هل القرآنيون فئة ضلت السبيل.؟    شاطئ المرجان بشاطئ نصف القمر يواصل جذب الزوار والمتنزهين    رئيس مجلس الشورى يصل إلى دولة قطر في مستهل زيارة رسمية    في الذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد: الشرع يتعهد بإعادة بناء سوريا قوية وعادلة    خيرية مرض ألزهايمر تحصد شهادة الأثر الاجتماعي    صبيا تُعيد رسم ملامحها الحضرية بخطوات متسارعة    هيئة الأدب والنشر والترجمة تستعد لإطلاق معرض جدة للكتاب 2025    فرع هيئة الصحفيين بعسير يرسخ عام من المنجزات    الرياض أول مدينة سعودية تنضم رسميًا إلى شبكة المدن العالمية    الشيخ البصيلي يختتم المحاضرات التوجيهية لمراكز الدفاع المدني بعسير    الأخضر يختتم مشاركته في مونديال السلة الموحدة ببورتوريكو بحصاد فضية الرجال ورابع السيدات    الشورى : الميزانية تعكس نجاح الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية وفق رؤية المملكة    5 محطات ركاب للقطار الكهربائي السريع بين الرياض والدوحة    أمير الرياض يطلع على المشاريع والخطط الإستراتيجية لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية    شراكة استراتيجية بين مجموعة روتانا للموسيقى و HONOR توثق لحظات لا تتكرر انطلاقا من جلسة شعبيات محمد عبده    سوق الأسهم السعودية يغلق متراجعا وسط سيولة 3.5 مليارات ريال    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية الذوق العام    "العلا" تتوج عالميًا كأفضل مشروع سياحي    "إرث العقارية" تشارك بصفتها الراعي الماسي في مؤتمر سلاسل الإمداد 2025 وتعرض مشروع "مجمَّع سويفت اللوجستي"    ولي العهد وأمير قطر يرأسان مجلس التنسيق السعودي القطري    "التحالف الإسلامي" يطلق برنامج الاستخبارات التكتيكية بالرياض    الأفواج الأمنية بجازان تقبض على شخص لترويجه 11 كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    "التخصصي" يتوج بثلاث جوائز في مجال الخزينة وإدارة النقد بقطاع الرعاية الصحية    خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يهنئان الرئيس السوري بذكرى يوم التحرير    صلاح يهدد بالاستبعاد عن مواجهة انتر ميلان    الأهلي يتفق على تمديد عقد ميندي    إحالة منشأة تجارية إلى النيابة العامة لتداول أجهزة طبية مخالفة للنظام    أمانة القصيم ترفع جاهزيتها لاستقبال الحالة المطرية المتوقعة    أعمال قمة كوموشن العالمية 2025 في الرياض    إصابة فلسطيني برصاص الاحتلال شمال مدينة القدس    4.8% نمو الاقتصاد السعودي خلال الربع الثالث من 2025    الصناعات الإيرانية حاضرة في معرض المنتجات العربية والعالمية بمكة    عازم و تجمع عسير الصحي توقّعان مذكرة تفاهم لتنفيذ مشروع " خطوة "    ⁨الإسلام دين السلام لا إرهاب وعنف⁩    «أحياها» تشارك في ختام «دُرّة طلال» وتحتفي بتأهيل 25 مقدمة رعاية بالأحساء    ثلاث مدن سعودية تنضم إلى شبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلّم    التدخل العاجل ينقذ 124 حالة بمستشفى أجياد    حماس تشترط انتهاء الاحتلال لتسليم السلاح    «الدعم السريع» يقصف المدنيين في كردفان    في معرض "أرتيجانو آن فييرا" بمدينة ميلانو.. «الثقافية» تعرف العالم بتاريخ وثقافة السعودية    اعتمد لجنة لتطوير الحوكمة.. «الألكسو» برئاسة السعودية: إنشاء المركز العربي لدعم المسار المهني    العزف على سيمفونية حياتك    أكد أن العملية على وشك الانتهاء.. المبعوث الأمريكي: اتفاق السلام في أوكرانيا في «الأمتار العشرة»    نتائج المسح الصحي الوطني لعام 2025.. 