وعد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عقب استقباله الرئيس محمود عباس امس بمبادرات وشيكة لتحريك المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، من دون ان يتبنى موقف وزير خارجيته برنار كوشنير في شأن الاعتراف بدولة فلسطينية، حتى قبل التوصل الى اتفاق على حدودها. جاء ذلك في وقت شهدت الاراضي الفلسطينية حال غليان تمثلت في التنديد الواسع بقرار الحكومة الاسرائيلية ضم الحرم الابراهيمي ومحيط مسجد بلال بن رباح الى قائمة المواقع التراثية اليهودية، وما رافق ذلك من اشتباكات مع الجيش الاسرائيلي في الخليل، والتي تنذر بتحويل المدينة الى نقطة مواجهة مشتعلة. راجع ص 4 وكان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو اتخذ اول من امس، وقبل ايام من احياء ذكرى مجزرة الحرم الابراهيمي التي قام بها اليهودي باروخ غولدشتاين واسفرت عن مقتل 23 فلسطينيا العام 1994، قراراً برصد موازنة ضخمة للحفاظ على 150 موقعاً تاريخياً في اسرائيل، ضم اليها هذين الموقعين نزولا عند ضغوط اليمين الاسرائيلي، لكنه قال ان هذه اللائحة ليست نهائية. وخرج العشرات من المواطنين في الخليل امس الى الشوارع في مسيرات دعت اليها القوى السياسية المختلفة في المدينة احتجاجا على القرار الاسرائيلي، ووقعت خلالها مواجهات مع القوات الاسرائيلية والمستوطنين في محيط الحرم ومواقع اخرى من المدينة. يذكر ان اسرائيل تسيطر على 65 في المئة من مساحة الحرم، اضافة الى حديقته، كما تسيطر على محيط مسجد بلال بن رباح، مطلقة عليه اسم قبة راحيل. والحرم الابراهيمي يمثل نقطة توتر دائمة بعد تقسيمه الى قسمين للمصلين اليهود والمسلمين بعد مذبحة غولدشتاين. ودانت القوى السياسية الفلسطينية القرار الاسرائيلي، محذرة من ان اي اجراء في الحرم سيؤدي الى انفجار الوضع برمته. واصدرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بيانا وصفت فيه القرار بأنه"قرصنة احتلالية جديدة"، وقالت:"إن هذا السلوك المتواصل للحكومة الإسرائيلية المتطرفة تجاه نهب الأرض الفلسطينية وتراثها التاريخي والديني يأتي منسجماً مع سياستها المدمرة لفرص تحقيق السلام في هذه المنطقة، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي ومؤسساته القيام بخطوات ملموسة وحازمة تجاه إنقاذ المنطقة من دوامة دورة جديدة من النزاع وسفك الدماء". كما دعت حكومة"حماس"الى التصدي للقرار الاسرائيلي من خلال"هبة شعبية وعربية واسلامية للدفاع عن المقدسات". وندد الاردن ب"الاجراءات الاحادية"التي"تستفز مشاعر ملايين المسلمين في العالم"، كما دان مجلس التعاون الخليجي القرار بوصفه"سرقة واضحة للمعالم الاسلامية والتاريخية"و"استمرارا لتهويد المناطق المحتلة""وخرقا سافرا للقانون الدولي". في غضون ذلك، شدد الرئيس الفرنسي في مؤتمر صحافي مع عباس في قصر الاليزيه امس على ضرورة"بذل كل الجهود لاستئناف المفاوضات"، محذرا المجتمع الدولي من"خطر انتفاضة ثالثة". وقال انه اثار خلال محادثاته مع عباس مبادرات رفض الكشف عنها قبل اجراء الاتصالات اللازمة لمعرفة امكان نجاحها. واحجم الرئيس الفرنسي عن تقديم اي دعم مباشر لوزير خارجيته الذي كان اقترح اقامة دولة فلسطينية قبل التوصل الى اتفاق على الحدود، وقال ان كوشنير"طرح عددا من الاحتمالات البديلة في حال لم نتمكن من تحريك الامور". غير ان اقتراح كوشنير لم يرد مجددا في مقال مشترك مع نظيره الاسباني ميغيل موراتينوس في صحيفة"لوموند"حيث اقترحا ان يعرض الاتحاد الاوروبي"جدولا زمنيا لمفاوضات"بعد المفاوضات غير المباشرة التي تعرضها اميركا والتي اعتبراها"ضرورية لكن غير كافية". وقال ساركوزي ان الكل يعرف عناصر الحل، وهي تتمثل بدولتين، على ان تكون القدس عاصمة لهما، وان تكون حدود العام 1967 هي حدود الدولة الفلسطينية، وان تكون هناك مفاوضات على اللاجئين، مضيفا ان"ما نريده هو دولة فعلية ... دولة تكون قابلة للحياة، حديثة وديموقراطية". وردا على سؤال عن احتمال اعلان الفلسطينيين دولتهم من جانب واحد، قال ساركوزي:"سنرى في هذا الوقت ... ماذا يمكن ان نعمل".