وصلتني رسالة من قارئ ينعتني فيها بأنني متشائمة، وقارئ آخر يرى الإحباط فيّ وعليّ وحولي، وآخر يجدني غبية. كل ذلك أتقبله بطيب خاطر، بل بفرحة أن هناك من تفاعل مع كتاباتي، وأتمنى في سري لو أرسل بهذا الكم من الرسائل إلى رئيسي، حتى لا يقرر يوماً أن يفصلني فتكون الرسائل شهودي، لا بل أود من كل قارئ ومن معارفي وصديقاتي أن يرسلوا إليه برسائلهم بدلاً من إرسالها إلي، لكن العيب والحياء يعني"برستيجي"أمامهم يمنعني من طلب كهذا. فكرت بتزوير رسائل بتواقيع مختلفة كي أرسلها، فيتعلق هو الآخر بزاويتي وما خلفها، تمنياتي ألا تنفك التعليقة، وبالطبع لن أرسل إليه برسالة ذلك القارئ الذي وبخني بقوله انه"لا يفهم مقالاتي". طبعاً تعاطفت معه من كل قلبي فكيف يفهم وأنا التي تكتب بأرقام فيثاغورث ونسبية اينيشتاين وفلسفة أفلاطون، كيف يفهم؟ وكيف افهمه مع محاولاتي الجادة لتسهيل الأسلوب قدر الاستطاعة، مع محاولة إبراز المحتوى لأحتويه؟ علماً بأن المواضيع المطروحة في غاية البساطة، فكيف كان سيفهم لو كتبت في المواضيع العلمية أو إذا كنت استعين بالدراسات والأبحاث والإحصاءات بفعل فطاحل الكتّاب في العالم، كان سيزيدني اتهاماً إضافياً هو إنني كاتبة"النص ونص"، ولن يفهم مرة أخرى. لكن يا قراء العالم العربي كافة، لا افهم كيف أن جميعكم تفهمون كتاب السياسة، الصادق منهم والكاذب، الفاهم والمدعي، تفهمونهم وتنصتون لهم وتتفاعلون معهم وتتواصلون، وبقدرة قادر كل الشعب العربي يفهم في السياسة ويتكلم و"يبربر"سياسة، فماذا لو قلت لكم إننا كلنا لا نفهم فيها ولا نفقه شيئاً عنها؟ هذا ليس بنقد مني، وليست دعوة لعدم قراءتها، فأنا ادعوكم ونفسي معكم كي نقرأ أي شيء وكل شيء حتى فنجان القهوة لو شئتم، لكي نقرأ ونفهم ما يريد الكاتب قوله من دون تأويل أو تحريف واتهامات وسوء نية. فالكاتب، أي كاتب لا يحقق الانتصار والوصول لأن لديه الورق والقلم فقط، فالانترنت وحده وبلغة بسيطة غني بأن يجعل الكل يكتب ويعبر ويتفاعل وينتصر وينهزم ويفهم. لكن الكاتب الحقيقي ينتصر بمعنويات وتشجيع قرائه وينهزم بمعنوياتهم أيضاً، فإذا كانت معنويات القراء عالية وجدنا كتاباً متفاعلين ومفعمين بالحلم والأمل، إذ أنت لا تستطيع أن تقتل الحلم في داخلك ثم تطلب من كاتبك أن يحلم نيابة عنك، ولا تستطيع أن تمحو الخيال من عقله ثم تطالبه بالإبداع، تقتل الأمل في مجتمعك ثم تطالبه بالتفاؤل. والسبب في ذلك هو أن عملية الكتابة الصحافية لا تقتصر على الكاتب وحده، إذ أنت الذي تملي عليه الأفكار، أي بكلمات أخرى"كي يفهم قارئي الذي لا يفهمني"، هي على طريقة نانسي عجرم"نص... نص"وأراهنكم انه فهمني الآن، لأنه إذا لم يفهم من محبوبته نانسي فعلى الشعب العربي برمته العودة إلى صفوف الروضة والتمهيدي، لنبدأ بشرح"الألف باء بوياية قلم رصاص ومحاية"، وكلامي هذا أعرف أنه لا يطاق ولا يليق، وهو جلد لي ولقارئي، لكننا يا جماعة قد حاربنا الأمية والجهل، وعلينا الشروع في رحلة التعلم والثقافة. أن نفكر بطريقة ايجابية ومنطقية ومتفائلة، أن نبحث عن الحلول ونزيل العراقيل لنتقدم، ولا تقدم من دون قراءة، دعونا مثلما نشجع نادي كرة قدم ونشجع التسويق ونشجع الشيشة والمقاهي، نشجع القراءة، دعونا نجعل منها اللعبة الأكثر تشويقاً وامتاعاً، ليس لأنها الإمكان الوحيد الأرخص المتاح للتحليق في ضمير العالم العربي، بل لأنها هي التي ستفتح العقول الموصدة بألف قفل وقفل. خلف الزاوية أيا امرأة أضاءت مذ تراءت ويا حلماً غدا صعب المنال أريد لوجهك القمري ظلاً لكي ينساب شوقاً من خلالي تركت مشاغلي وجميع ناسي بهم يا من أسرتني لا أبالي [email protected]