95.7 % من البالغين لديهم تغطية ل«نفقات الرعاية»    آل الشيخ يطلق النسخة الثانية من مبادرة «ليلة العمر».. رسم بداية جديدة لشباب الوطن    «سار» تحصد جائزة أفضل مركز اتصال بقطاع السفر    اشتراط تفعيل الجواز للسفر بالهوية الوطنية    للعام الخامس على التوالي.. يزيد الراجحي يتوج ببطولة السعودية تويوتا للراليات الصحراوية    ميسي يقود إنتر ميامي للقب الدوري الأمريكي    لا تلوموني في هواها    السمنة تسرع تراكم علامات الزهايمر    جامعة الطائف تكشف بدراسة علمية عن مؤشرات فسيولوجية جديدة للمها العربي في بيئته الطبيعية    نائب أمير الشرقية يطلع على أعمال فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بالمنطقة    تتم عبر تصريح «نسك» للرجال والنساء.. تحديد زيارة الروضة الشريفة ب«مرة» سنوياً    المجلس العالمي لمخططي المدن والأقاليم يختتم أعماله.. ويعلن انضمام أمانة الرياض لعضوية المنظمة العالمية "ISOCARP"    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. "التخصصات الصحية" تحتفي ب 12,591 خريجًا من برامج البورد السعودي والأكاديمية الصحية 2025م    أمير منطقة جازان يؤدى واجب العزاء والمواساة لإبراهيم بن صالح هملان أحد أفراد الحماية (الأمن) في وفاة شقيقته    أمير منطقة تبوك يكرم المواطن فواز العنزي تقديرًا لموقفه الإنساني في تبرعه بكليته لابنة صديقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر : الثورة العميقة والمآلات
نشر في الحياة يوم 16 - 11 - 2013

أصدرت محكمة مصرية، يوم الثلثاء 12 تشرين الثاني نوفمبر 2013، قراراً يقضي برفع حالة الطوارئ وحظر التجوّل المطبقين منذ ثلاثة أشهر قبل موعد انتهائهما في 14 تشرين الثاني نوفمبر. وصرّح المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس الوزراء أن الحكومة ستحترم الحكم، إلا أنها تنتظر إبلاغاً رسمياً من المحكمة قبل البدء في تنفيذه. وكان الرئيس المصري الموقت عدلي منصور أعلن حالة الطوارئ في 14 آب أغسطس الماضي بعد أعمال العنف التي شهدتها مصر إثر قيام الشرطة بتفريق اعتصامي أنصار"الإخوان المسلمين"في القاهرة ومقتل العشرات في فوضى الاشتباكات.
بصدور قرار المحكمة بالخروج المبكّر من حالة الطوارئ، تخرج مصر من عنق الزجاجة الذي دخلت فيه للمرة الخامسة في تاريخها، وبطرفيها المنقسمين بين"عدوية والتحرير"، على رمزيتهما، بينما ما يزال رجل الشارع، الذي لا حول له ولا قوة ولا حتى إرادة أو ميول سياسي، يدفع ثمن هذا التجييش والاحتقان غير المسبوقين في الحياة السياسية المصرية المعاصرة، والذي كانت ذروة العنف فيه الطريقة التي تمّ فيها فضّ الاعتصام الموالي للرئيس المعزول، محمد مرسي، في ميداني النهضة ورابعة العدوية، الذي أودى بحياة العشرات من المصريين بغض النظر عمّن بدأ بإطلاق النار الحيّ على المعتصمين، سواء كان رجل شرطة أم أحد"الإخوانيين"الذين حشدوا السلاح في مواقع الاعتصام استعداداً لتلك اللحظات.
وفيما أفادت استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة زغبي الأميركية في أيار مايو وتموز يوليو في مصر، أن 93 في المئة من الشريحة التي تم استفتاؤها من الشعب المصري يثقون بالمؤسسة العسكرية المصرية، وهو موقف يشترك فيه الإسلاميون والعلمانيون، إلا أن ما حدث صباح 14/8 من اقتحام الجيش لفضّ اعتصام العدوية والنهضة قد يقلب كل الموازين وينزلق بنتائج هذه الاستطلاعات إلى ما يعادل الصفر، لا سيما إثر استقالة نائب رئيس الجمهورية، محمد البرادعي، على خلفية استعمال العنف في فضّ الاعتصامات الشعبية، وما تلاه من اعتقال لرئيس الجمهورية المنتخب محمد مرسي وقيادات"إخوانية"وشخصيات بارزة موالية لها.
ولعل أهم ما يكشفه استطلاع الرأي لشهر تموز يوليو الماضي ذلك التضارب في مواقف المصريين حيال الدور الذي تضطلع به الولايات المتحدة في التطورات الداخلية، فأوباما الذي اكتسب أصواتاً مصرية عديدة عقب خطابه الموجّه للعالم الإسلامي من جامعة القاهرة عام 2009، عادت شعبيته لتنخفض إلى الحضيض بمعدل لا يتعدى ال3 في المئة لدى المصريين، فيما تدنّت شعبية الولايات المتحدة نفسها إلى 1 في المئة وفق الاستطلاع نفسه. ورغم ذلك يبقى المصريون منقسمين إزاء أهمية احتفاظ بلادهم بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة. واللافت أن الجماعة السياسية الوحيدة التي ترى أغلبيتها ضرورة تحسين العلاقة مع واشنطن هي"تمرد". وفي الاستطلاع أيضاً ذكر ثلثا المصريين أن الولايات المتحدة أفرطت في دعمها لمرسي، كما يعتقد ثمانية من أصل كل عشرة أن"بلادهم تضرّرت من السياسة الأميركية الداعمة لمرسي ولوصول"الإخوان المسلمين"للسلطة.
