قفز راعي وصاحب قطيع الأغنام في قرية وادي قديد 120 كلم شمال جدة محمد ماطر عالياً بين أصدقائه، بعد أن صاح معلق المباراة الختامية في نهائي كأس العالم في نسخته ال18،"الطليان يتوجون باللقب الذهبي الأغلى"، ثم عاد المعلق ليصدح بصراخه متفاعلاً مع فرحة التتويج"الطليان في القمة ولا عزاء للديوك". وابن ماطر الذي اتجه اخيراً لتربية المواشي والخرفان، بدلاً من العمل في سوق الأسهم السعودية المتذبذبة، وكساد الأرباح، بعد أن خسر منذ أشهر عدة، أموالاً طائلة بسبب انحدار السوق إلى أسوأ نقاطها، فضل تربية الخرفان وتسمينها ومن ثم بيعها، لأن الربح المادي من بيعها مضمون وجيد، إذ ان الخرفان السمينة، والجاهزة للذبح في العزائم والمناسبات، يطلقون عليها"الطليان". ابن الوادي الذي يعمل في سلك التربية والتعليم أكد"أنا أحب كرة القدم وأمارسها جيداً منذ سنوات، وأحب التجارة وطرقت أبوابها في مجالات عدة من خلال محل لبيع المواد الغذائية، والاسهام في بطاقات سوا، ومن ثم في سوق الأسهم السعودية، لكن يبدو أنه لا نصيب لي في ذلك، واتجهت لتربية الأغنام، فبدأ باب التجارة يمضي جيداً معي، والربح يُدر علي شيئاً فشيئاً، وسعادتي كانت كبيرة عندما فاز المنتخب الإيطالي بكأس العالم، وساندته بقوة أمام منتخب زيدان ورفاقه، كون الكثير يطلق عليه إلى جانب المنتخب الأزوري منتخب الطليان، والطليان تعني عند أهل المواشي الخرفان السمينة، ما رفع من معنوياتي جداً، بل أصبحت أتفاءل بهذا المنتخب كثيراً، من خلال بيع"طلياني"بسعر جيد خصوصاً أننا في موسم الأعراس والمناسبات، ومن ثم سيأتي موسم رمضان وعيد الفطر المبارك". هذا الوصف كان في القرية فماذا حدث في مدينة جدة؟، إذ لم يصدق خالد، وطارق، وهناء، وغزل، أن منتخبهم المفضل يفقد زمام الأمور، ويفرط في فوز ثمين، وتحقيق انتصار من العيار الثقيل، ربما لا يتكرر إلا بعد سنوات عجاف، وهم يرون الطليان ينقلبون إلى مقص ذهبي، أجاد قص ريش ديوكهم المفضلة، ذلك كان حال كثير من محبي كرة القدم بما فيهم العرب، صبغوا خدودهم النضرة بألوان جاءت ملامحها تحمل العلم الفرنسي، تضامناً مع عربية زيدان، تلك العربية التي شكك كثير فيها، معتبرين"زيزو"بربرياً من أصل جزائري، وأياً كان فإن زين الدين زيدان خذل نفسه أولاً قبل أن يخذل، العرب، والبربر، والفرنسيين. طارق يهمس في أذن هناء قائلاً:"هزيمة فرنسا كوم، وسلوك زيدان وطرده كوم آخر"، تتدخل غزل وهي تسرق همسات رفيقيها قائلة بصوت عال:"أنه الخذلان، يا زيدان لقد خذلتنا". كان زيدان، يركض بأناقة، داخل الملعب، وسجل هدفاً رائعاً من ركلة جزاء، لا يسجله إلا الكبار، ولعب كرة أخرى برأسه تجاه مرمى"الأزوري"، وركض زيزو جيداً في الميدان، لكن كل ذلك لم يشفع له، وهو يتحول في لحظة من لاعب أنيق إلى"ثور"هائج. وفي المقابل كان الأغلى والأفضل على مستوى حراس المرمى بوفون في قمة الروعة، وإلى جواره لاعبون كانوا في حلة قشيبة، أمثال ماترازي وفابيو. قامت نسرين وليلى وسعد وهشام، بتوزيع"البيتزا"على الحضور في احتفالية مثالية، اعتلت فيها"الزغاريد"، وكأن الانتصار لمنتخب عربي وليس المنتخب الإيطالي، إعجاباً بالكرة"الأزورية"وبأنديتها الكبيرة، وبنكهة دوريهم الشبيه برائحة"البيتزا"الساخنة. الطريف جداً عندما أطلق أحد الشبان السعوديين صوتاً مدوياً قائلاً:"أنفلونزا الطيور أصابت الديوك، والبيتزا اليوم أشهى، وألذ"، تلك هي تعليقات معظم الشبان وهم يمازحون بعد نهاية النهائي المثير.