"الانضباط" تحرم الهلال من السوبر السعودي للموسم القادم وتغرمه 500 ألف ريال    حكومة لبنان تكلف الجيش بوضع خطة لجمع السلاح قبل نهاية 2025    إحباط تهريب (195) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    مجلس الوزراء : إقرار فصلين دراسيين لمدارس التعليم العام للعام الدراسي القادم (1447 / 1448ه)    الخليج يستقبل الجدد    الراحل تركي السرحاني    الوعي الإحصائي: بوصلة رؤية 2030 في عصر البيانات والذكاء الاصطناعي    وزارة التعليم تثمن قرار مجلس الوزراء باعتماد فصلين دراسيين لمدراس التعليم العام    دواء من الشوكولاتة يواجه فيروسات الإنفلونزا    اعتماد قواعد غرفة التحكيم المختصة بمنازعات الرقابة المالية برابطة الدوري السعودي للمحترفين    الفلسطيني عدي الدباغ: الزمالك اسم كبير وهدفي إسعاد جماهيره    أمير الشرقية يستقبل منسوبي لجنة السلامة المرورية ومدير عام التعليم بالمنطقة    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة هروب    أمير تبوك يستقبل رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد    الطالبة سارة الرقيب تمثّل تعليم الطائف في أولمبياد الكيمياء العاشر    جمعية تجهيز لرعاية شؤون الموتى تطلق مبادرة نقل المتوفين من وإلى بريدة مجانًا    نائب أمير القصيم يتسلّم التقرير السنوي لإدارة المجاهدين    روسيا: ضغوط ترمب على الهند لعدم شراء نفطنا غير قانونية    الأمن العام : الصلاة في صحن المطاف تعيق حركة المعتمرين    وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تخطط لنموذج تمكيني مستدام    الشؤون الإسلامية تختتم البرنامج التدريبي المتخصص للمراقبين ومنسوبي المساجد في جازان    أرامكو: التدفقات النقدية الحرة تهبط 20% إلى 57.1 مليار ريال    الاتفاق يواصل تحضيراته وديمبيلي يقترب من العودة    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    ارتفاع مؤشرات الأسواق الآسيوية بعد ارتفاع "وول ستريت"    دورة "مهارات العمل التطوعي" تُثري الحضور في مركز التنمية الاجتماعية بحائل    هجوم أوكراني بطائرات مسيرة يشعل حرائق في روستوف    أغسطس.. شهر المناعة العالمي لحماية الأجيال    أمير القصيم يزور محافظة المذنب ويؤكد تطورها التنموي وتنوع الفرص الاستثمارية    إطلاق نظام الملف الطبي الإلكتروني الموحد "أركس إير"    12 نائبا ديمقراطيا يطالبون ترمب بالاعتراف بفلسطين    3 سيناريوهات إسرائيلية أخطرها الاجتياح الشامل لقطاع غزة    الدعم السريع منح مخيم لاجئين إلى مرتزقة    أم تخفي طفلتها بحقيبة سفر تحت حافلة    تغيير التخصص الجامعي وآثاره السلبية والإيجابية    حفلات زفاف بفرنسا تستقبل الضيوف بمقابل    ضمن كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. Team Falcons يمنح السعودية أول ألقابها    بعد الانكسار    خطوة يومية!    «إثراء» يختتم البرنامج الصيفي ب 5 أفلام قصيرة    المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025 ينطلق غدًا في الرياض    ابن نافل أتعب من بعده.. وإساءات نجيب    يقام في سبتمبر المقبل.. النصر والأهلي يواجهان القادسية والعلا في كأس السوبر للسيدات    البريد يصدر طابعًا تذكاريًا لأمير مكة تقديرًا لإسهاماته في تعزيز التنمية الثقافية والاجتماعية    الدقيسي    موجز    أصدقاء البيئة تستثمر طاقات الطلاب بمبادرة بيئية لحماية غابات المانغروف    تحذيرات من عواقب خطيرة حال تفعيل آلية الزناد.. توتر متصاعد بين إيران والترويكا الأوروبية    بعد تصاعد التوترات بين قسد وقوات حكومية.. واشنطن تدعو للحوار في منبج والسويداء    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دورًا عظيمًا في تعزيز قيم التسامح وخدمة الإسلام عالميًا    51.9 مليار ريال زيادة سنوية بإيرادات قطاع التشييد والعقارات    الدرعية تحتفي ب"ترحال".. قصة وطن تُروى على المسرح    الحراثة التقليدية    إصدار معماري يوثق تطور المسجد النبوي عبر العصور    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    أمير تبوك يبارك حصول مجمع مباسم الطبي على شهادة "سباهي"    911 يستقبل 93 ألف مكالمة في يوم واحد    وكيل إمارة جازان يرأس اجتماع الاستعدادات للاحتفال باليوم الوطني ال 95    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألف وجه لالف عام - "عايدة" لفيردي : أوبرا "مصرية" لافتتاح قناة السويس
