1.8 مليون م3 من المياه المحلاة في الشرقية    أمانة جازان تتفاعل مع اليوم العالمي للمعلم تقديرًا لعطائهم    رسمياً... مصر تتأهل إلى كأس العالم للمرة الرابعة في تاريخها    اختتام الدورة التمهيدية لإعداد المدربين بالاتحاد السعودي للتايكوندو    الأكاديمية المالية تطلق عدد من البرامج في مجال الأوراق المالية والمصرفية    السيسي يدعو ترمب لحضور توقيع اتفاق غزة في مصر    الأهالي يعبّرون عن امتنانهم للأستاذ سعيد بن صالح القحطاني: كفيت ووفيت    محافظ محايل يرأس اجتماع المجلس المحلي    السعودية تتصدر سباق الهيدروجين الأخضر عالميا    محافظ الطائف يستقبل رئيس وأعضاء جمعية البر بوادي محرم    محافظ محايل يكرِّم عدداً من الجهات الذين رسَّخوا قيم العمل الإنساني    إدراج النسخة المحدثة من كتاب "حياتنا ذوق" و"دليل المعلم" ببوابة عين الإثرائية    أبو الكيمياء الشبكية.. عمر ياغي يسطر اسمه بالذهب في نادي جائزة نوبل    «هيئة العقار» : لا توجد حالياً أي دراسة لتطبيق تثبيت الإيجارات في بقية مناطق المملكة    وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل سفير فنزويلا لدى المملكة    طيران الرياض يطلق أولى رحلاته في 26 أكتوبر الجاري    أمير المدينة ووزير الحج يستعرضان الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن    اعتماد القواعد التنفيذية للائحة الجزاءات عن المخالفات البلدية    الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تطلق "معرض لا تفتح مجال" في المدينة الرقمية بالرياض    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء مجلس إدارة الجمعية التعاونية للثروة الحيوانية    فريق من وزارة البلديات يزور أمانة الشرقية للاطلاع على مشاريع البنية التحتية    مجمع إرادة بالرياض ينظم برنامجاً علمياً بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية.. غدًا    تعليم جازان يدعو الطلاب والطالبات للتسجيل في مسابقة "بيبراس موهبة"    27 أكتوبر موعد لإجراء قرعة بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ بمشاركة 21 دولة    نيشونوف: الشباب الأوزبكي يصنع ثقافته بوعي وإبداع    الخوف والرعب من الزوج حتى بعد الانفصال.. جرح نفسي يحتاج إلى شجاعة للتعافي    فئات ممنوعة من السفر لأداء مناسك الحج العام الحالي.. في مصر    جوجل تتيح وضع "الذكاء الاصطناعي AI Mode" باللغة العربية    سعر أونصة الذهب يتخطى أربعة آلاف دولار    بيع صقرين ب900 ألف ريال من منغوليا    فاكهة استوائية تستدعي«مطافئ» ألمانيا    المملكة.. أرض الخير والمساعدات    وافق على تنظيم معهد أبحاث الصحة.. مجلس الوزراء: إنشاء فرع لجامعة نيو هيفن في الرياض    جوجل تعلن تفعيل التشفير التام للرسائل    ترأسا اجتماع اللجنة التنفيذية المنبثقة من «مجلس التنسيق».. وزير الخارجية ونظيره البحريني يناقشان المستجدات الإقليمية والدولية    في أولى مباريات ملحق المونديال.. الأخضر في مواجهة مصيرية أمام إندونيسيا    ناد سعودي يفاوض ديباي    مركبة فضائية لتسليم الطلبات لأي مكان    بسبب أغنية.. إحالة محمد رمضان للمحاكمة    أهمية المكتبة المدرسية    معرض الكتاب وبروتوكولات الدخول    نتنياهو: نحن على وشك إنهاء الحرب    أمير الجوف يشدد على متابعة سير المشروعات    ضبط مخالف للائحة الأنشطة البحرية    مكارم الأخلاق.. جوهر الإنسانية المتألقة!    