حماة البيئة    رحل من كان أبا للجميع    السعودية تسعى لتوطين الصناعات العالية القيمة مع شركات صينية    ضبط 318 مخالفا لممارستهم نشاط نقل الركاب دون ترخيص    اتفاقيات سياسية سعودية مع 4 بلدان    القيادة تهنئ تركمانستان بذكرى الاستقلال    مدرب ريال مدريد : خسارة مؤلمة رغم أنها الأولى لنا هذا الموسم    تعرف على غيابات الهلال أمام ناساف الأوزبكي    ضبط 18421 مخالفا للأنظمة خلال أسبوع    المغورب بين عالم الغموض والحاسة السادسة    سوق الأعمال في المعرض السعودي للفعاليات    الارتقاء بالمحتوى الرقمي    مراكز الرؤية.. دموع الأطفال تتكلم    "الجوازات": للزائر حرية القدوم والمغادرة عبر جميع منافذ المملكة    النقل تفتح باب الاستثمار في المركبات ذاتية القيادة    أموريم: برينتفورد أقوى من مانشستر يونايتد    المؤتمر الصحفي الحكومي يستضيف وزيري الإسكان والإعلام ورئيس "هيئة العقار"    الأمير سعود بن نهار يشهد احتفال أهالي الطائف باليوم الوطني السعودي ال 95    د. البقمي: سجلات المتبرعين وبنوك الحبل السري تدعم الطب التجديدي    المملكة تستضيف الدورة ال 27 لهيئة الغابات والمراعي في الشرق الأدنى    أول محمية ملكية سعودية تنضم لبرنامج MAB الدولي    51 شهيدًا اليوم مع تواصل العدوان الإسرائيلي على غزة    فعاليات قرية جازان التراثية تشعل الواجهة الجنوبية احتفاءً باليوم الوطني السعودي ال95    الملحقية الثقافية بماليزيا تحتفي باليوم الوطني السعودي ال٩٥    ملتقى علمي في سيئول يناقش الترجمة والذكاء الاصطناعي    جمعية إحسان لحفظ النعمة تنفذ برنامج "عزنا بوطنا" للأطفال احتفاءً باليوم الوطني ال95    عطيف يحصل على وسام الملك عبدالعزيز    مستشفى الملك فهد الجامعي يحقق إنجازًا بزراعة عظم ومفصل المرفق وترميم الأربطة المحيطة    أمطار رعدية غزيرة على عسير وفرصة للسيول بعدة مناطق    د. العسكر: عيادات غير مرخصة تستغل "الخلايا الجذعية" بادعاءات علاجية خطيرة    في صمت النفس غربة الواقع وتمرد العقل    المزاح والضغوط النفسية    رسالة سعودية إلى العالم    مهنة التسول    لوران بلان يُبرر خسارة الاتحاد في الكلاسيكو    ترتيب دوري روشن بعد فوز النصر على الاتحاد    محافظ طريب يرعى احتفال مركز الصبيخة باليوم الوطني 95    مزاد نادي الصقور السعودي.. مبيعات تتجاوز 41 مليون ريال في 5 أعوام    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    وزير الخارجية يوقع اتفاقيات تعاون مع منغوليا وقبرص والبوسنة    إطلاق "التحالف الطارئ للاستدامة المالية للسلطة الفلسطينية"    نجوم الفنون القتالية يتحدثون عن استعداداتهم في المؤتمر الصحافي ل«دوري المقاتلين المحترفين» في الرياض    ارتفاع أسعار النفط إثر هجمات شنتها أوكرانيا على البنية التحتية للطاقة في روسيا    إيران لا تعتزم الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي    محافظ قلوة يرعى احتفال أهالي المحافظة باليوم الوطني ال 95    "الشؤون الإسلامية" تُقيم خطبة الجمعة في مسجد السلام في تشيلي    عسير تقتدي… وفاءٌ يتجدد وعطاءٌ يتجسّد    دولتي عظيمة    وزارة الرياضة تختتم مشاركتها في فعاليات معرض "إكسبو اليابان 2025"    أكثر من 53 مليون