لم يعد نشاط المتسولين مقصوراً على التكدس أمام الأسواق والمراكز التجارية، وبوابات البنوك، وأجهزة الصرف الآلي، وإشارات المرور، بل تعداه إلى المنازل والمساجد. ويرى المواطن أنور السالم أن مواجهة تلك الظاهرة تتطلب عملاً مشتركاً بين إدارة الشؤون الاجتماعية والجهات الأمنية وإدارة الشؤون الإسلامية في المنطقة. وشكت أم مشعل من أن أسواق النساء في حائل باتت تعج بالمتسولات. وقالت:"ذهبت مع زوجي ذات مرة إلى السوق، وعندما أوقفتنا الإشارة المرورية إذا بامرأة تتوسل إلى زوجي وتحاول أن تقبل يده لكي ينفحها بمساعدة مالية، الأمر الذي أزعجني، وحين نزلت إلي السوق حدث موقف أصابني بالدهشة، إذ إن فتاة صغيرة لاحقتني وهي تردد"أنا محتاجة، ساعديني، الله يخليك". وعندما أخرجت من محفظتي ريالين، بادرتني بالقول:"خلَّي فلوسك لك يا بخيلة"! وأضافت: علقت إحدى قريباتي، التي كانت ترافقني، بأن تلك المتسولة معروفة بأنها لا تقبل الصدقة إلا من فئة عشرة ريالات فأكثر"! وأشار فهد العريفي إلى أن"الأسوأ في ظاهرة التسول إزعاج المصلين". وقال:"الصدقة كلها خير, لكن التسول سبَب لنا مشكلات كثيرة، خصوصاً إذا انتشر المتسولون في المساجد، لأنهم يزعجون المصلين". ويضيف، أنه فور انتهاء الصلاة, وأثناء انشغال المصلين بالذِّكر والاستغفار, نفاجأ بأحدهم يصرخ بأعلى صوته طالباً الصدقة، وأحياناً يصرخ متسول ثانٍ في زاوية أخرى من المسجد، فتجد المصلين ينزعجون ويخرجون من المسجد قاطعين الدعاء والتسبيح والخشوع"، ولاحظ أنه بعد الخروج من المسجد"تجد النساء ومعهن أطفال رضع يتوسلن بهم الصدقات من المصلين". وتساءل سعد التميمي عن حكم التسول في المساجد، فردَّ الشيخ عبدالعزيز المحيني:"ترى مجموعة من العلماء أن السؤال في المسجد جائز مع وجود الحاجة الصادقة، أما إن كان للاستكثار فهو غير جائز". وزاد"لكن المتأمل لحال السائلين في المساجد في الوقت الراهن يجدها غير مرضية في أكثرها، فترى أحدهم يرفع صوته عالياً يذكر فاقته وأسبابها، وآخر يتخطى الرقاب، وربما اجتمع أكثر من سائل في المسجد الواحد، فتجد تضارباً في الأصوات، واختلاطاً في الكلام، وارتفاعاً في الضجيج، ما يكون له أثره على هيبة بيوت الله، وانشغال المصلين عن الذكر بعد الصلاة". وذكر مصدر مطلع في مكتب مكافحة التسول في حائل، فضل عدم ذكر اسمه أن"الجهود متواصلة للقضاء على هذه الظاهرة، وأن المكتب لديه عدد من الإجراءات التي سيتخذها للحد من انتشار هذه الظاهرة"، وأكد المصدر ضرورة تواصل المواطنين مع المكتب، والتبليغ فوراً عن أي حالات تسول في أي مكان من المدينة، وأضاف، أن كل البلاغات التي يستقبلها المكتب يتم التعامل معها بجدية من خلال التنسيق مع الجهات الأمنية في المنطقة". وأشار إلى أن تعاون المواطن مع المكتب بالتبليغ عن المتسولين"أمر مهم وأساسي للحد من انتشار هذه الآفة في مجتمعنا". وأكد مدير الجمعية الخيرية في حائل سعد الشقير، أن الجمعية تقوم بدور أساسي وفعال لمساعدة المحتاجين، من خلال لجنة متخصصة، تتعاون مع الدوائر الحكومية وعمد الأحياء، وكذلك اتباع أساليب دقيقة في البحث الميداني عن المحتاجين، وأوضح أنه عند التأكد من وجود الحاجة تتم زيارة المحتاج في بيته، وتقديم المساعدة الفورية إليه، وذكر أن"هناك نسبة كبيرة من المتسولين الذين هم في الأساس ليسوا محتاجين، بل يقومون بالتسول للاستكثار، ولا يحبذون الذهاب إلى الجمعيات الخيرية، لأنهم يعرفون أن الجمعية لا تمنح مساعدات إلا للمحتاجين حقاً، وهم في الغالب من المتعففين عن السؤال".