عجيب أمر بعض الناس الذين يتتبعون العثرات والسقطات ويسعون بقصد أو من دون قصد لجرح الآخرين، إما بالقول أو الفعل أو الكتابة، فإن كان هؤلاء لا يدرون بذلك ولم يحسوا به فتلك مصيبة، وإن كانوا يعلمون بذلك ويتعمدون فالمصيبة أعظم، وكم من شخص ذاق مرارة الأسى والألم من هؤلاء بسبب جرحهم له؟ لدرجة أنهم كرهوه وكرهوا كل شيء منه، وأصبحوا يحذرون منه، بل كم من شخص قال قولاً أو كتب كلاماً رد به على إنسان ويظن أنه أمر عادي ومر مرور الكرام وهو عند من قيل فيه أو كتب عنه عظيم. نعم، نحسب ما نقول هيناً وهو عند من قلنا فيه عظيم، وفيه جرح لمشاعره، خصوصاً النساء لما يتميزن به من المشاعر الرقيقة والعاطفة الجياشة اللاتي جبلن عليها، وما أجمل اللطف مع الآخرين ولين الجانب! ومخاطبتهم بأدب وبكلام حسن، تأدباً معهم واحتراماً لهم. ومهما كان خطأ الشخص لا بد من أن نكون لطفاء بسطاء نتحاور بأفضل وأرقى أسلوب، وبالكلام الطيب والموعظة الحسنة، بعيداً من الشحناء والبغضاء، والغلظة في القول حتى لا نجرح أحداً ولا نخطئ في حق أي شخص، لأن الناس لديهم أحاسيس ومشاعر تلتهب متى ما أهين أصحابها، ثم أن النصيحة علاج ناجح لكسب احترام الناس في وجو ودي بعيداً من أعين الآخرين حتى تؤتي ثمارها وتصفي القلوب وتكون أدعى للقبول. وصدقوني إن كل كلمة تخرج من أفواهنا أو نكتبها وفيها جرح لإخواننا تجلب الحزن والضيق، وربما الدموع، وتحطم النفس. وكل منا يدرك خطورة الزلل على عباد الله، ما يملأ القلوب حقداً وحسداً على جارحها، ويترك أثراً مريراً لدى الغير، وهنا يظهر موقف الشجاعة عند المرء، ذكراً كان أم أنثى، عندما يعلم بأن هذه الأمور واردة الحدوث في أي لحظة، خصوصاً في مثل هذا الزمان، إضافة إلى أن ذلك قدر مقدور. والناس تختلف أجناسهم وعاداتهم وتقاليدهم ومعاملاتهم وثقافتهم وسعة علمهم ووساعة صدورهم، ففيهم الطيب وفيهم الشرير، فيهم صاحب الأخلاق العالية الذي يفرض على الآخرين احترامه من خلال سلوكه، وهناك من هو سم قاتل بكلامه وقلمه، والدنيا مدرسة يتعلم فيها المرء بالتجارب والدروس والعبر، والأيام كفيلة بكشف العاقل من السفيه. ويا ليتنا نفتح صفحة جديدة مع أنفسنا ونعاهد الله أولاً ثم إخواننا بالتأدب معهم واحترام مشاعرهم، ونهج الأسلوب الأمثل في الحوار معهم، ونكف أقلامنا وألسنتنا عنهم، حتى ننال السعادة في الدنيا والآخرة. صالح التميمي- الرس [email protected]