زائر للحرمين الشريفين خلال شهر ربيع الأول    إمام المسجد الحرام: حب الوطن نعمة وواجب شرعي يستوجب الشكر والدفاع    إمام المسجد النبوي: الغفلة تصدّ عن ذكر الله وتضيّع الأعمار    الإفتاء بعسير يحتفي باليوم الوطني ال95    فتح الرياض    في وداع العزيز أبي عبدالعزيز    الرئيس الأمريكي وقادة دول عربية وإسلامية في بيان مشترك: إنهاء الحرب خطوة نحو السلام    تصعيد متبادل بالمسيرات والهجمات.. والكرملين: لا بديل عن استمرار الحرب في أوكرانيا    كوب «ميلك شيك» يضعف تدفق الدم للدماغ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديوان سلمان زين الدين . "أقواس قزح" يلونها الزمن
نشر في الحياة يوم 10 - 05 - 2012

عند لقاء المطر والشمس يتكوّن قوس قزح! وكم هي كثيرة اللقاءات التي كان سلمان زين الدين شاهداً عليها، حتّى صارت"أقواس قزح"عنواناً لمجموعة شعريّة، تحكي عن نهر العمر الذي كاد يذهب هدراً إلى البحر، لولا عشق الشاعر الطبيعة والتزامه بالناس وفرحه بربيع عربيّ كافأ انتظاره. تحضر الطبيعة بكلّ وجوهها في قصائد زين الدين، يتماهى بها ويرى في فصولها مراحل حياته، فللصيف وآب سبع مفردات، وللخريف وأيلول سبع أُخر، وللشتاء وكانون ستّ منها. في المقابل ينتشر الربيع بألوانه القزحيّة الزاهية بدءاً من الغلاف والإهداء إلى الشباب العربيّ وصولاً إلى الكلمة الأخيرة من المجموعة"الياسمين"في قصيدة مهداة إلى الثائر التونسي محمّد البوعزيزي"إذ يرى الشاعر في الربيع عمره كفرد، وعمر الشعوب العربيّة التي تجدّد شبابها كلّ يوم وتنتفض من رماد 11 مفردة يغطّي الجمر 15 مفردة طائر فينيق 6 مفردات لا يعرف الموت، بل يخلع قميصاً 11 مفردة ليعود في قميص آخر: في قصيدة أو أرض أو جسد.
في المجموعة الشعريّة"أقواس قزح"الصادرة عن دار نلسن، للربيع ونيسان وآذار 19 مفردة حقول معجميّة كبيرة، فهو صنو الحياة والتجدّد والخصب، ما يجعل الشاعر واحداً من الشعراء التمّوزيّين الذين يؤمنون بانبعاث الحياة، وإن بدا زين الدين في مواجهة الحياة، شأننا جميعاً، متسائلاً عن هشاشة الوجود والتغيّرات التي يرصدها المرء في شكله وعاطفته وأفكاره معتبراً أنّ سلاح الوقت أقوى من أيّ سلاح ص 120 ولو كان الكلمة البكر والوقفة العزّ ص 119. غير أنّه سرعان ما ينتفض مستعيداً طفولة نشأت وترعرعت بين الوعر والنهر فيستمدّ منها قوّة فاعلة في نفس صاحبها ومتفاعلة مع محيطها، في حركة تجدّد لا تعرف الموت، أولمْ تعلّمه شجرة الحورة بموتها"كيف يغدو الموت/ دربًا للقمر"؟
والمفارقة أنّ القصائد التي تدور حول"أنا"الشاعر في مواجهة الزمان العمر، 60 مفردة والمكان الطبيعة، لا تسمح للإنسان الآخر بتعكير أجواء النقاء والبراءة المسيطرة على الأماكن التي نشأ فيها الطفل الذي كانه وذاب فيها، ففي مقابل 98 مفردة للشجرة وجذوعها وأغصانها وأنواعها وظلالها وأوراقها وجذورها، و89 مفردة للأرض والتراب، و42 مفردة للأزهار والنبات، و17 مفردة للثمر، لا نجد سوى ذكر يتيم للفلّاح وآخر للرعيان، كأنّي به يخشى على فردوسه هذا من عبث العابثين الذين لن يروا في الطبيعة ما يراه هو القائل عن نفسه:"من زمان/ كان ذاك الطفل يمضي/ هاشلاً بين الصخور/ يقرأ الوعر/ ويبقي من مداد القلب ما بين السطور"ص 15.