جاء تخفيض الدعم العسكري الأميركي للجيش المصري إثر عزل مرسي ليؤشر الى أن البيت الأبيض يرى في ما قام به الجنرال السيسي انقلاباً عسكرياً، رغم أن الإدارة الأميركية لم تطلق رسمياً على حركة 3 يوليو"انقلاباً"، ما يقتضي حسب القوانين الأميركية إيقاف الدعم العسكري عن جهة تعتبر إنقلابية. وأثار الموقف الرسمي هذا لغطاً واسعاً في الأوساط الرسمية الأميركية التي يرى الصقور فيها أن مثل هذه السياسات تزيد حجم البلبلة والغموض الذي يعتري سياسة الولايات المتحدة تجاه أحداث الشرق الأوسط المتفاقمة، تلك السياسات الملتبسة التي أسفرت عن عواقب وخيمة بدلاً من أن تساعد على إشاعة الاستقرار والأمن.
وقد انتقد السناتور الجمهوري الأميركي السابق نورم كولمن موقف بلاده الأخير من مصر وقرارها بتخفيض المساعدات العسكرية السنوية التى تقدمها واشنطن للقاهرة. وجاء في مقال كتبه مؤخراً لجريدة الواشنطن بوست ما مفاده"أنه في اللحظة التي يتوجب فيها على السياسة الأميركية أن تدعم خطوات الحكومة الموقتة في مصر نحو الديموقراطية، فإن القطع الجزئي فى المساعدات يمنح الشرعية فى مصر لمن يكرهون الولايات المتحدة، كما أنه يساعد على وجه التحديد جماعة"الإخوان المسلمين"فى التشبث بالقليل من الصدقية المتبقية لها. والمصريون مثل الكثير من الأميركيين، لا بد أنهم يتساءلون عن الجانب الذي تقف معه واشنطن، ويجب أن يعرف قادة مصر والمنطقة من الذي تقف معه الولايات المتحدة". ويضيف كولمن"إن الولايات المتحدة تحتاج بشدة إلى استعادة الثقة والصدقية من العرب المعتدلين، ولديها فرصة لتفعل هذا مع مصر، لكنها لم تقدم عليها حتى الآن. يجب أن يقدم أوباما دعمه الكامل للشعب المصري وأن تعترف إدارته بأن رئاسة مرسي كانت نتيجة سيئة لفكرة جيدة"!
على رغم أن الإطاحة بالرئيس مرسي جاءت بطلب شعبي ممهور بتوقيع على استمارات"تمرّد"لأكثر من 22 مليون مصري نزلوا في 30 حزيران يونيو إلى الشارع مطالبين بسحب الثقة من الرئيس، وعلى رغم أن سياسة مرسي التي جَيّرت الكلمة الفصل في الحكم ل"الإخوان المسلمين"وقوّضت الدعائم الهشّة للديموقراطية الوليدة وعمّقت الانقسام في الشارع المصري المنقسم أصلاً على نفسه، إلا أن مثوله صباح 4 تشرين الثاني في قفص الاتهام يعتبره العديد من رعاة الديموقراطية وأنصارها، دولاً وأفراداً، حبساً للشرعية الدستورية التي وقّع عليها الشعب المصري في 25 حزيران 2011 بدمائه، وأرادها نهجاً لخروجه الكبير من ظلامية الاستبداد إلى نورانية العدالة الإنسانية.
تحدّيات جمّة تواجه الجيش المصري، على رغم التأييد الشعبي الذي يحظاه في نفوس المصريين، لجهة التمادي بالبطش الأمني والردّة الإعلامية التي تسترجع سياسات كمّ الأفواه والتي ليس آخرها حظر برنامج باسم يوسف الاستعراضي الساخر، وكذا فرض القبضة الحديد على مفاصل الحياة العامة وإقصاء كل الأصوات المنادية بالإحتكام إلى الطبيعة المدنية للحكم والابتعاد عن عسكرة القرار السياسي في مرحلة هي الأدقّ في التاريخ المصري المعاصر.
أما الولايات المتّحدة فتحدّيها الأعظم يكمن في تبنيها لوقفة شجاعة، نزيهة وحيادية، من دعم الممارسة الديموقراطية، تطبيقاً وأفعالاً لا قولاً وشعارات، وذلك بمنأئ عن طبيعة علاقتها مع الجهة التي وصلت ديموقراطياً إلى سدّة الحكم في دول الثورات العسيرة من"الربيع"العربي.
* كاتبة سورية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.