لن تسمع صوت هاتفك ، أو المتصلة متأكدة من أنك لن تستطيع الرد عليها، قبل أن تلغي عملية الاتصال. ستنظر إلى شاشة هاتفك المحمول، لتجد إشارة إلى مكالمة أو أكثر مفقودة Missed Call. الرقم دولي، ومصدر الاتصال في معظم الأحيان تركيا أو الجزائر أو تونس... أو دولة مجهولة بالنسبة إليك. وما أن تعاود الاتصال ستكتشف أن المتصل امرأة أو فتاة صغيرة في العشرينيات من عمرها. ربما تقول لك، بالعربية المكسرة:"أحبك"، أو بالانكليزية المكسرة أيضاً:"I love you". هي تود أن تستمر المكالمة أطول وقت ممكن ولن تتوانى عن استخدام كل الطرق، خصوصاً إصدار الأصوات الإباحية. على أي حال ستكسب هي وقتاً خسرته في محاولة معرفة هويتها. كما أنها لن تتردد في الاتصال مرة ومرتين وثلاثاً... المهم أن تتصل أنت. ومحاولاتك في فتح الخط قبل أن تنهي هي عملية الاتصال ستبوء بالفشل. فالمتصل محترف، وربما يستخدم جهازاً مخصصاً لإيقاف عملية الاتصال قبل الإجابة عليها. عبدالله المقيد يقول:"أتجاهل هذه المكالمات، على رغم أنها تزعجني كثيراً. حتى خدمة رفض بعض الأرقام لا تفيد هنا، فالرقم يتغير في كل مرة". أصدقاء المقيد كلهم، لا يتصلون على أي مكالمة دولية مفقودة، سوى على تلك الأرقام التي يعرفونها جيداً - أصدقاؤهم أو أقاربهم. واللافت أن المتصلين لا ينحصرون في النساء، فهناك رجال وشبان، ربما استهدفوا النساء السعوديات. لكن الشاب المتصل، ما أن يتأكد من أنك رجل، ولن تعاود الاتصال به مرة أخرى، سينسحب باحثاً عن رقم آخر، عله يجد امرأة أو فتاة. وذلك لا يمنع الرجل المتصل من محاولة طرح بعض الأسئلة عليك، كي يستفيد قدر الامكان من المبلغ المالي الذي سيحسب عليك، كلما طال وقت المكالمة. يبدو أن هؤلاء المتصلين الغرباء يختارون الأرقام بصورة عشوائية. لكنهم يعرفون جيداً مفاتيح أرقام الهواتف المحمولة السعودية، التي تتميز بخاصية كشف الرقم. في 28 سبتمبر 2000، نقلت وكالة أ.ف.ب، أن شركة الاتصالات السعودية أعلنت قرارها إغلاق الاتصالات الهاتفية الدولية المباشرة مع 21 دولة. وكان القرار بحسب الشركة: للحد من اتصالات شباب، ذات طابع اباحي، مع فتيات من هذه الدول في إطار"خطوط الصداقة الدولية". ونشرت الشركة لائحة الدول ال21، موضحة أن الاتصالات بهذه الدول غير ممكنة سوى عبر مركز الاتصال الدولي للشركة. وأكدت الشركة في ذلك الوقت، أنها ستضيف إلى"اللائحة السوداء"أي بلد يثبت تعامله مع هذه الخطوط. وكان من بين الدول بنما وموناكو وسيراليون ومكاو وسورينام والدومينيكان وجزر القمر وبيلاروس وبنين وهايتي. وقالت الشركة إن قرارها، محاولةُ حدٍ من ظاهرة شكلت عبئاً اجتماعياً ومادياً على أصحاب هواتف سجلت فواتيرها مبالغ خيالية، نتيجة قضاء ساعات طويلة في حديث مع فتيات عبر هذه الخطوط. وواجهت الشركة في تلك الفترة مشكلات عدة، مع فواتير بلغ بعضها أكثر من ربع مليون ريال 67 ألف دولار، عجز أصحابها عن تسديدها. لعل شركة الاتصالات بعد مرور نحو نصف عقد، نجحت في شكل واضح في الحد من ظاهرة المتصلين بخطوط الصداقة، بفضل اللائحة السوداء. كما نجحت في الحد من فواتير المبالغ الخيالية، بفضل خاصية الحد الائتماني. يبقى السؤال، كيف ستحد شركة الاتصالات من ظاهرة أولئك المتصلين الغرباء، واستنزافهم أموال السعوديين، خصوصاً المراهقين والمراهقات منهم؟