نشر في الحياة يوم 17 - 02 - 2011

من الصعب اعتبار"عايدة"واحدة من أهم وأفضل الأوبرات التي وضعها الايطالي جيوزيبي فردي، ولكن من السهل القول انها الأشهر والأكثر شعبية. أولاً، بسبب موضوعها، الذي كان يلتقي فيه هَوَسان أوروبيان في ذلك الحين الربع الأخير من القرن التاسع عشر: هَوَس الاستشراق والتفاعل مع كل ما هو شرقي، وهَوَس اكتشاف مصر الفرعونية وغنى تاريخها وأجوائها الساحرة. ولئن كان معظم ما يطاول هاتين النزعتين، في الفنون والآداب الأوروبية في تلك المرحلة، نابعاً من توق المبدعين لسلوك دروب التجديد عبر اختيار ذاتي واضح، يرتبط الى حد ما بذوق الجمهور، فان"عايدة"كانت ذات حكاية مختلفة، فهي اوبرا كتبت خصيصاً استجابة لرغبة خديوي مصر اسماعيل باشا، الذي أراد لها ان تزيّن احتفالاته الصاخبة بافتتاح قناة السويس 1869، غير ان الظروف حالت دون ذلك، فكان من نصيب عايدة، ودائما في مصر، ان تعرض للمرة الاولى في دار الأوبرا في القاهرة، - ودائماً في عهد اسماعيل باشا - بعد ذلك بعامين، أي في العام 1871. وتقول الحكاية ان تأخّر تقديم"عايدة"في مصر، كان سببه حصار البروسيين الألمان لباريس أيام"الكومونة"، حيث إن ملابس الاوبرا وديكوراتها كانت تصنع في العاصمة الفرنسية، ما جعل من المستحيل ايصالها الى القاهرة في الوقت المحدد.
المهم ان"عايدة"كانت واحدة من الاوبرات التي لم يكتبها فردي من تلقائه، ومع هذا عرف كيف يحمّلها الكثير من مشاعره الشخصية. و?"عايدة"تعتبر محطة في مسار الموسيقي فيردي، إذ إنه تعمّد أن يحقق فيها حلماً موسيقياً قديماً لديه، يدعو الاوركسترا وما كتب لها، الى لعب دور يساوي الدور الذي تلعبه الاصوات البشرية الغنائية، بل دور يطغى احياناً على تلك الأصوات. ولربما كان هذا، الغناء رد فعل فردياً على استشراء النزعة السيمفونية في إيطاليا في تلك الآونة، حيث وبالضدّ على التقاليد الإيطالية التي تجعل، منذ انقضاء عصر النهصة والكونشرتات الكبرى، للأعمال الموسيقية الأوبرالية المكانة الأولى، ها هو تيار يطلع اليوم منادياً بالموسيقى الخالصة، وبأنه آن الأوان لولادة موسيقى سيمفونية ايطالية حقيقية. وفي هذا الاطار بدا فيردي، في"عايدة"، ومن بعدها في عمليه الكبيرين التاليين"اوتيلو"عطيل و?"فالستاف"، كأنه يقول: نعم للموسيقى الخالصة ذات البعد السيمفوني... ولكن لم لا تضمّن في الأوبرا نفسها؟ وفي هذا الاطار ايضاً، يعتبر بعض أجواء"عايدة"نجاحاً كبيراً. موسيقياً ايضاً، يمكن القول ان فيردي تمكن من أن يدخل العديد من الأبعاد السيكولوجية في تعامله مع بعض الألحان، وخصوصاً تلك التي كتبت لشخصية امنيريس، ابنة فرعون مصر، المولعة بالقائد والبطل راداميس، وهي عارفة أنه هو، عاشق عبدتها الحبشية"عايدة". والحال ان امنيريس تكاد تكون الشخصية الدرامية الوحيدة في هذا العمل، حيث إن تمزقها يضفي على الأوبرا كلها طابعها الدرامي الجوّاني، فيما نشعر أن عالم بقية الشخصيات برّانيّ، يستمد قوته من المجابهة بين الذات والآخر، في ازدواجية ميلودرامية بالأحرى عايدة ووالدها ملك الحبشة - عايدة وسيدتها امنيريس - هذه الأخيرة وراداميس... إلخ. وحتى اليوم، لا تزال المشاهد التي تقدم لنا امنيريس هي المشاهد الأكثر جاذبية وتأثيراً في هذه الأوبرا.
مع هذا، فإن ابنة الفرعون هذه ليست الشخصية الاساسية في هذا العمل، ذلك ان أوبرا"عايدة"مبنية اصلاً على شخصية القائد راداميس، في حبه وانتصاراته، وسلوكه درب الخيانة، وعقابه النهائي. وحسبنا هنا للتيقن من هذا، ان نتذكر المشهد الأخير، حيث يفصل المسرح الى قسمين افقيين: في الأعلى معبد فرعوني يمارس فيه الكهنة طقوسهم بعدما حكموا على راداميس بالدفن حياً عقاباً له على خيانته، وفي الأسفل قبر راداميس، حيث إذ يدفن يجد ان عايدة حبيبته سبقته الى هناك متسللة وقد قررت ان تدفن نفسها مع حبيبها حية.