تطبيق VPN يسرق الأموال من الحسابات    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يؤمن جهاز القسطرة القلبية المتنقل الأول على مستوى المملكة    الفائزون بجائزة نوبل للفيزياء    الأولمبياد الخاص السعودي ووزارة التعليم يوقعان مذكرة تفاهم لتحسين جودة الأنشطة    حقيقة حل الخلافات قبل النوم    وجه جديد لسرطان الدماغ    طريقة صينية تقي من السكر    رئيس الإكوادور ينجو من محاولة اغتيال    «السفاري» تجربة تعليمية وتفاعلية في «الصقور»    نائب أمير جازان يقدّم التعازي لأسرة المجرشي في وفاة والدهم    خادم الحرمين يوجه بفتح «مسجد القبلتين» على مدار الساعة    حدثوا أبناءكم وذكروهم    بهدف تطوير ورفع كفاءة منظومة العمل بالعاصمة.. إطلاق برنامج «تحول الرياض البلدي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم "جناح الهوى" أو غراميات متعلم جزار
نشر في الحياة يوم 15 - 07 - 2011

يبدو أن السينما المغربية، وهي تعود إلى رحاب الرواية المحلية حتى وإن كانت هذه الرواية قد كتبت باللغة الفرنسية، تسعى الى توسيع المتخيل الشعبي الذي تريد تقديمه إلى المشاهد، خصوصاً أن الرواية المغربية بهذه اللغة، غالباً ما ترتكز على هذا المتخيل الشعبي في بناء معالمها، ونحيل هنا إلى روايات الطاهر بن جلون وعبد الحق سرحان وأيضاً روايات محمد نيدعلي، صاحب رواية"مقاطع مختارة: غراميات متعلم جزار"التي عمل المخرج المغربي عبد الحي العراقي على تحويلها إلى فيلم سينمائي متكامل، سواء من حيث البناء الإخراجي له أو القضايا المعبّر عنها فيه، كما منح له عنواناً مختلفاً هو"جناح الهوى".
يفتح فيلم"جناح الهوى"على منزل الحاج العدل الذي جسد دوره الممثل عبدو المسناوي، حيث يتم التعرف إليه وعلى أسرته، ومن بينها شخصية ابنه التهامي، ذلك الولد الشقي الذي أبى أن يتابع دراسته وأن يصبح مثل أبيه عدلاً، وهي حرفة توارثتها أسرته أباً عن جد، وجعلت منها بالتالي أسرة علم وأخلاق تحظى بالاحترام والتقدير. فوظيفة العدل تجمع بين البعدين الديني والقانوني معاً. ويتسم صاحبها بالتقوى والصلاح والابتعاد عن الشبهات. لكن التهامي ثار على كل ذلك ورماه وراء ظهره، وأراد أن يعيش حياته كما تجلت له في ذهنه. حياة مليئة بالحرية والاعتداد بالذات. وهو ما جعل الخصام يحتدم بينه وبين أبيه. حتى هنا، حافظ الفيلم على الحكاية نفسها التي قدمتها رواية"مقاطع مختارة: غراميات متعلم جزار"، لكن مع الحرص على ضبط مساراتها وجعل التركيز ينصبّ على الأحداث والوقائع بدل التعابير الوصفية التي تكفلت الصورة بنقلها إلى المشاهد كما يجب. لقد تم اختيار تصوير الفيلم في دار تتميز بالكبر والعتاقة، مثلها في ذلك مثل الدار الموصوفة في الرواية. كما أن شخصية التهامي، التي وفق المخرج عبد الحي العراقي في عملية اختيار الممثل عمر لطفي لتجسيدها، فإنها قد اتسمت من خلال تشخيص هذا الممثل بكل الصفات التي جعلت منها رمزاً للشباب المنفتح الطموح والمولع بالحياة ومتعها. وهي الأمور ذاتها التي تم التركيز عليها في الرواية. هكذا امتدت حكاية الفيلم، حيث قدمت لنا الكاميرا تحديداً فعلياً يرتكز على الأحداث، ولكل الصفات التي أشرنا إليها، والتي تميزت بها شخصية التهامي، وقد تم ذلك طبعاً انطلاقاً من صورة عمر لطفي المشخص لها، بحيث تعرّف المشاهد اليها واقترب من عالمها الخاص. وهو عالم منفتح على الآخر، عالم اللقاءات اليومية مع مختلف الشرائح الاجتماعية، إذ سنجد أن التهامي سيختار من المهن، مهنة الجزارة، وهو ما دفع بأبيه لإدخاله متعلماً عند أحد الجزارين المعروفين في المدينة، ناصحاً إياه بتعلم أسرار هذه الحرفة والتفوق فيها، حتى يكون جديراً بالحياة وأهلاً لأن يعيشها معتمداً على نفسه وليس على غيره.