ولا يكتمل ربيع الطبيعة من دون الطير وكلّ ما يشير إليه 37 مفردة، والفراشات 11 مفردة والنحل 3 مفردات، وبذلك تبدو الطبيعة جبليّة، للمياه والثلج والمطر 28 مرّة شأن لا يشبه ما على الساحل، ولا يرد فيها ذكر البحر وملحقاته 28 مفردة إلّا كمصير يؤول إليه النهر والنبع والجدول 47 مفردة. وفي هذا الجبل تحضر بقوّة عناصر الريح 28 مفردة والشمس والضوء والصبح 25 مفردة والليل والقمر والنجوم 46 مفردة، والسموات 12 مفردة والغمام 6 مفردات.
كان من الممكن أن يبقى كلّ ذلك في إطار شعر الطبيعة الوصفيّ التقليديّ لولا ارتباط هذه المشاهد بمفهوم الزمان الذي يقف بالمرصاد لكلّ كائن حيّ:"يجري الزمان كنهر/ ونحن نخاتل مجرى الزمان/ نقيم سدوداً/ ونبني حدوداً/ لعلّ الزمان ينام قليلاً/ فنبقى سهارى/ وينسى طريقاً/ إلى البحر تفضي/ فنحيا صغاراً"ص43. فيكون الهرب إلى زمن الطفولة 30 مفردة السعيدة المرتبطة بالأرض.
ومع ذلك لا تأتي هذه النصوص من خارج إطار الفكر والالتزام بهموم الفرد والمجتمع. فعلاقة الشاعر بالطبيعة ليست علاقة ناسك بصومعة ينعزل فيها عن الحياة والناس، ولذلك يتقصّد أن يمرّر لنا لمحات من شعر سواه كأنّه يرشدنا إلى بعض منابع ثقافته وقراءاته والأساطير التي التصقت بوجدانه، والرجال الذين تركوا بصماتهم على مسيرة التاريخ في مجتمعنا: فالفينيق وسيزيف ص 118 وآدم والتفّاحة والشيطان والأفعى ونجمة الميلاد صور من ذاكرة جماعيّة، وكذلك قوله"ذلك الفردوس أغوتني أفاعيه الجميلة"في إشارة إلى"أفاعي الفردوس"لإلياس أبو شبكة و"تحامتني القبيلة"ص11 التي تعيدنا إلى مأساة الشاعر الجاهليّ"طرفة بن العبد"، أو"هي الأيّام تطوينا"التي تعيد إلى البال ترجمة الدكتور"نقولا فيّاض"لقصيدة البحيرة للشاعر الفرنسيّ"لا مارتين":"نطوي الحياة وليل الموت يطوينا"، أو تعبير"أراجيح القمر"ص49، التي تذكّرنا بأرجوحة القمر ل"صلاح لبكي"، أو تعبير"درب للقمر"التي تقودنا إلى"درب القمر"ل"فؤاد سليمان"، أو تعبير"إذا ما ألقى الليل بركه"ص 60 و"ألقى بركه القفر اليباب"ص 97 في تحيّة ل"امرئ القيس". عدا إشارات تأتي في موقعها عن الجهاد في قصيدة"نجمة النار"المهداة إلى محمّد البوعزيزي: للشاعر"أبي القاسم الشابيّ"في كلامه عن الليل الذي انجلى والقيد الذي انكسر.
في عالم"سلمان زين الدين"الشعريّ تغيب المرأة خلف تسميات توحي بها مغامرات، قضم تفّاح، أفاعي... ويختفي الجسد كمصدر الرغبات ويبقى لوحة يكتب عليها العمر آثار مروره، ومن صفات الجسد أنّه"طين"ص 63 و"ضئيل"ص 66 و"ميت"ص 92 وبارد ص95، أمّا الجسد الذي يستحقّ أن يلتحم به الشاعر فهو جسد الجبل ص69 أو جسد البيت في القصيدة ص 96.
هكذا تسيطر مفردات القلب والروح 38 مفردة، كأنّ الحياة الحسيّة غواية، والعالم الماديّ خطيئة تفقد الإنسان فردوسه فلا يبقى غير الذكريات ص 19. وفي حال وُجدت الحبيبة بدت ملاكاً هاتفاً في قصيدتَي"هاتف"و"صوت"، كأنّها الدفء يأتي من عالم غير ماديّ، ليذيب الثلج عن القلب ص25 ويزيل الضعف والتراخي ص27.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.