"كنت في بعثة دراسية إلى دولة شقيقة، وكشاب يعيش بغرائز إنسانية لا محيد له عنها، تعرفت على فتاة جميلة مثقفة بحكم الاختلاط وقرب المقاعد الجامعية، ولأني تربيت على العفاف عدم الاختلاط أردت الارتباط بها، فهاتفت أهلي أستأذنهم الزواج منها، غير أنهم رفضوا بشدة وأصر أبي إصراراً عجيباً متحججاً باحتمال انشغالي عن شهادتي الدراسية، وما يعقب الزواج من مصاريف مكلفة، إضافة إلى ضرورة ارتباطي ببنت بلدي!" "تظاهرت بالاستسلام والموافقة على قراره، على رغم محاولاتي، إلا أن حبي لها كان أخذ مني كل مأخذ، فقررنا الارتباط بزواج عرفي بموافقة والدتها ووالدها وبعض أقاربه، واستمرت الحياة حتى نهاية دراستي وحصولي على الشهادة، إذ رزقت خلال فترة الدراسة والزواج ببنت جميلة اتفقنا على تسميتها"شجرة الدر"استبشاراً بالشجرة المتأصلة الجذور واستبشاراً بتفرع شجرة الأسرة، لكن شاء الله ثم أبي أن أعود إلى بلدي سريعاً... وطبعاً خفت أن أبوح له بسر ارتباطي ومخالفتي لأمره وكذلك بسر حفيدته، وكانت نيتي أن أتردد على الأسرة الصغيرة بين الفينة والفينة، غير أن ارتباطي بزوجة من أقاربي منعني من ذلك". "ومرت الأيام ودارت وسارت على غير إرادة مني، إذ أصبحت منحرفاًً منشغلاً عن أبنائي، وها هو ابني البكر قد كبر، وتعاود الحياة دورتها من جديد، إذ بعثته لإكمال دراسته في البلد نفسه الذي درست فيه، وبما أني عانيت من عدم تفهم أبي لي، وضعت قاعدة لابني بألا يخفي عني سراً مهما كان، وأن يبلغني بما يريد القيام به صغيراً أو كبيراً، متخذاً منه صديقاً وابناً في الوقت نفسه ? وها هو يهاتفني كما هاتفت أبي سابقاً... آلو أبي ? أهلاً ابني... لكنني هاتفتك استأذنك في أمر ما، تفضل يا بُني... أبي أريد أن أتزوج، فهناك فتاة أعجبتني أخلاقها وثقافتها ? حسناً يا بُني!" "صعق الأب وكاد يغمى عليه من هول الصدمة، فقد تراءت ابنته شجرة الدر أمامه، وأنها ربما تكون هي شجرة الدر ابنته، فتمالك نفسه مستفسراً: يا بُني ما اسم أمها ? إنها"...."، عندها تأكد أنها ابنته ذاتها فزجر الابن، موضحاً له انه لا يحبذ الارتباط بغير بنت بلده، ليردعه عن الزواج وهو خائف من افتضاح سره، وما يسببه من خراب، والسكوت عليه المؤدي إلى ارتكاب جريمة لا تغتفر، بزواج الأخ من الأخت!" قصة واقعية حكاها بطلها متأسفاً على إفراطه وعدم تقويمه لتبعات تصرفه الأول مع والده، مؤكداً أن القصة حدثت لشبان كثر مثله، ولا يدري ما حلها، غير انه يؤكد أن ثمرة رغبة عاجلة قد تورث ندامة مميتة، وأن الزواج العصري بكل تقليعاته سينتج ثمرات غير ناضجة لسلوك غير ناضج. [email protected]