من الدار الى السوق
هكذا ستنتقل الكاميرا من تصوير عالم الدار إلى تصوير عالم السوق، حيث أصبح التهامي جزاراً متعلماً، وحيث تفتقت عبقريته في تقطيع اللحوم وعملية تفصيلها للزبائن كما يجب. في هذا العالم المفتوح على الآخرين، وخصوصاً على النساء، سيبدأ التهامي حياته الجديدة وهو يعيش لحظات الشباب المتوهج برفقة صديقه الشاب الآخر عمر، وقد جسد شخصية هذا الشاب المرح الممثل المهدي فولان بكثير من التلقائية الذي كان السبب في تعرّفه الى إحدى الغانيات قامت بدورها الممثلة أمال عيوش التي علمته أسرار الحب وكيفية ممارسته. في عالم السوق سيسعى التهامي إلى ملاطفة زبوناته الحسناوات، خصوصاً بعد أن انتقل إلى الدكان الذي اشتراه له أبوه وأصبح سيداً فيه... أصبح الجزار المعلم، بدل الجزار المتعلم. وهذه تعتبر نقلة نوعية في هذا النوع من الحرف. في دكان الجزارة هاته، ستتعدد شخصيات الفيلم، من بينها شخصية"مقدم الحي"التي جسدها الممثل إدريس الروخ. وفي السوق أيضاً سيتعرف الشاب الجزار على إحدى السيدات المتزوجات التي سلبته قلبه وعقله معاً. ومن هنا ينتقل الفيلم الى معالجة قصة حب خارج الأعراف، قصة حب تجمع بين شاب مليء بالحيوية وامرأة متزوجة تعاني وهي في ريعان شبابها، من عجز زوجها، وتبحث تبعاً لذلك عن الإشباع العاطفي في الحياة خارج بيت الزوجية. الفيلم حرص على نقل ما ورد في الرواية، لكن شتان بين الكلمة التي تحكي عن هذه العلاقة المحرمة وبين الصورة التي تنقلها الكاميرا إلى عين المشاهد. وهو ما جعل من المخرج يركز على نقل تداعيات هذه العلاقة كما هي، وعلى تقديمها في صورها المختلفة، تارة في البيت وتارة في رحاب حمام شعبي. ومشهد الحمام الشعبي أعاد إلى الذهن مشاهد من فيلم"عصفور السطح"للمخرج التونسي فريد بوغدير وهو ممتلئ بالنساء، كما أعاد إلى الذهن أيضاً صورة الحمام في فيلم"الليلة المقدسة"للمخرج الفرنسي نيكولاس كلوتز، وهو فيلم مأخوذ عن رواية الطاهر بن جلون الحاملة للعنوان نفسه، والتي نقلها إلى اللغة العربية الكاتب المغربي محمد الشركي تحت عنوان آخر.
في فيلم"جناح الهوى"التقى البطل بعشيقته في فضاء الحمام، لكن بطريقة إخراجية متميزة ركزت على البعد الايروتيكي في ايحائيته الرمزية، وفي كل الدلالات الإنسانية المرتبطة بذلك، لكل من شخصية التهامي وشخصية عشيقته التي جسدتها الممثلة وداد إلما بكثير من الروح الإنسانية.
زواج بالقوة
هكذا تمتد قصة الحب وهكذا يحلق التهامي على جناح الهوى، حتى بعد أن تم تزويجه رغماً عنه من فتاة اختارها له أبوه من دون أن يستشيره في الأمر، وقد جسدت دور هذه الفتاة التي تحمل اسم كلثوم، الممثلة نسرين الراضي. وكما في قصص الحب العالمية يفر العاشقان ولا يرجعان إلا بعد وفاة ألأب. ولقد قدّمت لحظة الموت هذه في مشهد جنائزي رهيب، صالح التهامي مع أهله من جديد، وفي مقدمهم أمه التي جسدت دورها الفنانة فاطمة تيحيحيت، وإن جعله يستحضر صورة الصراع القوي بينه وبين هذا الأب المتوفى حين علم هذا الأخير بقصة حبه لامرأة متزوجة والعلاقة التي أقامها معها في الحرام.
يقدم لنا المخرج عبد الحي العراقي في هذا الفيلم لحظة أخرى من محطات السينما المغربية التي سبقت عملية تدشينها بأفلام تسير في الاتجاه الفني نفسه، ذلك الاتجاه الذي يحاول الجمع بين سحر الحكاية وقوة الإخراج المقدم له، أي الاتجاه الذي سعى للتوفيق بين سينما المؤلف وبين سينما الجمهور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.