حد إمحاء الفواصل بين الواقع الذي نعيشه وما يفترض أن يكون "شاسع"، فبدهشة تقودنا إلى نقاش "نأمل" ألا يكون "بيزانطياً" هذه المرة، طالعتنا إحدى الصحف منذ أيام بخبر عن ترحيل نحو "17 ألف" متخلف عن العمرة خلال "ثلاثة أيام" فقط من ميناء جدة الإسلامي. الخبر في مضمونه وحتى في قراءة سريعة له يمثل حالة "كارثية" ضخمة. فهذا العدد الهائل يخفي وراءه قصصاً موغلة في الإثم تجاه المجتمع بشكل عام وتقصيراً يأخذ شكل التواطؤ "أحياناً"، من جهات كمكاتب العقارات وغيرها من الجهات الخدمية التي تسهم في إكمال التستر على هؤلاء ودورتهم "الحياتية" التي تضمن لهم استمرارها بشكل "طبيعي" من دون اعتراض، لا من المحيطين ولا حتى من "بعض" الجهات الرسمية الرقابية المسؤولة. وعلى رغم أن القبض على هذا العدد الضخم ? مع أهميته وما يعكسه من جهد - يشير بطريقة أو بأخرى إلى وجود آلاف غيرهم غارقين في سرداب مظلم ممتد ومحاط بسياج قوي عائق لكثير من محاولات الحد من وجودهم، التي "يفترض" أن تقوم بها كثير من الجهات المعنية. إلا انه لا يمكننا تمرير القضية "إعلامياً" كما حدث بخبر مقتضب ينشر على استحياء في هذه الصحيفة أو تلك، وكأنه أمر عابر بين ثنايا الأخبار، ينتظر أن نتجاوزه سريعاً دونما توقف أو مطالبة للمسؤولين بتوضيح واستفسار عن أين ومتى وكيف تجمع كل هؤلاء؟ وما هي نسبة مشاركتهم في أية عملية تمس أمننا أو حياتنا؟ ومن يضمن الإجابة الدقيقة عن هذه التساؤلات إذا كان مرتكبها لا تتوافر عنه أية معلومات تفيد في تعقبه أو الحد من خطورته على اختلاف مستوياتها ? إن وجدت -. القضية خطيرة إذا ما نظرنا إليها من أي جانب شئنا "صحياً - أمنياً - اجتماعياً" لأننا نتعامل مع مجهولين، يستغل البعض رغبتهم في التخفي - وهو الأخطر - بتحويلهم إلى عمالة منزلية "برواتب منخفضة" نظير حمايتهم وتوفير الدعم لهم مضحين من أجل ذلك بالعديد من الاعتبارات والمحظورات التي تصب في الأخير ضد مصالحهم وأمنهم الشخصي من كل نواحيه. السؤال الذي يطرح نفسه الآن وبقوة هو. إذا كان من تم القبض عليهم في ثلاثة أيام فقط. وفي مدينة واحدة هي "جدة" "17" ألف شخص متخلف عن العمرة. وهو رقم بكل المقاييس مخيف. فما هي حال بقية مدن المملكة الأخرى؟ وهل سنفاجأ إذا ما قامت إدارة الجوازات في هذه المدن بحملات دهم شبيهة لما قامات به "جوازات جدة" فتم القبض على عدد مماثل أو يزيد على العدد الذي تم القبض عليه في جدة؟ وكيف يعيش هؤلاء؟ وأين يسكنون؟ ومن يقوم بالكشف عليهم حال مرضهم؟ ومن يتكفل بنقلهم من مكان إلى آخر؟ وأسئلة كثيرة إذا ما تمادينا في طرحها قد نصاب بشيء من "الرعب "حال تشتت الإجابة. ولأننا نتفق في معظمنا على أهمية تناول مثل هذه القضايا و"تشريحها" إعلامياً، فإن المنتظر أن يقوم إعلامنا بإثارتها بشكل موضوعي وشفاف، لتوضيح مدى خطورتها علينا وعلى أمننا ومجتمعنا. [email protected]