط السلطان القانوني على القضاة في استقلاليتهم وقضائهم بجوار الأنظمة التي يصدرها ولاة الأمر، والتي تتفق مع الشريعة الغراء، والقضاء بذلك لا يدع مجالاً للتدخل فيه من أية جهة كانت. فضلاً عما اشتمل عليه النظام من مواد حاسمة وموضحة لكثير من المسائل التنظيمية التي كان النظام السابق في حاجة إليها، ومن ذلك الفصل بين الوظيفة الفنية القضائية لمجلس القضاء الأعلى ووظيفته الإشرافية الادارية على القضاة، فجعلت الأولى منفصلة تحت مسمى المحكمة العليا. كما أكد النظام سلطان القضاة واستقلاليتهم وطريقة مخاصمتهم وتأديبهم بالشكل اللائق بهم، ما لا يجعلهم عرضة للدعاوى الفوضوية غير المستندة على أساس سليم. حسناً ما فعله النظام من إعادة مسميات المحاكم وترتيبها بشكل أكثر وضوحاً وتنظيماً وبما يتفق والمسميات والترتيبات المعاصرة بما يشعر الجميع أن القضاء السعودي ليس بدعاً من القضاء العالمي المعاصر في مظهره العام الذي يحتوي على عمق قضائي تراثي أصيل. ومما ركز عليه النظام كجديد مفيد ومهم ونص عليه صراحة هو سماع محاكم الاستئناف لأقوال الخصوم بدلاً من اعتمادها سابقاً كمحاكم تمييز على مجرد المذكرات المكتوبة فقط من دون أي مجال لسماع الأقوال شفوية أو مكتوبة، وهو الوضع ذاته بالنسبة للمحاكم الاستئنافية الادارية متى لزم ذلك السماع وهو ما يتفق والمادة 182 من نظام المرافعات الشرعية. واظهر النظام بشكل جلي أهمية الأحكام كسوابق قضائية وضرورة اعتماد مبادئ قضائية منها بواسطة المحكمة العليا توحيداً للأحكام ولمنع تعرضها في القضايا المماثلة. أزاح النظام الجديد غموضاً كان يكتنف مشكلات تنازع الاختصاص وتعارض الأحكام في النظام القديم كما أعاد تنظيم وتوضيح كل ما يتعلق بقضاة المحاكم وكتاب العدل ومعاونيهم بشكل أكثر دقة وسلاسة. ذلك وغيره مما حواه النظام يجعلنا نؤكد أنه أضاف على وجه القضاء في المملكة إشراقة ورسوخاً جديدين. وفق الله ولاة أمورنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين إلى كل ما فيه عز الإسلام والمسلمين. * رئيس المركز الاستشاري للدورات القانونية.