تنكشف عوامل التأزم اللبناني بكاملها اليوم، مع عقد الجلسة النيابية التي حصر رئيس البرلمان نبيه بري جدول أعمالها ببند وحيد هو إقرار مشروع اللقاء الأرثوذكسي لقانون الانتخاب، الذي يقضي بانتخاب كل مذهب لنوابه على النظام النسبي، والذي ترفضه قوى عدة أبرزها تيار"المستقبل"و"جبهة النضال الوطني"النيابية برئاسة وليد جنبلاط، اللذين سيغيبان مع نواب مسيحيين مستقلين عنها، فيما أطلقت الخشية من المأزق الذي سيقود إليه عقدها اتصالات ماراثونية خلال الساعات الأخيرة بين"الكتائب"و"القوات اللبنانية"اللذين كانا أيدا"الأرثوذكسي"، وبين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي، قالت عنها مصادر الأطراف المذكورة أنها أحدثت تقدماً كبيراً يمهد للاتفاق على مشروع قانون مختلط يدمج بين النظامين النسبي والأكثري. راجع ص 6 و7 وإذ عقد بعض قادة"14 آذار"اجتماعاً موسعاً مساء أمس، للبحث في تظهير اتفاقها المفترض على مشروع المختلط الذي كانت طالبت بري بوضعه على جدول أعمال الجلسة النيابية إلا أنه رفض لغياب اتفاق واضح عليه، فإن مصدراً قيادياً في تيار"المستقبل"أكد ل"الحياة"أن الاتفاق مع"الكتائب"و"القوات"على المختلط"سيفقد الجلسة النيابية اليوم نصابها وينسف المشروع الأرثوذكسي الذي تعارضه بشدة"، لأن"القوات"و"الكتائب"سيكونان مع المشروع الجديد بدلاً منه ولن يحضراها. لكن مصادر مطلعة قالت إن"الكتائب"لم يؤيد المشروع الجديد نهائياً بعد"والصباح رباح". وذكر المصدر نفسه أن"14 آذار"كانت تتجه ليل أمس الى الامتناع عن حضور جلسة اليوم، حتى لو تكرّس الاتفاق على القانون المختلط ليلاً، نظراً الى تعذر طرحه عليها بفعل حصر بري جدول الأعمال ب"الأرثوذكسي"، وأشار الى أن"14 آذار"بمن فيها"الكتائب"و"القوات"ناقشت ليل أمس اقتراحاً بأن يعلن اتفاق مكوناتها كافة، إذا اكتمل، على المشروع المختلط الجديد صباح اليوم قبيل عقد الجلسة ويبلغ الرئيس بري بهذا الاتفاق، فإذا قبل بوضعه على جدول الأعمال يحضر الجميع الجلسة النيابية، وهي ستقرر الموقف بناء على ما يتوافر من أجوبة ومعطيات. وقال مصدر آخر في"14 آذار"إنها أخذت قراراً برفض البحث في أي قانون لتأجيل الانتخابات أو التمديد للبرلمان إلا على أساس إقرار قانون جديد توافقي، ليتم تأجيل تقني لها، لا يتعدى مدة قصيرة تحتاج إليها وزارة الداخلية للتحضير لعمليات الاقتراع. وأكدت مصادر"14 آذار"أنها كانت أخذت قراراً برفض التمديد عند طرحه رداً على طرح بري"الأرثوذكسي"، وهي ستستمر على هذا الموقف من باب إصرارها على إجراء الانتخابات في أقرب وقت. وكانت الاتصالات المكوكية للتوصل الى اتفاق على مشروع قانون مختلط تسارعت منذ ليل الاثنين فزار النائب أحمد فتفت الرئيس سعد الحريري في جدة للتداول في أفكار المشروع. وعاد فتفت بعد الظهر ليلتقي قيادة حزب"الكتائب"، حيث أجرى منسّق اللجنة المركزية فيه النائب سامي الجميل اتصالاً بالحريري، ثم عقد اجتماع بين قياديين من"المستقبل"والوزير وائل أبو فاعور والنائب أكرم شهيب والمشرف على الانتخابات في الحزب الاشتراكي هشام نصر الدين أبلغ الاشتراكي خلاله موافقته على المشروع المختلط الجديد، خصوصاً أنه يبقي على عاليه والشوف في دائرة واحدة في النظام النسبي. وعلمت"الحياة"أن المشروع يقوم على أساس: 67 أكثري في 26 دائرة و61 نسبي في 6 محافظات. وكان المكتب السياسي لحزب"الكتائب"اتخذ قراراً قبل لقائه مع"المستقبل"، بحضور جلسة اليوم النيابية وبالتصويت على"الأرثوذكسي". وطرح الجميل عند اجتماعه مع فتفت مجموعة من الأسئلة عن المشروع المختلط تتعلق بتوزيع الدوائر على النظام الأكثري زيادة عدد الدوائر الصغرى والنظام النسبي زيادة عدد المحافظات وكذلك توزيع المقاعد النيابية على النظامين. وبالتالي لم يعط موافقته النهائية على المشروع. وقالت مصادر كتائبية ل"الحياة"إن الاتصالات مفتوحة مع مكونات"14 آذار"وسيحدد الحزب موقفه من المشاركة في الجلسة النيابية بناء عليها صباح اليوم. وأثارت الاتصالات بين قوى 14 آذار حفيظة زعيم"تكتل التغيير والإصلاح"النيابي ميشال عون الذي أعلن أن"الأرثوذكسي"أقر بالإجماع في الاجتماعات التي عقدت في البطريركية المارونية وعلى الأحزاب المسيحية عدم التراجع عن تأييدها له. ودعا الى اتحاد مسيحي حوله. وأوفد وزير الطاقة جبران باسيل للقاء قيادة حزب"الكتائب". وفيما يؤدي توافق قوى 14 آذار بكل مكوناتها على المشروع الجديد، مع الحزب التقدمي الاشتراكي الى تأمين الأكثرية له ونسف"الأرثوذكسي"ويقلب الطاولة، قال الرئيس بري مساء أمس أنه ماضٍ في عقد الجلسة وأنه سينظر في المعطيات التي ستتوافر أمامه غداً لتقدير الموقف واتخاذ القرار المناسب.