تدور أحداث"عايدة"اذاً في مصر الفرعونية، بين طيبة وممفيس. ومنذ الفصل الأول والاوبرا تتألف من اربعة فصول يطالعنا الجيش المصري وهو يستعد، تحت امرة القائد والبطل الشعبي راداميس، للتصدي للجيش الحبشي، الذي يتقدم تحت قيادة الملك اموناصرو، الذي يقصد مصر لانقاذ ابنته التي كانت اسرت في حرب سابقة. وابنته هي في الحقيقة عايدة، التي اذ وضعت عبدة في خدمة امنيريس، لا يعرف أحد حقيقة كونها ابنة الملك الحبشي. وعايدة ستدرك سريعاً انها مغرمة براداميس الذي يبادلها هواها، بينما تحبه امنيريس لكنه لا يبادلها الهوى. وعايدة ممزقة، على أية حال بين هيامها بالبطل المصري، وبين حبها لوطنها ولوالدها الملك، عدو المصريين الاول في ذلك الحين. أما امنيريس، فإنها وان كانت تشك في وجود حكاية غرام بين عبدتها وحبيبها، لا تبدو على يقين من ذلك. عندما يحل الفصل الثاني يكون راداميس قد حقق انتصاراً على الجيشين واقتاد العديد من جنودهم اسرى، ومن بين هؤلاء الملك اموناصرو المتنكر، غير راغب في ان يعرف الذين انتصروا هويته الحقيقة. امنيريس، في رغبة منها لاختبار عواطف"عبدتها"، تصطحبها معها لاستقبال البطل العائد مظفراً، عند أبواب طيبة، بعدما تخبرها انها هي الاميرة المصرية، تحب البطل، ولن تسمح لأحد بأن ينتزعه منها. وعند نهاية هذا الفصل يشاء الفرعون ان يكافئ راداميس على انتصاره فيمنحه يد ابنته.
الفصل الثالث يدور في معبد يقع على ضفاف النيل، حيث نجد امنيريس وقد قصدت المعبد للصلاة في انتظار زواجها من البطل المنتصر. هناك ايضا تكون عايدة قد واعدت حبيبها. غير ان الملك الحبشي يكون في تلك الأثناء قد ادرك العلاقة التي تربط هذين الاخيرين، والتقى ابنته، فيقول لها، بعد ان يسفر لها عن وجوده، ان عليها ان تبرّ بأبيها ووطنها وتسأل راداميس ان يكشف لها اسراراً حربية تتضمن علامات طريق غير مخفورة يمكن الهرب عبرها. وبعد تردد، تقرر عايدة ان تستجيب طلب ابيها، ويستجيب راداميس بدوره فيكشف لها الاسرار. وهنا يبرز الملك الحبشي ويعلن انتصاره، ولكنه سرعان ما يبدأ تسلله لمبارحة المكان هارباً للانضمام الى قواته. وهكذا اذ تظهر هنا امنيريس والكاهن الأكبر، يهرب الملك الحبشي وابنته، فيما يجري اعتقال راداميس تمهيداً لمحاكمته بتهمة الخيانة العظمى. وفي الفصل الرابع، تزور امنيريس راداميس المسجون، وتعده بالحصول على عفو الفرعون والكاهن الأكبر عنه إن هو اعلن التخلي عن عايدة والعودة اليها. لكن القائد الشاب يرفض الموافقة على تسوية من هذا النوع، مفضِّلاً الموت. وبالفعل يحاكمه الكهنة ويحكمون عليه بالدفن حياً حتى الموت. وهكذا يحلّ ذلك المشهد الاخير، الذي تهيمن عليه الموسيقى التي لا تنسى، والتي يختلط فيها اداء الاوركسترا بالثنائى الغنائي، الحزين التي تشكله عايدة سوبرانو وراداميس تينور، والذي لا يضاهيه شهرة، بالنسبة الى"عايدة"، سوى لحن"المارش العسكري"الذي تسيطر عليه آلات الترومبيت في الفصل الثاني، والذي نعرف انه يقدّم كثيراً، بمفرده.
اوبرا"عايدة"التي وضعها فردي وهو في الستين من عمره تقريباً، تنطلق في الأساس من فكرة ابتكرها مارييت باشا، عالم المصريات الشهير الذي كان مرتبطاً بالخديوي اسماعيل، ومن المؤكد انه هو الذي كان صاحب المشروع الاساس. ولم يكن اختياره فيردي مصادفة، فهذا المؤلف الايطالي الاستثنائي، كان في ذلك الزمن يعتبر سيد الاوبرا من دون منازع، وكان العالم كله يتخاطف اعماله الكبيرة، من تاريخية واجتماعية، ليقدمها. ومن اشهر اعمال فردي 1813-1901،"لاترافياتا"و?"نابوكو"و?"سيمون بوكانيغرا"و?"الحفل المقنع"، و?"ريغوليتو"، اضافة الى العديد من الاعمال التي حوّل فيها مسرحيات شكسبيرية الى اوبرات.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.