أمير القصيم يؤدي صلاة الميت على عضو لجنة الأهالي الشيخ سليمان الفهيد    نائب وزير الموارد البشرية : المملكة كافحت جرائم الاتجار بالأشخاص    محاور نوعية في برنامج تدريب المعلمين والمعلمات على منهجية STEAM بتعليم عسير    ارتفاع الصادرات غير النفطية 4.4% في فبراير    أمير جازان يرعى حفل افتتاح مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية في صبيا غدًا    المرصد وحزب الله : إيران تقلص الوجود العسكري في سورية    «الصندوق العقاري»: لا نية لتغيير موعد الدعم السكني.. الإيداع في 24 من كل شهر ميلادي    خادم الحرمين الشريفين يجري فحوصات روتينية في «تخصصي جدة» لبضع ساعات    د. الخريّف يشارك في اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة    المراقبون الجويون.. أعين يقظة لضمان سلامة المسافرين    النائب العام يُقرّ إنشاء مركز برنامج حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    ترشيح "واحة الإعلام" للفوز بجائزة الأمم المتحدة لمشروعات منتدى القمة العالمية لمجتمع المعلومات "WSIS 2024"    "البيئة" تطلق خدمة إصدار رخص إقامة الأشياب غير الصالحة للشرب    166 مليار ريال حجم سوق الاتصالات والتقنية في السعودية لعام 2023    الأرصاد: الفرصة ما تزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    جامعة الفيصل تضخ 200 خريجاً وخريجة للقطاع الهندسي    المجمع الفقهي الإسلامي يصدر قرارات وبيانات في عددٍ من القضايا والمستجدات في ختام دورته ال 23 clock-icon الثلاثاء 1445/10/14    حارس العين: حاولت تهدئة اللعب بإضاعة الوقت    "سيبرانيو المستقبل".. تجربة الأمان والحماية الرقمية    «تأشير» ل «عكاظ»: 200 مركز لخدمات التأشيرات في 110 دول    محافظ الزلفي يطلق حملة الدين يسر    «السياحة»: «الممكنات» يخلق استثمارات تتجاوز 42 مليار ريال و120 ألف وظيفة    هبوط اضطراري لطائرة بوينج    فائدة جديدة لحقنة مونجارو    علامات ضعف الجهاز المناعي    يوفنتوس يبلغ نهائي كأس إيطاليا بتجاوزه لاتسيو    إنسانية دولة    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يبحثان التعاون والتطورات    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان هاتفيا العلاقات الاستراتيجية بين البلدين    أمير تبوك: عهد الملك سلمان زاهر بالنهضة الشاملة    عدوان الاحتلال.. جرائم إبادة جماعية    مجلس الوزراء: 200 ألف ريال لأهالي «طابة» المتضررة مزارعهم وبيوتهم التراثية    تفاهم لتعزيز التعاون العدلي بين السعودية وهونغ كونغ    مكافحة إدمان الطلاب للجوال بحصص إضافية    القوات الجوية تشارك في "علَم الصحراء"    أضغاث أحلام    الدرعية تكشف تفاصيل مشروع الزلال    تأثير الحياة على الثقافة والأدب    مبادرة 30x30 تجسد ريادة المملكة العالمية في تحقيق التنمية المستدامة    شاهد | أهداف مباراة أرسنال وتشيلسي (5-0)    «خيسوس» يحدد عودة ميتروفيتش في «الدوري أو الكأس»    إشادة عالمية بإدارة الحشود ( 1 2 )    دورة حياة جديدة    في انطلاق بطولة المربع الذهبي لكرة السلة.. الأهلي والاتحاد يواجهان النصر والهلال    الهلال يستضيف الفيصلي .. والابتسام يواجه الأهلي .. في ممتاز الطائرة    طريقة عمل ديناميت شرمب    طريقة عمل مهلبية الكريمة بالمستكه وماء الورد    5 عوامل خطورة لمتلازمة القولون العصبي    سعود بن نايف يشدد على تعريف الأجيال بالمقومات التراثية للمملكة    محافظ الأحساء يكرم الفائزين بجوائز "قبس"    أتعبني فراقك يا محمد !    أمير الشرقية يرعى تخريج الدفعة 45 من طلبة جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل    مجلس الشيوخ الأمريكي يمرر حزمة مساعدات أوكرانيا    الشرطة تقتل رجلاً مسلحاً في جامعة ألمانية    متى تصبح «شنغن» إلكترونية !    أخضر تحت 23 يستعد لأوزباكستان ويستبعد مران    مهمة صعبة لليفربول في (ديربي ميرسيسايد)    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين ... قضية فلسطينية أولاً وأساساً
نشر في الحياة يوم 19 - 03 - 2009

اتسم الموقف الإيراني في الفترة الإخيرة بمزيد من التدخل في شؤون القضية الفلسطينية، فبالتوازي مع انعقاد مؤتمر الدول المانحة في شرم الشيخ لإعادة بناء غزة، عمد النظام الإيراني إلى عقد مؤتمر موازٍ دعا فيه مرشد الثورة إلى إزالة اسرائيل من الوجود، إضافة إلى إطلاق تصريحات تتسم بالكثير من الخطورة تجاه القضية الفلسطينية كان أبرزها خطاب علي خامنئي برفض المقولة القائلة إنّ القضية الفلسطينية قضية عربية، بل هي قضية إسلامية يحق لإيران أن يكون لها موقع ورأي في شأن أي نقاش وحلول حولها. يتوّج الموقف الإيراني هذا سياسة متمادية من التدخل الإيراني في شؤون القضية الفلسطينية عبر تكريس الإنقسام داخل الشعب الفلسطيني باحتضانها ودعمها لحركة حماس، ومنع التقارب بين الفصائل الفلسطينية على غرار الدور الذي لعبته إيران في إلغاء اتفاق مكة للمصالحة الفلسطينية ودعمها لإنقلاب حماس على السلطة وسيطرتها على قطاع غزة.
