تزايدت احتمالات تقارب موقفي موسكووواشنطن حول الملف النووي الإيراني، بعد صدور إشارات من الطرفين تدل إلى ربط ملفي البرنامج النووي الإيراني والدرع الصاروخية الإميركية التي تعتزم واشنطن نشرها في شرق أوروبا، ضمن"رزمة"في إطار مناقشات قضايا الأمن الإستراتيجي بين البلدين. وجاءت المعلومات التي نشرتها أمس صحيفة"نيويورك تايمز"الأميركية حول رسالة وجهها قبل ثلاثة أسابيع الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف، وعرض فيها التراجع عن نشر الدرع الصاروخية في شرق أوروبا في حال ساعدت روسيا على منع إيران من الحصول على سلاح نووي، لتضيف عنصراً جديداً إلى"بورصة"المساومات الروسية - الأميركية المنتظرة. وكانت إشارات مماثلة صدرت أخيراً عن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، بقولها إن"مشروع الدرع سيفقد أهميته في حال تمت تسوية المشكلة النووية الإيرانية". كما صدرت إشارات مماثلة عن ديبلوماسيين روس، اشاروا إلى أن حلحلة العلاقات بين واشنطنوطهران ستساعد على إغلاق ملف"الدرع"نهائياً. وأكد مسؤول أميركي نبأ نقل رسالة من أوباما الى ميدفيديف حول هذا الموضوع. وقال:"يمكننا التأكيد أن الرئيس أوباما بعث برسالة الى الرئيس ميدفيديف". وأضاف أن الرسالة تناولت مجموعة من المسائل، ومنها الدرع الصاروخية وارتباطها بالتهديد الإيراني. وأكدت مصادر روسية تحدثت إليها"الحياة"، أن هذا الملف سيكون أحد العناصر الأساسية للنقاش خلال اللقاء المقرر بعد غد الجمعة، بين كلينتون ونظيرها الروسي سيرغي لافروف في جنيف. وتؤكد موسكووواشنطن أن هناك الكثير من القضايا التي يجب أن يتعاون فيها الجانبان، بما في ذلك تعزيز نظام منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، والملف النووي الإيراني، ومواجهة التحديات المعاصرة. ومعلوم أن اللقاء سيمهد لأول قمة تجمع رئيسي البلدين في مطلع نيسان أبريل المقبل. وكانت موسكو أشارت إلى أن الملف النووي الإيراني سيكون بين ملفات الأمن والاستقرار الدولي المطروحة للبحث خلال لقاء الرئيسين. ويرى محللون روس أنه سيكون من الصعب تخيل قدرة العلاقات الروسية - الأميركية على التقارب في الملف الإيراني، لكن غالبية الخبراء في موسكو ترى أن تطوراً من هذا النوع"ليس مستبعداً جداً". ويعتبر البعض أن أهم العناصر التي تدعم هذا التقارب، هو التعاون الحالي بين موسكووطهران، وحقيقة أن أبرز الخطوات التي اقُترحت لضمان عدم إمتلاك إيران تقنيات لتطوير أسلحة دمار شامل، هي تلك التي اقترحها الكرملين، بتأسيس مراكز دولية لتخصيب اليورانيوم تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اضافة الى توجه موسكو لوضع سقف زمني لتزويد طهران بالتقنيات النووية، من خلال الاتفاق الأخير الذي وقعته موسكووطهران أخيراً وحددت إمدادات الوقود النووي للإيرانيين بمدة عشر سنين فقط. وقال ديبلوماسي روسي ل"الحياة"إن التقارب المنشود بين البلدين حول الملف النووي الإيراني، لا يعني عزم موسكو المساومة أو عقد صفقات للتراجع عن التعاون مع إيران، في مقابل تنازلات أميركية في موضوع"الدرع"، مشيراً إلى أن المقصود هو توظيف أوراق العلاقة مع طهران لدفع الحوار الأميركي - الإيراني. وكان مسؤول بارز في الخارجية الروسية تحدث قبل أيام في لقاء حضرته"الحياة"، عن التعاون الروسي - الإيراني في مجال الطاقة الذرية، معتبراً أنه"نموذج مهم"يمكن البناء عليه. وقال:"ينبغي ألا تكون لدى بلدان المنطقة مخاوف بسبب هذا التعاون"، لأنه يجري على أسس واضحة ووفقاً لمعايير دولية متفق عليها. وأضاف المسؤول إن بلاده ستواصل حشد التأييد لفكرتها حول إقامة نظام أمني شامل في منطقة الخليج العربي، تشارك فيه إيران وترعاه الدول الكبرى بما فيها الولاياتالمتحدةوروسيا، عبر تقديم ضمانات لأمن كل بلدان المنطقة. واعتبر أن"علاقاتنا مع طهران تشكل احد عناصر الاستقرار الإقليمي". ويرى البعض في موسكو أن الترتيبات الأمنية في المنطقة التي ألمحت إليها موسكو أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة، ربما تكون احدى عناصر التعاون الأميركي - الروسي المقبل، خصوصاً إذا نجحت موسكو في اداء دور لدفع الحوار بين واشنطنوطهران. نشر في العدد: 16770 ت.م: 04-03-2009 ص: 13 ط: الرياض