يعيد الطرح الإيراني موقفاً قديماً ? جديداً حول موقع القضية الفلسطينية في ما يخص الشعب الفلسطيني، وفي ما يتعلق بالعالم العربي. منذ الهزيمة العربية الأولى عام 1948 وإقامة دولة فلسطين، اتسمت السياسة العربية بموقف يرى أنّ القضة الفلسطينية قضية عربية قومية شاملة، ترتب على ذلك احتكار الانظمة الكلام باسم الشعب الفلسطيني والتفاوض عنه، ومنع أي تبلور مستقل للشخصية الفلسطينية. كان إلغاء الشعب الفلسطيني الذي استمر لعقود يستند الى نظرية"قومية عربية"ترفض القطرية"نظريا"تحت شعار االوحدة العربية في وصفه الشعار المركزي الذي يتكفل بتحرير العالم العربي من الإستعمار والصهيونية. تحت شعار"لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"صودر الشعب الفلسطيني وقضيته، وتحولت فلسطين ورقة في يد هذا النظام أو ذاك يوظفها في التجاذبات الاقليمية والصراعات الداخلية.
استوجب الأمر من الحركة الفلسطينية اكثر من عقدين من النضال المسلح والسياسي، دفع فيه الشعب الفلسطيني خسائر كبيرة ليأخذ من الدول العربية اعترافا بوجوده وحقه في ابداء رأيه في قضيته. تمكنت الحركة الوطنية الفلسطينية التي اطلقت فيها حركة"فتح"الرصاصة الاولى عام 1965 ايذانا بدخول الشعب الفلسطيني ميدان النضال لانتزاع ارضه واعادة اثبات هويتها التي تآمرت الحركة الصهيونية والإستعمار في الغائها، تحت حجة أنّ فلسطين"أرض بلا شعب لشعب بلا ارض"، واستكملتها الانظمة العربية بوضع الشعب وقضيته تحت عباءتها. بصرف النظر عن الإنجازات والإخفاقات في نضال الحركة الوطنية الفلسطينية على امتداد العقود الماضية، إلاّ أنّ الإنجاز الأكبر والأهم هو إعادة بلورة الشخصية الوطنية الفلسطينية وتقدّم ممثليها السياسيين للنطق باسمها، وهو اعتراف استلزم كفاحاً مريراً للوصول إليه بالتناقض مع الأنظمة العربية الرافضة لشيء اسمه" القرار الوطني الفلسطيني"في وصفه واحداً من"الخطايا"القومية العربية. كما استوجب الأمر نضالاً مريراً ليمكن للعالم غير العربي الإعتراف بوجود شعب فلسطيني جرى احتلال أرضه وطرد شعبه منها، ولا يزال يعاني من اضطهاد وقتل وحشي من العنصرية الصهيونية.
لا يهدف هذا التشديد على فصل للقضية الفلسطينية عن الوضع العربي بل على العكس، فالمشروع الصهويني يستهدف العالم العربي ويسعى إلى السيطرة عليه وعلى موارده، بل كانت اسرائيل ولا زالت رأس حربة السيطرة الأمبريالية على العالم العربي، وقد دفعت الشعوب العربية اثماناً غالية في صراعها مع هذا المشروع حروباً خسرت فيها مئات الآلاف من الضحايا، كما خسرت أجزاء من أرضها لا يزال قسم واسع منها تحت الإحتلال. مما يعني ذلك الترابط بين كون قضية فلسطين قضية تخص الشعب الفلسطيني اولا، لكنها، وبالأهمية نفسها، قضية عربية بامتياز.
يأتي التشديد على"فلسطينية"فلسطين، من كون الشعب الفلسطيني وحده اليوم يواجه المشروع الصهيوني ويدفع الضحايا ويجري تدمير بناه ومجتمعه، وهو وضع تقف أمامه القضية بعد توقيع اتفاقات الصلح من جانب بعض الدول العربية واعترافها باسرائيل، أو توقيع اتفاقات وقف النار المديد، وهو أمر ترتب عليه انتهاء مواجهات عربية مسلحة وحروب مع اسرائيل. وحده الشعب الفلسطيني يقود اليوم معركة حريته واستقلاله ويدفع الأثمان الغالية والتي كان آخرها الهجوم الاسرائيلي الوحشي على غزة.
يفيد استعادة القضية الفلسطينية في صراعها لانتزاع الإعتراف بمشروعية وجودها لإلقاء ضوء على الموقف الايراني الذي يهدف في النهاية الى ازالة اربعة عقود من النضال لاعادة فلسطين الى خارطة العالم العربي والى الامم المتحدة، واجبار القوى الغربية على التعاطي مع الشعب الفلسطيني عبر ممثليه الشرعيين. إنّ الدعوة إلى إلغاء الهوية العربية لفلسطين و"أسلمة"القضية الفلسطينية وفق المنطق الايراني تشكل اكبرضربة للقضية، فلم تكن فلسطين يوما الا دعوة وطنية جامعة لا يعبر المجتمع فيها عن نفسه من خلال موقفه الطائفي، بل يجمعه موقف واحد ضد اسرائيل بوصفها مشروعاً استعمارياً استئصالياً، وبعيداً عن تعصب طائفي في بلد يضم مسلمين ومسيحيين ويهود. يضاف الى ذلك ان القضية الفلسطينية كانت ولا تزال تشكل القضية القومية العربية الجامعة في وصفها دعوة للحرية والتحرر والديموقراطية في العالم العربي، وهو ما يجعل الالتفاف العربي حولها يستند الى شموليتها لمصالحه المشروعة. ان حصر القضيةالفلسطينية في الاطار الإسلامي ينزع عنها احد اهم مقوماتها الخاصة والعامة.
لم تكن القضية الفلسطينية هماً إيرانياً في يوم من الأيام، بل إن الدور الايراني يستعيد اليوم المنطق إياه الذي يجري فيه استخدام القضية الفسطينية لتكريس موقعه الاقليمي وفرض شروطه في أي تسويات قد تحصل، بل توسل فلسطين للمفاوضة على المشروع النووي، وعلى اقتسام الثروات العربية. لن تكون إيران في معزل عن عقد صفقة مع الولايات المتحدة واسرائيل إذا ما تبيّن لها إمكان الحصول على مطابها والإعتراف بدورهاالإقليمي. لذا يتسم الدور الإيراني والأيديولوجيا التي يطرحها حول"اسلمة"القضية الفلسطينية بمنتهى الخطورة على الشعب الفلسطيني اولاً وعلى سائر الشعوب العربية.
يطرح التلاعب الإيراني بالقضية الفلسطينة ومعه تلاعب متواصل من قبل بعض الانظمة العربية تحديات كبرى على الحركة الوطنية الفلسطينية بجميع فصائلها وعلى الأخص منها حركتي فتح وحماس. يطال التحدي بشكبل أول حركة حماس وسائر التنظيمات المنضوية اليوم تحت العباءة الإيرانية، لجهة مسؤوليتها عن تامين الممرات الداخلية للتدخل في الشؤون الفلسطينية وزيادة هوة الإنقسام واللعب على أوتاره توظيفاً لمصالح إيرانية أو عربية خاصة. لقد دفعت القضية الفلسطينية وشعبها أثماناً باهظة من هذا الإنقسام بات يهدد القضية برمتها من الضياع. مما يوجب التنبه إلى أنّ استعادة القوة تكون بوحدة الشعب الفلسطيني الذي يمكن بواسطتها انتزاع حقوقه وفرض شروطه في الصراع الدائر مع اسرائيل. كما يطرح التدخل الإيراني تحديات أيضاً على الدول العربية مجتمعة ومنفردة في التبصّر بالمآل الذي يسير فيه الموقف الايراني والأخطار الناجمة عن طروحاته على مجمل المصالح العربية من دون استثناء.
* كاتب لبناني.
نشر في العدد: 16785 ت.م: 19-03-2009 ص: 14 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.